لم يدخل الشهر الكريم على أهالي قطاع غزة كما كانوا يعهدونه سابقًا؛ فأكثر من 2 مليون مواطن غزوي يعيشون ويعاصرون حرب إبادة، لتتبدل فرحة شهر الخير والبركات بأنين الفقد والحوجة والحسرة؛ حتى علت أصوت الجوع وصراخ الألم والفقد صوت الآذان؛ في خضم حرب ضروس تحصد أرواح آلاف المدنيين العزل وحصار مُحكمٍ بقبضة من النار والحديد يأبى أن يجُود بالحد الأدنى من الحياة الإنسانية.

. “البوابة نيوز” تحدثت مع عدد من المواطنين في شمالي وجنوب ووسط غزة بعد مرور أسبوع من شهر رمضان ونحو 165 يومًا من العدوان الإسرائيلي. 

 الاحتلال الاسرائيلي اتخذ من شاحنات الطحين والمساعدات مصيدة لقتل المدنيين

"ما يُظهره الفيديو والبث المباشر لغزة ما هو إلا جزء بسيط جدًا من الفاجعة التي نعيشها ليل نهار في الشمال" بتلك الجملة يُحاول المواطن الغزاوي إياد عبدالغفور تقريب الصورة الحقيقية لـ"البوابة"  للوضع الكارثي الذي يعيشه الآلاف في قطاع غزة بعد نحو 165 يومًا من العدوان. 

ويقول "عبدالغفور": فصل الاحتلال قطاع غزة جغرافيًا بشكل عرضي؛ ودائمًا يتواجد بشكل جنوب مدينة غزة بعد أن أقام حواجز ثابتة لمنع تنقل المواطنين بين شمال وجنوب غزة؛ وتتمركز قوات الاحتلال بمنطقتي "النابلسي والكويت" والتي عُرفت مُؤخرًا بمسرح المجازر إذ يستهدف الاحتلال المدنيين الذين ينتظرون شاحنات المُساعدات وقد تجاوز عدد شهداء "مجازر الطحين أومجازر الأفواه الجائعة" أكثر من 300 شهيد.

الناس فى غزة يأكلون علف الحيوانات وأوراق الأشجار والحشائش

ويُضيف "عبدالغفور"  والمُقيم بخان يونس، العيش في غزة بات بين أمرين إما أن تقبل الموت بقذيفة أو قناصة وإما أن تنتظر الموت جوعًا؛ فنحن في مدينة غزة وشمالها استنفذت لدينا كل مُقومات الحياة، لا أكل ولا ماء صالحا للشرب ولا دواء ولا حياة في الأساس؛ حتى أن شاحنات الطحين والمساعدات اتخذ منها الاحتلال مصيدة لقتل المدنيين؛ فلجأ الناس لطحن حبوب الحيوانات لأكل الكبار وأوراق الأشجار والحشائش والخُبيزة لإطعام الصغار؛ ورغم ذلك أودى سوء التغذية بحياة 27 طفلا في شمال غزة فقط؛ أما في رمضان فعند آذان كل مغرب يبقى لسان حالنا "لم يذهب الظمأ ولم تبتل العروق، وثبت الأجر إن شاء الله".

لم يختلف الواقع كثيرًا في وسط وجنوب قطاع غزة؛ حسبما يُشير "إياد" في حديثه لـ "البوابة" بسبب حالة النزوح والتهجير التي فرضها الاحتلال وخصوصا في مدينة رفح التي تئن أرضها بما تحمل من كم هائل من البشر؛ فكمية المساعدات التي يتم دخولها لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات؛ ناهيكم عن طبيعة العيش في مراكز الإيواء والخيام؛ وأصبح الحصول على قوت اليوم المطلب الأهم  وكل شيء يحتاج للوقوف بالساعات في الطوابير، وفي النهاية لا تحصل على شيء. 

الحرب دمرت كل شىء.. وحرمتنا فرحة رمضان.. وزادت الآلام والحسرة

أما في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح والذي يستقبل الآلاف من النازحين؛ تُعرب سارة أبواليزيد عن أمنيتها التي كانت تأملها في رمضان 2024 قائلة: "كان نفسنا ييجي رمضان ويتم وقف إطلاق النار لأرى عائلتي مرة أخرى بعد تشرد دام لأكثر من 5 أشهر على التوالي؛ نجتمع على طاولة إفطار وسحور سويًا ومن ثم نؤدي صلاة التراويح ونعيش روحانيات الشهر الكريم؛ ولكن الحرب دمرت كل شيء وحرمتنا الفرحة وزادت الآلام والحسرة. 

وتُضيف قائلة: "هنا في مستشفى شهداء الأقصى لا تأتي المساعدات حتى في رمضان؛ لا مأكل ولا مشرب ولا نرى هنا شيئا سوى المرض والقهر والحسرة والصراخ؛ نهار رمضان يُشبه ليله في الحوجة والألم وأزيز الطائرات وخوف القصف والقنص وسط حرمان لا يتوقف مع آذان المغرب". 

اختفى صوت آذان المغرب فى غزة وعلت أصوات القصف وأزيز الطائرات

ما سردته "سارة" عن أهوال الحرب  ومشقة الصيام في خيمة النزوح بمستشفى شهداء الأقصى بغزة؛ أكدته أيضًا "أم محمد" في حديثها لـ "البوابة" بقولها: نعيش أصعب أيام حياتنا في ظل الحرب والعدوان الإسرائيلي؛ فرمضان كان يأتي بسلام واطمئنان؛ ولكن هذا العام جاء بحرب وإبادة لا تتوقف.

ولفتت إلى أن كسرة الخبز ليس من السهل الحصول عليها للإفطار؛ حتى أن شكل اللحم والدجاج تم نسيانه فقط كل ما نذكره ونعرفه هو آلام الفقد والاستشهاد والحوجة والألم والحسرة؛ بعد أن اختفى صوت آذن المغرب في غزة وعلا صوت القصف وأزيز الطائرات وقصف المدفعيات. 

نهار رمضان يُشبه ليله في الحوجة والألم وخوف القصف والقنص والحِرمان

يُقول "زين العابدين" والنازح أيضًا بمستشفى شهداء الأقصى في حديثه لـ "البوابة": نزحت بعيدًا عن أسرتي منذ أكثر من 160 يومًا ولا أعرف أين هم؟ بعد أن قطعت الحرب الأوصال وفرقت الشمل؛ وكانت أمنيتي أن تجمعنا سفرة طعام واحدة في رمضان تحتوي على مياه وتمر؛ لكن الاحتلال أبى أن تجتمع أسر على إفطار يوم واحد في رمضان وهو أدنى مطالب الروح الآدمية؛ فالفقد والحوجة هو أبرز طقوس رمضان 2024 فلا فرحة وعيش ولاعادات وتقاليد ولا روحانيات حتى المساجد هدمها الاحتلال؛ بعد دمار يفوق الخيال استمر لأكثر من 160 يومًا. 

أما النازح من بيت حنون لدير البلح "إبرهيم" والبالغ من العمر 30 عامًا؛ فيؤكد لـ "البوابة" أنا ما شهده منذ السابع من أكتوبر هو أسوأ أيام حياته؛ فلا ينقضي يوم دون دماء وقصف؛ دون كسرة خبز تأوينا ولا ماء تروينا؛ حتى النوم في العراء دون غطاء، مختتمًا حديثة بقولة: "هذه أسوأ أيام عمري على الإطلاق". 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: رمضان في غزة مجازر الطحين أهوال الحرب حرب غزة العدوان على غزة القدس رمضان 2024 في غزة شهداء الأقصى فی رمضان قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

شهداء بغارات إسرائيلية على قطاع غزة في ثاني أيام عيد الفطر

تواصل آلة القتل الإسرائيلية ارتكاب المجزرة تلو المجزرة، لليوم الرابع عشر، منذ استئناف العدوان المستمر  على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.

وأفادت شبكة "الجزيرة"، نقلا عن مصادر طبية في قطاع غزة بارتقاء 11 شهيداً في مناطق مختلفة بالقطاع منذ فجر ،اليوم الاثنين، جراء القصف الإسرائيلي.

وبذلك ارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة، منذ فجر أمس الأحد، إلى 76 فلسطينيا معظمهم من النساء والأطفال إثر غارات إسرائيلية استهدفت مناطق عدة من القطاع.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند شهداء بغارات إسرائيلية على قطاع غزة في ثاني أيام عيد الفطر وفاة النجم التركي فولكان كوناك على المسرح عن 58 عامًا.. فيديو وجبات فطور لأول أيام عيد الفطر اقضي أجمل إجازة عيد الفطر 2025 في شرم الشيخ بعد تبرئته من تهمة التحرش الجنسي..آلفيس يسعى للانتقام من ناديه السابق Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • حوارات ثقافية| عن معرضه «دروب حانية».. الفنان ماهر جرجس لـ«البوابة نيوز»: استلهمت بعض لوحاتى من الفن المصرى القديم.. وأميل الى الألوان الساطعة والوضوح دون الإخلال بالقيم التشكيلية
  • الفنان ماهر جرجس لـ "البوابة نيوز": النقد الجاد الذي يستند على الدراسة والعلم هام للحركة التشكيلية
  • حنان شومان لـ"البوابة نيوز": جودة العمل هي العنصر الأهم في جذب المشاهدين
  • شهداء بغارات إسرائيلية على قطاع غزة في ثاني أيام عيد الفطر
  • الفنان ياسر عزت في حواره لـ«البوابة نيوز»: أدواري في «إش إش» و«أشغال شقة جدا» بين التشويق والكوميديا.. «الشرنقة» تكشف خبايا غسيل الأموال.. وشخصيتي الحقيقية في انتظار دور يشبهني
  • كما انفردت البوابة نيوز.. رابطة الأندية تعدل عقوبات الأهلي بعد أزمة لقاء القمة
  • ميرفت أمين لـ«البوابة نيوز»: اخترت «جوما» لرمضان لأنني أبحث عن تقديم الأعمال المختلفة للجمهور
  • محافظ الدقهلية لـ "البوابة نيوز": العمل الميداني سر النجاح وتقديم الخدمات وتوفير بيئة معيشية أفضل للمواطنين هدفي الأول.. طارق مرزوق: لا أعمل منفردا ولكنى فرد من ضمن أبطال وهم التنفيذيون وعمال النظافة
  • حماس توافق على مقترح بالتهدئة.. وإسرائيل تقدم بديلا
  • ليست مجرد حكاية عن أب وابنته.. «البوابة نيوز» تنشر حكايات من المتوالية القصصية "بنت أبوها" للكاتبة غادة عبدالرحيم