قال المتروبوليت نقولا مطران إرموبوليس (طنطا) وتوابعها، والمفوض البطريركي للناطقين بالعربية عن خدمة القدسات السابق تقديسها (البروجزماني) في الصوم الأربعيني الكبير فهي تُنسب خدمة القدسات السابق تقديسها (البروجزماني) إلى بابا رومية القديس غريغوريوس الأول (+ 604)، وهو المعروف في الكنيسة الأرثوذكسية بـ"الثيولوغوس"، أي "المتكلم بالإلهيات".

وفي عام 615م، أو ما يقاربها، أدخل البطريرك القسطنطيني سرجيوس ليتورجية خدمة القدسات السابق تقديسها. وقد كانت كنيسة أرشليم أسبق من غيرها في هذا.

سُميت هذه الخدمة بالقدسات السابق تقديسها (البروجزماني)؛ لأن القدسات فيها، أي القرابين، هي مقدسة ومستحيلة في خدمة قداس إلهي سابق إلى جسد ودم يسوع المسيح الأقدسين. وهذه القدسات تحفظ بعد تقديسها في بيت القربان الموجود على المائدة المقدسة.

عن هذه الخدمة، جاء في القانون الثاني والخمسين الذي أقره المجمع المسكوني السادس في عام 629م، أن الخدمة بالقدسات السابق تقديسها (البروجزماني) تقام في كل أيام الصوم الأربعيني المقدس فقط عدا يوم السبت الذي يقام فيه قداس يوحنا الذهبي الفم ويوم الأحد الذي يقام فيه قداس باسيليوس الكبير. وكذلك يوم عيد البشارة المقدس وعيد دخول السيد إلى الهيكل (بالنسبة لهذا العيد نادر ما يحدث)، وفي هذين العيدين تقام فيهما قداس يوحنا الذهبي الفم. كما تقام هذه الخدمة في الأيام الثلاثة الأولى (الإثنين والثلاثاء والأربعاء) من أسبوع الآلام.

أما عن إقامة هذه الخدمة في أيام الصوم الأربعيني الكبير فقط، عدا الأيام التي سبق ذكرها، ذلك أن الاحتفال بسر الشكر بمعناه لا يتوافق والصوم، لأن سر الشكر في التقليد الارثوذكسي يحتفظ بطابعه الاحتفالي والبهيج. فسر الشكر قبل كل شيء سر مجيء المسيح وحضوره بين تلاميذه، وبالتالي هو الاحتفال بقيامته.

كما أن التناول من القدسات السابق تقديسها في الصوم الأربعيني الكبير لأن فيها وجود لثمار سر الشكر التي ننالها في هذه القدسات (جسد ودم يسوع المسيح الإلهيَيْن) التي هي ينبوع القوة والعضد في المسيرة نحو الملكوت. والصوم هو هذه المسيرة، وهو مسيرة صعبة، فيه نواجه الشرير وقواته وجها لوجه، نصير في صراع مع قوى هذا العالم والشهوات. في صراعنا هذا لا بد لنا من معين، والمعين هو المناولة نفسها. ولئن كانت المناولة كمال الجهاد وهدفه، إلا أنها أيضا مصدر لهذا الجهاد وبداية له.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط هذه الخدمة

إقرأ أيضاً:

الهروب الكبير من قارة البطالة إلى قارة التشرد

بقلم: عبده حقي

في الخامس عشر من شتنبر 2024، حاولت حشود كبيرة وهائجة من المواطنين المغاربة، إلى جانب مهاجرين أفارقة وجزائريين وسوريين وسودانيين .. إلخ، اقتحام سياج الأسلاك الشائكة على الحدود البرية من جيب مدينة سبتة المحتلة شمال المغرب . وقد عكس هذا الوضع مرة أخرى أزمة سياسية على أوسع نطاق في المنطقة، حيث تواجه موجات المهاجرين، الذين يسعى العديد منهم إلى ظروف معيشية أفضل، تواجههم مخاطر شديدة واللايقين في رحلاتهم إلى أوروبا. وقد كشف الارتفاع السنوي في أرقام الهجرة خلال هذا الصيف عن الرغبة الملحة والعميقة بين الشباب المغاربة في الهروب من الصعوبات الاقتصادية من خلال مجازفة الإقدام على عبور محفوف بالمخاطر إلى أوروبا.

وهكذا ماتزال أوروبا ترمز في مخيال هؤلاء الحراكة إلى التقدم والرخاء والفرص المتاحة. ففي كل صيف، يتجمع مئات الشباب المغاربة على طول الساحل الشمالي بالمغرب ، وهم يتطلعون إلى مدينة سبتة السليبة باعتبارها بوابة إلى ما يعتبرونه المعبر الوحيد إلى حياة أفضل من واقعهم في وطنهم الأم. وتقوم تطلعاتهم على البحث عن ظروف معيشية لائقة من عمل قار، وأجور محترمة، وضمان اجتماعي، وتغطية صحية، والتمتع بالأنشطة الترفيهية . ومع ذلك، فهم يغفلون أن الواقع الذي ينتظرهم على الضفة الأخرى من الحدود ربما سيكون أكثر تعقيدًا وتحديًا مما يتوقعونه.

لقد كانت مدينتا سبتة ومليلية المستعمرتين الإسبانيتين في شمال المغرب، بمثابة نقطة استقطاب لأولئك الشباب اليائسين الذين يسعون إلى الهروب من الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية . لقد أدى ارتفاع معدل البطالة في المغرب، وخاصة بين الشباب، إلى خلق حالة من الإحباط واليأس حيث تبدو الهجرة وكأنها السبيل الوحيد للخروج بالنسبة للعديد من السواعد العاطلة عن العمل. ومع ذلك، فإن الرحلة غالبا ما تكون محفوفة بالصعوبات، وبالنسبة للكثيرين، قد يتحول حلم أوروبا في طريقهم إلى كابوس مؤرق ومزمن.

إن العديد من المهاجرين الذين يحاولون العبور إلى سبتة ليسوا مستعدين بشكل كاف للواقع الذي سوف يواجهونه هناك عند وصولهم. فهم غالبًا ما يفتقرون إلى المؤهلات والمهارات المهنية التي من شأنها أن تساعدهم في تأمين عمل مستقر ودائم . وهذا الافتقار إلى التأهيل يجعلهم عرضة للاستغلال ويجبرهم على البحث عن وسائل بديلة للبقاء على قيد الحياة. وفي مواجهة هذه التحديات، يلجأ جلهم إلى استراتيجيات مؤقتة مثل الزواج من أوروبيات لتأمين وثائق الإقامة، وهي الخطوة التي غالبًا ما تأتي مع مجموعة من التعقيدات والمعضلات الأخلاقية والسوسيوثقافية والدينية .

والواقع أن الوضع في أوروبا، وخاصة في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي اندلعت في عام 2008، ليس واعداً كما يتصوره الكثير من المهاجرين. ذلك أن أسواق الشغل تعاني من فائض البطالة، وخاصة في جنوب أوروبا، حيث تظل معدلات البطالة مرتفعة جدا والمنافسة على الوظائف التي تتطلب مهارات منخفضة شرسة. وكثيراً ما يجد المهاجرون أنفسهم متورطين في وظائف متدنية الأجور، وعاجزين عن الخروج من دوامة الفقر وعدم الاستقرار وكثير منهم باتوا يفضلون العودة إلى المغرب في السنين الأخيرة.

وقد تغيرت الصورة المثالية التي كانت سائدة ذات عصر لأوروبا باعتبارها أرض الفرص اللامتناهية إلى حد كبير بسبب واقع الركود الاقتصادي والبطالة المنتشرة على نطاق واسع.

وفي غياب فرص العمل الملائمة وأنظمة التشغيل المباشر، ينخرط العديد من المهاجرين في أنشطة غير قانونية، مثل الاتجار بالمخدرات، أو السرقة، أو ممارسة الجنس المثلي مقابل الأجر. وقد يدفعهم اليأس الاقتصادي اليومي إلى سلوكيات فائقة الخطورة، مما يورطهم في دوامة خطيرة من الجرائم المختلفة. ومن المؤسف أن العديد منهم ينتهي بهم المطاف في السجن أو التشرد أو الجنون حتى ، مما يزيد من تعقيد حياتهم الغارقة في مستنقع الهشاشة.

لقد أصبحت ظاهرة تجارة المخدرات، على وجه الخصوص، متنامية بين المهاجرين. وتستغل شبكات الجريمة المنظمة المهاجرين الضعفاء، وغالباً أولئك الذين يفتقرون إلى الوضع القانوني أو الموارد اللازمة لمقاومة مثل هذه الإغراءات. وقد ألقى تورط المهاجرين في هذه الأنشطة الإجرامية بظلاله على النقاش الأوسع نطاقاً حول عواقب الهجرة غير النظامية ، مما أدى إلى تفاقم التوتر بين السكان المحليين والمهاجرين الوافدين من الجنوب.

وبالنسبة للنساء، وخاصة اللاتي فررن من مناطق مزقتها الحروب الأهلية مثل سوريا والسودان وجنوب الصحراء، فإن الوضع يكون أكثر مأساوية. وبسبب تعرضهن للاستغلال والإساءة، تضطر العديد منهن إلى العمل في شبكات الدعارة، مما يزيد من تفاقم معاناتهن.

في كثير من الأحيان يجد المهاجرون واللاجئون الذين يصلون إلى أوروبا أنفسهم تحت سياط الصرامة البيروقراطية، مع قلة فرص الحصول على السكن المستقر، والخدمات الاجتماعية، أو العمل المكفول. وينتهي الأمر بالعديد منهم إلى العيش في مخيمات مزدحمة وغير صحية، في انتظار شهور أو حتى أعوام لمعالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم حيث تتبخر فكرة أوروبا كجنة واعدة.

ومن خلال هذه الصورة القاتمة يتعين على الشباب المغاربة الذين يحلمون بالعبور إلى الشاطئ الأوروبي أن يعيدوا تقييم مخطط هجرتهم ويفكروا في مسارات بديلة للترقي الاجتماعي. فأوروبا لم تعد تقدم ضمانات الرخاء والأمن التي كانت تقدمها لآبائهم في السابق. وبدلا من ذلك، قد يحتاج أولئك الذين يسعون إلى تحسين حياتهم إلى إيجاد السبل لخلق الفرص في أوطانهم بدلا من الاعتماد على احتمالات الهجرة غير المؤكدة.

إن المغرب، باقتصاده المتطور والصاعد، يمكن أن يوفر العديد من السبل لريادة الأعمال، وخاصة في الصناعات مثل السياحة والزراعة والتكنولوجيا والتعليم . ومن خلال تطوير المهارات والاستفادة من هذه الفرص، يمكن للشباب المغاربة خلق فرص عمل لأنفسهم وللآخرين، والمساهمة في التنمية الأوسع لوطنهم. ويتطلب هذا المنهج دعم الحكومة المغربية من خلال قروض للمقاولات الصغرى والمتوسطة وتبسيط مساطر الاستثمار للمقاولين الشباب وعلى المنظمات الدولية من جهتها توفير الموارد وبرامج التدريب التي تزودهم بالأدوات التي يحتاجون إليها لتحقيق النجاح والاستقرار في بلدانهم الأصلية.

 

 

مقالات مشابهة

  • اليونسكو تعلنها.. جامع النوري الكبير سيفتتح العام المقبل
  • الهروب الكبير من قارة البطالة إلى قارة التشرد
  • “شركة جديدة تُطلق خدمة الإنترنت المتنقل بهذه المحافظة الجنوبية
  • مراجع غيث: سياسة الصديق الكبير أسهمت في أزمة السيولة
  • أكسيوس عن مسؤولين إسرائيليين: إسرائيل سترد "ردا قويا" خلال أيام على الهجوم الإيراني الكبير
  • المطران كلاوديو يترأس قداس اليوم الثامن من تساعية القديسة تريزا بشبرا
  • عاجل: أول رد للجيش الإسرائيلي على الهجوم الإيراني الكبير
  • “الشؤون” تطلق خدمة إصدار اللوحة المرورية لكبار السن عبر تطبيق “سهل”
  • العمل: شراء الخدمة للعمال المضمونين لغرض التقاعد
  • استجابة سريعة للنزوح الكبير في كسلا