أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى العام، أن استرداد طابا هو ثالث الملاحم والمعارك التى انتصرت فيها مصر لاسترداد أراضيها كاملة دون تفريط، بعد معركتين عسكرية ودبلوماسية، ليكلل النصر القانونى مسيرة كفاح الدولة المصرية لاسترداد أراضيها المحتلة.

وأضاف أستاذ القانون الدولى العام، فى حوار لـ«الوطن»، أن مصر توحدت على هدف استرداد طابا، حتى إن أحد أقطاب المعارضة شارك فى وفد مصر الرسمى أمام التحكيم الدولى، لافتاً إلى أن الدولة المصرية رفضت اللجوء لـ«التوفيق» بدلاً من «التحكيم الدولى»، لأنه كان يعنى أن مصر ستفرط فى أرض وتأخذ أخرى، وإلى نص الحوار:

تحتفل مصر اليوم بذكرى استرداد طابا.

. كيف ترى هذا الأمر؟

- إن استرداد طابا هو معركة وملحمة تضافرت بها كل جهود الدولة المصرية حتى حافظنا على الأرض والعرض؛ فملحمة استرداد طابا مثلت نموذجاً للُحمة الجبهة الداخلية للدولة على تحقيق هدف معين؛ فكانت ملحمة قانونية عسكرية تاريخية هندسية جغرافية بمشاركة نخبة من المتخصصين فى تلك المجالات، كما شارك فيها رجال بارزون، حتى ولو كانوا محسوبين على المعارضة، مثل الفقيه الدستورى والدولى الكبير الدكتور وحيد رأفت، وهو قطب من أقطاب حزب الوفد المعارض.

وكيف رأيت لجوء مصر إلى التحكيم الدولى بدلاً من «التوفيق» فى قضية طابا؟

- معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل تُحدد عدة وسائل لحل الخلافات والنزاعات سلمياً، بداية من التفاوض ثم التوفيق ثم التحكيم الدولى، لكن قرار القيادة السياسية المصرية حينها كان رفض التوفيق، لأن التوفيق يعنى أن مصر ستفرط فى أرض على حساب أخرى، والعقيدة المصرية راسخة بأنه لا تفريط فى أرض مهما كانت الظروف.

رئيس الوفد الإسرائيلى توسلت للمحكمة: مصر أخذت سيناء كلها.. اتركوا لنا تلك الأرض الصغيرة

وماذا حدث حينها؟

- التحكيم الدولى مثل القضاء الدولى، وهو إحدى الوسائل الإلزامية القضائية لتسوية النزاعات بين الدول خلافاً للوسائل الدبلوماسية الأخرى، وأصرت مصر حال رفض إسرائيل الانسحاب من طابا مع باقى «المنطقة ج» من سيناء الحبيبة فى أبريل 1982، على إتمام الانسحاب وبحث السبيل الأمثل لهذا الملف.

ورفضت مصر حينها المقترح الإسرائيلى بأن يكون التوفيق بين الدولتين هو وسيلة تسوية النزاع حول طابا وأيلولة أى من الدولتين على طابا وسيادتها عليها، وكان موقف مصر واضحاً باللجوء للتحكيم الدولى، ورضخت إسرائيل للإصرار المصرى واتفقت الدولتان على إحالة النزاع حول طابا إلى التحكيم الدولى.

وما أبرز ملامح القضية حينها؟

- تشكلت هيئة التحكيم الدولى من 5 أعضاء، منهم 3 محكمين محايدين دوليين ومحكم مصرى ومحكم إسرائيلى، وصدر القرار التحكيمى الإلزامى لصالح مصر بأغلبية 4 من المحكمين، أما المحكم الذى رفض الحكم لصالح مصر؛ فكان العضو الإسرائيلى.

وكيف نجحت مصر فى كسب تلك القضية؟

- كان الخلاف بين مصر وإسرائيل حول الانسحاب الإسرائيلى ليس فقط خلاف حول «النقطة الحدودية فى العلامة 91 فى مدينة طابا»، لكن اتسع النزاع بين الدولتين ليشمل 13 علامة حدودية أخرى.

وأعلنت مصر فى مارس 1982 وجود نزاع مع إسرائيل حول بعض العلامات الحدودية فى سيناء، وأكدت مصر تمسكها بموقفها المدعوم بالخرائط والوثائق الدولية التى تثبت تبعية وسيادة مصر على هذه الأراضى والنقاط الحدودية، وأخفقت المفاوضات الثنائية بين البلدين فى تسوية ذلك النزاع، ليتم اللجوء للتحكيم الدولى.

وماذا حدث حينها؟

- قدمت مصر مذكرات رسمية مكتوبة وكذلك إسرائيل إلى هيئة التحكيم الدولية، واستمرت المرافعات 3 أسابيع حتى صدر الحكم لصالح مصر فى 29 سبتمبر 1988، وانسحب آخر جندى إسرائيلى من سيناء، ورفع العلم المصرى على طابا فى يوم 19 مارس 1982.

وكيف أقنعت مصر المحكمة الدولية بعدالة قضيتها؟

- اقتنعت هيئة التحكيم الدولية فى سويسرا بالدفوع المصرية القانونية، وأهمها أنه لم يكن على وجه الإطلاق أى نزاع من قبل على السيادة والحقوق المصرية فى طابا، واستخدم الفريق المصرى مئات الوثائق والخرائط والبرقيات الرسمية وهو ما يمثل 60% من مطالبات مصر بالمدينة، أما باقى الدفوع والأدلة فكانت شهادات عملية على حقوق السيادة على طابا.

وما أبرز الوثائق المقدمة للتحكيم الدولى حينها؟

- من بين الوثائق التى استخدمتها مصر كدليل وثائق وخرائط بريطانية، ومكاتبات لسفراء بريطانيين، ووثائق عثمانية، واتفاقية لندن 1840، ومرسومان عثمانيان صدرا عامَى 1892 و1906، فضلاً عن خرائط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكانت خرائط صادرة باللغة العبرية قبل وبعد 1967، وكل ذلك كشف عن التلاعب الإسرائيلى والتضليل وتشويه الحقائق فى هذه القضية، وأكد «مصرية طابا».

حكم طابا

مصر انتصرت على إسرائيل 3 مرات، الأولى بالسلاح، والثانية بالمفاوضات، والثالثة بحكم القضاء، ولا أنسى أن رئيسة الوفد الإسرائيلى للتحكيم الدولى توسلت وقالت لهم إن مصر أخذت سيناء كلها فى شهر أبريل 1982؛ فلا توجد أزمة من ترك جزء صغير منها لإسرائيل، وهى طابا.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: وثائق السلام

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلى يدمر تراث فلسطين.. "أبو عطيوي": الاحتلال يسعى لطمس كافة معالم القضية الفلسطينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الكاتب الصحفي ثائر أبو عطيوي عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين ومدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، إن فلسطين في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة والمستمرة على قطاع غزة، وتعرض المباني والمساكن العمرانية للتدمير جراء قصف طائرات ودبابات الاحتلال، كان للمواقع الأثرية النصيب أيضا من  تعرضها بشكل متعمد للقصف والعدوان الإسرائيلي، فقد شمل القصف تدمير مواقع حضارية والتاريخية والمعالم الثقافية والعلمية  والمساجد والكنائس، التي تندرج جميعها تحت مسمى المعالم الأثرية في قطاع غزة، لأنها مرت على اكتشافها العديد من الحضارات التاريخية التي جسدت كل حضارة تاريخية على تلك المعالم الأثرية معلما خاصا بهذه الحضارة.

وأضاف “ أبوعطيوي” في تصريحات لـ “ البوابة نيوز” أن المؤسسات الدولية والحقوقية والإنسانية حذرت  من الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها المواقع الأثرية في قطاع غزة، وضرب الاحتلال الإسرائيلى بعرض الحائط لقواعد القانون الدولي وعدم احترامه أو الإلتزام به، وخصوصًا اتفاقيات جنيف ومعاهدة لاهاي الدولية المتعلقة بحماية الإرث الثقافي في اوقات النزاعات والحروب، موضحًا أنه وفقا للاحصائيات الموثقة فإن تم تدمير ما لا يقل عن 200 أثري وتراثي من أصل 350 موقعا أثريا وتراثيا مسجلا في قطاع غزة.

وأكمل مدير مركز العرب للأبحاث حديثه قائلاً :لا تعد هذه المرة الأولى التي ينتهك بها الاحتلال الإسرائيلى للمواقع الأثرية والثراثية في قطاع غزة بل على مدى الحروب السابقة تم استهداف العديد من المواقع الأثرية وكان الاستهداف بشكل جزئي  اما الاستهدافات في هذه الحرب المستمرة فكان الاستهداف مباشر وبشكل كلي ومتعمد واو تدمير شبه كامل للمعالم الحضارية والتاريخية والأثرية بقطاع غزة.

واستطرد: إن محاولات التدمير الجديدة والمتواصلة لكافة المعالم الأثرية والتاريخية والحضارية والدينية والثراثية والعلمية كلها تأتي في مساعي الاحتلال لطمس كافة معالم القضية الفلسطينية وبكل شأن يتعلق بالدلالة على اسم فلسطين وتاريخها وحضارتها وهذا ليس في قطاع غزة فقط بل  كافة الأراضي الفلسطينية، وكذلك سرقة العديد من معالم التراث في الملابس والازياء والاطعمة الفلسطينية والعمل على انتسابها لتاريخ الاحتلال الإسرائيلي المزيف، مشيرًا إلى أن  تدمير الإرث الثقافي الإنساني بكافة معالمه الأثريةوالتراثية هو أحد أهداف الاحتلال منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1948، وهذا يأتي في سياق التدمير الممنهج والمدروس لكل ما هو فلسطيني أو أي شيء يدل على فلسطين الهوية والتاريخ والحضارة والثقافة.

ولهذا المطلوب من المؤسسات العالمية الإنسانية والحقوقية و المعنية وذات العلاقة بالاثار والتراث أن تقف أمام مسؤوليتها وتقوم بحماية ما تبق من معالم أثرية وتراثية في كافة الأراضي الفلسطينية وأن تعمل ضمن مشروع عالمي على إعادة إعمار وترميم المواقع الأثرية التي تعرضت لقصف طائرات ودبابات الاحتلال بشكل شبه كامل أو تدمير جزئي.

وأكد "أبوعطيوي" إن إعادة واعمار المواقع والمعالم الحضارية والتاريخية والأثرية والثراثية التي تضررت من حرب الإبادة على قطاع غزة هي إعادة الحياة لقطاع غزةو للهوية الوطنية السياسية والإنسانية لشعبنا الفلسطيني وعدالة قضيته، لأنها تعتبر من أحدث الشواهد والدلائل الراسخة  على وجود الانسان الفلسطيني على هذه الأرض منذ الأزل وقبل وجود أي كيان مستعمر ومحتل قبله، وهنا تستحضرنا  مقولة الشاعر الراحل محمود درويش: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" والمعالم الحضارية العريقة والاثرية والتراثية احد معالم الحياة التي تستحق الحياة والوجود بدلا من آلة التدمير الإسرائيلية.

واختتم حديثه بأن أهم المعالم الأثرية والتراثية والدينية التي تم استهدافها على سبيل الذكر لا الحصرفي وفق الاحصائيات الموثقة 250 موقعا ومعلما اثريا وتراثيا من أصل 350 موقعا في قطاع غزة ، والتي منها المسجد العمري الكبير، وكنيسة القديس بريفيريوس، وتل أم عامر وتل العجول، وحمام السمرة ، وقلعة برقوق، ومركز رشاد الشوا الثقافي، والمركز الاجتماعي الثقافي الأرثوذكسي 
ومسجد عثمان قشقار ،ومخزن آثار غزة ، وبيت السقا الأثري وبين الغصين الأثري.

 

مقالات مشابهة

  • أستاذ قانون دولي: المعارضة الإسرائيلية ضعيفة أمام حكومة نتنياهو
  • أستاذ تنمية مستدامة: المنتجات الزراعية المصرية تحظى بطلب كبير في أكثر من 196 سوقًا
  • أستاذ قانون دولي: المعارضة الإسرائيلية تعاني تشرذما أمام حكومة نتنياهو
  • الاحتلال الإسرائيلى يدمر تراث فلسطين.. "أبو عطيوي": الاحتلال يسعى لطمس كافة معالم القضية الفلسطينية
  • أستاذ تنمية مستدامة: المنتجات الزراعية المصرية مطلوبة في 196 سوقا عالمية
  • أستاذ قانون دستوري يوضح كيفية التصدي للشائعات| فيديو
  • منظمة حقوقية تدعو إلى موقف دولي حازم إزاء العدوان الإسرائيلي على المنشآت الحيوية في اليمن
  • رئيس «اتحاد التأمين»: القانون الجديد سيزيد عدد المتعاملين بالسوق
  • الهيئة الدولية لدعم فلسطين: نثمن الجهود المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة
  • «هيئة دعم الشعب الفلسطيني»: نثمن الجهود المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة