دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في عام 2022، كشفت دبي عن أكبر مزرعة عمودية في العالم. وتنتج المنشأة الداخلية التي تبلغ مساحتها 31 ألف متر مربع في مطار آل مكتوم الدولي بدبي، والتي تتألف من صواني مكدسة في أبراج لزراعة النباتات بأقل قدر ممكن من المياه والتربة، أكثر من مليون كيلوغرام من الخضار الورقية عالية الجودة كل عام.

ولكنها لن تحتفظ باللقب لفترةٍ طويلة.

وفي الجانب الآخر من مدينة دبي، في "وادي تكنولوجيا الغذاء"، يجري الآن العمل على إنشاء منشأة أكبر تُدعى "GigaFarm" يبلغ ارتفاعها 12 مترًا، بينما تبلغ مساحتها 83،612 مترًا مربعًا.

من المقرر أن تنتج مزرعة GigaFarm في دبي 3 ملايين كيلوغرام من الطعام سنويًا. Credit: Intelligent Growth Solutions (IGS)

ولن يكون مشروع "GigaFarm"، وتُشرف عليه شركة "ReFarm" التي تأسست في دولة الإمارات العربية المتحدة، أكبر من المزارع الرأسية الأخرى فحسب، بل سيعمل بشكلٍ مختلف أيضًا، حسبما ذكره الرئيس التنفيذي لـ"Christof Global Impact"، وهي الشركة التي تقف وراء "ReFarm"، أوليفر كريستوف.

وتُشير التقديرات إلى أنّ النظم الغذائية مسؤولة عن ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة.

ويشكل القطاع الذي يعتمد على الأراضي، بما في ذلك الزراعة، واستخدام الأراضي، ثلثي الانبعاثات، ويساهم الإنتاج، بما في ذلك الأسمدة، بنسبة 39% من الكمية الإجمالية، وتوزيع المنتجات بنسبة 29%.

ولجعل الزراعة أكثر مراعاة للبيئة، تخطط "GigaFarm" لاستخدام مجموعة من التقنيات التي تستطيع تحويل النفايات، مثل بقايا الطعام، ومياه الصرف الصحي، إلى منتجات زراعية مثل السماد العضوي، والأعلاف الحيوانية، والمياه النظيفة، والطاقة.

وأوضح كريستوف أنه من خلال تقريب المزارع من المستهلكين، واستخدام أساليب إنتاج أكثر كفاءة للحد من استخدام الأسمدة، يَعِد النظام بخفض البصمة الكربونية لإنتاج الغذاء، وزراعة ما يصل إلى 3 ملايين كيلوغرام من الخضار الورقية، والأعشاب، وشتلات الخضار سنويًا، واستبدال ما يصل إلى 1% من واردات الإمارات الغذائية.

"ليست مجرد مزرعة عمودية أخرى" تستخدم أبراج النمو الزراعة المائية ومصابيح LED لزراعة النباتات في الداخل. Credit: Intelligent Growth Solutions (IGS)

توفّر شركة "IGS" الإسكتلندية، التي تأسست في عام 2013، حل الزراعة العمودية الخاص بـ"GigaFarm".

وتُعد "أبراج النمو" الخاصة بـ"IGS"، التي تبدو كموقف سيارات متعدد الطوابق مكدس بالنباتات بدلاً من المَركبات، بيئة مُتَحكَّم بها تراقب وتنظم بعناية تواتر وكمية المياه والأسمدة.

وباستخدام نظام الزراعة المائية، تزرع كل صينية للنباتات باستخدام ركيزة، مثل السماد العضوي، أو ألياف جوز الهند، بدلاً من التربة، وتوفر شرائط ضوء LED الموجودة أسفل كل صينية أشعة الشمس الصناعية.

وتقوم أجهزة الاستشعار، بما في ذلك الكاميرات، بمراقبة نمو النباتات، ويمكن للأبراج التحكم تلقائيًا بمستويات الضوء، ودرجة الحرارة، والرطوبة، والمياه، والمغذيات.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "IGS"، أندرو لويد، إنّ ارتفاع الأبراج يتراوح ما بين 6 إلى 12 مترًا، وهي عبارة عن وحدات، ما يجعل توسيعها أمرًا سهلاً.

وقال لويد:"ضع 200 منها في مكان واحد، وستحصل على GigaFarm".

وتوفر الزراعة العمودية العديد من الفوائد مقارنةً بالزراعة التقليدية، بما في ذلك نمو المحاصيل بشكلٍ أسرع، وتقليل استخدام المياه بنسبة تصل إلى 98%، والحاجة لمساحة أقل بكثير.

وإلى جانب ذلك، يمكن بناء المزارع العمودية في الأماكن التي تدهورت فيها التربة، وأصبحت غير صالحة للاستخدام فيما يرتبط بالزراعة التقليدية، كما أنّ المزارع الداخلية غير مقيَّدة بالمواسم والمناخ.

ولكنها ليست خالية من العيوب.

وتمثل التكنولوجيا الذكية والبنية التحتية استثمارًا أوليًا ضخمًا، كما أنّ ارتفاع كلفة تشغيل المزارع، والتي تتكون إلى حدٍ كبير من فواتير الكهرباء بفضل مصابيح الـLED، أدّت إلى معاناة العديد من الشركات.

وسلطت سلسلة حديثة من الإخفاقات المالية البارزة في هذا القطاع، بما في ذلك "Fifth Season" و"AppHarvest"، وهما مشروعان أعلنا عن الإفلاس العام الماضي، الضوء على صعوبة التنافس مع التكاليف المنخفضة للزراعة التقليدية.

وفي عام 2023، افتتحت شركة الزراعة العمودية الأمريكية "AeroFarms" منشأة بحث وتطوير تبلغ مساحتها 65 ألف قدم مربع (أكثر من 6 آلاف متر مربع) في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وهي الأكبر من نوعها في العالم.

ولكن بعد فترةٍ وجيزة، أعلنت الشركة إفلاسها وإعادة هيكلتها.

ولجعل المزارع العمودية مستدامة ماليًا وبيئيًا، أوضح لويد أنّها بحاجة إلى دمج مجاري النفايات، والطاقة المتجددة، وهو بالضبط ما تخطط "ReFarm" للقيام به.

وستُزوَّد المزرعة بالطاقة من خلال حرق نفاياتها الصلبة، وستُوفَّر المياه عبر تكنولوجيا تعتمد على الحشرات.

وتأكل يرقات ذبابة الجندي الأسود مخلفات الطعام، وفي نهاية دورة نموها، يتم تحويلها إلى علف حيواني غني بالبروتين، مع توفير الماء والسماد كمنتجات ثانوية.

ويتوقع مشروع "GigaFarm" إعادة تدوير 50 ​​ألف طن متري من بقايا الطعام سنويًا، وستكون المياه الناتجة عن هذه العملية كافية "لتشغيل 100% من المزرعة العمودية"، بحسب ما ذكره كريستوف، في حين سيتم استخدام السماد العضوي كركيزة للنباتات.

ويُعد العلف الحيواني من المنتجات الزراعية العديدة التي تخطط "ReFarm" لصنعها في المنشأة، وبيعها للمزارع.

كما أنّها تصنع أيضًا سمادًا حيويًا تدّعي "ReFarm" أنّه يقلل من استخدام الأسمدة بنسبة 50%، إضافةً لمُحسِّن للتربة يمكنه استعادة "التربة أو الرمال المستنفدة"، وجعلها تمتص الماء، والكائنات الحية الدقيقة، والأسمدة بشكلٍ أفضل، وفقًا لما أوضحه كريستوف.

وستقوم المنشأة أيضًا بمعالجة مياه الصرف الصحي، وإزالة الأمونيا منها لإعادة استخدامها في الأسمدة.

ومن خلال استخدام "GigaFarm" لزراعة شتلات للمزارع العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويبلغ عددها 38 ألف مزرعة (وتستخدم الكثير منها الزراعة المائية، أو الدفيئات الزراعية عالية التقنية)، أوضح لويد أنّ شركة "ReFarm" قد تذهب إلى ما هو أبعد من مجرد "خدش سطح" المشكلة، و"إحداث تأثير فعلي" في الأمن الغذائي.

وأكّد لويد: "هذه ليست مجرد مزرعة عمودية أخرى، إنّها شيء مختلف تمامًا"، مضيفًا أن هناك إمكانية لتطبيق نموذج إعادة التدوير هذا في أي منطقة حضرية.

جعل الإمدادات الغذائية مقاوِمة لتغير المناخ

 أصبحت تكنولوجيا الزراعة ذات أهمية متزايدة مع تهديد تغير المناخ للأمن الغذائي.

وتستورد دولة الإمارات أكثر من 85% من المواد الغذائية التي تستهلكها، ما يجعلها عرضة لاضطرابات سلاسل التوريد، وهو أمر شهدته الدولة خلال جائحة "كوفيد-19"، وبداية الحرب الأوكرانية-الروسية، كما قال باحث دكتوراه في مجال سلاسل التوريد في جامعة "ولونغونغ" بدبي، روهيت شارما.

وأفاد شارما أنّ الحكومة الإماراتية حريصة على تنويع مصادر الدخل في البلاد، والابتعاد عن صناعة البتروكيماويات، والتوجه إلى قطاعات أكثر خضارًا، مثل الطاقة المتجددة، والنقل المستدام، وتكنولوجيا الزراعة، ما يخلق الفرص ويعزز الدعم الحكومي للمؤسسات المبتكرة مثل "ReFarm".

وشكّل الأمن الغذائي الموضوع الرئيسي لمؤتمر المناخ COP28، الذي عُقِد في دبي العام الماضي.

وليست الإمارات الدولة الوحيدة المهتمة بالزراعة العمودية، إذ تستثمر قطر بكثافة في مجال الزراعة الذكية، وتتوسع شركات تكنولوجيا الزراعة في المملكة العربية السعودية. 

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الأمن الغذائي الشرق الأوسط تكنولوجيا دبي زراعة غذاء الزراعة العمودیة کیلوغرام من بما فی ذلک سنوی ا

إقرأ أيضاً:

وزير الشئون النيابية: مصر تتحمل مسئولية استضافة أكثر من 10 ملايين لاجئ

استقبل محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، إيلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، حيث تناول اللقاء تعزيز التعاون بين الجانبين في مختلف الملفات ذات الاهتمام المشترك. 

وأشاد الوزير بالدور المحوري الذي تلعبه بانوفا في تنسيق عمل مكاتب الأمم المتحدة في مصر على المستويين الإقليمي والقطري، مؤكدًا عمق الشراكة التي تربط مصر بالمنظمة الدولية وحرص القاهرة على تعزيز هذا التعاون بما يخدم المصالح المشتركة.  

وخلال اللقاء، أعرب فوزي عن تقدير مصر لموقف الأمين العام للأمم المتحدة، لاسيما دعمه للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان المستمر على الأراضي الفلسطينية، مشددًا على أهمية هذا الدعم في ظل الأوضاع الإقليمية الراهنة.  

وتناول اللقاء مناقشة قانون اللاجئين الجديد، حيث قدمت بانوفا التهنئة لمصر على صدور القانون. وأكد فوزي أن مصر تستضيف أكثر من عشرة ملايين لاجئ، ما يشكل تحديًا كبيرًا على موارد الدولة، إلا أن التزام مصر بمكانتها التاريخية وواجبها الإنساني يجعلها تتحمل هذه المسؤولية، موضحًا أن مصر مستمرة في تقديم الدعم والخدمات للاجئين بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.  

وأشار الوزير إلى أن مصر قدمت تقريرها في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في 28 يناير الماضي، حيث استعرضت خلاله جهودها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان ضمن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان. وقد أعربت بانوفا عن تهانيها للوزير على ما تضمنه التقرير من تطورات إيجابية.  

وفي سياق تعزيز التعاون المؤسسي، ثمن فوزي إنشاء المجمع الموحد للأمم المتحدة في العاصمة الإدارية الجديدة، معربًا عن تطلع مصر لأن تصبح القاهرة مركزًا لإطلاق تقارير الأمم المتحدة، خاصة تلك الصادرة باللغة العربية، مستفيدةً من موقعها الاستراتيجي كعاصمة لدولة محورية ومقر لجامعة الدول العربية، ما يسهل التواصل مع مختلف العواصم العربية ويعزز التعاون الإقليمي.  

وفي ختام اللقاء، أعرب الجانبان عن تطلعهما لمزيد من التعاون المشترك لتحقيق الأهداف التنموية والإنسانية بما يخدم شعوب المنطقة والعالم، فيما أكدت بانوفا سعادتها بزيارة مصر وحرص الأمم المتحدة على دعم الشراكة مع القاهرة في مختلف المجالات.

مقالات مشابهة

  • وزير الشئون النيابية: مصر تتحمل مسئولية استضافة أكثر من 10 ملايين لاجئ
  • رئيس أرامكو: تطوير أكبر ميناء بالمنطقة الشرقية بسعة 10 ملايين طن متري سنويًا
  • إنشاء مزرعة مصرية أوغندية جديدة على مساحة 1000هكتار | تفاصيل
  • وزير الزراعة يتابع الموقف التنفيذي للمزرعة المصرية - الأوغندية المشتركة
  • وزير الزراعة يتابع الموقف التنفيذي للمزرعة المصرية الأوغندية المشتركة
  • وزير الزراعة: إنشاء مزرعة مصرية مشتركة على مساحة 1000 هكتار في أوغندا
  • محافظ الدقهلية يفتتح مشروعات طبية ضخمة بتكلفة تتجاوز 105 ملايين جنيه
  • هيئة الإحصاء بالمغرب: أكثر من 4 ملايين شخص مهددون بالفقر
  • هيئة مغربية: أكثر من 4 ملايين شخص مهددون بالفقر
  • أكثر من 4 ملايين شخص مهددون بالفقر في المغرب.. هشاشة اقتصادية