قال الدكتور إبراهيم الهدهد، عضو مجمع البحوث الإسلامية ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، إن سورة الأعراف كما يقول أهل الصفاء من العلماء هي سورة الإنذار والتذكير، كما ينبئ عن ذلك مفتتحها المشرق: {الۤمۤصۤ (١) كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَیۡكَ فَلَا یَكُن فِی صَدۡرِكَ حَرَجࣱ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ (٢)}، ولذلك اختُصت هذه الآية دون سواها من سور الذكر الحكيم بتتابع قصص المرسلين بالترتيب التاريخي على بعثتهم، وركزت دائما على أخذهم العذاب أخذا شديدًا.

وخلال حديثه في درس التراويح توقف رئيس جامعة الأزهر الأسبق عند قول الله: {فَأَلۡقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ ثُعۡبَانࣱ مُّبِینࣱ}، وذكر أن أهل الباطل يقولون إن القرآن الكريم يكرر قصصه ويتناقض فيه، فمرة يصف العصا عند انقلابها بأنها ثعبان مبين، وأخرى يصفها كأنها جان، وثالثة يصفها بأنها حي تسعى، وهذا كله كلام غير متدبر لا يفهم ما سِيق له قصص الذكر الحكيم، والذي يتدبر الذكر الحكيم يرى أن العصا قد انقلبت خمس مرات لا مرة واحدة.

وبيَّن فضيلته أن الله أودع في كل سورة من سور القرآن ما يناسب تحقيق عبرتها، لأن الله تعالى قال: {لَقَدۡ كَانَ فِی قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةࣱ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِۗ مَا كَانَ حَدِیثࣰا یُفۡتَرَىٰ}، وكانت معجزات بني إسرائيل كلها معجزات بصرية لأنهم أهل مادة لا يؤمنون إلا بما يرون، لذلك قالوا: {وَإِذۡ قُلۡتُمۡ یَـٰمُوسَىٰ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةࣰ فَأَخَذَتۡكُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ}، فطلب موسى من ربه أن يراه فقال سبحانه: { وَلَمَّا جَاۤءَ مُوسَىٰ لِمِیقَـٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِیۤ أَنظُرۡ إِلَیۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِی وَلَـٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِیۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكࣰّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقࣰاۚ فَلَمَّاۤ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَـٰنَكَ تُبۡتُ إِلَیۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ}.

وفي ختام درس التراويح، أكد الدكتور إبراهيم الهدهد أن هذه الحلقة السريعة تترجم طبيعة اليهود في التفكير المادي القائم على الرؤية البصرية ومن أوكل نفسه لبصره هزمهم الله، مستبشرًا فضيلته بنصر الله للمسلمين عليهم في شهر رمضان المبارك، سائلًا المولى -عز وجل- ألا يخرج إخواننا الفلسطينيين من هذا الشهر الفضيل الا مجبورين منصورين، ولا يخرج اليهود من هذا الشهر ومن عاونهم إلا مدمرين مشتتين مُذلين كعادتهم كما قال ربنا في كتابه.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أمثل طريق للطمأنينة في الدنيا والآخرة

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر،  ودار موضوعها حول "الاستعداد لشهر رمضان"

وقال الدكتور ربيع الغفير، إن تقوى الله أمثل طريق وأقوم سبيل للطمأنينة في الدنيا والسعادة في الأخرة، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾، لذلك يجب على المسلم الاستعداد لشهر رمضان، وأجلُّ ما يستقبل به هذا الشهر: سلامة الصدور، وطهارة القلوب، وتزكية النفوس، والسيرة لا تطيب إلا بصفاء السريرة ونقاء القلوب، لأنه لا يوجد أجلُّ من استقبال مواسم الطاعات بتوبة صادقة نصوح لله جل وعلا، فيستقبل هذه المواسم، وقد أقلع وتخلَّى عن ذنوبه ومعاصيه التي لطالما قيَّدته، وحرمته من كثير من الطاعات والحسنات ومن أبواب الخيرات.

وأوضح خطيب الجامع، أنه يجب على كل مسلم أن يحرص على ألَّا يدخل عليه رمضان إلا وهو طاهرٌ نقيٌّ، فإن رمضان عطر، ولا يعطر الثوب حتى يغسل، وهذا زمن الغسل، فاغتسلوا من درن الذنوب والخطايا، وتوبوا إلى ربكم قبل حلول المنايا، واتقوا الشرك فإنه الذنب الذي لا يغفره الله لأصحابه، واتقوا الظلم فإنه الديوان الذي وكله الله لعباده، واتقوا الآثام، فمن اتقاها فالمغفرة والرحمة أولى به،  قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾.

وحث خطيب الجامع الأزهر المسلمين على السباق في ميادين الطاعات، ومضمار القربات؛ ليدخل شهر رمضان وقد تهيَّأ العبد تهيئةً إيمانيةً، فيدرك من حلاوة الصيام ولذة القيام ما لا يقدر قدره، فإن قلوب المؤمنين تترقب بلهفةٍ ذاك الشهرَ العظيم، والضيفَ الكريم، الذي يرونه نعمة كبرى، وهبةً عظمى من الرب الكريم، لهذا كان السلفُ -رضي الله عنهم- يجعلون دخول شهر شعبان للاستعداد المبكّر لاستقبال رمضان، حتى لا يدخل عليهم الشهرُ الفضيل إلا وقد روّضوا أنفسَهم على ألوانٍ من الطاعات والقُربات، فشهر شعبان بمثابة الفترة التدريبية التي تسبق دخول مضمار السباق، والبوابةَ الممهِّدة للدخول في السباق الأخروي، فالخيل التي لا تُضمَّر ولا تَتَدرب؛ لا تستطيع مواصلة السباق وقت المنافسة كما ينبغي، بل قد تتفاجأ بتوقّفها أثناء الطريق.

وأضاف أن العاقلُ من عرف شرف زمانه، وقيمة حياته، وعظّم مواسمَ الآخرة، واستعد لهذا الزمن العظيم من الآن، وهيأ قلبَه ليتلقى هبات الله له بقلب سليمٍ، متخفِّف مما ينغّص عليه التلذذ بالطاعات، كأن يجتهد الإنسان في إنهاء ما قد يشغله في رمضان من الآن، وأن يتدرب على بعض أعمال رمضان كصيام ما تيسر من أيام شعبان، وأن يزيد قليلاً على نصيبه المعتاد من صلاة الليل، وأن يزيد قليلاً على وِرده الذي اعتاده من القرآن.

وفي ختام الخطبة أكد الغفير، أهمية التدرب على تلاوة القرآن الكريم في شعبان، كما أن من أعظم ما يعين على تهيئة النفس لرمضان: كثرةُ الدعاء، والإلحاحُ على الله تعالى في أن يبارك له في وقته وعمره، وأن يبارك له في شعبان ورمضان، وأن يجعله في رمضان من أسبق الناس إلى الخير؛ فإن العبد مهما حاول فلا توفيق ولا تسديد إلا بعون الله وتوفيقه، والعبدُ مأمورٌ بفعل الأسباب، واللهُ تعالى كريم، لا يخيّب مَن وقف على بابه، وفعل ما بوسعه من الأسباب.

مقالات مشابهة

  • خريطة إقامة صلاة التراويح وأسماء الأئمة بمساجد الإسماعيلية خلال شهر رمضان
  • شهر الطاعة والمغفرة.. أدعية صلاة التراويح
  • قبل رمضان 2025.. اعرف عدد ركعات صلاة التراويح وكيفية أدائها
  • محافظ أسوان يفتتح معرض أهلاً رمضان بنصر النوبة
  • مساجد كفر الشيخ تتزين لأداء صلاة التراويح 2025.. حملات تطوير وصيانة
  • حكم قراءة القرآن والذكر بين ركعات صلاة التراويح
  • خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أقوم سبيل للطمأنينة في الدنيا والسعادة بالآخرة
  • خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أمثل طريق للطمأنينة في الدنيا والآخرة
  • أفضل الأعمال المستحبة يوم الجمعة.. اغتنمها
  • ليلة الجمعة بدأت منذ ساعات.. الإفتاء: اغتنموا ما تبقى منها بهذا الذكر