لجريدة عمان:
2024-10-05@03:05:47 GMT

رأس المال الثقافي والاقتصاد

تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT

كثير من نقاشات الاقتصاديين وحواراتهم عند تفسير عمليات الإنتاج في الاقتصاد تركّز على ثلاثة أنواع لرأس المال وهي: رأس المال المادي، ورأس المال البشري، ورأس المال الطبيعي، وتخلو من الإشارة إلى أحد محركات الاقتصاد ومحفّزاته وهو رأس المال الثقافي الذي يعبّر عن الرصيد الذي يمتلكه الشخص من معارف ومهارات وثقافة إضافة إلى الأعمال الفنية ومصنوعات يدوية مثل اللوحات والمنحوتات، والمباني التراثية، والمتاحف الفنية، والأثرية، ما يميّز رأس المال الثقافي أنه ليس وراثيا أو مكتسبا مثل بقية الرأسمال (المادي، والبشري)، بل هو مورد يمنح قوة اجتماعية وثقافية في المجتمع بمكوّن غير ربحي أو مادي ويطلق عليه أحيانا رأس المال الاجتماعي.

وينقسم رأس المال الثقافي إلى نوعين ملموس وغير ملموس؛ فالشبكات والعلاقات الثقافية التي تدعم النشاط البشري، وفي تنوع المظاهر الثقافية داخل المجتمعات تمثّل رأس المال الثقافي غير الملموس، فيما يعرّفه العالم الفرنسي بيير بورديو بأنه «مجموعة العناصر الرمزية مثل المهارات، والأذواق، والحالة المادية، والملابس، والسلوكيات، والممتلكات المادية، والمؤهلات، وما إلى ذلك التي يكتسبها الشخص من خلال الطبقات الاجتماعية والمجتمعات عموما».

ورأس المال عموما هو سلعة تشترك مع سلع أخرى لإنتاج سلع جديدة، ويفسّر عمليات الإنتاج منذ زمن طويل مما يؤدي لإحداث نمو اقتصادي عبر استخدام الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة؛ فمثلا رأس المال الطبيعي يعتمد أساسا على الموارد الطبيعية التي يستخدمها الإنسان لإنتاج سلع يستخدمها في حياته اليومية، بينما عند قيامه بصنع مواد تساعده على إنتاج سلع أخرى في هذه الحالة يسمى رأس المال الصناعي، ويتطور رأس المال الثقافي تزامنا مع التطور التقني والتقدّم التكنولوجي، لذلك هناك بعض الأصول الثقافية أكبر قيمة من غيرها؛ فمثلا المعرفة بالتكنولوجيا مثل تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها في العملية التعليمية في مختلف المراحل تعد أحد نماذج تطوّر رأس المال الثقافي. كذلك استخدام رصيد المعرفة التي يمتلكها الشخص في النقاشات الهادفة والابتعاد عن طرح المعلومات المضللة وغير الدقيقة أو السطحية، إضافة إلى الاطلاع كثيرا بشأن ما يدور حوله.

أيضا يعد أحد نماذج تطوّر رأس المال الثقافي، وباستمرار طرح الأفراد أفكار ابتكارية وجديدة تعالج بعض التحديات الاجتماعية والحياتية عبر استخدام ما يمتلكه من معارف وثقافة؛ فإن ذلك يسهم في تنمية الاقتصاد وتطوير مدخلاته وتجويد مخرجاته مما يسهم في إنتاج سلعة مفيدة للمجتمع، معززة لرأس المال الاقتصادي؛ فالتنشئة الاجتماعية للفرد لها دورٌ فاعل في تكوين رأس المال الثقافي مدعومة بالاستخدام الصحيح للموارد المتاحة لتكوين وإنتاج سلعة ثقافية يستفاد منها في المجتمع، وتكون ذات قيمة مضافة للاقتصاد، عبر استخدام الفرد البنية العقلية التي اكتسبها من عملية التنشئة أو من المصادر الأخرى التي حصل عليها من خلال مؤهلاته التعليمية وفقا للسنوات التي قضاها في التعليم؛ فمثلا يشير الفكر الماركسي حول مفهوم رأس المال بأنه مفهوم اجتماعي؛ لظنه أن رأس المال يتطلب عمليات ونشاطات اجتماعية لإنتاج سلعة تستخدم اجتماعيا، وأن عملية التبادل في جوهرها هي عملية اجتماعية، وبالتالي نستطيع القول بأن رأس المال بمختلف أنواعه هو استثمار الموارد المتاحة سواء ربحية أو غير ربحية لإنتاج سلعة جديدة ذات قيمة مضافة للاقتصاد.

ووفقا لبورديو الذي صاغ مفهوم رأس المال الثقافي، بأن هذا النوع من رأس المال يتمثّل في ثلاثة أنواع، الأول: عملية اكتساب رأس المال الثقافي تعد عملا شخصيا أو تنمية ذاتية، وجهدا يقوم به الفرد أو تكاليف شخصية بغرض تكوين هويته ويطلق على هذا النوع الحالة المادية، ولا يمكن أن يتم نقل هذا النوع للأفراد الآخرين بأي وسيلة، لأن هذا النوع مكتسب وليس وراثيا أو بالفطرة كونه قائما على جهد شخصي ورغبة حقيقية من الفرد نفسه، أما النوع الآخر لرأس المال الثقافي يسمى بالحالة الموضوعية؛ فهو مزيج من رأس المال الاقتصادي ورأس المال الثقافي وذلك لوجود علاقة بين امتلاك الفرد للصور والقواميس والكتب وحالته المادية، وهي الحالة المادية المتجسدة التي تعين الفرد على امتلاك هذا الرصيد من الثقافة، فيما يعرف النوع الثالث بالحالة التنظيمية، وهي التي تثبت حقيقة امتلاك الفرد لرأس المال الثقافي من خلال ما يمتلكه من مؤهلات علمية؛ لتوضّح سمات رأس المال الثقافي الحقيقية التي يمتلكها الفرد.

وما نلاحظه في سلطنة عُمان أن هناك جهودا تقوم بها الجهات الحكومية والأفراد لرفع الوعي بأهمية رأس المال الثقافي رغم عدم الحديث عنه في المجتمع وفي النقاشات المختلفة؛ فمثلا تنظم وزارة الإعلام بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب سنويا معرض مسقط الدولي للكتاب، وتثري الجمهور ببرامجها الثقافية المتنوعة التي تبث عبر وسائل الإعلام الرسمية، وكذلك هناك اهتمام وسعي دؤوب من الأشخاص لمواصلة التعليم للحصول على ألقاب علمية معتمدة بقضاء سنوات طويلة في التعليم منذ مرحلة التعليم المبكر حتى مراحل التعليم العليا، إضافة إلى حضور أفراد المجتمع للاستفادة من الأنشطة الثقافية والمشاركة فيها مثل التي تنظمها مؤسسات التعليم العالي والنادي الثقافي.

راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ورأس المال لرأس المال هذا النوع

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف العلاقة بين مرض السكر من النوع الأول والعدوى بكتيرية

اكتشف العلماء أن العدوى البكتيرية قد تلعب دورا في تطور مرض السكري من النوع الأول، حيث يمكنها تحفيز الجهاز المناعي لتدمير الخلايا المنتجة للإنسولين.

تساعد النتائج، التي حسنت الفهم حول الآليات المشاركة في تطور مرض السكري من النوع الأول، الخبراء في تشخيص الحالة أو حتى منعها.

ولا يصاب العديد من الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة بمرض السكري من النوع الأول بالمرض مطلقا، ما يشير إلى أن محفزا بيئيا غير معروف قد يلعب دورا في تطور هذه الحالة المناعية الذاتية المزمنة.

وبينما رجح البعض بأن المحفز قد يكون فيروسا، تشير الدراسة الجديدة التي أجراها باحثون من جامعة كارديف في المملكة المتحدة إلى أن مرض السكري من النوع الأول قد يبدأ ببروتينات على البكتيريا، ما يؤدي إلى تحول مشؤوم في الجهاز المناعي.

ويوضح المؤلف الرئيسي أندرو سويل، عالم المناعة في كلية الطب بجامعة كارديف: "مرض السكري من النوع الأول هو مرض مناعي ذاتي يصيب عادة الأطفال والشباب، حيث تتعرض الخلايا التي تنتج الإنسولين للهجوم من قبل الجهاز المناعي للمريض".

ويضيف: "هذا يؤدي إلى نقص الإنسولين، ما يعني أن الذين يعيشون مع مرض السكري من النوع الأول يحتاجون إلى حقن الإنسولين عدة مرات في اليوم للسيطرة على مستويات السكر في الدم".

ويساعد الإنسولين على انتقال الجلوكوز من مجرى الدم إلى خلايانا، التي تستخدمه للطاقة. وهو هرمون حيوي تنتجه خلايا بيتا في البنكرياس، ومن دونه، يمكن أن يرتفع سكر الدم في الجسم إلى مستويات عالية خطيرة.

وفي بحث سابق، ربط سويل وزملاؤه بين فقدان الأنسجة المنتجة للإنسولين والخلايا التائية القاتلة، وهي فئة من خلايا الدم البيضاء التي تقتل خلايا أخرى معينة، بما في ذلك الخلايا السرطانية أو الخلايا المصابة بمسببات الأمراض.

ويبدو أن الخلايا التائية القاتلة تلعب دورا رئيسيا في التسبب في مرض السكري من النوع الأول عن طريق قتل خلايا بيتا.

وفي الدراسة الجديدة، وجد الباحثون أن الخلايا التائية القاتلة تبدأ في القيام بذلك عندما يتم تنشيطها بواسطة البروتينات البكتيرية، وتحديدا البروتينات من البكتيريا المعروفة بإصابة البشر، مثل بكتيريا كليبسيلا أوكسيتوكا.

وأجرى الفريق تجارب معملية لمحاكاة مثل هذه العدوى، حيث أدخلوا البروتينات البكتيرية إلى سلالات الخلايا من المتبرعين البشر غير المصابين بالسكري ولاحظوا كيف تتفاعل الخلايا التائية القاتلة للمتبرعين.

ويقول سويل: "وجدنا أنه بعد مواجهة البروتينات من بعض البكتيريا المعدية، يمكن للخلايا التائية القاتلة أن تقتل عن طريق الخطأ أيضا الخلايا المنتجة لبروتين الإنسولين. لقد وجدنا خلايا تائية نشطة بنفس هذا التفاعل المتبادل في دماء مرضى السكري من النوع الأول، ما يشير إلى أن ما رأيناه في التجارب المعملية ربما يكون قد أثار المرض".

ويبدو أن التفاعل القوي مع البروتينات البكتيرية بدأ هذا التغيير في سلوك الخلايا التائية القاتلة، كما تلاحظ لوسي جونز، الباحثة السريرية الرئيسية للدراسة في كلية الطب بجامعة كارديف.

ولاحظ الفريق هذا في ما يتعلق بجين بروتين على خلايانا يسمى مستضد الكريات البيضاء البشرية (HLA) والذي يسمح لجهاز المناعة بتمييز أنسجتنا عن المتطفلين.

وتقول جونز: "إن مستضد الكريات البيضاء البشرية المحدد المرتبط بالعدوى البكتيرية التي تسبب مرض السكري موجود فقط في نحو 3% من السكان في المملكة المتحدة. لذا فإن مسببات الأمراض البكتيرية التي يمكن أن تولد الخلايا التائية المضادة للإنسولين ناجمة عن عدوى نادرة في أقلية صغيرة من الناس".

مقالات مشابهة

  • دراسة تكشف العلاقة بين مرض السكر من النوع الأول والعدوى بكتيرية
  • ما لا تعرفه عن السكري من النوع الأول: دراسة تكشف عاملًا خفيًا!
  • تيبليزوماب: أمل جديد في تأخير مرض السكري من النوع الأول لدى الأطفال
  • "الاتحاد الأوروبي في خطر".. السيارات الكهربائية والاقتصاد في قلب المحادثات مع شولتس
  • مع استمرار صرف السلع التموينية لشهر أكتوبر.. تعرف على نصيب الفرد
  • هذا النوع من العنب هو الأكثر فائدة للصحة
  • الإتربي: فتح اعتمادات مستندية لـ13 سلعة غير أساسية يتطلب موافقة من «المركزي»
  • وزيرا المالية والاقتصاد والتخطيط يجتمعان مع وزير المالية الاتحادي الألماني
  • شفاء مصابة بالسكري من النوع الأول
  • رئيس البحوث الزراعية يستقبل وفد مركز الأبحاث الزراعية والاقتصاد الزراعي الإيطالي