الدولة الفاشلة حين لاتحمي نفسها !!
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
آخر تحديث: 19 مارس 2024 - 11:05 صبقلم:عامر القيسي إنشغل المدونون والسياسيون وروزخونية المنابر والوقفان السني والشيعي بشخصية ” مهيدي ابو صالح ” التي اثار إسمها جدلاً تافهاً لايستحق حتى الاشارة اليه ، وتركوا التصريح الخطير والصارخ لمستشار الأمن القومي قاسم الاعرجي لإحدى الفضائيات كاشفا بالرسمي الرسمي بأنه طلب من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي ” غلق ملف استهداف منزله ” و ” قد وافق على طلبي بغلق الملف حفاظاً على البلد” مؤكداً “جهة داخلية كانت وراءاستهداف منزل الكاظمي“.
.لاحظ ان القصف جرى في قلب المنطقة الخضراء الحصن الحصين للعملية السياسية ورجالاتها الشجعان !هذا الاعتراف الواضح الدلالات ، عن الجهة الداخلية التي تقصف ، لم يكشف سراً نخشاه أو يقلب الطاولة ، كل مافي الأمر انه اعتراف رسمي بالدولة الفاشلة العاجزة عن حماية حكومتها وشعبها ومستقبلها .. والدولة الفاشلة شاملة لمفاهيم اقل منها توصيفا حسب مراكز البحوث الدولية كالدولة الضعيفة التي تعجز عن توفير الخدمات والمنهارة التي تعرض نظامها السياسي ومؤسساته للانهيار والهشة العاجزة عن توفير الامن للمواطن ولمؤسساتها ، ونضيف لهذه التقسيمات ” الدولة الخائفة ” من مواجهة عصابات السياسة والاجرام وها هو السيد الاعرجي يعترف بانه طلب من الكاظمي غلقالملف ووافق الأخير على طلب الأول وهذا التناغم هو إعتراف بالعجز والخوف من مواجهة قوى مسلحة خارج سيطرة الدولة ، والتبرير ” حفاظاً على البلد ” !! ونسأل : من يحكم البلاد والعباد ؟ مفهوم “الدولة الفاشلة“ جامع لكل تلك التوصيفات وهو ماينطبق على الدولة العراقية الفاشلة ممثلة بحكومتها المتعاقبة العاجزة حتى عن حماية نفسها ، وهو حال الوضع الحالي لحكومة السوداني ، التي اعترفت ان حملة السلاح المنفلت الذي يعرّضون أمن البلاد ومستقبلها للخطر ، هم ارهابيون وخارجون عن القانون ، ثم تفاجؤنا بالحوار معهم والجلوس على طاولة واحدة متوسلةاليهم الهدنة والهدوء بل تأخذ منهم ” عطوة ” حتى تنفرج الازمة ولكل حادث حديث !! إعتراف رسمي بحجم الازمة التي نعيشها ، دلالاته الواقعية اننا على شفا حفرة لايدفعنا اليها طرف خارجي كما في كل التصريحات الرسمية ، بل طرف داخلي تخشى أي حكومة على مواجهته أو تحجيمه ، رغم ان معايير الدول الناجحة لا وجود لشيء اسمه التحجيم ، بل هناك قانون ينطبق على الجميع ويحاسب على الجرائم خارج دائرة التقادم التي لاتعترف بها الدول الناجحة ..! الجريمة التي غضّت النظر عنها الدولة وحكومتها وقواها السياسية واحزابها ، جريمة مركبّة .. سلاح خارج سيطرة الدولة … شروع بالقتل … تهديد السلم الاهلي .. خرق لكل قوانين الدولة .. تعريض الامن الخارجي للبلاد للخطر .. ننتظر دولة ناجحة تزيح كل هذا الهم من قلوبنا وصدورنا ومستقبل بلادنا .. ننتظر حكومة لاتستقوي علينا بغرامات المرور بل بتطبيق القانون على الجميع دون خوف على أمن البلاد والعباد !!!
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
المساعدات .. طُعم لدس السم في العسل
يذهب التعريف بالعالم الاجتماعي على أنه يقوم على «ﻣﺒﺎدئ اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻷﺧﺬ واﻟﻌﻄﺎء»بمعنى أن يقوم على الندية، والتكافؤ، وهذا لا يلغي مسألة التكافل التي تقوم عليها المسألة الاجتماعية برمتها، وهذا المعنى ليس مقصورا على المجتمعات التقليدية البسيطة، فكل المجتمعات بتركيباتها المعقدة؛ من حيث الحمولة السكانية، وتعقد أنشطة حياتها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستغني عن مبدأ التكافل، ولذلك نرى هذا التلاحم في الأحداث الكبيرة حيث يشمر عن ساعد الجد الجميع بلا استثناء، حيث تتجاوز هذه الصورة الهويات المتباينة والمشار إليها بهويات الدين، والعرق، واللون، والنوع، والمذاهب، والإنتماءات السياسية، والثقافية، وغيرها مما يندرج تحت عنوان الهويات.
ينظر إلى المساعدات على أنها عطاء باليد اليمنى، والأخذ باليد اليسرى، ليس أكثر، وأن كل ما يروج له في شأن المساعدات لا يخرج عن هذه القاعدة المتكافئة، وغير المتكافئة، المتكافئة من حيث الأخذ والرد في آن واحد، وغير متكافئة من حيث تضرر الفئة المحتاجة للمساعدات، وهي التي تتخذ فخا لجلب الأموال من الأفراد، ومن المؤسسات، ومن الدول؛ في أحيان أخرى، سواء أكان ذلك في حالة الأزمات الإنسانية/ أو الأزمات الطبيعية، أو أزمات الحروب، ومناخات الفقر، والفساد الذي تعاني منه الكثير من دول العالم، فحتى برامج منظمات الأمم المتحدة لم تسلم من هذا الاسترزاق الذي يمارسه موظفوا هذه المنظمات تحت غطاء الأمم المتحدة، من خلال تسلطهم على الفقراء والمحتاجين؛ واستغلال حاجتهم، وضعفهم، وقلة حيلتهم، حتى وصل الأمر إلى انتهاك حقوق الإنسان من خلال الاستغلال الجنسي والمنة والتفضل، وإراقة ماء الوجه، وهتك الأعراض، خاصة في الدول المصنفة تحت قائمة الحروب وعدم الاستقرار، أو المصنفة تحت قائمة الأنظمة الفاسدة التي لا تراعي مصالح مواطنيها، وإنما تستأثر بالمساعدات الأممية وغيرها فتوظفها لمصالحها الخاصة، وللحاشية القريبة منها، ولا يحصل من هم حقا؛ محتاجون إلا على الفتات، وهذا لا يخرج عن مفهوم المن، والتشهير بهؤلاء المحتاجين، حيث تمارس عليهم شتى أنواع الممارسات غير الإنسانية، وهم في حالة ضعف شديد، حيث لا مدافع عنهم ولا رقيب على الآخر.
تتحول المساعدات؛ وفق ما جاء أعلاه إلى أدوات ضغط وتلاعب، وإذا كان الفرد العادي ليس من ورائه مصلحة؛ إلا ما يمكن استغلال ضعفه سواء في امتهان كرامته، والنيل من حقوقه الإنسانية، فإن الأمر يختلف كثيرا على مستوى الانظمة السياسية في مسألة الضغط والتلاعب، حيث تخضع هذه الأنظمة – فقط لأنها تتلقى معونات ومساعدات – إلى تهديد مباشر، وممارسات للي الأذرع لأن تنفذ أجندات الدول المتسلطة سواء بصورة تهديد مباشر، أو غير مباشر، فوق أنها تعيش كل سنوات عمرها تحت تبعية متواصلة غير ممهورة بسنة انتهاء، وهذا مما يعمق من مأساة هذه الدول التي تتلقى المساعدات؛ حيث تظل ضحية دائمة للمتسلط، من ناحية، ومن ناحية أخرى تفقد مبادرة الإعتماد على نفسها من خلال تطوير برامجها الإنمائية التي تنقلها من حالة العسر إلى حالة اليسر، وتهبها استقلالها، وتحررها من ربقة المستعمر، والمتنفذ عليها ولو بالفتات مما يطلق عليه مساعدات إنسانية، زورا وبهتانا، والسؤال هنا؛ هل حقا لا تستطيع هذه الدول التي تقع تحت هذه الإشكالية أن تتحرر من ربقة هذا الاستعمار غير المباشر؟
تقول الحكمة: «والنفس راغبة إذا رغبتها؛ وإذا ترد إلى قليل تقنع» فالنفس مجبولة على الكسل، والإعتماد على الغير في ظروف ما، ولكنها قادرة على العطاء والاستقلال والتحرر في ظروف أخرى، وعند مقاربة صغيرة للصورتين فإن الانظمة السياسية التي تعود نفسها على الفتات من المساعدات التي توهبها لها الدول الكبيرة، وتعمل على ترويضها مقابل تنفيذ أجنداتها الكبرى، فإنها بإمكانها أن تتحرر من هذه الربقة، وتبدأ في استقلال نفسها من أية تبعية كانت، وذلك من خلال استغلال مواردها الطبيعية والبشرية، ولو كانت متواضعة في بداية الأمر، فإنها وبقوة التخطيط الاستراتيجي، وفاعلية البرامج التنموية الموضوعة؛ فإنها لن تلبث طويلا حتى تتحرر من مختلف التبعيات التي تفرضها عليها الدول التي تعطي باليمنى وتأخذ باليسرى، نعم؛ قد تواجه من بداية الأمر الكثير من المعضلات، وأقربها مجموعة المثبطين من ذوي المصالح الخاصة، خوفا على مصالحهم الذاتية الخاصة، ولكن بحكمة من يدير النظام، ورؤيته المستقبلية ستتحرر الأنفس من أية تبعية، وتستغني عن أية مساعدة، واليوم نقرأ ونسمع عن كثير من الدول كانت واقعة تحت مظلة هذه المساعدات، استطاعت أن تحرر نفسها من أية تبعية، وأن تعلن عن نفسها على أنها مستقلة استقلالا تاما، وذلك من خلال استغلال ثرواتها الطبيعية، وتوظيفها لصالح برامجها التنموية، مسندة ذلك بالقوة البشرية العاملة من أبناء الوطن، خاصة أن اليوم أغلب شعوب العالم على قدر كبير من الاستحواذ على المعرفة التي توفرها التقنية الحديثة، حيث أصبحت المعلومة اليوم أقرب من أي زمان كان، وبالتالي فنقل ثقافة الفرد من الاستهلاك إلى الإنتاج قد يحتاج إلى شيء من الجهد في بداية النشئة، ولكن هذا الجهد لن يطول عمره، حتى يأتي بثماره، وربما في فترة زمنية غير بعيدة، فقط المهم تحديد نقطة الصفر للإنطلاق نحو نقل ثقافة الرغبة إلى ثقافة الحاجة، وتحول العطاء من وسيلة لترويض الأنفس للقبول بالفتات، إلى عطاء مبادر بتقديمه إلى الآخر، ووسيلة للسمو والاستقلال، «واليد الأعلى أفضل من اليد السفلى» فما بين الإنفاق والاسترزاق ثمة فاصل دقيق، قد يكون هذا الفاصل خير للأمة، يعفيها من مذلة السؤال والاعتماد على الغير، وقد يكون محنة إنسانية؛ الله أعلم متى تنتهي، حيث التبعية البغيضة المتواصلة إلى ما لا نهاية، وهذا أمر خطير، ليس فقط على الواقع الراهن الذي تعيشه دول من الدول، بل على حياة الأجيال المتتابعة التي تولد، وهي تستشعر منة الآخر عليها، وترى في ذلك هدوئها وسكونها، فلا تستطيع أن تحرر نفسها من تبعيته، في مقابل أنها لا تدرك أنها تدفع ثمنا من كرامتها وعزتها، واستقلال وجودها في الحياة كلها، وليس فقط في لحظتها الآنية القصيرة.
يقول أحدهم في وصف حقيقة المساعدات - ويعني به الدول المتنفذة على غيرها -:»إذا أرادوا الضغط يهددون بقطع المساعدات، وإذا أرادوا إشعال الحرب يفتحون صنبور الدعم؛ وربما يسكبونه في الطرفين في آن واحد» - انتهى النص - هذه هي حقيقة كل المساعدات، ولا يستثنى منها أي شيء، والواقع اليوم كما كان بالأمس يؤكد هذه الحقيقة، ويوثقها في كل الأمكنة التي تجتاحها عواصف الحروب، والفقر، والجهل، والإستعلاء، والتنمر، والتحزب، وإستغلال حاجات الأنظمة وضعف بنيتها السياسية، والإقتصادية، والثقافية، ونستثني هنا بنيتها الإجتماعية، والتي تعتبر خط الدفاع الأخير عن مصالح الأمة، على اعتبار أن البنية الأساسية للمجتمع؛ ليست شرطا أن تكون حصيلة ممارسات الأنظمة السياسية؛ في أغلب الأحيان، بمعنى أن الدول الاستعمارية لن تستطيع أن تتعاطى مع المجتمع بصورة مباشرة من أول وهلة، حتى تجد لها مداخل؛ وهي ليست هينة؛ ولذلك تبقى حذرة في أول الأمر حتى تروض النظام السياسي، وتستحوذ على النظام الاقتصادي، وتهجن النظام الثقافي، ومن ثم تعمل على خلخلة النظام الاجتماعي، وهذا الأمر يتطلب زمنا ليس قصيرا، لذلك تحدث الثورات العارمة والصاخبة، والتي قد يصل بعضها إلى إزالة أنظمتها السياسية، عندما تستشعر القاعدة الاجتماعية الخطر المحدق بها، وتقويض أمنها واستقرارها، وتقليص حريتها وتحررها، ولذلك من الضرورة بمكان استشعار الأهمية الكبرى الذي تشكله القاعدة الاجتماعية، لأنها إن تنطلق، فإنها تنطلق من منطق وطني خالص، مستشعرة أهمية وجودها، وحقيقة قوتها وأثرها، وهذا ما يقلق المستعمر؛ غالبا؛ ويضع له الحسابات الدقيقة، لان خروجه عن السيطرة، معناه نهاية وجود المستعمر، وحتمية مغادرته.
تمثل حقيقة: «المساعدات عطاء باليمنى وأخذ باليسرى» كأهم مقياس لمدى حقيقة توجه الذين يسعون إلى أستجلاب المنافع من هذه المساعدات، وحقيقة نواياهم التي يعملون على توظيفها على أرض الواقع.