توفيت في العاصمة صنعاء، زوجة الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني، الأستاذة فتحية إسماعيل الجرافي، بعد معاناة مع المرض، وعن عمر ناهز الثمانين عامًا.

 

وقالت مصادر متطابقة، إن أرملة الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني، توفيت الإثنين في صنعاء، متأثرة بمرض عضال ألم بها.

 

وأشارت المصادر إلى أنه سيتم مواراة جثمان المتوفية فتحية الجرافي بمقبرة "ماجل الدمة" الغربية، بعد الصلاة عليها في جامع حجر بشارع حدة، بعد صلاة فجر اليوم الثلاثاء.

 

ونعى يمنيون وأدباء ومثقفون الراحلة فتحية الجرافي أرملة شاعر اليمن الكبير البردوني.

 

وكانت الفقيدة من أوائل الجامعيات اليمنيات المبتعثات للدراسة في القاهرة، حيث تعلمت واكتسبت الخبرة والمعرفة قبل عودتها لليمن، وبعد عودتها لليمن مارست معظم الأنشطة التربوية والتعليمية، وكانت مربية فاضلة وناشطة نسائية عملت لسنوات طويلة بصمت وإخلاص، وأسست الكثير من المشاريع التطوعية والمؤسسات التربوية والخيرية.

 

فتحية الجرافي، هي الزوجة الثانية للشاعر عبدالله البردوني، ومثلت في حياته السند والعون والكيان الداعم الوحيد، كان يناديها الأستاذ البردوني "فتّوحة" فأحبّت فتحية هذا الاسم، فيما هي لم تكن تناديه إلا بصفته المتعارف عليها بـ "الأستاذ".

 

وفي إحدى مقابلاتها الصحفية قالت فتحية الجرافي عن زوجها الراحل: "سيبقى وفائي أبدي للفقيد البردوني الذي كان يمنحني جُل اهتمامه خلال حياتنا الزوجية".

 

وتزوّج البردوني من فتحية الجرافي في العام 1976، إبان حُكم الرئيس إبراهيم الحمدي لما كان يُعرف بـ "الجمهورية العربية اليمنية". وهي الزوجة الثانية للشاعر، بعد وفاة زوجته الأولى "فاطمة الحمامي".

 

وتعرف البردوني على الراحلة فتحية الجرافي، عندما كان مديراً للبرامج بإذاعة صنعاء، وهي مديرة لمدرسة "بلقيس" المجاورة للإذاعة، إذ كانت طالباتها يطلبن منها سماع البردوني وهو يُلقي الشعر.

 

ووصفت الراحلة "الجرافي" زوجها البردوني، بالمحبّ والدودّ والكريم، وأنها لم تختلف معه خلال حياتهم الزوجية. ويظهر حبه لزوجته في قصيدة "جلوة" التي نسجها لها عام 1978.

 

ورافقت "الجرافي" زوجها في معظم سفرياته لحضور مؤتمرات شعرية وغيرها.

 

وبعد رحيله، واجهت "الجرافي" العديد من الخلافات، وعاشت بلا راتبها التقاعدي، والذي توقف منذ فترة ضمن مرتبات جميع المتقاعدين الموقوفة منذ سنوات.

 

عبد الله صالح حسن الشحف البَرَدُّوْنِي (1929 - 30 أغسطس 1999) شاعر وناقد أدبي ومؤرخ ومدرس يمني تناولت مؤلفاته تاريخ الشعر القديم والحديث في اليمن ومواضيع سياسية متعلقة ببلده والثقافة الشعبية أبرزها الصراع بين النظام الجمهوري والملكي الذي أطيح به في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 وغلب على قصائده الرومانسية القومية والميل إلى السخرية والرثاء وكان أسلوب ونمطية شعره تميل إلى الحداثة عكس الشعراء القبليين في اليمن.

 

ولد البردوني عام 1929 في قرية البرَدُّون في محافظة ذمار وأصيب بالجدري الذي أدى إلى فقدانه بصره وهو في الخامسة من عمره، ولُقب على أثر ذلك بمعرّي اليمن نسبة إلى الشاعر الأعمى أبي العلاء المعري تلقى تعليمه الأولي في قريته قبل أن ينتقل مغتربًا عن أسرته إلى مدينة ذمار ويلتحق بالمدرسة الشمسية الزيدية المذهب.

 

بدأ اهتمامه بالشعر والأدب وهو في الثالثة عشر من عمره ودأب على حفظ ما يقع بين يديه من قصائد وانتقل إلى صنعاء في أواسط العشرينيات من عمره ونال جائزة التفوق اللغوي من دار العلوم الشرعية أدخل السجن في عهد الإمام أحمد بن يحيى لمساندته ثورة الدستور عام 1948، وفق ويكبيديا.

 

للبردوني أعمال لم تطبع في حياته، طبعت منها الهيئة العامة للكتاب في صنعاء ديوانين في كتاب واحد حمل عنوان: "رحلة ابن شاب قرناها" و"العشق في مرافئ القمر"، وأثارت جدلاً في الوسط الثقافي اليمني شكاً في صحة نسبتهما إليه، رغم تأكيد أقرباء البردوني على ذلك.

 

وله أيضاً كتب مفقودة ذكرها البردوني في حياته ويعتقد إنها أخفيت من قبل نظام علي عبدالله صالح، أي كتاب الجمهورية اليمنية، وله أيضاً كتاب نقدي مفقود هو كتاب الجديد والمتجدد في الأدب والنقد وكتاب ثوار في رحاب الله وهو برنامج إذاعي يتحدث فيه عن شخصيات مغمورة من ابطال ثورة سبتمبر 62، غير أن زوجة الشاعر البردوني نفت حقيقة تلك الشائعات، وكشفت حقيقة الأمر، بالقول: "لم يكن لديه سوى ديوانين مخطوطين، و لم يطبعا حتى اليوم، الأول بعنوان رحلة من شاب قرناها، والثاني العشق على مرافئ القمر، وقد أخذتهما بعد رحيله من البيت وخبأتهما عند الحاج محمد الشاطبي، أحد أهم كتَبَة الأستاذ، وهو صديق وجليس دائم للأستاذ، وامتدت صداقتهما تقريباً 50 عاماً، بحيث كان يلازمه غالبية أوقاته، أما بقية الكُتب التي يقال إنها مازالت مخطوطة، هي مقالات كان الأستاذ ينشرها في عدد من الصحف المحلية"، وله أيضاً رواية مخطوطه بعنوان العم ميمون، وقد طبعت له الهيئة العامّة للكتاب في صنعاء أيضًا كتاب بعنوان "مستطرف معاصر" بالتعاون ماليًّا مع مؤسسة شعراء على نافذة العالم للثقافة والإبداع.

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: البردوني ثقافة اليمن الشعر ذمار عبدالله البردونی ی الیمن

إقرأ أيضاً:

قراءة موازية في كتاب (الجهاد الأمريكي من كابول إلى إسطنبول) للكاتب والباحث عبدالله علي صبري

 

محمد مهيوب

عن اتحاد الكتاب العرب – دمشق – صدر كتاب (الجهاد الأمريكي من كابول إلى اسطنبول) للأستاذ/ عبدالله صبري، صاحب الباع الطويل في الدراسات الفكرية والسياسية، التي تميزت بالموضوعية، وعمق التحليل في قوالب صحفية، تجمع بين رصانة البحث الأكاديمي، واللغة القريبة من أفهام الناس، بمختلف درجاتهم الثقافية والعلمية.
قرأت الكتاب ففتح عينيّ على آفاق جديدة لم أقف عليها قبلاً بهذا الخصوص لأخرج بهذه القراءة الأفقية المتواضعة، لهذا الإصدار الاستراتيجي المهم الذي يستقصي منابت التطرف ومكامن الإرهاب والمنطقة الرخوة التي استخدمها العدو لزراعة هذه الآفة وسط المسلمين، والتي استنزفت الإسلام بشريا، وروحيا، و قيميا، وأخلاقيا، ومادياً وكيف تم إلصاقها بهذا الدين الحنيف؟
وأحسب أن الكاتب قد أحاط بمعظم تعقيدات المشكلة وأشبعها تفكيكاً وفحصا وتشخيصاً وتوصيفاً للحلول.
البداية من العنوان الساخر الرصين «الجهاد الأمريكي» فهاتان الكلمتان يتولد عنهما أسئلة بديهية كبيرة شكلت في مجملها محور الفصل الأول والثاني والثالث من الكتاب.
هذا العنوان رسم صورة كاريكاتورية لجهاد إسلامي مزعوم ترعاه أمريكا عدوة الإسلام والمسلمين الأولى في العالم.
كيف يقتنع عربي مسلم -له سمع وبصر- أن أمريكا ممكن أن تدعم الجهاد؟ وهي التي تصنفه إرهاباً!!
كيف استطاع العدو الإمبريالي فك الشفرة الإسلامية وصناعة هذه الجماعات الراديكالية في قوالب إسلامية وإعادة حقنها في الوسط الإسلامي وإدارتها في الحروب من أجل مصالحه بذريعة الحرب على الشيوعية والإلحاد وحتى الرافضة والصفوية والتمدد الفارسي المزعوم! بل وحتى القتال من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أحياناً كما رأينا في سوريا!
الإمبريالية الأمريكية المتصهينة تستخدم هذه الجماعات استخداماً مزدوجاً فهي تقاتل بها أعداءها كالسوفييت في أفغانستان ومحور المقاومة اليوم في سوريا ومن ناحية أخرى تستخدمها ذريعة لإدانة الإسلام والمسلمين وتعزيز الخطاب الاستشراقي الصهيوني المتطرف الذي يرمي الإسلام بالتطرف والإرهاب حصراً.
وفي الحقيقة شكلت داعش والنصرة والقاعدة فيلماً وثائقيا مفبركاً عن نظرة الصهيونية الغربية لما ينبغي أن يكون عليه الإسلام والمسلمون، وأصبح كل الكتاب والمفكرين الصهاينة يتحدثون عن الإسلام وتاريخه وقيمه وتعاليمه من خلال عمليات داعش والقاعدة في سوريا والعراق.
كيف استطاعوا استزراع هذه الجماعات بين المسلمين؟
الأصل أن المجتمع الإسلامي بكل مدارسه الفكرية محصّن ضد هذا النوع من الاختراق وينظر لكل ما يصدره العدو الإمبريالي الصليبي بريبة وتوجس لكنهم بحثوا عن فكر قصي منبوذ في المجتمع الإسلامي حتى وهو يمتلك ثروة نفطية هائلة وهو الفكر الوهابي المرفوض في كل المدارس الإسلامية حتى المدرسة الحنبلية نفسها ترفض وتدين هذا المذهب الذي لم ينشأ في المساجد، ودور العلم والمعرفة كبقية المدارس الإسلامية وإنما نشأ وتخلق في بيئة من التوحش والحروب والغزوات والصراعات والمؤامرات الدولية في البداية مولته بريطانيا لضرب العثمانيين فقام بتكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأعراضهم وهنا نستشهد باعتراف الشيخ الوهابي عادل الكلباني إمام الحرم المكي السابق الذي قال في مقابلة له على قناة ام بي سي السعودية (إن داعش طبقت فكر محمد بن عبد الوهاب بحذافيره ولم تأت بجديد.)
صحيح أن الوهابية بنيت على تفسيرات ابن تيمية وابن القيم المتشددتين للمذهب الحنبلي والإسلام عموما لكنها أضافت إليها الكثير من المغالطات لتبرير تكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
وهناك قضية خطيرة دائما يرددها الوهابيون وهي أن أهل الكتاب أقرب لهم من عموم المسلمين الذين عادوا إلى الشرك، وعبادة القبور- حسب زعمهم- كما في رسالة كشف الشبهات لابن عبد الوهاب، وقد استوحى هذه الفكرة للأسف من مقولة لابن تيمية في الفتاوى يقول عن جماعة من الإسماعيلية هم أكفر من اليهود والنصارى ومشركي العر وكرر هذه الجملة بصيغة قريبة من هذا اللفظ عند حديثه عن الشيخ الصوفي الكبير ابن عربي وبهذا تصبح الوهابية المرشح الأكثر قبولاً لدى المخابرات الأمريكية للقيام بالمهمة في حضانة هذا المسخ التاريخي المسمى الإرهاب بكل تناقضاته الايدولوجية.
هناك أيضا حديث ضعيف يصححه الوهابيون للأسف أن النبي صلى الله عليه وآله قال إنكم ستحالفون الروم وستقاتلون معاً عدوا في الشرق وتنتصرون عليه) هذا الحديث استخدم بكثرة أيام الجهاد الأمريكي حسب تعبير الكاتب في أفغانستان ويستخدم اليوم لتهيئة الأجواء ربما لحرب إقليمية كبرى بين الدول العربية المتحالفة مع أمريكا وإسرائيل، على ضفاف الخليج والجمهورية الإسلامية في إيران من يدري؟
لقد نجح العدو الأمريكي في توظيف الوهابية العالمية بكل ما تمتلك من ثروات وأموال لإبعاد المسلمين أولاً عن قضية فلسطين وتوجيه دفة الجهاد بعيداً عنها.
إفراغ الجهاد من معناه الإسلامي وتحويله إلى حروب وكالات ممولة استخباراتياً من دول الغرب كما يعترف صاحب كتاب إدارة التوحش.
خلق حروب مشبوهة مع نصارى الشرق الأرثوذكس الأقرب مودة للمسلمين حسب القرآن الكريم ، فالمعلوم تاريخياً أنه عند نزول الآية الكريمة (لتجندهم أقرب الناس مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) إنما نزلت في النصارى الشرقيين وقبل تأسيس مذهب الكاثوليك الذي انشق عنه البروتستستانت فيما بعد وهما المذهبان الذين عليهما اليوم معظم الدول الغربية تقريبا، بينما الشرق على الأرثوذكسية الشرقية التقليدية، لقد ورطوا المسلمين بشبابهم وثرواتهم في حرب طاحنة مع الروس الذين كانوا إلى حد ما ينحازون للقضايا العربية ولا استبعد العمل مستقبلا على توريط المسلمين في حرب مع الصين وربما كوريا الشمالية بدعوى الجهاد من خلال هذه النابتة التي تدعى الوهابية بمختلف جماعاتها وتحاول اختطاف الإسلام.
الأخطر أن كثيراً من العرب والمسلمين، مثقفين، وعلماء، وكتابا، وحكاما ومحكومين، يقتنعون في كل مرة أن هذه الحرابة وهذا العبث الإجرامي وهذا الاختراق الاستخباراتي الغربي، فعلاً جهاد إسلامي في سبيل الله والمستضعفين في الأرض حسب التأصيل الإسلامي لهذه الفريضة العظيمة المفترى عليها حسب تعبير الأخ العزيز عبدالله صبري بكل أبعادها الأخلاقية والإنسانية والوطنية والقومية والتاريخية.
أليست هذه هي الكوميديا السوداء بكل ما تعنيه من معنى؟ كيف تم توظيف قدرات الخليج العربي وثرواته لمحاربة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان حيث تم صناعة هذه الجماعات المتطرفة في بيئة من التوحش وغسل الأدمغة، وتم تجنيد رجال دين وصحافيين ومفكرين يومها لشرعنة هذا النوع من العبث الذي سمي جهاداً ثم بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وزغاريد الأمريكان بانتصارهم تكشفت الأوراق بعودة الأفغان العرب إلى أوطانهم بكل هذا العنف والتوحش والتطرف والإجرام الذي أحدث مشكلة حتى في البيئة الوهابية المتطرفة نفسها.
السعودية مثلا التي تولت كبر هذه الفرية على الجهاد عانى شعبها وذاقت من التفجيريات والاغتيالات والتطرف والتكفير من شبابها الذين مولتهم وأرسلتهم إلى أفغانستان للجهاد لصالح أمريكا وليت الأمر وقف هنا بل راحت أمريكا تحمل السعودية نفسها تبعات الإرهاب والتطرف وما تزال إلى اليوم تبتز السعودية ماليا بقضية 11 سبتمبر فهناك دعوى مرفوعة في إحدى محاكم نيويورك ضد الحكومة السعودية يطالب فيها محامي عوائل ضحايا سبتمبر وشركات التأمين الأمريكية التي تضررت من أحداث الحادي عشر من سبتمبر بتعويضات تدفعها الحكومة السعودية تتجاوز ترليون دولار أمريكي لهذا نرى السعوديين يخضعون لكل إملاءات أمريكا لأن الخارجية الأمريكية تعدهم بتجميد وتأخير إقامة هذه الدعوى والكشف عن أوراق سرية في ملف 11 سبتمبر لأن القانون الأمريكي يمنح وزارة الخارجية الأمريكية صلاحية تجميد القضايا المرفوعة ضد الحكومات الصديقة للولايات المتحدة في المحاكم الأمريكية الأمر الذي يناقضه قانون جاستا الذي ينص على العدالة لعوائل ضحايا الإرهاب حتى من الحكومات الصديقة لأمريكا.
أصول السعودية وسنداتها وأموالها واستثماراتها المودعة في البنوك الأمريكية الآن أصبحت عرضة للمصادرة في أي وقت وحتى الآن لا تستطيع سحبها ومع هذا ويا للأسف لم تع الدرس و لم تستفد السعودية ولا بعض دول الخليج والعرب للأسف من هذا الإرهاب الأمريكي فعندما أعلنت أمريكا الجهاد في سوريا عام 2011م جندت السعودية كل قدراتها المالية والإعلامية والسياسية للحرب على الدولة السورية ومولت نفس هذه الجماعات المتطرفة ودربتهم وأرسلتهم إلى سوريا للحرب على السوريين، بذريعة نشر الديمقراطية وإسقاط النظام ولعلنا وصلنا إلى ذروة الكوميديا السوداء أن نرى قيادات داعش والقاعدة والنصرة ومن ورائهم السعودية يطالبون بالديمقراطية وحرية التعبير في سوريا!!
نقيض نظرية هنتنجتون
كان المفكر الأمريكي صموئيل هنتنجتون قد دعا صراحة لاتخاذ الإسلام عدواً مباشرا للحضارة الغربية كما في كتابه صراع الحضارات عام 1996م لكن المخابرات الأمريكية واعتمدت عليه إدارة بوش في حروبها بعد الحادي عشر من سبتمبر لكنها وصلت لطريق مسدود فعادت للنظرية الاستعمارية القديمة ضرب الأعداء ببعضهم مع تقمص دور الصديق والحليف أحيانا فعادت أمريكا لترميم علاقاتها مع التنظيمات الإرهابية التي قاتلت في أفغانستان بطريقة غير مباشرة وعن طريق وكلائها في المنطقة.
وفي المقدمة بعض دول الخليج التي أقامت علاقات مباشرة وعلنية مع الجماعات الإرهابية وروجت لهم في قنواتها الإعلامية وكان الهدف الأمريكي هذه المرة ضرب محور المقاومة والبداية من سوريا هناك قضايا سياسية هناك ملفات طائفية ومناطقية وظفوها كلها في الحرب على الدولة السورية بدعم وتمويل وتأييد عربي للأسف الشديد.
غرابة الموقف التركي .. ولكن
إن تمول أمريكا وإسرائيل وحتى السعودية هذه الجماعات الإرهابية في سوريا يبدو الأمر مفهوما جدا من خلال قراءة الحرب الأفغانية وحتى مواجهة ثورات التحرر الوطني التي قامت في النصف الثاني من القرن العشرين يمكننا التنبؤ بسلوك هذه الدول ولأن سوريا كانت ولا زالت قلعة من قلاع المقاومة العربية المناهضة للكيان الصهيوني السرطاني في المنطقة، لكن ما بدى غريبا في البداية حقا هو الموقف التركي فأردوغان كان قبيل 2011م أقرب لمحور المقاومة وكانت تجمعه علاقات طبيعية مع سوريا بعكس السعودية التي كانت منذ قيامها تبني علاقاتها مع الدول الإسلامية تحديداً على أساس طائفي فانقلاب رجب طيب أردوغان على سياسة حزب العدالة والتنمية التي قامت في البداية على التوفيق والموائمة وتصفير المشاكل مع الجوار والتركيز على التنمية والمشتركات الإنسانية مع دول المنطقة بل انقلابه على القيم والمبادئ الدولية التي يجب أن ترتكز على حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وإعلانه الحرب على الدولة السورية ودعم وتمويل هذه الجماعات الإرهابية واجترار الخطاب الطائفي كل هذا بدا غريبا بعض الشيء حتى مع ادعاءات أردوغان أنه يبشر بالديمقراطية فمن يصدق أن جماعة مثل داعش والنصرة رسل ديمقراطية وحقوق إنسان للشعب السوري لا سيما والأحداث في سوريا بدت إرهابية وطائفية وتكفيرية من أول يوم!
لكن تزول الغرابة لو عرفنا أن أردوغان نفسه وإن منح هامشا تسويقا للحديث عن القضية الفلسطينية، والديمقراطية يدور في فلك أمريكا التي تصنع وتحرك كل هذه الجماعات الإجرامية في العالم الإسلامي، فتح أردوغان حدوده الدولية وبنوك الدولة التركية وقنواتها الإعلامية وقاد هذه المجموعات للحرب على سوريا التي صمدت حتى تكسرت تلك الزوبعة الإرهابية على صخرتها الوطنية الصلبة، رغم ما أحدثته من ألم ومآس وقتل واغتصاب وسبي واسترقاق للنساء وجرائم وجراحات لا تمحى من ذاكرة التاريخ، ولأن النار تأكل الأقرب إليها كما يقول غاندي عادت هذه الجماعات التي فشلت في سوريا لتضرب إسطنبول ويصحو أردوغان وسط الإرهاب المحدق به من كل مكان وهذا ما أراده كاتبنا الأستاذ عبدالله صبري في براعة استهلاله للكتاب في الشطر الثاني من العنوان من كابول إلى إسطنبول.
انقلاب السحر على الساحر
بدأ الإرهاب يضرب إسطنبول وأنقرة وأنطاكيا وغازي عنتاب ومختلف المدن التركية
و بدأ الشعب التركي يحمل أردوغان المسؤولية التي نجم عنها تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية غير مسبوقة هددت مستقبله السياسي بل كيان الجمهورية التركية برمته ولا زالت تضرب عميقا رغم محاولات الإصلاح وتجاوز تلك المرحلة التي كادت أن تورط تركيا في حرب مع الروس بعد إسقاط الطائرة الروسية وقتل سفير موسكو لدى أنقرة في عملية إرهابية اخترقت أجهزة أمنية حساسة ثم محاولة الانقلاب العسكري وتوالي الأزمات الاقتصادية والأمنية وانهيار العملة التركية التي يقاتل أردوغان اليوم لإيقافها دون جدوى و نأمل أن تكون تركيا أردوغان قد وعت الدرس.
السعودية لا تتعظ
السعودية رغم أن الإرهاب الذي مولته في سوريا والعراق ارتد عليها من جديد فاكتوت بنفس الجحيم ونفس الإرهاب ونفس التكفير الذي هدد وجودها وسلمها الاجتماعي ومع هذا لم تتعظ ولا زالت تأتمر بأوامر أمريكا وكأنها مأمورة بطاعة عمياء ففي ذروة كارثة داعش الإرهابية التي عاشها العالم بعد أن صنعتها أمريكا بأموال وجهود سعودية وخليجية للأسف، وحملتهم المسؤولية وتبعات الأثر والتأثير تماما كالمرة الأولى وفي الربع الأول من العام 2015م تعلن السعودية جهادا أمريكيا داعشيا جديدا ومن واشنطن مباشرة على اليمن – هذه المرة – فشنت طائراتها الحربية هجمات بربرية ضد المدنيين والأطفال والنساء والأسواق والمساجد والأعراس وصالات العزاء وحتى المقابر والأضرحة لم تسلم من هذا الإرهاب الممنهج وقامت بتمويل نفس الجماعات الإرهابية لقتل وتعذيب المواطنين في المناطق المحتلة بنفس ذرائع داعش في سوريا والعراق “الحرب على الرافضة والتمدد الإيراني الصفوي المجوسي” وبعد 9 سنوات من القتل والإرهاب وقطع الرؤوس وتفجيرات المساجد والأسواق وصلت السعودية لنفس الطريق المسدود الذي وصلته مع الجهاد الأفغاني، وتمويل داعش والنصرة، في سوريا، سعودياً وتركياً وبدأت في محاولة للتكفير عن الذنب بالتنصل تماما عن قيم الإسلام والعروبة والدين والأخلاق والتقاليد العربية لإبعاد التهمة عنها تائهة تبحث عن مخرج من هذا المستنقع الذي وقعت فيه ويبدو أنها لم تع الدرس ولا تزال تتلقى التوجيهات من واشنطن للحرب على المسلمين بدليل موقفها من حرب غزة الإرهابية الجارية اليوم.
فيا لله .. كم كان ذك التدين الوهابي كاذبا، ومخادعاً، وكم كان ذلك التشدد منافقاً، لقد صمتوا صمت القبور عن تغريب ابن سلمان لمجتمع الجزيرة العربية وأمركته وحربه على الفضيلة مؤثرين رشوة الرفاه الاجتماعي والعطاء الملكي على قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي طالما زايدوا به على المسلمين.
يبقى أن أنوه بقدرة الكاتب على الموضوعية والتوثيق المحايد في عرض المادة العلمية رغم أنه اكتوى بنار الإرهاب السعودي الأمريكي وفقد والدته الفاضلة ونجليه (لؤي وحسن) في غارة داعشية على مسكنه في رمضان 1440هـ رحمهم الله وكل شهداء اليمن وعلى الباغي تدور الدوائر وحسبنا الله ونعم الوكيل.

مقالات مشابهة

  • الريال اليمني يختتم تعاملات الأسبوع بسعر صرف جديد في صنعاء وعدن.. السعر الآن
  • وفاة طفلة إثر سقوطها من سطح منزلها بمارب خلال رفعها العلم اليمني
  • تواصل أنشطة وفعاليات ترويج البن اليمني في صنعاء
  • من كتاب «أحاديث السحاب» للكاتب الصحفى الكبير عادل حمودة.. هيكل الاختلاف لا ينفى الإعجاب (2)
  • وفاة الشاعر محمد الشحات الرجحى عن عمر يناهز 70 عاما
  • وفاة الشاعر محمد محمد الشحات عن عمر يناهز 70 عاما
  • حفل توقيع كتاب «فضاء لا يتسع لطائر» للبرلماني اليمني أحمد سيف حاشد
  • الريال اليمني يعاود الانهيار مجدداً في عدن مساء اليوم الأحد(أسعار الصرف)
  • قراءة موازية في كتاب (الجهاد الأمريكي من كابول إلى إسطنبول) للكاتب والباحث عبدالله علي صبري
  • وفاة الشاعر السوداني محمد المكي إبراهيم.. الموت في زمن الشتات ورحيل هرم شعري ناطق