يوسف عبد الله محمود في حكايات “ألف ليلة وليلة” الكثير من الدروس والعبر التي تستحق منا كعرب تأملها بعناية والاستفادة مما تحمله من عبر وعظات تشير الى عبثية الحياة حين لا يحكمها التعقل والانضباط. ففي هذه الحالة تعم الفوضى ويغلب الانفعال على العقل، فيتم الاحتكام الى “السيف”. وما أسوأ حياةً تبدأ بِ “السيف”.
سأقتبس من حكايات “ألف ليلة وليلة” هذه الحكاية (الليلة 582) فأحداثها تنعكس اليوم بصورة او بأخرى على واقعنا العربي حيث تتراجع “الحكمة” ويغلب التهور والانجرار وراء العاطفة. “في يوم من ذات الأيام دخل صياد كهفاً من كهوف الجبل ووجد فيه خلية نحل مليئة بالعسل فجمع شيئاً من ذلك العسل في قِربة كانت معه ثم حملها عل كتفه وأتى بها المدينة ومعه كلب صيد وكان عزيزاً عليه، فوقف الصياد على دكان زَيّات وعرض عليه العسل فاشتراه صاحب الدكان. ثم فتح القِربة وأخرج منها العسل لينظره، فَفطرت من القربة قطرة عسل، فاجتمع عليها ذباب، فسقط عليه الطير. وكان للزيّات قط فوثب على الطير، فرآه كلب الصياد فقتله، وكان للصياد قرية وللزيات قرية، فلما سمعوا تلك الاخبار أخذوا أسلحتهم واقاموا على بعضهم غَضبى والتقى الصفان فلم يزل السيف دائراً بينهم الى ان مات منهم خلق كثير لا يعلم عددهم الا الله تعالى”. الى هنا تنتهي الحكاية. التساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو ألا ينحسب مغزى ومضمون هذه الحكاية على واقعنا العربي المعاصر، حيث تغيب لغة “التعقل” وتسود لغة “السيف”، يتم امتشاقه لِأوهى الأسباب، ومن ثم تسيل انهار الدماء البريئة. كأني بنا كعرب ومسلمين لم نتعلم الدروس من “داحس والغبراء” في الزمن الغابر حيث استقر القتال بين القبائل لأتفه الأسباب. الحوار العقلاني –مع الأسف- يغيب اليوم بين البشر بصفة عامة وبخاصة في المجتمعات النامية. خذ مثلاً الحربين العالميتين الأولى والثانية الم تشتعلا لأسباب صغيرة، لعب المزاج الشخصي فيها دوراً كبيراً، مما أدى الى قتل الملايين؟ اليوم تدخل “الطائفية” و”المذهبية” على الخط لتمنعا الوحدة الوطنية بين الشعوب، تساعد في ذلك الامبريالية العالمية والصهيونية التابعة لها. وبحق فإن الحضارة العالمية باتت اليوم معطوبة تتحكم فيها المراكز الرأسمالية إن في أمريكا او أوروبا. اما دول الأطراف ومنها الكثير من دولنا العربية والإسلامية فلم تسلم من هذا العطب. المفاهيم السلبية التي تسودها تحول بينها وبين الاستقرار، تجرها الى الهاوية. منذ ما سُمي بِ عصر النهضة العربي ونحن وبخاصة القادة والزعماء نتبادل التهم والتصنيفات التقليدية ما بين تقدمي ورجعي، ثوري وغير ثوري، محافظين وإصلاحيين! تهم وتصنيفات قادتنا الى ما نحن اليوم فيه من تطاحن وإراقة دماء. كم هو مُخجل عربياً ان نرى إسرائيل التي تُناصِبنا العداء متماسكة بينما نحن العرب عاجزون عن لم الشمل العربي. –وكما يقول المفكر د. حليم بركات- “نقبع في صومعة التاريخ، علاقاتنا معه علاقة حظ، ننتظره قائلين: “نحن وحظنا””. على امتداد تاريخنا المعاصر لم نتحرر من قيمنا التقليدية التي تكرس الخنوع والاستسلام للحظ. وفي تصوري أننا كعرب ومسلمين لن تقوم لنا قائمة مادام الكثيرون منا قادة وزعماء يُساومون على القيم الوطنية مقابل ثباتهم في الحكم. دعونا نبني نظماً سياسية على أسس ديمقراطية تحافظ على هوية الأوطان. دعونا نؤكد على حقنا في الحياة من خلال تغليب المصلحة العربية العُليا على المصالح الخاصة، دعونا نضع حداً لتخلفنا، متحررين من المركزية الذاتية التي تؤكد دوماً على “الأنا” متجاهلة الضمير الاجتماعي للشعوب. هيمنة “الأنا” اصابتنا في مقتل! متى نترفع عنها؟ متى يكون هاجسنا مصحة الجماهير المسحوقة؟ متى نوفر لها الحياة اللائمة؟ متى ننحو كحكام منحنى الأوائل؟ تذكروا قوله تعالى: “وما تفعلوا من خير يعلمه الله”. youseffmahmouddd34@gmail.com
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
اليونيفيل يتفقد خلوّ مجرى الليطاني من قوّات “حزب الله”
بيروت (زمان التركية) – أفاد مراسلون بأن قوات “اليونيفيل” والجيش اللبناني تنتشر في الأودية الواقعة عند مجرى نهر الليطاني للتأكد من خلوها من قوات “حزب الله” وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية.
وذكروا أنه تطبيقا لاتفاق وقف إطلاق النار انتشرت قوات اليونيفيل والجيش اللبناني في الأودية الواقعة عند مجرى نهر الليطاني بين دير سريان وعلمان والقصير ويحمر الشقيف وزوطر الشرقية، للكشف على منشآت الحزب ومخازنه ومنصاته.
وقال مراسلون إن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية تحلق بشكل مكثف وعلى علو منخفض في أجواء مجرى نهر الليطاني تزامنا مع تواجد الجيش اللبناني واليونيفيل، مبينة أن طائرات الاستطلاع تحلق بشكل مكثف أيضا في أجواء بيروت والضاحية الجنوبية.
يذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله” دخل حيز التنفيذ فجر يوم 27 نوفمبر الماضي. ومن أبرز البنود التي وردت في الاتفاق:
وقف كامل لإطلاق النار: يلتزم الطرفان بوقف العمليات العسكرية، بما يشمل إطلاق الصواريخ والغارات الجوية.
انسحاب متبادل: القوات الإسرائيلية ستنسحب من جنوب لبنان، بينما يسحب حزب الله عناصره وأسلحته الثقيلة إلى شمال نهر الليطاني.
انتشار الجيش اللبناني: سيتم نشر نحو 10,000 عنصر من الجيش اللبناني في جنوب الليطاني لضمان الأمن ومنع أي أنشطة عدائية.
دور الأمم المتحدة: تعزيز وجود قوات حفظ السلام (اليونيفيل) لمراقبة الالتزام بالاتفاق ومنع أي تصعيد مستقبلي.
التزامات أمنية متبادلة: تعهد بعدم استخدام الأراضي اللبنانية لشن هجمات ضد إسرائيل، والعكس صحيح.
توفير ممرات إنسانية: السماح بدخول المساعدات الإنسانية للمتضررين في المناطق الحدودية.
الاتفاق يعد خطوة مؤقتة لمدة 60 يوما، وتهدف الأطراف إلى استخدام هذه الفترة لإطلاق حوار شامل حول قضايا الأمن والاستقرار في المنطقة.
Tags: إسرائيلالحرب الإسرائيلية على غزةحزب اللهلبنان