هل تحل تركيا عقدة العمال الكردستاني على حدودها مع العراق؟
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
تشهد العلاقات التركية العراقية تقدما ملحوظا في الآونة الأخيرة عقب الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى التي ستتوج في نيسان /أبريل القادم بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد، ليكون بذلك أول رئيس من بلاده يزور العراق منذ عهد تورغوت أوزال في تسعينيات القرن الماضي.
والخميس الماضي، انعقدت قمة أمنية بين الطرفين حضرها من الجانب التركي، وزير الخارجية هاكان فيدان، والدفاع يشار غولر، ورئيس الاستخبارات إبراهيم قالن، وأحد نواب وزير الداخلية.
ومن الجانب العراقي، حضر وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير الدفاع ثابت محمد العباس، ورئيس هيئة الحشد الشعبي، ونائب مدير وكالة المخابرات، ووزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان.
وجاء الاجتماع الأمني رفيع المستوى في وقت تسعى فيه تركيا إلى إنهاء تهديدات حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" المدرج على قوائم الإرهاب لديها هذا الصيف، وإنشاء ممر أمني شمالي العراق في منطقة تتراوح ما بين 30 إلى 40 كيلومترا، للضغط على التنظيم الذي شن نهاية العام الماضي هجمات دامية على الجيش التركي.
وفي البيان الختامي الذي تمخضت عن القمة التي تعد استمرارا للمحادثات التي عقدت بالعاصمة التركية أنقرة في 19 كانون الأول /ديسمبر 2023،، اتفق الطرفان على تكثيف العمل على مذكرة التفاهم من أجل خلق الإطار الهيكلي في مختلف مجالات العلاقات بين البلدين وبالتالي إنشاء آليات اتصال منتظمة.
كما تقرر إنشاء لجان دائمة مشتركة تعمل في مجالات مكافحة الإرهاب والتجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل.
كما تم تصنيف حزب العمال الكردستاني لأول مرة على أنه "منظمة محظورة" في العراق، وذلك بعد وصفه من قبل الجانب العراقي بأنه "تهديد مشترك" في اجتماعات كانون الأول /ديسمبر 2023.
بالإضافة إلى ذلك، تم ذكر الكفاح المشترك لأول مرة وتم التأكيد على أن حزب العمال الكردستاني يستخدم الأراضي العراقية لاستهداف تركيا، حسب وكالة الأناضول.
وشدد الطرفان على بذل كافة الجهود لإنجاح الزيارة التي وصفت بـ"التاريخية" للرئيس التركي أردوغان إلى العراق، والتي من شأنها أن توفر قفزة إلى الأمام في العلاقات الثنائية وتضع اللمسات الختامية على الجهود الدبلوماسية التي نشطت بين البلدين المجاورين في الآونة الأخيرة.
ما أهداف أنقرة؟
الصحفية التركية هانده فرات، أشار إلى أن حكومة بغداد تؤيد تنفيذ مشروع "الطريق التنموي" في أسرع وقت ممكن، موضحة أن "إنشاء منطقة خالية من المنظمات الإرهابية أمر لا بد منه لهذا المشروع، حيث يستخدم تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي الأراضي العراقية"، حسب تعبيرها.
وشددت في مقال لها نشر في صحيفة "حرييت" المقربة من الحكومة، على ضرورة أن "لا ننسى عندما يتم الحديث عن العراق، الحكومة الإقليمية وقوة الحشد الشعبي"، موضحة أن "أنقرة تواصل مفاوضاتها مع كافة الأطراف في العراق، وخاصة حكومة بغداد، ضد التنظيم الإرهابي".
ويشار إلى أن بغداد وأنقرة لم تصلا إلى تفاهم من قبل بشأن حزب العمال الكردستاني المصنف على قوائم الإرهاب في تركيا، يضمن إزالة المخاوف التركية من التنظيم الذي تصاعدت هجماته ضد جنودها على الحدود مع الأراضي العراقية خلال الآونة الأخيرة.
وحول أهداف أنقرة من الحراك الدبلوماسي والأمني المكثف، أوضحت فرات أن "تركيا نقلت معركتها بعملية القفل المخلب، التي أطلقتها عام 2019، إلى الخط الواقع على حدود تركيا مع العراق وأنشأت قواعد مؤقتة".
وأوضحت أن الهدف من ذلك "هو إغلاق هذا الخط بشكل كامل.. بمعنى آخر، سد الثغرات المفتوحة وإنشاء ممر أمني بطول 30-40 كيلومترا بالتعمق في بعض الأماكن لبسط الأمن بشكل كامل، بما في ذلك اتخاذ تدابير مثل سد الفجوة بين ميتينا وزاب تمامًا، وإزالة جارا من كونها تهديدا".
ومطلع آذار / مارس الجاري، حدد أردوغان، الصيف المقبل موعدا لإكمال "الطوق الذي سيؤمن حدودها مع العراق"، مجددا رغبة بلاده في تأمين الحدود الجنوبية مع سوريا لـ 40 كيلو مترا.
وقالت الصحفية التركية، إنه "في حال إنشاء مركز العمليات المشتركة الذي طرحته أنقرة على جدول الأعمال، سيتمكن البلدان من تحقيق نتائج أسرع ضد التنظيم الإرهابي"، مستدركة بالتأكيد على أهمية أن "يتخذ العراق الذي يريد مسار التنمية بشدة ويدرك الأضرار التي أحدثها التنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني) على أراضيه، عليه أن يدرج حزب العمال الكردستاني في قائمة المنظمات الإرهابية، أي يعلنه رسميا منظمة إرهابية. وكان الإعلان عن حظر حزب العمال الكردستاني في البيان المشترك خطوة إيجابية على صعيد تطوير العلاقات"، على حد قولها.
"تهديد مشترك"
بدوره، رأى الباحث التركي المختص بالشأن العراقي في مركز الدراسات الإستراتيجية في الشرق الأوسط "ORSAM"، بيلغاي دومان، أن "تنظيم حزب العمال الكردستاني بدأ يشكل تهديدا كبيرا للعراق. ويعرّف المسؤولون العراقيون أيضا حزب العمال الكردستاني بأنه تهديد وخطير".
وأضاف في مقال تحليلي نشرته وكالة الأناضول، أنه "بعد العمليات التي نفذتها تركيا في شمال العراق، ظهرت عملية تم من خلالها قمع وجود حزب العمال الكردستاني في المنطقة الجبلية في الشمال، ونقله إلى داخل العراق. ويبدو أن منظمة الإرهابية أصبحت تشكل خطرا على المناطق التي يعيش فيها التركمان، مثل السليمانية، كركوك، مخمور، سنجار، كفري، توزورماتو، تلعفر. وبعبارة أخرى، فإن حزب العمال الكردستاني يهدد أيضا سيادة العراق"، حسب قوله.
وشدد دومان على أنه "من المهم للغاية بالنسبة لبغداد في هذه المرحلة أن تحل مشكلة حزب العمال الكردستاني قبل أن تتفاقم في العراق، الذي حقق استقرارا نسبيا في العامين الماضيين".
وأكد أهمية هذه الخطوة بالنسبة للجانب العراقي الذي يطمح إلى تعزيز مشاريع التنمية، "لاسيما فيما يتعلق بمشروع طريق التنمية، الذي ينص على بناء خط سكة حديد وخط طريق من ميناء العراق في البصرة إلى الحدود التركية"، موضحا أنه "من الضروري القضاء على حزب العمال الكردستاني، سواء من أجل أمن هذا المشروع أو مستقبله. لتطوير التعاون بين تركيا والعراق. لأن وجود منظمة إرهابية لا يسبب مشاكل عسكرية فحسب، بل أيضا مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية".
ومن ناحية أخرى، لفت الباحث التركي إلى "تأثر العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين سلبا أيضا بسبب استهداف التنظيم الإرهابي لخطوط الطاقة بين الحين والآخر. وكما هو معروف، وبسبب العلاقة الوثيقة بين الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب العمال الكردستاني، أوقفت تركيا رحلاتها إلى السليمانية وأغلقت مجالها الجوي. كما يمنع هذا الوضع العلاقات بين تركيا والعراق من الانتقال إلى المستوى التالي".
وبناء على ما سبق، أوضح دومان أن "الاجتماع الأمني الذي عقد في العراق له معنى أوسع من اسمه"، مشيرا إلى أن "الخطوات المتخذة لإنهاء وجود منظمة حزب العمال الكردستاني في العراق مهمة للغاية ليس فقط من الناحية العسكرية، ولكن أيضا لجميع القضايا التي تهم العلاقات بين البلدين وستمكن من إقامة مستقبل مشترك. وعلى وجه الخصوص، فإن عقد مثل هذا الاجتماع قبل الزيارة إلى العراق، المقرر إجراؤها في نيسان /أبريل، كما أعلن أردوغان، قد يؤدي إلى الخطوات التي سيضعها أردوغان في نهايتها".
ما تبعات التقارب بين بغداد وأنقرة على "العمال الكردستاني"؟
يرى الصحفي التركي فكريت آكفرات أن "الشراكة بين أنقرة وبغداد ستضمن أن تصبح المنطقة التي هيمن عليها حزب العمال الكردستاني بعد عام 1991 غير آمنة على الإطلاق بالنسبة له".
وأوضح في مقال نشر في صحيفة "آيدن ليك" التركية، أنه من "خلال سلسلة عمليات المخلب، دمرت تركيا معسكرات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وسيطرت إلى حد كبير على طرق عبور الإرهابيين من المنطقة إلى تركيا. لكن بفضل الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، يتحرك حزب العمال الكردستاني بحرية في المنطقة الواقعة بين العراق وسوريا".
ولفت إلى أنه "تم التوصل إلى اتفاق بين بغداد وأربيل عام 2020 لتطهير المنطقة من حزب العمال الكردستاني. لكن لم يتم تنفيذه بشكل كامل بسبب الخلاف بين حكومة الإقليم والحشد الشعبي. وفي هذا الصدد، من المهم أن يكون ممثلون عن الجانبين حاضرين في الاجتماع بين وفدي أنقرة وبغداد".
وشدد على إمكانية أن "يلعب مسار التنمية من العراق إلى تركيا، الذي كان على جدول أعمال اجتماع بغداد، دورا مهما في هذه المرحلة"، موضحا أن "ضمان تركيا والعراق بشكل مشترك لأمن طريق التنمية الذي يمر عبر هذه المنطقة سيخلق الأساس للقضاء على حزب العمال الكردستاني من المنطقة. علاوة على ذلك، فإن الاستمرار في هذه الخطوة مع الشراكة بين أنقرة ودمشق سيكمل الحلقة المفقودة"، حسب قوله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية العراقية أردوغان بغداد تركيا العراق تركيا أردوغان بغداد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العمال الکردستانی فی التنظیم الإرهابی بین البلدین فی العراق
إقرأ أيضاً:
عقدة تشكيل حكومة الإقليم تتفاقم بسبب التمسك بـالوجوه القديمة
بغداد اليوم- السليمانية
كشف الباحث في الشأن السياسي حكيم عبد الكريم، اليوم الجمعة (22 تشرين الثاني 2024)، عن السبب الرئيسي لتأخر تشكيل حكومة إقليم كردستان.
وقال عبد الكريم في حديث لـ"بغداد اليوم" إن "السبب المباشر وراء عقدة الإقليم يعود لتمسك الحزبين الحاكمين بمطالبهم وشروطهم التعجيزية".
وأضاف أن "كل حزب متمسك بمرشحيه للمناصب السيادية، خاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يصر على عودة ذات الأسماء لشغل مناصب رئاستي الإقليم والحكومة، في حين يرفض الاتحاد الوطني هذه الأسماء".
وأشار عبد الكريم إلى أنه "بدون تنازلات حقيقية من الحزبين، لن تتشكل الحكومة وستطول المدة، لأكثر من خمسة إلى ستة أشهر، بسبب الرفض للأسماء المرشحة".
ووفقا للنتائج التي أعلنتها مفوضية الانتخابات فقد توزعت المقاعد بواقع 39 مقعدا للحزب الديمقراطي الكردستاني، و23 آخر لحليفه التقليدي الاتحاد الوطني الكردستاني وصعود حراك الجيل الجديد إلى المرتبة الثالثة بـ15 مقعدا، وخسارة حركة التغيير.