عيد القديس جيراسيموس الأردني
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
احتفلت البطريركية الأورشليمية بعيد القديس البار جيراسيموس الأردني في الدير المقدس المُكرس على إسمه الواقع على الضفة الغربية لنهر الأردن أمام مصبه عند البحر الميت.
في هذا اليوم تقيم الكنيسة تذكار القديس جيراسيموس الذي يرجع أصله من ميرا التي من ليكيه في آسيا الصغرى، ومنذ صغره كرس نفسه لله وللحياة الرهبانية، حيث جاء الى الأرض المقدسة حوالى عام 451 ميلادي.
ثم دعاه رهبان الصحراء ليكون مرشدهم الروحي، وأسس لهم مع القديس كيرياكوس ديرًا مبني بنمط اللافرا أي مجموعة كهوف مع دير مركزي الذي فيه كان معلمًا للرهبان وأبًا روحيًا للكثير من المسيحيين، بعدها كُرس الدير على إسمه. رقد في الرب سنة 475.
في هذه المناسبة أقيمت خدمة القداس الإلهي ترأسها صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه سيادة متروبوليت كابيتولياذا كيريوس إيسيخيوس، رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس، رئيس أساقفة أنثيذون كيريوس نيكتاريوس الوكيل البطريركي في القسطنطينية، رئيس أساقفة بيلا كيريوس فيلومينوس، آباء من أخوية القبر المقدس، الأرشمندريت متايوس، والوكيل البطريركي في موسكو الأرشمندريت استيفانوس، الوكيل البطريركي في أثينا الأرشمندريت رافائيل، والأرشمندريت أمفيلوخيوس، كلاوديوس، إيرونيموس، وكيرياكوس، المتقدم في الشمامسة الأب ماركوس والشماسان المتوحدان إفلوجيوس وذوسيذيوس.
وقاد الترتيل سيادة رئيس أساقفة مادبا كيريوس أرستوفولوس يشاركه طلبة المدرسة البطريركية، فيما حضر القداس جمع من المؤمنين المحليين والحجاج من قبرص والقنصل العام اليوناني في القدس السيد ديمتريوس أنجيلوسوبولوس والأرشمندريت خريسوسوتوموس الرئيس الروحي للدير إستضاف الوفد البطريركي مع الآباء والمصلين على مائدة طعام في قاعة الدير.
يذكر ان قدس الأرشمندريت خريسوستوموس هو مُرمم ومجدد الدير الحالي، وقام بتزيين الدير والكنيسة بالفسيفساء الجميلة، وبنى المبنى المجاور للكنيسة، وأنشأ مركزًا للحجاج والعمل والاجتماعي، ودار للمسنين لآباء القبر المقدس.
وقال بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في عيد القديس جراسيموس الأردني في كلمته يهتف صاحب المزمور قائلًا: عَيْنَا الرَّبِّ نَحْوَ الصِّدِّيقِينَ، وَأُذُنَاهُ إِلَى صُرَاخِهِمْ. (مز 33: 16 )
أي أن عينا الرب دائما منصوبةً على خائفيهِ وأذناه دائمًا بانتباهٍ إلى توسلاتهم وتضرعاتهم.
أيها الأخوة المحبوبون
أيها المسيحيون الزوار الأتقياء
إن نعمة الروح القدس قد جمعتنا اليوم في هذا المكان والموضع المقدس عند صحراء الأردن حيث لافرا أبينا البار المتوشح بالله جراسيموس الذي من ليكيا، لكي نكرم تذكار عيده الموقر في ديره.
لقد استبان أبينا البار جراسيموس المغبوط من الآباء العظام السوّاح الذين لمعوا في النسك في فلسطين في القرن الخامس الميلادي. وأثناء زيارته وحجه إلى الأراضي المقدسة استقر بشكل دائم في برية الأردن هذه، حيث شيّد لافرا “ديرًا عظيمًا” والتي أضحت منارة وفخرًا بحسب شهادة كيرلس سيكثوبوليتس كاتب تاريخه إذ يقول: عندما كان القديس سابا في عمر الخمس والثلاثون توجهَ إلى الصحراء الشرقية بالقرب من القديس جراسيموس، لأن القديس جراسيموس كان آنذاك ككوكبٍ لامعٍ ينيرُ كل صحراء الأردن بالتقوى وبطريقة ما كان يبذر بذار التقوى.
حقًا قد أشرق جراسيموس العظيم ككوكب منير عظيم، يشع بنور محبة المسيح باذرًا بذار التقوى أي الإيمان الأرثوذكسي الصحيح والخلاصي، وهذا الحدث يؤكد عليه بوضوح العلاقة الروحية التي كانت بين القديس جراسيموس وأفثيميوس العظيم عندما التقى فيه في صحراء الروبة خلال فترة الصوم، إذ يشهد كيرلس سيكثوبوليتس قائلًا:”في زمن الصوم المقدس، أخذ القديس جراسيموس الأنبا كيرياكوس معه إلى برية الروبة الجدباء؛ حيث عاشوا في عزلة وهدوء حتى أحد الشعانين يتناولون الأسرار الطاهرة كل يوم أحد من يدي العظيم افثيميوس. وبعد وقت قصير، عندما رقد العظيم القديس افثيميوس في المسيح، رأى القديس جراسيموس روحه تقودها الملائكة وتُصعدها إلى السماء؛ ومن ثم ّأخذ الأنبا كيرياكوس وصعد إلى عائدًا إلى ديره بعد أن دفن جسده.
لقد اختار أبينا جراسيموس حياة الهدوء في الصحراء سامعًا لأقوال المزمور الداؤودية:” هائنذا قد ابتعدتُ هاربًا وسكنت البرية (مزمور 54: 8) وبالأخص في صحراء الأردن حيث كان الناسك السائح الأول القديس النبي يوحنا المعمدان يكرز قائلًا: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. (متى 3: 1-2).
في هذه الصحراء، في برية الأردن كان لدى البار جراسيموس الوقت الكافي لكي يدرس ويثابرَ في عزلتهِ وصومهِ وصلاته غير المنقطعة عن معرفة الله بحسب ما هو مكتوب في سفر المزامير “ثابروا واعلموا أني أنا هو الله” (مزمور 45: 11)
ويفسر القديس العظيم أثناسيوس أقوال المزمور هذه قائلًا: إذا لم يتركُ الإنسانٍ كلَّ الاهتمامات العالميّة لا يستطيع أن يعرف الله وأما القديس باسيليوس فيقول: إن هذه المثابرة أي “التوقف عن الانشغال بالأمور العالمية” هي مثابرة صالحةً تُعطي هدوءً للنفس وقدرةً على فهم التعاليم الخلاصية.
إن هذه المعرفة للتعاليم الخلاصية ليست هي إلا من الحكمة الإلهية والتي بحسب سليمان الحكيم: لأَنَّهَا ضِيَاءُ النُّورِ الأَزَلِيِّ، وَمِرْآةُ عَمَلِ اللهِ النَّقِيَّةُ، وَصُورَةُ جُودَتِهِ.. تَحِلُّ فِي النُّفُوسِ الْقِدِّيسَةِ؛ فَتُنْشِئْ أَحِبَّاءَ للهِ وَأَنْبِيَاءَ (حكمة سليمان 7: 26-27).
لقد كان واضحًا بالحقيقة، أن ذهن وعقل أبينا البار المتوشح بالله جراسيموس كان مرآة نقية تعكسُ أعمال الله الصالحة،فبحسب رسالة القديس يوحنا الإنجيلي: نَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.(1 يوحنا 5: 20).
إن العشق الإلهي لملكوت المسيح السماوي هي قوة الفعل الإلهي والتي تُعلِن وتُكشِف لأولئك الذين يملكونَ قلوبًا طاهرةً نقيةً، نور الحياة الأبدية الساطع، وما هذا النورُ إلا المسيح ابن وكلمة الله، لهذا السبب بالذات يتميز قديسي الكنيسة بشكل خاصٍ فمنهم، الشهداء والسّواح ونساك الصحراء، لهذا فالقديس الشهيد في رؤساء الكهنة اغناطيوس المتوشح بالله يقول: لقد صُلب حبي الشهواني وما عاد في داخلي أي نار لاشتهاء الماديات، بل يتكلم في باطني الماء الحي قائلًا “تعال إلى الآب “لم أعد أتلذذ بطعام فاسد أو بلذة هذه الحياة. أريد خبز الله الذي هو جسد المسيح من نسل داود والشراب الذي أريده هو دمه، الذي هو المحبة عديمة الفساد.
وأما القديس يوحنا الذهبي الفم الذي عاش ناسكًا يقول: “أنا أحبُ جميع القديسين ولكن بالأكثر المغبوط القديس الرسول بولس، وهذا أقوله لكم لكي تحبوهُ أنتم أيضًا كما أحبهُ أنا، فمن الطبيعي أن البشر الذين يحبون بطريقةٍ جسدية يخجلون أن يعترفوا بهذا الحب، ولكن أولئك الذين يحبون بطريقة روحية لا يخجلون أبدًا أن يعترفوا ويبوحوا بهذا الحب وذلك لإن الحب الجسدي هو جريمةٌ أما الحب الروحي فهو مغبوطٌ وممدوحٌ.
إنها حقيقةٌ أيها الإخوة الأحبة أن المسيحيون يشاركون ويساهمون بالقداسة الإلهية “التي للقديسين” من خلال موهبة الروح القدس فيصبحوا بذلك هياكل مقدسة وأمة مقدسة فها قد اتضح لماذا نُكرِمُ ونمتدحُ القديسين، كالقديس المغبوط جراسيموس الذي نعيد له اليوم. فهامة الرسل القديس بطرس يؤكد في رسالتهِ قائلًا:” وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. (1بطرس 2: 9).
وبكلام آخر أيها الإخوة نحن المسيحيين “جنسٌ مختار” لذلك علينا أن نقدم لله عِبَادَتَنا الروحية الْعَقْلِيَّةَ وأَنْ نُقدم ذواتنا ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ. (رومية 12: 1) كما يكرز الرسول بولس. وبذه الطريقة نكون قد امتثلنا وأطعنا لدعوة المسيح لنا:”مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي.(مرقس 8: 34) ومن الجهة الأخرى نقتدي بأبينا البار جراسيموس لكي بتوسلاته وبتضرعات الفائقة البركات المجيدة سيدتنا والدة المسيح الدائمة البتولية مريم إلى الله أن يؤهلنا أن نجتاز ميدان الصوم الأربعيني الكبير المقدس بتوبةٍ وعفة وإمساك وصبر وتواضع ومع المرتل نهتف ونقول أنك أيها البار ماثل أمام المسيح مع الأبرار والصديقين، فلا تنفك متشفعًا من أجل سلام أرضنا المعذبة والعالم أجمع.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط صحراء الأردن رئیس أساقفة قائل ا
إقرأ أيضاً:
الملك عبدالله الثاني: الأردنيون دائما على العهد في حماية الوطن والدفاع عن قضايا الأمة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني،أن الأردنيين دائما على العهد، يد واحدة في تطوير الأردن وحمايته من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه، والدفاع عن قضايا الأمة.
وقال الملك عبدالله الثاني، خلال لقائه وجهاء وممثلين عن أبناء محافظة العاصمة في الديوان الملكي الهاشمي، اليوم الأربعاء، بمناسبة اليوبيل الفضي، إن"الأردن بخير، وبهمتكم سيبقى بخير. وأنا على العهد معكم دائما".
ويعد اليوبيل الفضي مناسبة وطنية مهمة لتسليط الضوء على الإنجازات التي شيدها الأردنيون بقيادة الملك عبد الله، وكيف واجه الأردن تحديات مصيرية بقوة وحنكة، وكيف قاد الملك عبد الله مسيرة تحديث الدولة الأردنية والانتقال بها إلى القرن الحادي والعشرين.
وأضاف العاهل الأردني قائلا " اعتزازه بلقائه الأهل في محافظة العاصمة، قلب الأردن النابض والحاضن، والشاهدة على مسيرة بناء الوطن".
وأشار إلى أن عمان لها مكانة في قلوب الأردنيين جميعا، تجمع التاريخ والعراقة والحداثة، وهي رمز للسلام والمحبة، وواحدة من العواصم الكبرى.
ولفت الملك عبدالله الثاني، بحضور الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد الأردني، أن "كل من زار عمان يشهد بجمالها، وكما هي جميلة بالشكل هي جميلة بأهلها، وإن شاء الله ستظل عمان وكل المحافظات في تقدم مستمر".
وتابع الملك عبدالله الثاني"أعتز أن أكون بينكم بعد زياراتي لكل المحافظات والبوادي بمناسبة اليوبيل الفضي، وكل منطقة زرتها لها مكانة خاصة عندي، وإن شاء الله، حب الأردن دائما يجمعنا".
وأعرب الملك عن تقديره للأردنيين والأردنيات في كل المحافظات، وقال "أهلي في كل محافظات بلدنا الحبيب غمروني بكرمهم، وسأبقى على تواصل مستمر بعون الله".
وشدد الملك عبدالله الثاني على أنه خلال 25 عاما كان تطوير الأردن والبناء على الإنجاز وخدمة أبناء وبنات الشعب الأردني الوفي أولويته، مؤكدا أنه حقق مع الأردنيين الكثير من الإنجازات.