يخيل للبعض من الذين أسرفوا على أنفسهم أن الله لا يأبه إلا بالمتقين،و أنه لن يفرح برجوع من بلغوا من الذنوب عتياً،وظلموا أنفسهم ظلماً عظيماً، فذهبت أنفسهم تستصغر الذنب والأجر معاً مهما كانت عظمتهما،وتستنكرعليهم رجوعهم لله عزّ وجلّ ، تيقنهم بأن المغفرة لا تكفي بأن تغمرعثراتهم،ويعود كل ذلك إلى صهوة تمرد إبليس حين أقسم متشدقاً بعزة الله وجلالته حين قال: ( وعزتك وجلالك لأغوينهم مادامت أرواحهم في أجسادهم.
) فأعقب بالبشرى قاسماً جلّ مَن إن أقسم قسماً وفاه تعالى ربنا في علاه قائلاً : (وعزتي وجلالي لأغفرنَ لهم ماداموا يسَتغفرونني)،وهذا وعد إلهي يزفّ بشراه إلى القلوب التي شارفت على القنوط،والمتخبطة بين صراع العودة أو المضي في طريق ليس لهم فيه رفيق سوى الحسرة.
ففي رمضان يكثر المقبلون على الله بصحائف جديدة يعاهدونه بمجاهدة أنفسهم على ترك المحرمات،والإنشغال بالعبادات و إقامة الفرائض،ومزاحمة المعاصي بالطاعات، والسيئات بالحسنات، في صورة مختلفة ومغايرة لنمطيتهم المعتادة طيلة العام، بروازها الندم والخجل،يغلفها الرجاء بالثبات لقلوبهم حتى لو كان فعلهم مؤقتاً وبمثابة احترام لشعيرة هذا الشهر الكريم، فتجد النوايا تفيض بنية الإقلاع في رمضان و لا تحصى، منها نية نواها صاحبها للإقلاع عن سماع الأغاني ، ومنها ناوٍ نوى المحافظة على الصلاة،وغيرها الكثير من الذنوب التي يتمنى أصحابها الخلاص منها بالإقلاع، أو بالإلتزام بالفرائض والمداومة عليها،تلك الرغبة قد تستثير فضول المنشغلين بالخلق عن الخالق، والمتهكمين وكأن ليس للمذنب توبة ،و محرَّم عليه فعل الحسنات، لمجرد عدم استيعابهم لفكرة التّغير للأفضل، وعدم الاعتياد على انضباط ذلك الشخص وصلاحه، فبدلاً من أن تمتد له يد العون التي تشجعه على الاستمرار في طريق الهداية والاستقامة،يتلقى تيارات من الإستهزاء والسخرية والتشكيك،وهجوم يؤكد بعدم استمراره، وتذّكيره بماضيه،وكل ذلك من المستفزات التي تكون سبباً في إعراضه دون عودة،لذلك استوصوا بالتائبين خيراً ، أفرحوا لهم ،وعظّموا أمرهم،لأنهم أحباب الله كما قال:(إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلتَّوَّ ابِینَ).
Wjn_alm@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
هل راية داعش السوداء هي نفسها التي كان يرفعها النبي؟.. «مرصد الأزهر» يوضح الحقيقة «فيديو»
أكدت الدكتورة ابتسام عبد اللطيف، الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن الراية السوداء التي يرفعها تنظيم "داعش" الإرهابي ليست راية النبي صلى الله عليه وسلم، كما يزعمون، بل هي محاولة لاستغلال الرموز الدينية لخداع الشباب واستقطابهم.
وأوضحت الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال حلقة برنامج "فكر"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن الروايات الصحيحة تُثبت أن رايات النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن بلون واحد فقط، بل وردت روايات بأنها كانت بيضاء، وسوداء، وصفراء، وحمراء، ما ينفي ادعاء التنظيمات المتطرفة بأن الإسلام لم يعرف إلا راية سوداء مكتوب عليها "محمد رسول الله"، كما أن استخدام الرايات في الحروب كان تقليدًا قديمًا يسبق ظهور الإسلام، ولم يكن مرتبطًا برمز ديني مقدس كما يروج له المتطرفون.
وأضافت أن هناك اختلافًا واضحًا بين راية النبي صلى الله عليه وسلم والرايات التي ترفعها التنظيمات الإرهابية اليوم، مؤكدة أن أي ادعاء بأن "داعش" أو غيرها من الجماعات المتطرفة يحملون راية النبي هو افتراء محض، كما أن تعدد الرايات بين هذه التنظيمات يثبت تناقضهم، فكل مجموعة تحمل راية مختلفة، ما يدل على أنهم لا يتبعون راية شرعية موحدة.
وحذرت من أن التنظيمات الإرهابية تستغل العاطفة الدينية لدى الشباب، وتخدعهم بشعارات كاذبة، وتوهمهم بأنهم يقاتلون تحت راية الإسلام، بينما الحقيقة أنهم يعملون على تخريب الدول، وإضعاف المجتمعات، ونهب الأموال، وهدم البيوت، وهو ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح، حيث قال: "من قاتل تحت راية عميّة يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية، فقتل فقتلة جاهلية" (رواه مسلم).
وختمت الدكتورة ابتسام عبد اللطيف بالتأكيد على أن رايات التنظيمات المتطرفة ليست سوى أدوات للتضليل والاستقطاب، ولا علاقة لها برايات الإسلام الحقيقية، داعية الشباب إلى عدم الانخداع بهذه الرموز، والتمسك بالفهم الصحيح للدين.