معركة حطين.. طريق تحرير بيت المقدس
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
معركة حاسمة بين الصليبيين والمسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي، وقعت يوم 25 ربيع الثاني عام 583 هجرية الموافق للرابع من يوليو/تموز 1187، في تلال حطين قرب قرية المجاودة الواقعة بين مدينتي طبريا والناصرة في فلسطين. وقد حقق المسلمون انتصارا كبيرا في المعركة، وتمكنوا بعدها من تحرير مدن فلسطينية عديدة، وبدأ فتح بيت المقدس بعد احتلال دام 91 عاما على يد الصليبيين.
تعاقبت أجيال عديدة لتحرير بيت المقدس بعد أن وقع في يد الصليبيين عام 492 هـ، كان على رأسهم عماد الدين زنكي الذي اعتمد في إستراتيجيته الحربية على ضرورة توحيد الشام ومصر قبل التوجه لتحرير فلسطين.
استكمل نور الدين زنكي مسيرة والده بعد وفاته ووضع خطة لتحرير الشرق الإسلامي واسترداد الشام، لكن وافته المنية عام 569 هـ.
حمل صلاح الدين الأيوبي راية التحرير بعد موت نور الدين، وعمل على توحيد مصر والشام والموصل، وقطع الاتصال بين الصليبيين والغرب.
وضع صلاح الدين خطة لإحياء الدولة الإسلامية بطرد الاستعمار الصليبي، وعقد هدنة مع الصليبيين مدة 4 سنوات حتى يتمكن من توحيد صفوفه وحشد قواته.
لكن أرناط حاكم الكرك نقض الهدنة بالاستيلاء على قافلة تجارية متجهة من مصر إلى دمشق وأسر رجالها، وأرسل إليه صلاح الدين لكي يرد القافلة ويطلق سراح الأسرى لكنه رفض.
بعد وفاة الملك بلدوين الخامس عام 582 هـ، أحد ملوك مملكة بيت المقدس، وقع صراع حاد بين الملوك الصليبيين حول تولي الحكم ونشبت الصراعات الداخلية، وعمل صلاح الدين على استغلال الظروف لصالح خططه في التحرير وتكوين قوة عسكرية قوية لخوض معركة فاصلة مع الصليبيين.
تحالف صلاح الدين مع ريموند الثالث أمير طرابلس وبوهيموند الثالث أمير أنطاكية، وتمكن من شق صفوف الصليبيين، وبدأ صلاح الدين تجهيز الجيوش الإسلامية في مصر والموصل والشام.
توجه صلاح الدين إلى حصني الكرك والشوبك ببلاد الشام وسيطر عليهما ثم اتجه قرب طبرية، في ذلك الوقت تجمعت القوات الصليبية في قرية صفورية إحدى قرى فلسطين، والتي تمتاز بوفرة مياهها، وانضم إليهم الملك ريموند بعد نقضه الهدنة مع صلاح الدين.
أرسل صلاح الدين ليلا قوة استطلاعية سرية مدججة بالسلاح إلى صفورية حيث جيش الصليبيين، وحققت السرية انتصارا كبيرا، مما شجع صلاح الدين لقيادة الجيش باتجاه الصليبيين.
بداية الحرب وتطوراتهاانقسم رأي ملوك الصليبيين في مواجهة صلاح الدين، لكن استقر فيما بينهم على الخروج لملاقاة جيشه، في طقس حار جدا، دون أن يتزودوا بالمؤن التي تقيهم حر الصيف، وتوجهوا لمسافة نحو 20 كيلومترا لقتال المسلمين.
أصبح صلاح الدين المتحكم في الحرب وظروفها وفرض على الصليبيين محاربته، والتقى الجيشان على سهل جبل طبرية المطل على سهل جبل حطين وأطلق عليها اسم "قرون حطين"، لأنها على شكل هضبة ترتفع عن سطح البحر بأكثر من 300 متر.
بلغ جيش صلاح الدين نحو 25 ألف مقاتل مقابل جيش ضخم حشده الصليبيون وصل إلى 63 ألف مقاتل، حارب صلاح الدين ببسالة وأراد أن يبث الخوف في قلوب الصليبيين بكل الوسائل.
وفرض سيطرته على مصادر المياه وحال بين الصليبيين وبين بحيرة طبرية، مما اضطرهم للانسحاب إلى جبل حطين من التعب والعطش، وفي الليل استغل فرصة هبوب الرياح باتجاه الصليبيين وأمر بإشعال النيران في الحشائش اليابسة، مما زاد من تعبهم وظمأهم وأنهكهم واضطروا للتراجع.
بعد أن حاصرهم صلاح الدين أعلى جبل حطين، استولى على صليبهم المسمى "الصليب الأعظم"، الذي يعتقدون أنه توجد فيه قطعة من الخشب الذي "صلب" عليه -حسب معتقداتهم- نبي الله عيسى، وما أن استولى عليه جيش المسلمين حتى شعر الصليبيون بالخوف وأيقنوا بالخسارة وأوقع بهم صلاح الدين هزيمة ساحقة.
بعد انتصار جيش المسلمين، قاد صلاح الدين ملك بيت المقدس وأرناط حاكم الكرك وعدد من قادة الجيش الصليبي إلى خيمته وطلب لهم الماء المثلج ولم يعط أرناط، لكنه شرب دون إذن صلاح الدين، غضب صلاح الدين منه وضربه في عنقه وذكره بجرائمه، وبث هذا الموقف الخوف في قلوب الحاضرين، لكن صلاح الدين طمأنهم بأنه "لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك" وأخبرهم أن أرناط تجاوز حده.
أهم المحطات والنتائج معركة حطين كانت بمثابة النهاية للوجود الصليبي، وتعد أكبر كارثة عسكرية حلت بهم في ذلك الوقت، استطاع فيها المسلمون هزيمة أكبر استعمار في العصور الوسطى. نهاية عصور الضعف والاضمحلال التي مرت على الشرق الإسلامي قرابة 9 عقود من الزمن. كانت مفتاحا للفتوحات الإسلامية، ويسرت الطريق أمام تحرير بيت المقدس وطريق النصر لباقي فلسطين وتحريرها من الوجود الصليبي. قتل جيش صلاح الدين 30 ألف مقاتل من جيش الصليبيين وأسر 30 ألفا آخرين. النتائج السياسيةعقب انتصار جيش المسلمين في المعركة، تمكن من فرض السيطرة على مدن نابلس وعسقلان وصيدا وبيروت وجبيل والرملة وعكا وطبرية ويافا والناصرة.
توجه صلاح الدين بعد ذلك إلى القدس من الناحية الغربية يوم 15 رجب 583هـ/1187م، وفرض الحصار على المدينة وقطع الإمدادات على الصليبيين.
بلغ عدد القوات المقاتلة نحو 60 ألفا من المسلمين العرب والكرد والتركمان، واستمر الحصار والقتال على أسوار القدس 12 يوما، حتى تمكن المسلمون من هدم أسوار المدينة من الناحية الشمالية الشرقية.
أعلن قائد القدس الصليبي حينها "باليان" رغبته في الصلح وقبل ذلك صلاح الدين، وفتحت المدينة يوم الجمعة 27 رجب 583 هـ الموافق للثاني من أكتوبر/تشرين الأول عام 1187 في ذكرى الإسراء المعراج.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات صلاح الدین بیت المقدس
إقرأ أيضاً: