جمعهما التكفير والاغتيالات.. أوجه الشبه بين الحشاشين وداعش
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
بعد تصدر مسلسل الحشاشين لترند الأعمال الدرامية الرمضانية عام 2024، تكشف «البوابة» أوجه التشابه بين هذه الفرقة التاريخية، وتنظيم «داعش» الإرهابي من خلال عدة عوامل على النحو التالي:
ظروف النشأة
تشابهت نشأة كل من فرقة الحشاشين وتنظيم «داعش» من حيث الظروف السياسية المضطربة التي نشأت فيها كل منهما رغم السياقات التاريخية المختلفة، حيث استغل "الحشاشون" بداية الضعف الذي دب في الخلافة الفاطمية داخل مصر وناصبتها العداء، في حين استغل «داعش» حالة الضعف في الذي ساد كلًا من العراق وسوريا.
أساليب التجنيد
اعتمد التنظيمان على أساليب تجنيد متشابهة، حيث إلغاء العقل وتقديس زعيم التنظيم، فقد سلم "الحشاشون" عقولهم للإمام المعصوم –حسب زعمهم، في حين بايع الدواعش خليفتهم المزعوم، واستغل التنظيمان حالة التمزق والضعف التي تعيشها الأمة الإسلامية، ليحثوا العناصر المستهدفة بالتجنيد على الانضمام لهم لاستعادة الوحدة التي تتميز برابطة قوية من الولاء بين عناصرها والتفاني في الخضوع للزعماء، مثلما حرص داعش على استثمار فشل المسارات السياسية للتغيير في المنطقة العربية، وحالة الإحباط السائدة نتيجة لتردي الحالة المعيشية، وتنامي الخطاب المعادي للإسلام والمناوئ للشريعة، من قبل بعض التيارات، مع عجز المؤسسات الدينية الرسمية على مواجهتها؛ لاستقطاب عناصره.
وفي حين استهدف مؤسس الحشاشين في تجنيده فئة البطالين والفساق؛ ووفَّر لهم الإقامة الباذخة نسبيًا والممولة من السرقة والسلب، وأسقط عنهم الفرائض، وقصَّر طريقهم إلى الجنة في طاعة الإمام وحده دون التزام بأحكام الشريعة وفرائض العبادات، وخدرهم بوعوده وبستانه النضر، فإن داعش حرص على استقطاب عناصر من تنظيم القاعدة، وآخرين من الفصائل السورية المقاتلة (لا سيما أحرار الشام وجيش الإسلام) وأتباع (التيار الجهادي) عمومًا في سائر البلدان الإسلامية، علاوة على تجنيد الشباب عبر الإنترنت خصوصًا في الدول الأوروبية.
واستهدفت كلتا الجماعتين فئات الشباب المُحبطين والباحثين عن الانتماء، مستغلتين شعورهم بالظلم والتهميش، مع تقديم تُقدم وعود كاذبة بـ "الجنة" و"الحور العين" و"الخلافة الإسلامية" لجذب الشباب المُتطلع إلى تغيير الواقع.
الشعارات المرفوعة
قام الخطاب الداخلي لأتباع الحشاشين على تحقيق الطاعة التامة والفداء والتضحية والزهد، وشعارهم ودعايتهم الزائفة إقامة الإمامة للمسلمين، في حين أعلن «داعش» صراحةً عن هدفه بـ (إقامة الخلافة الإسلامية) المزعومة و(تطبيق الشريعة الإسلامية) كشعارات خادعة، تستخدم كذريعة للتغطية على أهدافهما الحقيقية، مثل السيطرة والنفوذ والوصول إلى السلطة.
الجرائم التي قاموا بها
تُمارس كلتا الجماعتين العنف والإرهاب ضد المدنيين، مُستهدفةً زعزعة استقرار المجتمعات، حيث اختار الحشاشون أسلوب المؤامرات والتخفي والاغتيالات والعمليات الانتحارية؛ لإقامة دولتهم، وكانوا بحق الإرهابيين الأول الذين استطاعوا تطويع الإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية، وعلى الخطى ذاتها سار «داعش»، الذي شرع في تهجير بعض الأقليات غير المسلمة، وأقام الحدود الشرعية في المناطق التي خضعت له؛ مستخدمًا أداة لتصفية مخالفين لداعش في الرأي، ثم انتهى إلى تصفية كثير من العناصر المناوئة للنظام العراقي.
كما ساهم في تصفية الثورة السورية وإضعاف جميع فصائلها التي لم تحظ بتسهيلات عسكرية أو لوجيستية كتلك التي حظي بها التنظيم، الذي أفسح له المجال أيضًا للاستيلاء على مناطق إستراتيجية كآبار النفط ومصافيها.
ونفذ التنظيم عمليات اغتيال ممنهجة ضد كلِّ مَن يمثل خطرًا على الأنظمة العراقية والسورية الموالية لإيران، وقدم مبررًا لتشكيل حرس ثوري عراقي (ميليشيا الحشد) طائفي تمامًا بخلاف الجيش العراقي الذي تراجع دوره، وكذلك وصف الثورة السورية بالإرهاب، وهو ما أبقى النظامين العراقي والسوري قائمين.
العلاقات مع القوى المعاصرة
أقامت كلتا الجماعتين علاقات مشبوهة مع بعض الدول والقوى، مُستفيدةً من دعمها لتحقيق أهدافها، ففي القرن الثالث عشر الميلادي أصبح الحشاشون أنفسهم تابعين لفرسان الإسبتارية، وانضمت كتيبة من الحشاشين تحارب إلى جانب بريموند حاكم أنطاكية ضد نور الدين بن زنكي، بعد أن ألغى الأذان الشيعي في حلب عام ١١٤٨م.
في حين يُنظَر لداعش على نطاق واسع باعتباره صناعة استخباراتية، حيث نجح في إفشال كل المشاريع النهضوية في العالم العربي، وكان له علاقات مشبوهة بدول كالولايات المتحدة، والنظام العراقي، والنظام الإيراني وفرنسا، وبعض ميليشيات ليبيا؛ وعلى الرغم من أن التنظيم يبدو في ظاهره "جهادي سلفي"؛ إلا أنه في الحقيقة مارس دورًا باطنيًا لا يقل ضررًا عما أحدثه الحشاشون في وقت ما.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحشاشون الحشاشين فرقة الحشاشين مسلسل الحشاشين داعش الاغتيالات فی حین
إقرأ أيضاً:
ما الذي يحدث في العالم ؟
نحن اليوم أمام سؤال كبير لن ندركه بكل أبعاده طالما ونمط التفكير الذي يسيطر في التفاعل مع الأحداث هو نفسه دون تغيير، ثمة أحداث مماثلة قد حدثت في سياق التاريخ البشري حملت إجابات واضحة، لكننا ما نزال نتعامل مع القضايا الكبرى في حياتنا بذات نمط التفكير القديم الذي يؤمن بالكليات دون تحليل، أو تدقيق، أو معرفة الأبعاد والآثار، التي تترك ظلالا على الحياة بكل تموجاتها، ولذلك نجد التاريخ يتكرر في حياتنا، وتتكرر كل مآسيه وأحداثه دون وعي منا أو إدراك.
القضية ليست انسياباً وجدانياً، ولا الحياة عاطفة وطاقات إيمانية، ولكنها نظام دقيق، وقانون أكثر دقة، من أدرك تفاصيله وأبعاده استطاع البناء، وحقق وجودا فاعلا ومؤثرا في الحياة، وربما وجدنا في التاريخ القريب والبعيد ما يؤيد ذلك من خلال التأمل والتفكير، فمثلا في وقعة الخندق لم يمنع القوة الإيمانية من التعامل والتفاعل مع تجارب الأمم الأخرى، فكان الخندق فكرة جديدة غيرت مسارا وأحدثت متغيرا في النتائج، وفي الحديبية كانت هناك قوة مؤمنة ضاربة قادرة على الغلبة لكنها مالت إلى العقل، وقبلت ببنود صلح مجحفة فكان الانتصار من حيث ظن الكثير الهزيمة والهوان، فالعقل هو القوة الموازية للقوة الإيمانية وبتظافرهما يتحقق الوجود، وتنتصر إرادة الخير والعدل في المجتمعات الإنسانية .
والعالم اليوم يخوض صراعا وجوديا في مستويات متعددة ذات أبعاد وثقافات وتغاير كبير، ففي المستوى الحضاري حدث انفجار كبير جعل العالم يبدو كقرية صغيرة، وفي المستوى الثقافي المتعدد والمتنوع تاهت الحقائق والمسلمات ولم تعد هناك من ثوابت بل كادت الرياح أن تموج بكل القضايا ذات المنطق السليم، وقد تعددت وسائل التفاعل الاجتماعي والوسائط، حتى وصل الفرد إلى مرحلة الضياع والتيه، وتعززت قيم جديدة، وضاعت قيم كانت من الثوابت الجامعة للمجتمع البشري، وسادت نظم ثقافة التفاهة والانحطاط، وكل مشاهير الزمن اليوم والمؤثرين من الرعاع وعوام الناس من الذين لا يملكون فكرة أو معرفة سوى فكرة الابتذال والسقوط القيمي والأخلاقي، أما الجانب الاقتصادي فقد تبدلت وتغيرت كل أدواته وعلاقاته وبشكل متسارع وكبير فالغني بين غمضة عين وافتتاحها قد يصبح فقيرا، والفقير قد يصبح غنيا، والصراع اليوم على أشده في العالم، وبالعودة إلى زمن الدولة العربية القديم وتحديدا في زمن الدولة العباسية، نجد اتساع الدولة، وهذا الاتساع في الجغرافيا فرض اتساعا في التفاعل مع الثقافات، ولذلك نشأت مدارس فقهية متعددة تتعاطى مع الواقع الجديد وتدرسه وتحاول أن تشرعنه بالدليل النصي، أو النقلي، أو العقلي، أو الاجتهادي، حتى أصبحت الدولة ذات شأن عظيم يخافها الأعداء ويرسلون الهدايا تودداً إليها، فكان وجود الدولة الإسلامية قويا وقائدا للمجتمع الإنساني والحضاري والثقافي والتقني والعلمي، وبعد أن دبَّ الضعف في أركانها وتشتت أمرها بزغت الحضارة الغربية على أنقاضها واستفادت من العلوم والمعارف التي تركتها بين ظهرانينا، فكان العلماء المسلمون هم النبراس الذي أضاء مسالك الحضارة المعاصرة، وقد أضافوا إلى تلك المعارف معارف وعلوما جديدة فاشتغلوا دون ملل أو كلل ومال المسلمون إلى الدعة والسكينة دون أن يحققوا وجودا حضاريا وثقافيا جديدا على الرغم من أنهم يحملون رسالة الخيرية إلى البشرية جمعاء .
والسؤال اليوم الذي يجب أن نقف أمامه هو : ما الذي جعلنا نبدو في تصور العالم أننا أمة متوحشة تشكل عبئا على الحضارة الإنسانية المعاصرة وعلى الرفاه والحياة الكريمة ؟ هذا السؤال هو نفسه الذي يبعث فينا روح الهزيمة، وفي السياق روح الانتصار على الذات المنكسرة في كوامن انفسنا، فنحن نملك مقومات الحياة والرفاه ومقومات الحياة الكريمة للإنسان ونملك مقومات الانتصار للإنسان الذي يؤكد ديننا على حريته وتعزيز عوامل التكريم فيه، ويرفض استغلاله واستعباده والحط من قدره أو النيل من آدميته وبشريته، فالإسلام جاء من أجل تحرير الإنسان من عبادة البشر ومن استغلال البشر لبعضهم ليكون إنسانا حرا كريما، ومسار التاريخ الإسلامي وشواهده وقصصه وأخباره كثيرة وهي مبثوثة في التراث الثقافي الذي أم نعد نقرأه، وفي المقابل نجد تاريخ الأمم الأخرى التي توازى وجودها مع بزوع الحضارة الإسلامية يتحدث عن استغلال واستعباد للإنسان بل كادت بعض الأمم أن تأكل بعضها بعضا ولا ترى للبشر أي قيمة أو معنى سوى أنهم موجودون لخدمة أسيادهم الذين امتازوا عليهم بالثروة والسلطة والقوة، هذه الصورة تغايرت مع الضعف الذي أصاب المسلمين وضياع أمرهم وشتاته، ولعل أبلغ عبارة موجزة في هذا الأمر ما قاله أحد أقطاب عصر النهضة العربية الشيخ محمد عبده حين عاد من الغرب فقال : “ذهبت إلى الغرب فوجدت إسلاما ولم أجد مسلمين وعدت للشرق فوجدت مسلمين ولم أجد إسلاما ” وهنا تكمن الإشكالية للسؤال الذي علينا أن نبحث له عن إجابة في عالم اليوم الذي نعيش فيه ونشعر بعدم وجودنا فيه .
اليوم الأمة تباد في الشرق، تباد في فلسطين، وفي لبنان، وفي سوريا، وفي اليمن، وشتاتها وضياعها واضح للعيان، وقضية وجودها في خارطة العالم الجديد لا قيمة ولا معنى له بل هناك من يساهم ويعزز هذا الضياع من بني جلدتنا ممن يتحدثون بلساننا ويؤمنون بديننا ولا سبيل لنا إلا بالعودة إلى مقومات وجودنا الثقافية والحضارية وبدون ذلك سنكون ضحايا هذا العالم المتغطرس والمستغل .