شخصيات إسلامية.. الإمام الشافعي - عالم قريش
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا قريشاً فإن عالمها يملأ الأرض علماً»، (معرفة السنن والآثار للبيهقي 414).
هو الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي، القرشي المطلبي، الشافعي، يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.
ولد سنة (150 ه)، وكان مولده بغزة، ونشأ رحمه الله في حجر أمه يتيماً، في قلة عيش وضيق حال.
بدأ الشافعي - رحمه الله - طلبه للعلم على مفتي مكة مسلم بن خالد الزنجي وغيره من أئمة مكة، وبذل الإمام الشافعي حياته للعلم، فأعلى الله تعالى ذكره، ونفع به المسلمين، وكان قدوة في العلم والعمل والتقوى والاجتهاد.
فلما بلغ من العمر ثلاث عشرة سنة، وحصل من العلم ما حصل في مكة، توجه إلى المدينة قاصداً الإمام مالك بن أنس رحمه الله ليتلقى عنه، ويقرأ الموطأ عليه، فأكرمه مالك - رحمه الله - وأحسن إليه، لنسبه وعلمه وفهمه، وعقله وأدبه.
ثم قصد بغداد وأخذ من علمائها وكون فيها مذهبه القديم، ثم ارتحل إلى مصر وفيها أنشأ المذهب الجديد.
صار الإمام الشافعي من أعلام المسلمين، حتى إن جماعة من الأئمة كالإمام أحمد بن حنبل قالوا: إنه هو المقصود بعالم قريش الوارد في الحديث الذي قواه الإمام البيهقي والحافظ ابن حجر بكثرة طرقه، (قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه معالي التأسيس: (قال البيهقي: إذا ضمت طرق هذا الحديث بعضها إلى بعض أفاد قوة، وعرف أن للحديث أصلاً. قلت - والكلام لابن حجر -: وهو كما قال لتعدد مخارجها في كتب من ذكرنا من المصنفين)، قال الإمام البيهقي: (فلا نعلم أحداً من قريش أحق بهذه الصفة من الشافعي، فهو الذي صنف من جملة قريش في الأصول والفروع، ودونت كتبه، وحفظت أقاويله، وظهر أمره، وانتشر ذكره حتى انتفع بعلمه راغبون، وأفتى بمذهبه عالمون)، «معرفة السنن والآثار1/ 207». وأما ثناء العلماء عليه فكثير، ومن ذلك ما قاله شيخه الإمام مسلم بن خالد الزنجي: (أفت يا أبا عبدالله فقد آن لك والله أن تفتي)، وهذا والإمام الشافعي ابن خمس عشرة سنة، وقال شيخه الإمام محمد بن الحسن الشيباني: (إن تكلم أصحاب الحديث يوماً فبلسان الشافعي). وقال الإمام يحيى بن سعيد القطان - رحمه الله: (إني لأدعو الله للشافعي في كل صلاة أو في كل يوم لما فتح الله عليه في العلم، ووفقه للسداد فيه).
وقال: (ما رأيت أعقل أو أفقه منه) يعني الشافعي، وقال الإمام عبدالرحمن بن مهدي: (ما أصلي صلاة إلا وأنا أدعو للشافعي فيها).
وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: يا أبه، أي رجل كان الشافعي، فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟، فقال: يا بني، كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فهل لهذين من خلف، أو منهما عوض، وذاع صيت الشافعي، وتوافد على دروسه أعلام المسلمين، ورحل إليه طلاب العلم من أقطار الأرض، وتوفي عام (204 هـ) ودفن في مصر، فرحمه الله تعالى ورضي عنه. أخبار ذات صلة التجويد وحسن الأداء يرسمان ملامح المقدمة بـ«دبي للقرآن» أمسية رمضانية في «الأرشيف والمكتبة الوطنية»
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: رمضان قريش الإمام الشافعي الإمام الشافعی رحمه الله
إقرأ أيضاً:
موقف الشريعة من السحر وحكم تعلمه وجزاء الساحر
قالت دار الإفتاء المصرية إن المسلم ذا العقيدة السليمة يعلم تمام العلم أن النافع الضار هو الله، وأنه هو المسخر للكون ببديع حكمته وعظيم قدرته، وأن المسلم المتفقه في دينه والباحث الدارس لا ينفي وجود السحر السابق للأدلة التي وردت في صدر البحث، وأن على المسلم أن يكون قوي الإيمان مستعينًا بالله في الملمات والشدائد، وأن الساحر قد يستطيع إيصال الضر والبلاء والأذى بالناس، وقد يصل بذلك إلى التفريق بين المرء وزوجه، ولكنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا إلا بإذن الله تعالى.
قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ۞ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ۞ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 101-103].
هل للسحر حقيقة وتأثير في الواقع؟
وأوضحت الإفتاء أن جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة ذهبوا إلى أن السحر له حقيقة وتأثير، وذهب المعتزلة وبعض أهل السنة إلى أن السحر ليس له حقيقة في الواقع، وإنما هو خداع وتمويه وتضليل، وأنه باب من أبواب الشعوذة، وهو عندهم على أنواع:
- التخييل والخداع.
- الكهانة والعرافة.
- النميمة والوشاية والإفساد.
- الاحتيال.
واستدل الجمهور من العلماء على أن السحر له حقيقة وله تأثير بعدة أدلة منها:
- قوله تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف: 116].
- قوله تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِه﴾ [البقرة: 102].
- قوله تعالى: ﴿وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنۡ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ﴾ [البقرة: 102].
- وقوله تعالى: ﴿وَمِن شَرِّ النَّفَّٰاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ [الفلق: 4].
ومن استعراض الأدلة نرى أن ما ذهب إليه الجمهور أقوى دليلًا، فإن السحر له حقيقة وله تأثير على النفس، فإن إلقاء البغضاء بين الزوجين والتفريق بين المرء وأهله الذي أثبته القرآن الكريم ليس إلا أثرًا من آثار السحر، ولو لم يكن للسحر تأثير لما أمر القرآن بالتعوذ من شر النفاثات في العقد، ولكن كثيرًا ما يكون هذا السحر بالاستعانة بأرواح شيطانية، فنحن نقر بأن له أثرًا وضررًا ولكن أثره وضرره لا يصل إلى الشخص إلا بإذن الله، فهو سبب من الأسباب الظاهرة التي تتوقف على مشيئة مسبب الأسباب رب العالمين جل وعلا.
حكم تعلم السحر وتعليمه
ذهب بعض العلماء إلى أن تعلم السحر مباح بدليل تعليم الملائكة السحر للناس كما حكاه القرآن الكريم عنهم، وإلى هذا الرأي ذهب الإمام الفخر الرازي من علماء أهل السنة، وذهب الجمهور إلى حرمة تعلم السحر أو تعليمه؛ لأن القرآن الكريم قد ذكره في معرض الذم وبين أنه كفر، فكيف يكون حلالًا؟ كما أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عده من السبع الموبقات في حديثه الشريف.
جزاء الساحر
قال الإمام أبو بكر الجصاص: اتفق السلف على وجوب قتل الساحر، ونص بعضهم على كفره؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ مَشَى إِلَى سَاحِرٍ أَوْ كَاهِنٍ أَوْ عَرَّافٍ فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ» رواه ابن أبي شيبه في "مصنفه".
واختلف فقهاء الأمصار في حكمه: فروي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: الساحر يقتل إذا علم أنه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله: إني أترك السحر وأتوب منه، فإذا أقر أنه ساحر فقد حل دمه، وكذلك العبد المسلم والحر والذمي من أقر منهم أنه ساحر فقد حل دمه، وهذا كله قول الإمام أبي حنيفة.
وروي عن الإمام مالك: في المسلم إذا تولى عمل السحر قتل ولا يستتاب؛ لأن المسلم إذا ارتد باطنًا لم تعرف توبته بإظهاره الإسلام، فأما ساحر أهل الكتاب فإنه لا يقتل عند الإمام مالك إلا أن يضر المسلمين فيقتل.
وقال الإمام الشافعي: لا يكفر بسحره، فإن قتل بسحره وقال: سحري يقتل مثله وتعمدت ذلك قتل قودًا، وإن قال: قد يقتل وقد يخطئ لم يقتل وفيه الدية.
وقال الإمام أحمد: يكفر بسحره قتل به أو لم يقتل، وهل تقبل توبته؟ على روايتين، فأما ساحر أهل الكتاب فإنه لا يقتل إلا أن يضر المسلمين.