تأتي أهمية عرض هذا الكتاب، وتناوله بالقراءة والتحليل من عدة أسباب، لعل أهمها: –
الأول: –
كونه يمثل السردية الفكرية والتاريخية والغربية، وينتمي إلى بيئة حاضنة للفكر الاستعماري.
الثاني: –
إنه يتناول طبيعة الكيان الوظيفي الصهيوني، من حيث كونه خطرا وجوديا على الإنسانية.
الثالث: –
إن مؤلف هذا الكتاب قد شغل موضوعين متناقضين؛ فهو من حيث تموضعه العملي الوظيفي، كان أحد أبرز قادة البحرية الكندية، التابعة للبحرية الملكية البريطانية، شارك في الحربين العالمية الأولى والثانية، كما عمل في وزارة الإعلام البريطانية المكتب الصهيوني، وهو من حيث تموضعه الثقافي والفكري، كان أستاذا جامعيا مختصا بالعلوم التوراتية والآثار القديمة، كانت قضية فلسطين من أبرز القضايا التي تناولها، وأثبت في كل طروحاته بطلان دعوى الحق التاريخي لليهود فيها، كما كشف في كثير من مؤلفاته عدد من مؤامرات اليهود، وخططهم لتدمير العالم.


الرابع: –
سواء أكان ما طرحه المؤلف في هذا الكتاب نابعا من الأمانة العلمية وتحري الصدق والموضوعية، أو كان ضمن مشروع اللوبي الصهيوني، في تقديم نفسه مسيطرا ومحكما قبضته على العالم، فإن ما يهمنا من هذه القراءة والعرض والتحليل، هو المتن المعرفي الذي تضمنه نص الكتاب، بوصفه حجة على الكيان الصهيوني الغاصب، وعلى القوى الإمبريالية الغربية، التي تقف خلفه وتدعم كل جرائمه.
يحاول المؤلف في هذا الكتاب – كما يقول – رفع الغطاء (عن أسرار التاريخ الخفي للعالم)، وهو يعني بذلك أسرار التاريخ الخفي لليهود، ودورهم المركزي في صياغة أحداثه وتحولاته، مؤكدا أن الحقائق التي سيعرضها، ستصيب المتلقي بالحيرة والذهول، “لأنها ستزيح النقاب الكثيف، الذي تقبع وراءه – أو تتستر – قوى الشر الخفية، التي تحاول أن تتحكم في مصير العالم ومقدراته».
يمكن إجمال المسار التاريخي، للمؤامرة اليهودية/ الصهيونية ضد الإنسانية، في ثلاث مراحل، هي على النحو التالي: –
1 – المرحلة الأولى مرحلة النظريات.
بدأت هذه المرحلة على يد (آدم وايزهاوبت) أحد رجال الدين المسيحي، وأستاذ علم اللاهوت في جامعة (انغولد شتات) الألمانية، الذي يقال إنه ارتد واعتنق الإلحاد، فأصبح كتلة من الشر والخبث، وفي عام 1770م، اتصل به كبار المرابين اليهود في ألمانيا، وكلفوه – كما يقول المؤلف – بإعادة صياغة بروتوكولات حكماء صهيون، على أسس حديثة، بحيث يمكن من خلالها، رسم خطة محكمة للكنيس الشيطاني، ليسيطر على العالم، ونشر عقيدة الإلحاد والشر بين البشرية جمعاء، وتدمير الشعوب والأمم.
وقد أنهى (وايزهاوبت) هذه المهمة – كما يقول المؤلف – عام 1776م، بإعداد مخطط دموي وحشي، ضمَّنه الأهداف التالية: –
1 – تدمير جميع الحكومات الشرعية، وتقويض الأديان السماوية كافة.
2 – تقسيم الغوييم إلى معسكرات متنابذة، تتصارع فيما بينها بشكل دائم.
3 – تسليح هذه المعسكرات بمختلف أنواع الأسلحة، وإشعال فتيل الصراعات والحروب بينها.
4 – بث سموم الشقاق وبذور النزاع، داخل البلد الواحد، وتمزيقه إلى فئات متناحرة ومتباغضة، ليسهل بعد ذلك تقويض مقومات المجتمع الدينية والأخلاقية والمادية.
5 – بعد تدمير المجتمعات يمكن تحطيم الحكومات الشرعية بسهولة، وهدم الدين والأخلاق والفكر، ونشر الفوضى والفسق والإلحاد.
ومن أجل إنجاز تلك المهمة، قام (وايزهاوبت) بإنشاء وتنظيم وقيادة المحفل الماسوني، المسمى (جمعية حكماء صهيون)، وأُطلق على أعضاء هذه الجمعية، والمنتمين إليها (النورانيين)، مدعياً أن هدفه من ذلك، هو العمل على تكوين حكومة عالمية واحدة، مكونة من الأشخاص ذوي الكفاءات والطاقات الفكرية الأولى، بغض النظر عن الجنس والدين والعرق، وإلغاء كل تلك الانتماءات، وتذويبها في هوية جديدة وانتماء جديد، هو (النواريين).
وتتخلص خطوات تنفيذ هذه المؤامرة في النقاط الآتية: –
1 – العمل على إفساد المجتمعات، بالرشوة والجنس والشذوذ الأخلاقي، وكل الوسائل والطرائق الممكنة، لإخضاع أبرز الشخصيات وقادات المجتمع، والإيقاع بهم، ثم ابتزازهم وتهديدهم، وإخضاعهم لخدمة أهداف المشروع الصهيوني.
2 – تجنيد الأعضاء النورانيين الأساسيين وأعوانهم، ممن يعملون في مجال التدريس بمختلف مستوياته، من أجل استقطاب الطلاب، ذوي المستويات العالية من الذكاء، والعقول النظيفة المبتكرة، وتجنيدهم ضمن المحفل النوراني، بعد تشجيعهم على الاستهتار بالقيم والمثل العليا، والتمرد على الدين والأخلاق.
3 – تكليف من تم استقطابهم وتجنيدهم، من أولئك الطلاب، وإسقاطهم في شباك النورانيين، بنشر كل ما تعلموه في بلدانهم.
4 – توظيف جميع أجهزة الصحافة والإعلام، في خدمة أهداف النورانيين الهدامة، والسعي بكل الوسائل للسيطرة على وسائل الإعلام، من خلال دعم أعضائها، العاملين في هذا المجال، ووضعهم في أماكن القيادة والسيطرة.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

سقوط أكاذيب أمريكا من الحرية الإنسانية إلى الحرية الاقتصادية..!!

 

 

أثناء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي دارت رحى حرب آيديولوجية بين النظامين، تباهت أمريكا والغرب من ورائها بالنظام السياسي الرأسمالي القائم على مبدأ الحرية في كافة نواحي الحياة، الحرية السياسية التي تحمي حرية الرأي والتعبير وتخلق بيئة التعدد والتنوع الفكري، والحرية الاقتصادية التي تقوم على السوق الحرة باعتبارها مضمار تنافس يولد إبداعات، والسوق الحرة توفر بيئة آمنة وجاذبة للاستثمارات.
وإثر سقوط الاتحاد السوفيتي واستفراد أمريكا بقيادة العالم، صار نظامها الاقتصادي القائم على حرية السوق مفروضاً على العالم، وألزمت دول العالم أن توقع على اتفاقية التجارة الدولية والانضمام إلى منظمة التجارة الدولية “الجات”، كما فرضت على العديد من الدول برامج الخصخصة وإلغاء أي قوانين حمائية، بموجبها تم تحرير الأسواق وفرض تعرفة ضريبية موحدة على مختلف السلع.
لقد وضعت ضوابط وقواعد وألزمت دول العالم على القبول بها، وعند صعود ترامب للرئاسة في الدورة الأولى أخذ يتنصل عن هذه الاتفاقيات ويفرض رسوماً ضريبية على كثير من السلع بالمخالفة لاتفاقية التجارة الدولية، كما أخذت أمريكا الترامبية تتنصل عن اتفاقية المناخ والعديد من الاتفاقيات الدولية، وحالياً يواصل ترامب نفس السياسات، لا بل أخذ يتوسع فيها.
ويمكن القول إن أمريكا التي وضعت ضوابط وقواعد ألزمت بموجبها العالم، العمل بمقتضاها باتت اليوم تقود انقلاباً عليها، لا بل أن الاقتصاد الذي كانت تتباهى به خلال الحرب الباردة القائم على فكرة الحرية الفردية وحرية السوق تنصلت عنه، وباتت تتخذ سياسات اقتصادية حمائية وتؤسس لنظام رأسمالي شمولي.
ومن المعروف أن الاستثمارات عبارة عن رؤوس أموال تنتقل طوعياً إلى هذه السوق أو تلك بناءً على توفر بيئة آمنة تشجع أصحابها على الاستثمار فيها.
ولقد سعت كثير من الدول ومن خلال حكوماتها أن تضع قوانين غايتها توفير بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية، ولأجل ذلك أنشأت هيئات للاستثمار تهتم بهذا الأمر.
وكانت رؤوس الأموال تذهب إلى هذه البيئة أو تلك بشكل طبيعي وفق تقديرات أصحابها أو من خلال الاستعانة بمراكز دراسات متخصصة تهتم بدراسة البيئات الاقتصادية، تقيس مخاطر الاستثمار فيها وتقدم نصائحها لرؤوس الأموال.
حاليا وفي مرحلة ترامب، فلم يعد استثمار رؤوس الأموال تحددها آليات السوق الحرة، بل يتم فرضها عبر الابتزاز والتنمر السياسي.
مؤخراً فرض ترامب على المملكة مثلاً أن تستثمر تريليون دولار خلال أربع سنوات داخل أمريكا بالأمر، لقد فقدت رؤوس الأموال حريتها في الانتقال، وصار الابتزاز والتنمر السياسي يتحكم بحركتها.
مع أن أمريكا التي أخذت توزع عقوباتها على دول العالم واحدة تلو الأخرى وتجمد أو تصادر أحيانا أرصدتها المالية، كما حدث مع إيران منذ عقود ومع روسيا أثناء الحرب مع أوكرانيا، حيث تم مصادرة أصول روسية داخل أمريكا، وما جرى حالياً مع الصين، إذ حكمت محكمة أمريكية بأن بكين أخفت الحقيقة بشأن كوفيد-19 وأمرت الحكومة الصينية بدفع 24 مليار دولار، وأنه سيجري انتزاعها من أرصدة الصين في البنوك الأمريكية.
بالإضافة إلى الوقائع السابقة، فإن التضخم والدين الأمريكي العام الذي بلغ مستويات قياسية ويتصاعد 36 تريليون دولار وتصاعد هذا الدين العام بوتيرة متسارعة.
وعليه فإن هذه الوقائع السابقة كلها تؤكد – بما لا يدع مجالاً للشك – أن لا بيئة استثمارية آمنة في أمريكا، والسوق الأمريكية في مثل هذه الأوضاع ينبغي أن تثير مخاوف المستثمرين.
بالمختصر.. أمريكا دولة مارقة لا تلتزم بعهود ولا مواثيق ولا تحترمها، فما الذي يضمن عدم مصادرة الاستثمارات الحالية مستقبلاً عند أبسط خلاف سياسي أو اقتصادي أو ذهاب الرئيس الحالي ومجيء رئيس آخر، وما الذي يضمن عدم تعرض أصحاب رؤوس الأموال لعقوبات من أي نوع تحت أي ذريعة، خصوصاً أن أمريكا لديها سوابق؟!.

مقالات مشابهة

  • العالم عبارة عن مزيج من الثقافات الإنسانية
  • بلدية الأصابعة تصدر بياناً حول الحرائق التي أصابت المدينة
  • سقوط أكاذيب أمريكا من الحرية الإنسانية إلى الحرية الاقتصادية..!!
  • جوتيريش: خفض المساعدات الإنسانية من قبل أمريكا ودول أوروبية جريمة
  • غوتيريش: قطع أمريكا ودول أوروبية المساعدات الإنسانية "جريمة"
  • الرؤية الروسية للفكر الاجتماعي والاشتراكية في أدب دوستويفسكي.. قراءة في كتاب
  • الحقلة 13 من مسلسل “إخواتي”.. كندة علوش في ورطة بعد اكتشاف زوجها أنها وراء مقتل ربيع
  • بين دفتين كتاب المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة..
  • خان يونس: الشرطة تُوقف المشتبه به في جريمة مقتل أحد المواطنين
  • اثينا الحلقة 12.. سوسن بدر وراء سرقة مشروع اثينا