ذهبت لمشاهدة فعاليات المهرجان الرمضاني ( رمضان زمان ) ،والذي أقامته بلدية محافظة أملج بجودة عالية وتنظيم مميز، في البلدة القديمة العتيقة ، حيث عبق الماضي الجميل ، زمان الطيبين وأسواقهم ومساكنهم وعاداتهم وتقاليدهم، والتي شكّلت ثقافتهم وعزّزت وجسدت ترابط الأهالي بروحانية وإنسانية اجتماعية شاملة ،بمكانية الموقع الجميل، وبصفات الكرم الفيّاض والحب والود والتعاطف فيما بينهم، وكأنهم أسرة واحدة ، متجاورين بأبواب مفتوحة في البنايات الطينية المتقاربة والباقية كشاهد تراثي محبوب لسيرتهم الحسنة وقلوبهم الطيبة وتعاملهم الراقي بأخلاقهم المجبولة في نفوسهم بدون تكلف لذلك مازال أثرهم باقياً كشاهد، وجذب سياحي لموقع يحاكي عبق التاريخ بذكريات رمضان زمان،
وفعلاً استطاعت بلدية أملج ،محاكاة الماضي بفاعليات وطقوس وعادات وتقاليد رمضان زمان .
ولأن من سمع ليس كمن شاهد ،وعاش الذكريات بكل تفاصيلها واقعاً خالداً في الذاكرة بالحب والمعايشة، لذلك هنا وفي البلدة القديمة موقع الفاعليات، حضرت ووجدت جهوداً كبيرة قد بذلت ،فالمكان جميل ومكتظ بالكثير ممّن حضر وا ليستمتعوا بفعاليات رمضان زمان .
وأنا أستمتع معهم فيما أشاهد، مررت بجانب المنزل الذي عشت فيه النشأة الاولى أيام الطفولة ،فعندها جاشت واختلطت في نفسي أحلام اليقظة والمشاعر بين فرح وسعادة وتذكُّر وذكريات لشجون الماضي الجميل ،فذهبت إلى الموقع مباشرة، وقبَّلت ذا الجدار وذا الجدار ،وتحديداً ذاك الجدار، فهنا درسنا وتعلمنا قرأنا وكتبنا ، وهناك وفي ذاك الزقاق تحديداً ، وعلى تلك الدًكًة نقشًنا على الجدار حرف الحاء وحرف الباء، على ضوء الإتريك الخافت ، في سكون ليل رمضاني جميل بنجومه، وأهله وناسه ،وأطباقه وبروتوكولاته، ومواقعه في تلك المرحلة، والحقبة الزمانية ،حيث سوق الليل وفرقنا ،والشربيت والبليلة والضاع والسيجة ،والقب واللب والمعكارة والمرديحة والحبلة وطار وإلا بعشه ، وحكايات الراوي والمسحراتي والعسة والمدفع الرمضاني، والتراويح والقيام وصلاة الفجر والشيخ الوقور، والقلعة والأمير، والجمرك والميناء والحواته والبحارة والقارب، والهوري والفنديرة، والجلب والشوار والسفن والسنابيك ،والناس الطيبة ،وأسبح وعوم في البحر، وكلمات ليست ككل الكلمات ، وعلى بركة الله وصوم ياصائم.
وأخيرا ،وفي الختام ،إنها ذكريات رمضان زمان، أتت ومرت كأحلام اليقظة ،وشجون الماضي ،وأحلام الطيف العابر الذي راح ولن يعود، وليته يعود ولو في الأحلام أو المحاكاة ،والتي أتت بشئ من حتّى سيبويه وصوت السًت الجميل”: قًلً للزمان أرجع يازمان”.
lewefe@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: رمضان زمان
إقرأ أيضاً:
بين الماضي والحاضر.. كيف تغيرت العادات والتقاليد الرمضانية في مصر؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعد شهر رمضان من أكثر الشهور أهمية في مصر، حيث يحمل بين طياته روحانيات عظيمة وطقوساً اجتماعية تمثل جزءاً من هوية المصريين، ولكن مع مرور الوقت، شهدت العادات والتقاليد الرمضانية تغيرات ملحوظة سواء على مستوى العبادة أو الحياة الاجتماعية، فبينما كان رمضان في الماضي يتسم بالبساطة والتركيز على العبادة والتواصل الاجتماعي، أصبح اليوم يشهد تغيرات ترتبط بتطورات الحياة العصرية.
في الماضي، كان رمضان في مصر يتميز بتجمعات العائلات في المنازل، حيث كانت وجبات السحور والإفطار تتم بشكل تقليدي وبحضور الأهل والجيران، وكان السحور يتألف من أطعمة بسيطة مثل الفول والطعمية والجبن، وكانت الوجبة غالباً ما تكون محضرة في المنزل دون اللجوء إلى المطاعم أو المحلات التجارية، وكان المسلمون يستيقظون قبل الفجر بوقت طويل لتناول السحور، ثم يتوجهون مباشرة إلى المساجد لصلاة التراويح.
كما كانت الأسواق في رمضان في الماضي تشهد حركة كبيرة، ولكنها كانت تقتصر على الباعة التقليديين الذين يبيعون الحلويات الرمضانية مثل "الكنافة" و"القطايف"، وكان الناس يحرصون على شراء هذه الحلويات من المحلات الصغيرة في الأحياء، في جو من التعاون والمشاركة بين الجيران.
أما في الوقت الحاضر، فقد تغيرت هذه العادات بشكل ملحوظ، فمع دخول التكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح رمضان يتسم بالحركة السريعة، حيث يتم التواصل مع الأهل والأصدقاء عبر الإنترنت بدلاً من اللقاءات المباشرة، كما أن الوجبات في شهر رمضان أصبحت أكثر تنوعاً، حيث أصبح الناس يعتمدون على الوجبات الجاهزة والمطاعم لتوفير الوقت والجهد، مما جعلها أكثر تنوعاً لكن أقل ارتباطاً بالتراث.
أما عن صلاة التراويح، فقد كانت تُؤدى في المساجد الصغيرة في الماضي، وأصبحت اليوم تُؤدى في المساجد الكبيرة وفي بعض الأماكن العامة، حيث تُنظم فعاليات رمضانية تجذب الزوار والمصلين، كما أصبحت بعض القنوات التلفزيونية تخصص برامج رمضانية يومية مع بث العديد من المسلسلات الدرامية التي تحظى بشعبية كبيرة في هذا الشهر، ما أثر على أوقات العبادة وقلل من تفاعل البعض مع الروحانية التقليدية لشهر رمضان.
ورغم هذه التغييرات، إلا أن روح رمضان في مصر لا تزال قائمة، ويظل التراحم والعطاء والمشاركة في الأعمال الخيرية جزءاً أساسياً من الشهر الفضيل، فقد شهدت السنوات الأخيرة تزايداً في الوعي بأهمية العمل الخيري، حيث تنتشر حملات جمع التبرعات للمحتاجين وتنظيم موائد إفطار جماعية، وهو ما يعكس تمسك المصريين بروح شهر رمضان والاحتفاظ بجوهره الروحي والاجتماعي رغم تغير العادات.