الشركات الأجنبية التي أدرجها الناشطون العرب على قوائم المقاطعة بسبب تأييدها للعدوان الإسرائيلي على غزة تتكبد خسائر مالية قاسية، ولم يعد من الممكن على هذه الشركات إخفاء خسائرها جراء هذه المقاطعة، وهو ما يؤكد بأن الشعوب العربية قادرة على الفعل، وليست عاجزة كما كان يتم إقناعها في السابق، كما أن هذا التأثير الكبير لحملات المقاطعة الشعبية في العالم العربي يؤكد أن أسواقنا مهمة وليست هامشية على مستوى العالم.
الأرقام التي بدأت تظهر تباعاً، تؤكد أنَّ حملات المقاطعة الشعبية في الأسواق العربية نجحت في تكبيد الشركات الداعمة لإسرائيل خسائر فادحة، ونجحت في إنزال عقاب سلمي ضد الذين قدموا الدعم المادي المباشر للاحتلال الإسرائيلي، أو الذين أعربوا عن مواقف سياسية مؤيدة للاحتلال وللعدوان على غزة، وهذا يعني بالضرورة أن هذه الشركات ستحسب ألف حساب في المستقبل قبل أن تنحاز للطرف المعادي للعرب في أي صراع، كما أن الشركات الأخرى التي لم تتورط ولم تتم مقاطعتها ستكون قد أخذت الدرس والعبرة من ذلك.
شركة «ماكدونالدز» التي قدمت 400 وجبة طعام مجانية للجيش الإسرائيلي وهو يستعد لاقتحام قطاع غزة، والبدء بجرائمه هناك، دفعت ثمن هذه الوجبات مليارات الدولارات على شكل خسائر بسبب المقاطعة العربية لها، فيما تتوقع الدوائر المالية للشركة مزيداً من الخسائر خلال الفترة المقبلة مع استمرار المقاطعة لسلسلة مطاعمها في المنطقة العربية والعالم الإسلامي. خلال الربع الأخير من العام الماضي 2023 تباطأ نمو المبيعات لدى شركة «ماكدونالدز» على مستوى العالم ليصل إلى 4% بدلاً من 8.8% في الفترة نفسها من العام السابق، على الرغم من أن لدى الشركة أكثر من 40 ألف مطعم للوجبات السريعة في العالم من بينها 5% فقط في منطقة الشرق الأوسط، لكن هذه الـ5% أثرت على المبيعات الإجمالية للشركة وبشكل ملموس. وقبل أيام اعترف المدير المالي لشركة «ماكدونالدز» إيان بوردن خلال مؤتمر اقتصادي متخصص، بأنَّ حملات المقاطعة العربية والإسلامية مستمرة، واعترف بأنها تؤثر على المبيعات، وستؤثر أكثر خلال الفترة المقبلة في حال استمرارها، وهذه التوقعات سرعان ما أحدثت زلزالاً للشركة، حيث فقدت أكثر من عشرة مليارات دولار من قيمتها السوقية خلال يوم واحد (تراجعت القيمة الإجمالية للشركة في وول ستريت من 214 مليار دولار إلى 204 مليارات دولار وذلك يوم الأربعاء 13 مارس 2024 وحده).
ثمة شركات أخرى عديدة أدرجها الناشطون العرب على قوائم المقاطعة الشعبية، وهي تتكبد بكل تأكيد خسائر يصعب سردها ويصعب حصرها، ومن المهم الإشارة إلى أن انكفاء نشاط الشركات الأجنبية في الأسواق العربية يعادله بالضرورة توسع لأنشطة الشركات المحلية والوطنية، وهو ما يعني أن الاقتصادات العربية تستفيد في نهاية المطاف، ولا تتضرر كما يتخيل البعض، كما أن الموظفين الذين يتم تسريحهم من شركات أجنبية، تتم مقاطعتها سيجدون فرصاً بديلة لا محالة في الشركات البديلة الوطنية. لا شك في أن حملات المقاطعة الشعبية للشركات الداعمة لإسرائيل حققت نجاحاً كبيراً، ورغم أن هذه الحملات ليست جديدة، بل سبق أن شهدنا لها مثيلاً في السابق، (أبرزها خلال انتفاضة الأقصى عام 2000)، إلا أن الحملات الحالية هي الأكثر نجاحاً وانتشاراً بكل تأكيد. وهناك عاملان مهمان لنجاح حملات المقاطعة الشعبية للمنتجات والبضائع والشركات الداعمة لإسرائيل، العامل الأول هو: الاستمرارية، حيث إن الشركات تحسب أرباحها وإيراداتها بأرباع السنة، ولا يُمكن أن يظهر أي تأثير على نشاط الشركة إلا بعد مرور ثلاثة شهور إلى عام كامل، كما أن الشركات الكبرى لديها قدرة أكبر بكثير من غيرها على الصمود والتعامل مع الفترات الاستثنائية، ولذلك إذا كانت المقاطعة مرتبطة بحدث ما وتنتهي بانتهائه فهذا يعني أن جدواها سيكون محدوداً، وأن العقوبة الاقتصادية السلمية المفروضة على هذه الشركة ستكون مؤقتة وتنقضي.
أما العامل الثاني، فهو التركيز، إذ إن الشركات التي تتكبد الخسائر الآن هي تلك التي تحظى بإجماع عربي وإسلامي على ضرورة مقاطعتها، بسبب أن لها موقفا معلنا مؤيدا لاسرائيل، أما الحملات غير المحددة أو غير المركزة، فغالباً ما تكون بلا جدوى، مثل الدعوة إلى مقاطعة البضائع الأمريكية بأكملها، إذ يجد المستهلك في نهاية المطاف نفسه غارقاً في مجموعة من العلامات التجارية التي لا يستطيع أن يحفظها وأحياناً لا يستطيع أن يستغني عنها، وبالتالي تتشتت الجهود، ويذهب كل شخص الى مقاطعة سلعة أو شركة غير تلك التي يقاطعها الآخر، بينما تنجح الحملات المركزة التي تضع ثلاث أو أربع علامات تجارية، أو على الأقل مجموعة محددة ومعلومة من العلامات التجارية، خاصة مع وجود بدائل وطنية ذات جودة عالية تجعل من السهل على المستهلك التحول عن المنتج الأجنبي. ومن المهم الإشارة أخيراً إلى أن المقاطعة الاقتصادية هي عملية عقاب سلمي يعترف بها القانون الدولي ويُمارسها البشر منذ مئات السنين، وسبق أن أقرتها الجامعة العربية ضد إسرائيل ووضعت لها قانوناً خاصاً، بل إن المقاطعة الاقتصادية هي سلاح فردي يستخدمه المستهلكون ضد التجار بشكل عفوي ويومي وفي كل الأسواق.
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاطعة غزة غزة مقاطعة الاحتلال سياسة دولية سياسة دولية اقتصاد دولي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کما أن
إقرأ أيضاً:
مجلس الشيوخ يناقش دور الشركات الناشئة وريادة الأعمال في تعزيز التنمية الاقتصادية
بدأ مجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المجلس، مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار ومكتب لجنة الصناعة والتجارة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر عن دراسة بعنوان: «دور الشركات الناشئة وريادة الأعمال في تعزيز التنمية الاقتصادية.. الفرص والتحديات للاقتصاد المصري».
جاء ذلك بعد أن طالبت الحكومة ممثلة في المستشار محمود فوزي وزير الشئون البرلمانية والتواصل السياسي، بتأجيل مناقشة طلبات المناقشة العامة الواردة بجدول أعمال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ إلى جلسة الغد، جاء ذلك بعد أن عرض المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، على الحكومة مناقشة طلبات المناقشة العامة بجلسة اليوم والخاصة بملف الصناعة.
كان جدول اعمال الجلسة العامة يضم 3 طلبات مناقشة عامة الاول مقدم من النائب يهاب أبو كليلة، وأكثر من عشرين عضوا من الأعضاء، لاستيضاح سياسة الحكومة، بشأن إعادة تشغيل المصانع المتعثرة لتعزيز عملية توطين الصناعات الواعدة، أما الطلب الثاني مقدم من لنائب عمرو نبيل محمد عبد الرحمن، وأكثر من عشرين عضوا من الأعضاء، لاستيضاح سياسة الحكومة بشأن التحول إلى السيارات الكهربائية، أما الطلب الثالث مقدم من لنائب أحمد عبد المنعم الجندي، وأكثر من عشرين عضوا من الأعضاء، لاستيضاح سياسة الحكومة بشأن استراتيجيات إقامة المدن والمجمعات الصناعية المتخصصة، وآليات تطوير البنية التحتية الصناعية وتعميق التصنيع المحلي وتحسين التنافسية الصناعية
واستعرض النائب أكمل نجاتي، أمين سر لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار تقرير اللجنة أمام الجلسة العامة، مشيرًا إلى أن الدراسة هدفت إلى تحليل والنظر إلى الجوانب المختلفة الداعمة لبيئة ريادة الأعمال في مصر، وارتباطها بالتنمية الاقتصادية المستدامة، ودور الشركات الناشئة وريادة الأعمال في دفع عجلة التنمية، وذلك من خلال التعرف على أهم التجارب الدولية والإقليمية، والدروس المستفادة منها، بهدف الوقوف على أبرز التحديات التي تواجه الشركات الناشئة ورواد الأعمال المصريين بالإضافة إلى الصعوبات التي قد تحول دون تهيئة البيئة الاستثمارية الداعمة للشركات الناشئة القائمة، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والريادية لهذا القطاع الحيوي.
وأضاف، أن الدراسة تسعى إلى تحقيق العديد من الأهداف التي تساهم في تسليط الضوء على أهمية ريادة الأعمال والشركات الناشئة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في مصر، ويتم تناول
ذلك من خلال: تحليل الأثر الاقتصادي للشركات الناشئة، وتقييم الوضع الحالي المساهمة هذه الشركات في تعزيز الابتكار، بهدف خلق المزيد من فرص عمل جديدة، وتنويع مصادر الدخل، وتطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وتابع، أيضا تحديد التحديات والفرص من خلال تسليط الضوء على العقبات التي تواجه بيئة ريادة الأعمال في مصر، مثل القيود التنظيمية، محدودية الوصول إلى التمويل والأسواق، وصعوبة الوصول إلى المواهب والمعلومات، مع إبراز الفرص الواعدة التي يمكن استغلالها لتحفيز هذا القطاع.
وأضاف، توصلت الدراسة إلى أن ريادة الأعمال في مصر قد شهدت تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة بفضل الجهود الحكومية والمبادرات الخاصة، ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات رئيسية تتعلق بالنفاذ إلى المواهب والتمويل، والوصول إلى الأسواق، وتوفير البنية المعلوماتية اللازمة، استنادا إلى تحليل معمق وتقييم للتجارب الدولية والإقليمية، وتقدم الدراسة توصيات محددة في سباق الأربعة محاور الرئيسية التالية:
الوصول ودعم المبتكرين والمواهب.
النفاذ إلى التمويل.
الوصول إلى الأسواق.
تهيئة البنية المعلوماتية الأساسية.
وتابع: انتهت الدراسة إلى التوصية بضرورة إصدار تشريع قانون باستحداث مجلس وطني الريادة الأعمال)، يكون مسئول عن صياغة السياسات والتشريعات ذات الصلة، وفك التشابكات الحالية والتنسيق والتكامل في هذا الملف الهام، وبما يضمن الاستدامة والاستقرار في دعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال في مصر، والبناء على المبادرات والقرارات الوزارية التي أصدرتها السلطة التنفيذية الحكومة المصرية خلال الفترة الأخيرة بإنشاء وحدة الريادة الأعمال المجموعة الوزارية التنسيقية المختصة بهذا الملف.
اقرأ أيضاًمجلس الشيوخ يناقش إعادة تشغيل المصانع المتعثرة واستراتيجيات إقامة المدن الصناعية
رئيس الشيوخ يستقبل وفد تحالف الاشتراكيين والديمقراطيين بالبرلمان الأوروبي