هل هو كره بنتنياهو أم خوف على إسرائيل؟
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
هل هو كره #بنتنياهو أم خوف على #إسرائيل؟ – د. #منذر_الحوارات
(هذه أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ إسرائيل) هذه الجملة لا تعود إلى أي من كارهي هذا الكيان بل تعود إلى رجل تمتد علاقة وِده مع إسرائيل إلى خمسة عقود سلفت، وهو الذي سارع بمد يد العون إلى هذا الكيان بكل أشكال الدعم ابتداءً بالعسكري حيث لا يكاد مطار بن غوريون يخلو ولو للحظة من قوافل المساعدات الأميركية من ذخائر وصواريخ ذكية وقطع غيار، بالإضافة إلى الدعم السياسي في مجلس الأمن وغيره ولا ننسى الدعم الاقتصادي والمالي، طبعاً المعني هنا ليس سوى الرئيس الأميركي جو بايدن والذي كما يظهر بات يبدي انزعاجاً واضحاً من تنمر نتنياهو عليه بشكل واضح في الفترة الأخيرة، ازداد وضوح هذا الخلاف بتصريحات زعيم الأغلبية الديمقراطي في مجلس الشيوخ وهو أعلى موقع تبوأه يهودي مساند بالمطلق لإسرائيل وهو تشاك شومر الذي دعا إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل معتبراً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يجعل إسرائيل منبوذة.
اذاً هناك تراكم هرمي يبتدئ من الرئاسة ويمر بمجلس الشيوخ ينتقد إسرائيل، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار تقريراً استخباراتياً أبدى فيه محللون استخباراتيون أميركيون تشكيكهم العلني في آفاق قيادة نتنياهو في تقييمهم السنوي للتهديدات والذي تسلمه الكونغرس، والذي يشير إلى اتساع قاعدة عدم الثقة في قدرة نتنياهو على الحكم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ما تزال إسرائيل تشكل رصيداً استراتيجياً للولايات المتحدة أم أن هذه أزمة عابرة تتعلق بالموقف من حكومة نتنياهو بالذات؟ وهل يستطيع بايدن أن يترجم موقفه من هذه الحكومة إلى قرار جاد مثلاً عقوبات تتعلق بوضع شروط على المساعدات العسكرية أو التراجع عن الحماية الدبلوماسية لإسرائيل؟ الجواب غالباً بالنفي لأن إدارة بايدن لو فعلت ذلك فإن المرشح الجمهوري دونالد ترامب سيستثمر ذلك على اعتبار أن بايدن يقوم بخطوات تهدد أمن إسرائيل وبالتالي يستفيد ترامب انتخابياً من هذا القرار لو حصل، بالذات بعد الخسائر التي مُني بها بايدن لمجموعات رئيسية من الأميركيين العرب والمسلمين والناخبين الشباب بسبب موقفه الداعم لإسرائيل، لذلك لجأ بايدن إلى الخيار الأمثل بالنسبة له وهو استراتيجية النأي بالنفس تدريجياً عن نتنياهو وهو لأجل ذلك سمح باستقبال بني غانتس في البيت الأبيض مؤخراً وتلك كانت رسالة لا تخطئها عين على ما يرمي إليه الرئيس بايدن.
ولكي لا يذهب الذهن بعيداً، فإن الخلاف بين بايدن ونتنياهو يتعلق بأمور تفصيلية وليست جوهرية إلا في واحدة حيث يرفض بايدن فكرة التهجير القسري للفلسطينيين، أما فيما عدا ذلك فهما متفقان على العداء لحماس والحرب ضدها ولا مانع لدى أي منهما من اجتياح رفح، لكن ما يطلبه بايدن يتعلق فقط ببعض الإجراءات التي تمنع حدوث مجزرة كبيرة تؤدي إلى تراجع كبير في سمعته، لذلك لا يعتبر الخلاف على إسرائيل وعلى دعمها بل الخلاف على الكيفية، وهذه الكيفية تزعج كلا الرجلين لذلك يتآمر كلاهما على الآخر لإسقاطه، بايدن يريد حكومة تتفق مع مصالحه وتنصاع لطلباته ونتنياهو يريد الدفع باتجاه تقدم حظوظ المرشح دونالد ترامب بأي وسيلة.
بالتالي فإن هذا الخلاف لايمكن أن يؤثر على قناعة الولايات المتحدة بأن الكيان الإسرائيلي هو حليف استراتيجي لها ولن تتخلى عن دعمه ولكنها ترى أن من حقها تصحيح مساره عندما ترى ان رئيس هذا الكيان يهدد مستقبل الدولة وذلك بعين المحب الحريص وليس بعين كاره أو مبغض، وهذا ما يفعله بايدن الآن فهو يرى أن نتنياهو بات خطراً على مستقبل إسرائيل بسبب تشبثه بمصالحه السياسية على حساب إسرائيل، لذلك يحاول تخليصها من هذا المأزق لأنه يعلم تمام العلم أنه في حال استمرّت هذه الحكومة فستصبح اسرائيل منبوذة دولياً وهو يكافح كي لا يحصل ذلك، ولا يمكن أن نغفل ان الإدارة الأميركية تريد ان تستعد لما هو قادم، فالجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين قد تؤدي إلى نتائج قانونية في المستقبل لذلك تعمل على إلصاقها بنتنياهو وليس بدولة الاحتلال، فالأخير يسهل إقصاءه وإلقاء اللوم عليه بينما إسرائيل ستدفع ثمناً مهماً فيما لو ألصقت بها التهم المسندة إليها، لذلك فإن بايدن والذي قال يوماً (ليس عليك أن تكون يهودياً لكي تكون صهيونياً، أنا صهيوني) يطبق الآن هذه المقولة حرفياً على ارض الواقع لأنه يدرك جيداً ان انزياح إسرائيل نحو اليمين والتطرف هو طريقها الأكيد إلى النهاية لذلك هو يحاول جاهداً إنقاذها وبالتالي إنقاذ نفسه.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: بنتنياهو إسرائيل
إقرأ أيضاً:
هل يستطيع نتنياهو البقاء دون حرب؟
لقد ارتبط اسم رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، منذ فترة طويلة بموقف متشدد بشأن القضايا الأمنية، حيث كان يستغل في كثير من الأحيان العمليات العسكرية لتعزيز مكانته السياسية. مع ذلك، فإن مسألة ما إذا كان بإمكانه البقاء سياسيا دون حرب مسألة متعددة الأوجه. ويتوقف بقاء نتنياهو السياسي على المشهد السياسي الحالي، واعتماده على الصراع كأداة لتعزيز السلطة، والتحديات الكبيرة التي يواجهها في الحفاظ على السلطة دون اللجوء إلى العمل العسكري.
المشهد السياسي لنتنياهو
كان البقاء السياسي لنتنياهو إنجازا كبيرا، نظرا للتحديات العديدة التي واجهها، بما في ذلك اتهامات الفساد والمعارضة من داخل ائتلافه. وترجع قدرته على الحفاظ على السلطة إلى حد كبير إلى مهارته في التعامل مع النظام السياسي المعقد في إسرائيل والاستفادة من العوامل الخارجية لصالحه. لقد وفر الصراع المستمر مع حماس لنتنياهو نقطة تجمع، مما سمح له بتعزيز الدعم من خلال تأطير نفسه كقائد قوي في أوقات الأزمات.
كانت الحرب تاريخيا أداة لنتنياهو لحشد الدعم الشعبي والحفاظ على قاعدته السياسية. في أوقات الصراع، غالبا ما يتجمع الإسرائيليون خلف قادتهم، وهي الظاهرة المعروفة باسم "التجمع حول العلم". ويمكن أن يؤدي هذا التأثير إلى تعزيز شعبية نتنياهو مؤقتا وصرف الانتباه عن القضايا الداخلية مثل اتهامات الفساد والتحديات الاقتصادية
مع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى أن اعتماد نتنياهو على الحرب قد لا يكون فعالا كما كان من قبل. إن وقف إطلاق النار مع حماس، على الرغم من اعتباره في البداية خطوة استراتيجية، تعرض لانتقادات لأنه أعطى حماس فرصة لإعادة تنظيم نفسها. وقد أدى ذلك إلى وضع أعطى نتنياهو الأولوية للبقاء السياسي على مصالح الأمن القومي.
دور الحرب في سياسة نتنياهو
كانت الحرب تاريخيا أداة لنتنياهو لحشد الدعم الشعبي والحفاظ على قاعدته السياسية. في أوقات الصراع، غالبا ما يتجمع الإسرائيليون خلف قادتهم، وهي الظاهرة المعروفة باسم "التجمع حول العلم". ويمكن أن يؤدي هذا التأثير إلى تعزيز شعبية نتنياهو مؤقتا وصرف الانتباه عن القضايا الداخلية مثل اتهامات الفساد والتحديات الاقتصادية.
ومع ذلك، فإن الطبيعة المطولة للصراع الحالي والضغوط الاقتصادية الذي يفرضها على إسرائيل بدأت بالتسبب في تآكل هذا الدعم. لقد ضربت الحرب الاقتصاد الإسرائيلي بشدة، مع تراجع سوق الأسهم وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي. وعلاوة على ذلك، أثارت الأزمة الإنسانية في غزة انتقادات دولية، مما زاد من تعقيد موقف نتنياهو.
تحديات بلا حرب
إذا كان نتنياهو سيسلك طريقا بدون حرب، فسيواجه العديد من التحديات الكبيرة:
1- استقرار الائتلاف: إن حكومة نتنياهو متماسكة بفضل ائتلاف هش من الأحزاب اليمينية المتطرفة والأرثوذكسية المتطرفة. وكان هؤلاء الشركاء ينتقدون أي تنازلات قد تقدم لحماس أو للسلطة الفلسطينية، مما يجعل من الصعب على نتنياهو التفاوض على السلام دون المخاطرة بائتلافه.
2- أزمة المحتجزين: لا يزال وضع المحتجزين الإسرائيليين المستمر مع حماس دون حل، حيث تدعو العديد من عائلات المحتجزين إلى اتخاذ إجراءات أقوى لضمان إطلاق سراحهم. بدون حل عسكري، يجب على نتنياهو إيجاد طرق بديلة لمعالجة هذه القضية، والتي يمكن أن تزيد من الضغط على رأسماله السياسي.
3- الضغوط الاقتصادية: إن التكاليف الاقتصادية للحرب باهظة، وبدون الصراع، سوف يحتاج نتنياهو إلى معالجة هذه القضايا من خلال وسائل أخرى. ويشمل ذلك إدارة الميزانية واسترضاء الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة التي تطالب بإعفاءات من الخدمة العسكرية.
4- الضغوط الدولية: كان للمجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب، تأثير كبير في تشكيل تصرفات نتنياهو. وفي حين قدمت إدارة ترامب بعض الدعم، هناك أيضا ضغوط للانخراط في مفاوضات السلام، وهو ما قد يقوض موقف نتنياهو المتشدد.
تشير هذه التحولات إلى أن سياسات نتنياهو المتشددة أصبحت بعيدة بشكل متزايد عن التوافق مع الرأي العام العالمي، وخاصة بين الفئات العمرية الأصغر سنا والأكثر ليبرالية
5- الإصلاحات القضائية والاحتجاجات العامة: أثارت الإصلاحات القضائية التي اقترحها نتنياهو احتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء إسرائيل. ويرى كثيرون أن هذه الإصلاحات بمثابة محاولة لتقويض استقلال القضاء وتعزيز السلطة التنفيذية.
تزايد الانتقادات الدولية
شهدت مكانة نتنياهو الدولية تراجعا ملحوظا في السنوات الأخيرة. وبحسب استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2024، أعربت أغلبية الأمريكيين (53 في المئة) عن ثقتهم الضئيلة أو المعدومة في قدرة نتنياهو على التعامل مع الشؤون العالمية بمسؤولية. ويمثل هذا زيادة بمقدار 11 نقطة في المعنويات السلبية منذ عام 2023. وهذا التراجع واضح بشكل خاص بين الشباب الأمريكيين والديمقراطيين، مما يعكس الانقسامات الأجيال والحزبية الأوسع في المواقف تجاه إسرائيل تحت قيادة نتنياهو. وهذا التشكك المتزايد لا يقتصر على نتنياهو نفسه بل يمتد إلى تصورات الحكومة الإسرائيلية ككل. فقد انخفضت الآراء الإيجابية تجاه الحكومة الإسرائيلية بين الأمريكيين من 47 في المئة في عام 2022 إلى 41 في المئة في عام 2024. وتشير هذه التحولات إلى أن سياسات نتنياهو المتشددة أصبحت بعيدة بشكل متزايد عن التوافق مع الرأي العام العالمي، وخاصة بين الفئات العمرية الأصغر سنا والأكثر ليبرالية.
إن قدرة نتنياهو على البقاء دون حرب غير مؤكدة ومليئة بالتحديات، وفي حين أنه تمكن من الحفاظ على السلطة من خلال مزيج من المناورات السياسية والعمل العسكري، فإن المشهد الحالي يشير إلى أن هذه الاستراتيجية قد لا تكون مستدامة. وفي نهاية المطاف، تشكل التكاليف الاقتصادية للحرب، والضغوط الدولية من أجل السلام، والتوترات السياسية الداخلية، عقبات كبيرة.