حريق ستوديو الأهرام.. ماذا خسر تاريخ السينما المصرية؟
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
لا تزال أسباب الحريق على الذي التهم أحد أشهر وأقدم مواقع التصوير في مصر "ستوديو الأهرام" تثير الجدل بعد أن حول سجل حافل من التراث السينمائي إلى أثر بعد عين دون أن تتمكن قوات الحماية المدنية من السيطرة على النيران إلا بعد فوات الأوان.
في هذا الصدد قررت النيابة العامة تشكيل ثلاث لجان متخصصة للوقوف على ملابسات الحريق الذي وقع في منطقة العمرانية بالهرم في مدينة الجيزة، ولبيان أسبابه، وتحديد الأضرار والخسائر الناتجة عن الحريق بما فيها النخيل والأشجار بموقع الحادثة.
تفتقر غالبية المواقع والمناطق في مصر للاشتراطات الخاصة بالوقاية من مخاطر الحريق قبل نشوبه وخضوعها للصيانة الدورية، ووفقا للمعاينة الأولية، فقد تسبب ماس كهربائي ناجم عن عيوب في أسلاك التيار الكهربائي في الأستوديو في وقوع الحريق.
وهذا هو الحريق الثالث خلال شهر بمواقع تصوير الأعمال الفنية، حيث شب حريق مساء الاثنين في موقع تصوير مسلسل "جودر" بمدينة الإنتاج الإعلامي، بعد حريق سابق بموقع تصوير "الكبير أوي" الذي يعرض حاليا هذا الموسم الدرامي.
أرشيف فني عمره 80 عاما
لكن يظل حريق ستوديو الأهرام هو الحدث الأهم والأكثر جدلا في الشارع الفني لما له من تاريخ فني يمتد منذ تأسيسه عام 1944 على يد اليونانيين "أفابخلوس أفراموسيس" و"باريس بلفيس" على مساحة قدرها 27 ألف متر مربع، ويضم 3 مواقع تصوير وصالة عرض وصالة دوبلاج، إلى جانب معمل متخصص في التحميض والطبع.
احتضنت "بلاتوهات "ستوديو الأهرام تصوير 500 عمل سينمائي ودرامي لأشهر فناني مصر في مختلف الحقب الفنية خاصة الحقبة الذهبية، وتنوعت بين الأعمال السينمائية مثل فيلم، "ابن حميدو"، و"حياة أو موت"، و"الهاربة"، وأفلام الفنان إسماعيل ياسين "إسماعيل ياسين للبيع" و"العتبة الخضراء"، وأفلام "القاهرة 30″ و"حكاية 3 بنات".
ذاكرة السينما المصرية
تحتفظ ذاكرة السينما بالعديد من الأعمال الفنية الشهيرة في تاريخ الفن العربي التي تم تصويرها في ستوديو الأهرام، وكان من أوائل الأعمال التي تم تصويرها أفلام "عنتر ولبلب" بطولة محمود شكوكو، وعبدالوارث عسر، وحورية حسن.
كما مر على الاستوديو مشاهير من المخرجين الكبار مثل يوسف شاهين بأفلام "بابا أمين" و"صراع في الميناء" و"باب الحديد" و"ابن النيل".
ومن الدراما التلفزيونية، كان مسلسل "أرابيسك"، و"حضرة المتهم أبي"، و"الملك فاروق"، و"حديث الصباح والمساء"، و"السيرة الهلالية".
"جريمة في حق الفن"
وصف الناقد الفني الشهير طارق الشناوي حريق ستوديو الأهرام "بالكارثة"، وقال: "مجرد أن يشب حريق في موقع شهير ذو تاريخ فني مثل ستوديو الأهرام ومحاط بمجمعات سكنية ومكان عريق ولا تتحرك الأجهزة إلا بعد بضع ساعات هنا يجب أن نتوقف ونسأل عن سبب هذا الإهمال والتراخي".
وأكد في حديثه لـ"عربي21": "هناك بلا شك أخطاء في التأمين، كان يجب أن تكون هناك معدات للحماية لأن المواد معظمها قابلة للاشتعال لأنها من الخشب والقماش، بالإضافة إلى المواد الموجودة في المعامل، يجب عمل تحقيق سريع وشفاف ومحاسبة المقصرين، كيف لم يستيقظ المسؤولون في الوقت المناسب حتى حدوث هذه الكارثة التي امتدت إلى البنايات السكنية المجاورة".
واعتبر أن "حريق ستوديو الأهرام لا ينفي أنه جريمة في حق الفن حتى لو افترضنا أن المعامل والأرشيف التي تحتوي على الأفلام لم تصلها النيران، يجب أن تكون هناك رقمنة للأشرطة في مكان آمن لأنها تاريخ مصر السينمائي، الجزء الثاني إذا كان هناك تقاعس وهو تقاعس مؤكد من الأجهزة المعنية بتأمين المنطقة وسرعة الاستجابة يجب المحاسبة العلنية لهم".
و بشأن أهمية موقع الاستوديو ومكانته الفنية، أكد الشناوي أن "ستوديو الأهرام هو ثاني موقع ولم يسبقه سوى ستوديو مصر، وشهد نحو مئات الأعمال الفنية وتنوعت بين أفلام ومسلسلات، ويؤرخ بلا شك لحقبة مهمة من تاريخ الفن في مصر، وينبغي إعادة النظر في تأمين مثل تلك الأماكن وعدم تركها للإهمال".
"فشل منظومة الحفاظ على التراث الفني"
من جانبه، يقول المخرج التلفزيوني، ومدير عام التسجيلات الخارجية بقناة النيل للدراما سابقا، علي أبو هميلة، إن "ستوديو الأهرام هو واحد من أقدم الاستوديوهات في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، والفشل في السيطرة على الحريق يعكس الفشل الإداري في تأمين مثل تلك الأماكن وانصراف الاهتمام نحو المناطق الجديدة وترك الأماكن والمناطق القديمة مهملة بإمكانيات محدودة وضعيفة، وهذا واضح في عدم القدرة على السيطرة على الحريق".
ورأى في تصريحات لـ"عربي21": "هناك شبه جنائية في تدمير الموقع عن بكرة أبيه، لا يمكن تصور أن يحدث هذا الدمار الهائل دون القدرة على حماية الموقع الشهير والذي يقع داخل منطقة سكنية مزدحمة، هناك سر في المسألة".
واعتبر أبو هميلة أن احتراق الاستوديو "هو خسارة كبيرة للفن المصري ومشواره الطويل، ولا يمكن ترك الثقافة المصرية سواء في الفن أو السينما لعوامل الإهمال والضياع وسوء الإدارة والانتهاء بالقضاء عليها ومحوها من الذاكرة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحريق مصر مصر حريق ستوديو الاهرام المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حریق ستودیو الأهرام فی مصر
إقرأ أيضاً:
على قائمة اليونسكو.. «فن التغرودة» شعر مرتَجل على ظهور الإبل
تامر عبد الحميد (أبوظبي)
يُعتبر «فن التغرودة» أحد العناصر التراثية المهمة في الثقافة الإماراتية، حيث ظهر هذا الشعر الغنائي لترفيه المرتحلين على ظهور المطايا عن أنفسهم أثناء سيرهم لمسافات طويلة في الصحراء، كما أن أهل الصحراء وركاب الإبل كانوا يعتقدون أن هذا النوع من الغناء يحث الإبل على السير والتحمل، في الوقت نفسه يزيد من سرعتها كلما أسرع الحادي في إيقاعه الذي يشدو به.
يلعب «فن التغرودة» دوراً مهماً في توثيق التاريخ الاجتماعي والثقافي في المنطقة، واقترنت «التغرودة» التقليدية بالصحراء وركوب الناقة وقطع المسافات البعيدة والسفر الشاق للعديد من الأغراض من بينها التنقل والترحل والتجارة، وقد أُدرج «فن التغرودة» عام 2012 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في «اليونسكو».
شعر مرتجل
«التغرودة».. نوع من أنواع الشعر الشعبي الذي يتم إلقاؤه بشكل لحني من قبل الرجال الذين يرتحلون على ظهور الإبل من مكان إلى آخر، أو أثناء رحلات القنص أو في المجالس، وعن هذا الفن، قال بخيت محمد المهري، مؤدي «فن التغرودة»: نشأ هذا الفن في البيئة الصحراوية، والمناطق الجبلية في دولة الإمارات كأحد أنماط الشعر المرتجَل، وانتشر هذا الفن كأحد أهم فنون الأداء التقليدية التراثية المحببة في الثقافة الإماراتية.
وتابع: تبدأ «التغرودة» بارتجال قصيدة قصيرة تُؤدّى على شكل غناء، يرددها شخص أو اثنان وهما على ظهور الإبل، حيث يبدأ الأول بالتغريد، ثم يرد عليه الآخر بنفس البيت الشعري، ولا يصاحب هذا الإنشاد أي من الأدوات الموسيقية، وتتنوع موضوعات شعر التغرودة بين الحب والصداقة والطموح والمدح والعلاقات القبلية، ويمتاز هذا النوع من الشعر بأنه مباشر ولا يستخدم صوراً مجازية معقدة، ويبدأ الشخص الأول بالغناء ويسكت الآخر، ومن ثم يغني الآخر أثناء سكوت الأول، بحيث يضيف الثاني بيتاً جديداً إلى ما قاله الأول، وهكذا.. ويتوافق إيقاع ونغم الغناء مع حركة الناقة وسرعتها.
وسيلة تسلية
ولفت بخيت إلى أن شعر التغرودة الغنائي التقليدي ظهر في الأصل وسيلة تسلية للرحالة في أسفارهم الطويلة في الصحاري الشاسعة، واعتقد حداة الإبل أيضاً أن هذا النوع من الشدو يحث الإبل على المضي في السير بهمة، فيتزامن تسارع خطاها كلما أسرع إيقاع شدو الحادي بشعره وأهازيجه، وعادةً ما يرتجل الحداة كلمات التغرودة في أكثر من شطرة شعرية قصيرة تتألف الواحدة من 7 أبيات شعرية أو أقل تكررها مجموعات الحداة بالتناوب بينهم نداءً وجواباً، ويصدح المؤدّي الرئيسي متغنياً بمطلع الشطرة، ومن ثم تجيبه باقي المجموعة بإتمام باقي الشطرة الشعرية، ثم يشدو المؤدي الرئيسي منتقلاً إلى السطر الثاني من الشطرة، فتكرر المجموعة أيضاً نفس السطر.
تطور
أوضح بخيت أن «فن التغرودة» قد شهد تطورات تلائم العصر فأصبح لا يرتبط بالضرورة بإنشاد أبيات الشعر القصيرة، بل يقدمها حالياً مكتوبة أو مسجلة صوتياً، لا سيما في العروض الحية خلال الفعاليات والمناسبات، منوهاً بأنه يتم إنشاد هذه القصائد في جلسات السمر والتخييم وحفلات الزفاف وسباقات الهجن والمهرجانات التراثية والوطنية، وتدمج بعض أشكال التغرودة ضمن بعض عروض الأداء التقليدية، مثل «العيالة».
إنجازات تاريخية
لفت بخيت محمد المهري إلى أن «فن التغرودة» يغلب على موضوعاته تعبير المنشد عن حبه لأحبائه وأقاربه وأصدقائه، ويستخدم الشعراء هذا الفن أيضاً لإبداء آرائهم في القضايا الاجتماعية، وإبراز الإنجازات التاريخية.
منصة مثالية
شدد بخيت المهيري على أهمية الحفاظ على هذه الفنون التقليدية، وقال: حرصت دولة الإمارات على صون هذه الفنون وإعادة إحيائها، وتعرف الجيل الجديد والآخر بثقافة الإمارات وفنونها الأصيلة من خلال المناسبات الفنية والمهرجانات التراثية، التي تتخذ منها فرق الفنون الشعبية منصة مثالية لإبراز هذه الفنون، والحرص على حضورها وتواجدها، كعملية تسهم في صون فنون الأجداد ونقلها إلى الأجيال.