مفتي الجمهورية في مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" بمكة المكرمة.. الاختلاف في الاجتهاد لا يمنع من استمرار المحبة.. والقرآن والسنة حثا على الوحدة
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
مفتي الجمهورية في مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" بمكة المكرمة:· القرآن والسنة حثَّا على الوحدة والبعد عن مواطن النزاع· القرآن الكريم قرر أن الاختلاف في الفكر والرأي واقع لا محالة وهو سُنة الله في خلقه· الاختلاف الذي وقع بين أئمة المذاهب الفقهية لم يكن في أصول الاعتقاد ولا في قطعيات الدين وإنما في الفروع الفقهية· الاختلاف في الاجتهاد لا يمنع أبدًا من استمرار المودة والمحبة الثابتة بالإسلام· العلماء هم أمل الأمة في الخروج من الفتن وطوق نجاتها من الغرق في ظلمات الجهل والسطحية· علينا أن نبذل كل الجهد لمد جسور المحبة والتعاون بين مذاهب الأمة الإسلامية
قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام –مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- إن المتأمل في آيات الكتاب الكريم والسُّنة المطهرة يجد أن الحث على الاجتماع والدعوة إلى الوحدة والبعد عن مواطن النزاع والخلاف الذي يؤدي إلى الفتنة أمر واضح جلي لا يرتاب فيه عاقل، وهو من أعظم مقاصد ديننا الحنيف، قال الله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا).
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في المؤتمر الدولي «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» الذي يُعقد بمكة المكرمة، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وتنظمه رابطة العالم الإسلامي.
وأضاف فضيلة المفتي أن القرآن الكريم قرر أن الاختلاف في الفكر والرأي واقع لا محالة وهو سُنة الله في خلقه نتيجة لاختلاف الأفهام واللغات ومنطق التفكير ومناهج الاستنباط؛ قال الله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ).
وأوضح فضيلته أنه إذا كان الله تعالى قد أمرنا بالبُعد عن مواطن التنازع والاختلاف من جهة، ومن جهة أخرى أقرَّ بوجود سُنة الاختلاف، فمن مبدأ الجمع بين دلالات النصوص ومما تدل عليه بالفحوى والإشارة أنه يجب علينا احترام الاختلاف وتقبُّله والتعايش معه والإقرار بوجوده والإقرار أيضًا بتعذُّر جمع الناس على رأي واحد ومذهب واحد، خاصة إذا كان هذا الاختلاف لم يقع عن جهل أو عصبية أو عن هوى وتشهٍّ، وإنما وقع عن اجتهاد رصين من أئمة مجتهدين راسخين في العلم.
وأكد فضيلة المفتي أن الاختلاف الذي وقع بين أئمة المذاهب الفقهية لم يكن في أصول الاعتقاد ولا في قطعيات الدين، وإنما كان في الفروع الفقهية المستنبطة من الأدلة الظنية، وقد قرر أئمة الأصول أن الفقه من جهة استنباطه وأدلته من (باب الظنون)، فالاختلاف إنما يحدث نتيجةَ ظنية ثبوت النص في الحديث الشريف أو يحدث نتيجة وجود المساحة الدلالية الظنية في النص القرآني أو في الحديث النبوي الشريف أيضًا.
ووجَّه فضيلة مفتي الجمهورية حديثه إلى العلماء الأجلاء حضور المؤتمر قائلًا: "لا شك أنكم بسيركم على نهج أسلافكم من العلماء الربانيين، أمل هذه الأمة في الخروج من هذه الفتنة، وأنتم طوق نجاتها من الغرق في ظلمات الجهل والسطحية، وأن ما تجتمعون عليه اليوم من العمل على مد جسور الثقة والمحبة والتعاون بين علماء مذاهب الأمة الإسلامية ومتبوعيها، وتوطيد أواصر المحبة والإخاء مع وجود التنوع والاختلاف الذي هو سُنة الله في الخلق، عمل عظيم نافع".
وأكد أن الاختلاف في الاجتهاد لا يمنع أبدًا من استمرار المودة والمحبة الثابتة بالإسلام، وهو نهج الأئمة الأعلام في احترام الاجتهاد والمجتهدين المخالفين، والحث على جمع الشمل، والعمل على خدمة الأمة مع وجود الاختلاف، فإن الأمور التي يصلح فيها التعاون والاجتماع أكبر من أن تحصى.
وفي ختام كلمته توجَّه فضيلة المفتي بخالص الشكر لرابطة العالم الإسلامي وأمينها العام، الشيخ الدكتور محمد عبد الكريم العيسى -الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين- على جهوده الحثيثة في خدمة الإسلام والمسلمين، وعلى سعيه الحثيث لجمع شمل علماء الأمة الإسلامية، ومد جسور الثقة والمحبة والتعاون بينهم، مؤكدًا أنَّ هذا مقصد جليل وغرض كريم وغاية نبيلة، ينبغي علينا جميعًا أن نتعاون فيه، وأن نبذل كل الجهد والوقت من أجل مد جسور الثقة والمحبة والتعاون، بين مذاهب الأمة الإسلامية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأمة الإسلامیة مفتی الجمهوریة الاختلاف فی
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الشائعات سلاحٌ لتزييف الحقائق وإفساد المجتمعات
شارك الدكتور نظير محمد عيّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في احتفال وزارة الأوقاف بليلة النصف من شعبان وذكرى تحويل القبلة والذي أقيم بمسجد مصر الكبير بالمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية الجديدة بحضور معالي الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، نائبًا عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ومحمود الشريف، نقيب الأشراف، و الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، بالإضافة إلى عدد من السفراء، وكبار علماء الدين، وعدد من المسؤولين.
وألقى المفتي كلمةً في هذا الاحتفال بذكرى تحويل القبلة أكد فيها ثلاثة من المعاني المستفادة من تلك الحادثة، أولها: أن ليلة النصف من شعبان تكتسب أهمية كبيرة؛ فهي تجسِّد سموَّ المنزلة وعلوَّ المكانة حيث تلاقت المشيئة الإلهية مع الإرادة المحمدية عندما أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إلى القبلة الأولى التي تشتاق إليها النفس وتسكن إليها الروح، فجاء تحويل القبلة جبرًا لخاطر النبي صلى الله عليه وسلم وإزالةً لهمّه، وتأكيدًا لمكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه.
وأشار المفتي إلى المعنى الثاني المستفادة في هذه الذكرى، حيث حذَّر فضيلته من الشائعات مشيرًا إلى أنها سلاحٌ يستخدم لتزييف الحقائق وإفساد المجتمعات، وأنه لا يخلو زمانٌ من السفهاء المرجفين الذين يسفِّهون عظائم الأمور، مستشهدًا على ذلك بقول الله تعالى في خصوص هذه الحادثة: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142].
وأكد المعنى الثالث المستفاد من تلك الحادثة وهو أن الإيمان ليس مجرد كلمةٍ تُقال بل هو التزامٌ وسلوكٌ يدفع الإنسان إلى الطاعة، وهو عهدٌ ثابت يلتزم به المؤمن، وليس مجرد حالةٍ تزول بمرور الوقت.
واستشهد بقوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور: 51].
وفي ختام كلمته، دعا فضيلة المفتي الله عز وجل أن يحفظ ووطننا الحبيب مصر، وأن يؤيد قادتنا، وأن يعيد علينا جميعًا هذه الأيام بالأمن والأمان والإيمان، والسلامة والإسلام، وأن يرد لنا المسجد الأقصى من أيدي المحتل المعتدي.
ومن جانبه، أوضح الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، في كلمته في هذا الاحتفال أن الله قد وصف أمة النبي الخاتم بالوسطية؛ كما جاء في سياق الآيات التي تتحدث عن حادثة تحويل القبلة، وهو وصف لم يتحقق لأي أمة أخرى من الأمم.
كما أشار إلى أن الشرع جاء ليوازن بين مكونات الإنسان النفسية والروحية والعقلية والبدنية، وأعطى لكل جانب من هذه الجوانب حقَّه بما يحقق وظيفة الاستخلاف في الأرض كما أراده الله تعالى.