عدنان علامه: تربع نتنياهو بجدارة على قمة عرش النرجسية بعد إزاحة نيرون
تاريخ النشر: 26th, July 2023 GMT
عدنان علامه نجح نتنياهو بإمتياز في حماية نفسه من المحاكمة بتهم الفساد الثابتة عليه وعلى زوجته بعد 30 إسبوعًا من المظاهرات الحاشدة بإلغاء الكنيست بند “حجة المعقولية” أمس؛ والذي كان يسمح بالرقابة على الحكومة وقرارات الوزراء. وكان قرار الكنيست بالموافقة على إلغاء بند “حجة المعقولية” بمثابة الضربة القاضية على القضاء وهو المعقل الوحيد لليسار الذي كان يفرض بموجبه عمل الرقابة على الحكومة؛ وكان أيضًا الضربة القاضية على تماسك الجيش والمؤسسات الداخلية.
فقد أصبح الشرخ في المجتمع الصهيوني إنقسامًا عاموديًا حادًا جدًا لا يمكن توحيده مهما حصل. وقد فتح هذا الإنتصار شهية أطراف الإئتلاف الحكومي الأكثر يمينية وتطرفَا وعنصرية في تاريخ الكيان لتحقيق المزيد من الحد من رقابة القضاء على الحكومة. فانتهز هذه الفرصة الذهببية بعض أعضاء الكنيست من كتلة “يهدوت هتوراة” وقدموا مشروع قانون أساس يصف الدراسة في معاهد تدريس التوراة (ييشيفاه) بأنها “خدمة هامة”، تكون موازية للخدمة العسكرية. ويهدف القانون إلى إعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية، وهو يأتي ضمن خطة إضعاف جهاز القضاء. ولا بد من الإطلاع على مفهوم “النرجسية” عند كل من نتنياهو ونيرون؛ وبند ” حجة المعقولية”؛ لأنهما ستتسبان بتآكل الكيان المؤقت بسرعة قياسية لم ولن يتوقهعا أحد. وفي توصيف دقيق جدًا للوضع الداخلي الحالي في الكيان الصهيوني؛ فقد أصبح كعصا النبي سليمان عليه السلام التي كان يتكئ عليها، فنخرها السوس وإنهارت؛ وانهارت بعدها رفات النبي سليمان، فعرف الجن حينئذ بوفاة النبي سليمان عليه السلام. وننتقل سويًا إلى تعريف النرجسية: “إن النرجسية نزعة تتوجه فيها كافة مشاعر واهتمامات الإنسان إلى شخصه: جسده، وعقله، ومشاعره، واهتماماته الشخصية”. وبالتالي، فالنرجسي ليس عنده حب، أو تعاطف، أو عقلانية، أو حكم موضوعي. فإن الشخص النرجسي يبني جدارًا غير مرئي حول نفسه. وهو يرى نفسه أنه كل شئ، والعالم لا شئ، أو بالأحرى: هو العالم. وإن جنون عظمة نتنياهو ونرجسيته وتركيزه على نجاة نفسه من العقاب، وتقليص دور رقابة القضاء على قرارات الحكومة والوزراء، قد منعوه من رؤية حقيقة مئات الآلاف من المتظاهرين بشكل يومي وعلى مدى 30 إسبوعًا؛ الأمر الذي أدى إلى الشرخ العامودي الحاد بين يسار ملزم على الخدمة الإجبارية وبين يمين متفلت منها بحجة التدين، ومما زاد الطين بلة أن جماعة من “الحريديم” أي المتشددين المتدينين تقدموا بمشروع قانون مثير للجدل منذ بدء آلاحتلال يساوون فيه درس التوراة بالمدة الفعلية للخدمة العسكرية الإلزامية . واما بالنسبة لنيرون فأن أشهر جرائمه على الإطلاق كان حريق روما الشهير سنة 64 م حيث راوده خياله أن يعيد بناء روما، وبدأت النيران من القاعدة الخشبية للسيرك الكبير حيث شبت فيها النيران وانتشرت بشدة لمدة أسبوع في أنحاء روما، والتهمت النيران عشرة أحياء من جملة أنحاء المدينة الأربعة عشر. وبينما كانت النيران تتصاعد والأجساد تحترق وفي وسط صراخ الضحايا كان نيرون جالساً في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق الذي خلب لبه وبيده آلة الطرب يغنى أشعار هوميروس التي يصف فيها حريق طروادة. هلك في هذا الحريق الآلاف من سكان روما واتجهت أصابع اتهام الشعب والسياسييّن تشير إليه بأنه هو المتسبب في هذا الحريق المتعمد، وتهامس أهل روما بالأقاويل عليه وتعالت كلماتهم وتزايدت كراهية الشعب نحوه، وأصبح يحتاج إلى كبش فداء يضعه متهماً أمام الشعب. فنتنياهو اراد أن يتهرب من المحاكمة بتهم الفساد، فاستبطن مشروع الإصلاح القضائي ولم يستمع إلى نصائح السياسيين والعسكريين في الداخل والخارج وحتى الرئيس بايدن طيلة 30 أسبوعًا؛ ومضى في تنفيذ حلمه ونجح في ذلك أمس. فلنطلع سويًا على “حجة المعقولية” التي ألغاها الكنيست. فالأمر يتعلق بتعديل من شأنه الحد من قدرة المحكمة العليا على إبطال قرارات للحكومة والوزراء حال اعتبارها “غير معقولة”. ويقول المؤيدون إن هذا سيسمح بحوكمة أكثر فعالية ويترك للمحكمة في الوقت نفسه مجالا واسعا للرقابة القضائية. ويقول المنتقدون إن التعديلات ستفتح الباب أمام الفساد وإساءة استخدام السلطة. ويعتقد المحتجون أن خطرًا يحدق بالديمقراطية، ويخشى كثيرون أن يقلص نتنياهو والحكومة اليمينية المتشددة استقلال القضاء مع ما ينطوي عليه ذلك من عواقب دبلوماسية واقتصادية وخيمة، ويدفع نتنياهو ببراءته في قضية فساد قائمة منذ فترة طويلة ويجعل ذلك من نتنياهو حاكمًا بأمره يحكم بدون أية رقابة، إي ديكتاتورًا بكل ما للكلمة من معنى. فنتنياهو بجنون عظمته ونرجسيته قد استطاع أن يزيح نيرون عن قمة العرش الذي تربع عليه حوالي 20 قرنًا. والفرق بأن نتنياهو قد ساهم بقرار واحد فقط في تآكل الكيان الغاصب وقوة ردع جيشه من الداخل وستكون التداعيات كارثية وستتساقط قريبَا المؤسسات كتساقط أحجار الدومينو. وسيتسبب الإئتلاف الحكومي اليميني المتغطرس في خراب الكيان بسرعة متزايدة لأن الإئتلاف كان على أساس المصالح وليس على أي أساس آخر ؛ وبالتالي ستزداد نسبة هجرة رؤوس المال والمستوطنين إلى أكثر من 50% طلبًا للأمن الذي سيصبح مفقودًا. وإن غدَا لناظره قريب عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
الجراح الفلسطيني عدنان البرش.. من مستشفيات غزة إلى الشهادة في سجون الاحتلال (شاهد)
استشهد الطبيب الفلسطيني الشهير، وجراح العظام في قطاع غزة، عدنان البرش، في سجون الاحتلال خلال الحرب على قطاع غزة، بعد أن تعرض للتعذيب على يد قوات الاحتلال، وترك وراءه قصصا كبيرة من عمله في القطاع رغم الحرب والحصار، كما نشر موقع شبكة "سكاي نيوز".
وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21، إن الدكتور عدنان البرش أمضى معظم حياته المهنية جراح عظام شهير في علاج الأطراف المكسورة في مستشفى الشفاء بغزة، وكان واحدًا من أفضل الأطباء المدربين في القطاع.
عمل على مدار الساعة
عندما اندلعت الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان يعمل على مدار الساعة؛ وتُظهره الصور الموجودة على هاتفه المحمول وهو يحفر بمجرفة هو وزملاؤه قبورًا جماعية بينما كانت أصوات الانفجارات تدوي خلف جدران المستشفى.
بعد فترة وجيزة من اندلاع الصراع، أدرك الجراح وزوجته ياسمين أن عالمهما قد تغير إلى الأبد. وتتذكر ياسمين أنها قالت له مع بداية الحرب إنه سيكون هناك الكثير من العمليات الجراحية وسيحتاجون إلى مساعدته، فذهب إلى المستشفى لاستقبال الجرحى وبقي هناك لمدة 24 ساعة دون راحة، وكان يقضي أيامه في غرفة العمليات وينام ليلًا في غرفة الأطباء.
كما كان يحتفظ بمذكرات من نوع خاص على هاتفه المحمول، يوثق فيها المشاهد المأساوية التي كانت تتكشف من حوله، وقال وهو يصور أحد المشاهد في غرفة العمليات المزدحمة: "رغم الألم، نحن صامدون".
وأشار الموقع إلى أن إسرائيل ادعت وجود أنفاق تحت مستشفى الشفاء، وبينما كانت القوات الإسرائيلية تتقدم نحو المبنى، وثق الدكتور البرش الأجواء داخله؛ حيث يُظهر مقطع فيديو آخر على هاتفه المحمول أحد زملائه في غرفة الموظفين وهو يتذكر محادثة مؤلمة مع زوجته.
وبحلول منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، كان مستشفى الشفاء تحت حصار القوات الإسرائيلية، وبعد أسبوع، صدرت الأوامر بإخلاء المرضى والموظفين ونحو 50,000 نازح من السكان الذين كانوا يحتمون حوله.
وقد صوّر الدكتور البرش مشهد الصفوف الطويلة من الناس وهم يسيرون باتجاه جنوب غزة، لكن الجراح المخضرم لم يتبعهم، بل اتجه إلى الشمال الشرقي، وتحديدا إلى المستشفى الإندونيسي في شمال غزة، وما وجده هناك عند وصوله أصابه بالصدمة؛ حيث قال في مقطع فيديو إنه وجد بعض الجرحى ينتظرون إجراء عمليات جراحية منذ أكثر من عشرة أيام، وكانت جروحهم ملتهبة بشدة.
وفي 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، حاصرت الدبابات الإسرائيلية المستشفى الإندونيسي، وتم إطلاق القذائف على الطابق الثاني واستشهد 12 شخصًا على الأقل.
نجا الدكتور البرش وأصيب بخدوش طفيفة، لكن المدخل الأمامي للمبنى تم تدميره بالكامل، وقال في مقطع فيديو آخر: "الدمار في كل مكان".
تهديد واعتقال
بحلول أوائل كانون الأول/ ديسمبر 2023، انتقل الدكتور البرش إلى مستشفى صغير في الشمال يسمى مستشفى العودة، وتُظهره الصور المنشورة على صفحة المستشفى على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يفحص المرضى والإرهاق ظاهر على وجهه.
قتلوه قتلهم الله
الدكتور عدنان البرش شهيداً، بعد أن قتله العدو تحت التعذيب.
الدكتور عدنان من كبار جراحي العظام في قطاع غزة، وثبت طوال الحرب في مستشفى الشفاء، وبعد اقتحام المستشفى أول مرة خرج وانطلق من فوره، لا لبيته، وإنما ليكمل مهمته في مستشفيات الشمال (كمال عدوان و مستشفى… pic.twitter.com/JiR9NS5Eqm — Saeed Ziad | سعيد زياد (@saeedziad) May 2, 2024
وقد حاصر الجيش الإسرائيلي المستشفى في 5 كانون الأول/ ديسمبر، وكان الموظفون قلقين مما قد يفعله الجنود. وفي نهاية المطاف، أخبرهم مدير المستشفى أن عليهم مغادرة المبنى.
وقال الدكتور الدكتور محمد عبيد، صديق الدكتور البرش وزميله، إن المدير أخبرهم أن الجيش الإسرائيلي لديه بيانات كاملة عن جميع الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و65 سنة في مستشفى العودة، وأنهم أخبروه أنه إذا لم يخرج جميع الرجال فسوف يدمرون مستشفى العودة بكل من فيه من نساء وأطفال. وقد خرج الرجال من المستشفى وتم اعتقال خمسة أشخاص منهم الدكتور البرش.
وأقر الجيش الإسرائيلي في بيان مقتضب لـ"سكاي نيوز" بأن جنوده احتجزوا الدكتور البرش، وجاء في البيان أن الجراح الفلسطيني نُقل في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2023 إلى قاعدة "سدي تيمان"، والتي أصبحت تُستخدم لاحتجاز المعتقلين منذ بداية الحرب.
ويعتقد الدكتور خالد حمودة، وهو سجين سابق في المعسكر، أن العديد من السجناء في "سدي تيمان" هم من الأطباء المتخصصين؛ مشيرا إلى أن المعسكر الذي احتجز فيه كان يضم حوالي 100 سجين، ربعهم على الأقل يعملون في مجال الرعاية الصحية.
ويقول الدكتور حمودة إن الحراس في القاعدة أجبروه على مساعدتهم، ويتذكر أنه طُلب منه إحضار الدكتور البرش عند البوابة، وعندما أحضره قال زميله إنه تعرض للضرب المبرح وشعر بألم في جميع أنحاء جسده.
وأضاف الدكتور حمودة أن الدكتور البرش كان على الأرجح مصابًا بكسور في الأضلاع، ولم يكن قادرًا حتى على الذهاب إلى الحمام بمفرده.
وقال الجيش الإسرائيلي لـ"سكاي نيوز" إنه بعد أن الانتهاء من إجراءات نقل الدكتور البرش، غادر سجن "سدي تيمان" في 20 كانون الأول/ ديسمبر وأصبح "تحت مسؤولية" مصلحة السجون الإسرائيلية.
وفاة في ظروف غامضة
وفي نيسان/ أبريل، نُقل الجراح إلى سجن عوفر بالقرب من القدس، وتوفي بعد وصوله بوقت قصير، وتم الإعلان عن نبأ وفاة الجراح في بيان صادر عن جمعيتين لدعم الأسرى الفلسطينيين في بداية شهر أيار/ مايو، ولم يقدم الإسرائيليون أي تفسير أو سبب للوفاة.
وحسب إفادة أحد الأسرى، قال إنه كان يعرف الدكتور البرش في غزة، لمحامين من منظمة "هموكيد" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، فقد وصل الدكتور عدنان البرش إلى القسم 23 في سجن عوفر في منتصف نيسان/ أبريل 2024.
الدكتور عدنان البرش، شهيد في سجون الإحتلال، بعد تعذيبه.. الله يرحمك❗️
???? pic.twitter.com/TfvvPHUkan — علي (@allouush) May 3, 2024
وأضاف أنه وصل في حالة يرثى لها، وكان من الواضح أنه تعرض للاعتداء، حيث توجد إصابات في جسده، وكان عاريًا من الجزء السفلي.
وأضاف الأسير السابق أن حراس السجن ألقوا بالدكتور في وسط الساحة وتركوه هناك، ولم يكن قادرًا على الوقوف، فساعده أحد السجناء ورافقه إلى إحدى الغرف، وبعد بضع دقائق سُمع صراخ السجناء من الغرفة معلنين أن الدكتور عدنان البرش قد توفي.
وفي تصريح لـ"سكاي نيوز"، نفى متحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية أن تكون مسؤولة عن وفاة البرش، لكن الموقع أوضح نقلا عن زملاء البرش وزوجته ياسمين أنه كان في حالة بدنية جيدة قبل اعتقاله، وتقول زوجته: "كان نور حياتي وقد فقدته".
وختم الموقع بأن الدكتور البرش كان مستعدُا للمخاطرة بحياته لإنقاذ الآخرين، وتمثل قصته واحدة من عدد لا يحصى من القصص المروعة التي دفنت تحت الأنقاض في غزة.