شبكة اخبار العراق:
2024-09-22@17:20:08 GMT

من أجل ضحايا الحروب المنسية

تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT

من أجل ضحايا الحروب المنسية

آخر تحديث: 19 مارس 2024 - 11:09 صبقلم: فاروق يوسف  أقسى ما في الحروب أنها تتعرض لماكينة النسيان. ولكن هناك مَن يعتقد أن علينا ألا نبالغ في التذكير بالحروب. وهنا يمكن القول إن صفة “المبالغة” فيها الكثير من القسوة والظلم. ذلك لأنها تضع البشر في ميزان ينبغي ألا يكون مقياسا لمعاناتهم. فحين تكون الحرب مجرد صور يحل الوصف محل العذاب وتكون الكلمات الهادئة بديلا للصرخات المذعورة وينخفض مستوى الألم إلى درجة لا تليق به.

فالحرب هي التي تقتل وتهدم وتشرد وتمحو وتنخفض بشروط الوضع البشري. لا تقع الحروب لتُنسى. إذا كان الأمر كذلك فإن الإنسان سيعجز عن رؤية الوحش الذي يسكنه في مرآة الحقيقة. النسيان هو نوع من الإنكار. ويمكن أن يكون واحدا من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى أن يقع الإنسان في الخطأ نفسه. يرتكب الحماقة نفسها. منذ نهاية الحرب العالمية لم تعش الكرة الأرضية التي ابتليت بنا إلا ساعات سلام معدودة. بل إن الحروب صارت تتزامن، بعضها مع البعض الآخر. لا ينتظر البشر انطفاء نار حرب ليشعلوا نار حرب أخرى. صاروا على عجلة من أمرهم كما لو أنهم يميلون إلى الفناء بدلا من الميل إلى البقاء. يقول المؤرخون إن الإنسان في العصور القديمة كان يقتل أخاه الإنسان مدفوعا بنزعة البقاء. حدث ذلك في أزمنة الصيد وقبل أن يستقر في قرى ثابتة، بعد أن اكتشف الزراعة أما حين اخترع العجلة فقد كانت الدولة وهي واحد من أعظم اختراعاته قد وضعته على طريق القانون الذي نظم حياته وحمى ملكيته وهذب سلوكه وصار لما يفعله معنى المشاركة الاجتماعية. غير أنه لم يكف عن الغزو إلى أن حلت البشرية مشكلاتها عن طريق التوصل إلى مفهوم الدولة الحديثة التي أضفت على الجغرافيا معنى جديدا. صار مبدأ الغزو مستهجنا في ظل ثبات حدود الدول على الخريطة السياسية. إنجاز عظيم انبثق منه مفهوما الوطن والمواطنة غير أنه لم يحل دون استمرار مبدأ الغزو. غزت ألمانيا أوروبا بالطريقة نفسها التي غزت فيها الولايات المتحدة العراق وأفغانستان. وبغض النظر عما يُقال من أن هناك دروسا تعلمتها البشرية من حروبها وهو قول غامض يتعامل معه السياسيون باستخفاف فإن النسيان هو ما يراهنون عليه. إنهم يعتقدون أن عصرا تسوده قيم الاستهلاك السريع هو الحاضنة المثلى للنسيان. وهم يعتقدون أن تراكم الحروب التي تشن في أماكن مختلفة من العالم يمكن أن يفقد الإنسان التركيز على حرب بعينها. فبعد كل ما رافق حرب أوكرانيا من ضجيج غربي وتبعه هلع الطاقة والخبز، جاءت حرب غزة لتتصدر المشهد العالمي بين مؤيد ومعترض. ولكن ماذا عن حرب اليمن وبعدها حرب السودان؟ وهناك حروب أقل ضررا في بقاع أخرى. ولكنها حروب يصاحبها القتل والعذاب والتشرد والفقر والجوع. نسينا حرب أوكرانيا من أجل حرب غزة من غير أن نفكر أصلا بما تجلبه حربا اليمن والسودان من ضحايا ليس المطلوب التعرف على أسمائهم غير أن كارثة المقابر التي حلت محل البيوت تظل ماثلة أمام أعيننا بغض النظر عن الميزان الدولي. مثلما نُسيت أوكرانيا ستُنسى غزة. غزة ليست بأهمية أوكرانيا بالنسبة إلى الولايات المتحدة وأوروبا اللتين تسيطران على وسائط الإعلام ووسائل الاتصال الاجتماعي. لقد استقبلت أوروبا حشود اللاجئين الهاربين من أوكرانيا. قبلهم استقبلت أفواج القادمين من سوريا. ولكنها اليوم تساهم في إغلاق أبواب غزة على الفلسطينيين. ابقوا في ملعب القتل. سيصل طعامكم معلبا بالمظلات. أما المسحوق اليمني والسوداني فلا يحمل سوى معنى واحد. شعب ينتحر. في المصفاة الغربية ليس هناك من ضحايا إلا إذا كانوا يدخلون في حسابات الدعاية. كم هو عدد الذين قُتلوا في الحرب العراقية – الإيرانية أو في حرب تحرير الكويت أو في الغزو الأميركي للعراق؟ لا أحد يفكر في ذلك حتى لو كانت الأرقام صادمة.قياسا بما يجري فإن البشرية في حاجة ماسة إلى مَن يذكرها بعارها. لا ينحصر ذلك العار بنسيان الضحايا بل وأيضا بالتغاضي عن حقيقة أن الحروب ليست حلا مشرفا وعادلا. وإذا كان ضحايا الحروب لا ينتظرون أن يسأل أحد عنهم أو يفكر فيما انتهوا إليه من مصائر مظلمة فإن البشرية جمعاء في حاجة إلى أن تتذكر أن النسيان ليس علاجا لحماقاتها وأن الحروب المنسية ستظل جروحها مفتوحة مهما طال الزمن.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: غیر أن

إقرأ أيضاً:

البنك المركزي: 2.5 مليار دولار خسائر الحوادث السيبرانية

قال الدكتور شريف حازم، وكيل محافظ البنك المركزي لقطاع الأمن السيبراني، إن المؤتمر العربي للأمن السيبراني، يمثل ملتقي يجمع نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال الأمن السيبراني إقليميًا ودوليًا، خصوصا وأن العالم يشهد تحولاً رقميًا متسارعًا، فقد أصبحت التكنولوجيا أداة للتنمية والتقدم، وجزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، خصوصا في القطاع المالي، حيث أتاحت التكنولوجيا الخدمات والمعاملات المصرفية الإلكترونية على نطاق واسع، وخلقت فرصًا استثمارية متنوعة، وكذلك أتاحت العديد من الخيارات للمستهلكين والشركات.

أضاف حازم خلال المؤتمر العربي السنوي لأمن المعلومات Arab Security Conference بدورته الثامنة، أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، ففي حين أنها تجعل حياتنا أسهل، فإنها تفتح الباب أيضًا أمام تهديدات أمنية جديدة ومعقدة على خلفية نمو التحول الرقمي وتطور التكنولوجيا، بما يستلزم علينا العمل معًا من أجل صياغة ووضع رؤى واستراتيجيات تنظيمية ورقابية ملائمة لحوكمة وتعزيز الحصانة السيبرانية خاصًة بالقطاعات الحيوية.

تابع أنه عندما نتحدث عن الحروب بوجه عام، فقد يتبادر للوهلة الأولى إلى أذهاننا الحروب والمواجهات العسكرية بشكلها التقليدي، إلا أن النزاعات الدولية والإقليمية تتخذ حاليًا طابعًا وشكلاً آخر وهو الحروب السيبرانية، والتي أصبحت تضرب الجميع ولا تبالي، فبدلاً من الصواريخ والأسلحة التقليدية، أصبحت البرمجيات الخبيثة والهجمات السيبرانية هي أسلحة هذه الحروب الجديدة، التي لاتهدف إلى تدمير المدن، بل إعاقة نمو الاقتصادات، وتعطيل الخدمات الأساسية، وزعزعة الثقة في قدرة الدول على حماية استثماراتها المحلية والدولية.

وبحسب دراسات صندوق النقد الدولي، فإن تقرير الاستقرار المالي العالمي قد كشف عن تزايد الخسائر الجسيمة الناجمة عن حوادث الأمن السيبرانى، ومن المحتمل أن تتسبب هذه الخسائر في مشكلات تمويلية لعدد من الشركات الكبرى، كما تهدد ملاءتها المالية، ولفت التقرير إلى أنه منذ عام 2017 ازداد حجم تلك الخسائر الجسيمة بأكثر من أربعة أضعاف، ليصل إلى 2.5 مليار دولار، ورجحت هذه الدراسات أن الخسائر غير المباشرة قد تتجاوز هذا الرقم بكثير، بما في ذلك أضرار السمعة، أو التحديثات الأمنية.

اكد أننا في البنك المركزي، قد وجدنا أنفسنا في قلب هذه المعركة، وندرك تمام الإدراك حجم هذه التحديات، فالنظام المصرفي المالي هو أساس أي اقتصاد وطني، مما يجعله دائمًا الهدف الأول لأي هجمات سيبرانية، التي قد يترتب عليها تهديد الاستقرار المالي والاقتصادي، وتعطيل الخدمات المصرفية الضرورية، واحتمالية مواجهة مخاطر تآكل الثقة في النظام المالي والمصرفي، لذلك، فإننا لم نقف مكتوفي الأيدي، بل سعينا جاهدين لبناء منظومة دفاعية متكاملة لحماية القطاع المالي المصري، حيث أصبح مركز الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي للقطاع المالي (EG-FinCIRT) يشغل خطًا أماميًا استراتيجيًا ضمن خطوط الدفاع الوطنية الأساسية في هذه الحروب، معتمدًا في ذلك على أحدث التقنيات وأفضل الكفاءات البشرية والممارسات العالمية للتنبؤ بالهجمات السيبرانية والتعامل معها والوقاية منها، وقد امتدت كذلك جهود مركز الاستجابة بالبنك المركزي ليساعد في تعزيز حماية البنية التحتية الحرجة الوطنية من خلال التعاون وتشارك المعلومات والاستخبارات مع جميع الجهات والمؤسسات الوطنية.  

أشار إلى أنه لا يمكن لأي دولة أن تواجه الجيل الجديد من هذه الحروب والتحديات الإلكترونية بمفردها، بل يتعين علينا أن نجمع الجهود ونوحد الرؤى على المستوى العربي والإفريقي والدولي، وأن نعمل معًا لتبادل المعلومات والخبرات، وبناء القدرات المشتركة لمواجهة الحروب السيبرانية المتقدمة، ومن هذا المنطلق، فإن  مركز الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي للقطاع المالي يلعب دورًا حاسمًا في هذا السياق؛ حيث يتعاون مع مراكز الاستجابة الأخرى حول العالم من خلال التحالفات والمنتديات العالمية والعربية مثل منتدى فيرست العالمي، و منظمة التعاون الإسلامي (OIC) وغيره لتبادل البيانات الأمنية والمعلومات الاستخباراتية بخصوص أحدث التهديدات السيبرانية، وأساليب الهجوم الإلكتروني المتطورة، بما يساعد في بناء شبكة دفاع متكاملة واسعة النطاق، وبما يدعم الاستجابة السريعة والاستباقية للحوادث وتوفير الدعم اللازم للمؤسسات المتضررة.

أوضح، نظرًا لأن مفهوم المرونة السيبرانية يوحد ويشتمل على العديد من الأطر والمجالات ذات الصلة، منها مجال المرونة والصمود السيبراني، ومجال استمرارية الأعمال وكذلك أمن المعلومات، بما يستلزم تنفيذ مجموعة شاملة ومتكاملة من التدابير الأمنية، بما في ذلك إجراء تقييمات منتظمة للمخاطر لتحديد مواطن الضعف وتحديد أولويات جهود التخفيف. وفي هذا الصدد، فيمكن للجهات التنظيمية والرقابية أن تضع إطارا تنظيميًا يجمع تلك المفاهيم الأمنية ووسائل تطبيقها العملية وفق المعايير والأطر الدولية القياسية على مختلف البنى التحتية التكنولوجية، لتكون بذلك قابلة للاستخدام من جانب المصارف والبنوك والمؤسسات المالية بما يساعد تلك المؤسسات على تنفيذ ضوابط أمنية قوية، مثل التشفير وضوابط التأمين الإلكتروني وأنظمة الكشف عن التسلل وغير ذلك، الأمر الذي يزيد من قدرة هذه البنوك والمؤسسات المالية على مواجهة الهجمات الإلكترونية، وفي هذا الإطار، فقد استطاع البنك المركزي المصري أن يترجم هذا النهج والرؤية النظرية الشاملة للمرونة السيبرانية إلى نهج عملي تنظيمي متكامل من خلال تعميم "إطار الأمن السيبراني التنظيمي"، والذي ساعد البنوك والمؤسسات المالية العاملة داخل مصر خلال الفترة السابقة على النجاح في تنفيذ إجراءات التقييم الذاتي، وتعزيز مستويات الجاهزية والاستعداد لديها، ويقوم البنك المركزي المصري الآن في إضافة جميع التحديثات اللازمة لهذا الإطار لمواكبة واستيعاب التطورات المتلاحقة في مجال الأمن السيبراني.  

شدد على أن البنك المركزي المصري يجدد تأكيده على أنه لا يمكن لأي دولة أو مؤسسة مواجهة الحروب السيبرانية بمفردها، ويرى أن التعاون الدولي وتضافر الجهود وتطوير استراتيجيات الدفاع المشتركة والتنسيق المستمر هي أهم عناصر النجاح في مواجهة الهجمات السيبرانية المتطورة، مع ضرورة الاستثمار في الكوادر البشرية والتطوير المستمر للقدرات والكفاءات الوطنية وتبادل الخبرات، وكذلك الاعتماد على أحدث التقنيات والأدوات الأمنية متقدمة، وتطويع التكنولوجيا المتوفرة لمواكبة التهديدات السيبرانية وحماية الأصول الرقمية للمؤسسات المالية، ويضمن استمرارية الخدمات المالية، ويعزز الثقة في القطاع المالي الوطني.

وفي نهاية كلمته وجه رسالة خاصة للشباب، بضرورة تعلم مهارات الأمن السيبراني وتطوير انفسهم، ونحن من خلال هذا الحدث الأمني المهم سنحاول أن ننقل إليكم تجاربنا وثمار سنوات خبراتنا حتى تتمكنوا من الاستمرار في الطريق، وتكونوا جيشنا الوطني الأول في مواجهة هذه الحروب السيبرانية المتلاحقة

مقالات مشابهة

  • انطلاق المؤتمر العربي الثامن لأمن المعلومات
  • سايشيلد تؤكد أهمية الاستعداد للجيل الجديد من الحروب السيبرانية
  • البنك المركزي: 2.5 مليار دولار خسائر الحوادث السيبرانية
  • ما هو خطر العمليات السرية في الحروب؟
  • كيف سيتغير شكل الحروب في عصر الذكاء الاصطناعي؟
  • تحويل التكنولوجيا إلى قوة فتاكة تطلق عصر الحروب الجديدة
  • مع التصعيد في لبنان.. غزيون يخشون النسيان
  • وسائل إعلام فلسطينية : ارتفاع عدد ضحايا المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي جراء قصف مدرسة تؤوي نازحين في حي الزيتون جنوب مدينة غزة إلى 22 شهيداً
  • في اليوم العالمي للزهايمر.. 7 أطعمة تساعد على محاربة النسيان
  • سفير اليمن لدى واشنطن يطالب بالضغط العسكري لهزيمة الحوثيين: نريد حربًا تنهي كل الحروب