فى تغيير رقعة شطرنج العلاقات الدولية
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
دائمًا ما كنا نردد أن مصر فى قلب الأحداث داخليًّا وخارجيًّا، وهو ما برز خلال الفترة الأخيرة وتجسد فى بعض المواقف مثل الموقف المصرى الثابت والواضح من الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، الذى أصبح على رأس أولويات السياسة الخارجية الدولية، وما تواكب مع ذلك من إصلاحات اقتصادية غير مسبوقة فى طبيعة السياسة المصرية داخليًّا.
هكذا أرى أهمية زيارة وفد الاتحاد الأوروبى رفيع المستوى لمصر، أمس، والذى ضم أورسولا فون دير لاين، «رئيسة المفوضية الأوروبية»، وألكسندر دى كرو، «رئيس وزراء بلجيكا»، وجورجا ميلونى، «رئيسة وزراء إيطاليا»، وكيرياكوس ميتسوتاكيس، «رئيس وزراء اليونان». وهى زيارة تعبر فى وقتها وسياقها الإقليمى عن حجم الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبى ارتكازًا على قاعدة تنظيم المصالح فى ظل علاقات دولية معقدة ومتشابكة ومتداخلة بشكل يختلف عن طبيعة تلك العلاقات الدولية سابقًا، والهدف هو شراكة من أجل الاستقرار فى المنطقة بتعزيز الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى. أهمية زيارة وفد الاتحاد الأوروبى أنها تأتى فى ظل وجود تحديات إقليمية ضخمة فى ظل أشد درجات الصدام الفلسطينى الإسرائيلى منذ 1948، وذلك بعد تغيير موقف دول الاتحاد الأوروبى من التعاطف مع الرواية الإسرائيلية المرتكزة على فكرة أن ما حدث هو رد على الهجوم الحمساوى فى 7 أكتوبر الماضى. ويعنى ذلك أن هناك تغييرات فى الموقف التقليدى الداعم لإسرائيل، بعد تغيير بوصلة الرأى العام الأوروبى، وضغوطه بالمطالبة بوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية. هناك اتفاق واضح فى الرؤى الآن من دول الاتحاد الأوروبى مع الموقف المصرى لاستعادة مسارات السلام العادل والشامل، وحل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو تأكيد لنجاح مصر فى بناء تحالفات مرتكزة على خبرة استيعاب الملف الفلسطينى الإسرائيلى ومعرفة أطرافه الفعالة. ورفض العمليات العسكرية الإسرائيلية، والمطالبة بوقف الحرب، والتعامل مع الأزمة الإنسانية فى قطاع غزة بشكل عاجل، ووقف زيادة مساحة رقعة الحرب بشكل شبه يومى، ودعم جهود التسوية السياسية ومواجهة كافة مظاهر تهديد الأمن الإقليمى. أعتقد أن زيارة الأمس، كما هو متوقع.. ستعقبها أشكال جديدة من التعاون. وستكون البداية وقف آلة الحرب الجهنمية بالتسويات السلمية، والتعامل مع آثار الحرب بالتخطيط لإعادة الإعمار، وتأكيد الاستمرار على مواجهة التطرف والإرهاب، وترسيخ مساعى مكافحة الهجرة غير الشرعية.
زيارة وفد رفيع المستوى للاتحاد الأوروبى تعنى أن هناك تحركًا إيجابيًّا فى رفع مستوى العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة باعتبار مصر شريكًا أساسيًّا موثوقًا فيه فى مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة، وهى مسؤولية على قدر الأوزان الإقليمية الجديدة لشكل المنطقة العربية.
د. هند جاد – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبى
إقرأ أيضاً:
بريطانيا والاتحاد الأوروبي على أعتاب اتفاق دفاعي تاريخي
البلاد – بروكسل
يستعد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لاستضافة أول قمة تجمعه بقادة الاتحاد الأوروبي منذ خروج المملكة المتحدة من التكتل، وذلك في مايو المقبل، في خطوة تعكس مدى التقارب بين المملكة المتحدة والقارة في مواجهة السياسات “المضطربة” لإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
ومن المقرر أن تشهد القمة المنتظرة توقيع اتفاقية دفاع وأمن غير مسبوقة بين لندن وبروكسل، تتيح لشركات الصناعات الدفاعية البريطانية المشاركة في برامج شراء أسلحة مشتركة ممولة من الاتحاد الأوروبي. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”، فإن الاتفاق يأتي مدفوعًا بالقلق الأوروبي المتنامي من التوجهات الأمريكية، خصوصًا تهديدات ترامب المتكررة بالتخلي عن حلفاء “الناتو”، وميله إلى التقارب مع موسكو.
وتعكف الدول الأوروبية على تعزيز قدراتها العسكرية بشكل جماعي، وزيادة إنفاقها الدفاعي، تحسبًا لأي تراجع أمريكي عن التزاماتها التقليدية، فيما تُناقش أيضًا آليات دعم أوكرانيا عسكريًا بعد اتفاق سلام محتمل قد ترعاه واشنطن.
وتلعب كل من فرنسا والمملكة المتحدة دورًا محوريًا في هذا التحرك، عبر ما بات يُعرف بـ “ائتلاف الراغبين”، الذي مهّد الطريق لتوقيع الاتفاق خلال القمة الأوروبية المرتقبة في لندن. ويُنظر إلى هذه الخطوة كعلامة على عودة التعاون العملي بين لندن وبروكسل في ملف الأمن، بعد سنوات من الجمود عقب “بريكست”.
وبموجب البرنامج الدفاعي الذي تصل ميزانيته إلى 150 مليار يورو، ستمنح الحكومات الأوروبية قروضًا مدعومة من ميزانية الاتحاد المشتركة لتمويل مشتريات عسكرية مشتركة، تشمل أنظمة دفاع جوي وصاروخي. وسيسمح الاتفاق المنتظر لشركات الدفاع البريطانية، المرتبطة بشبكات صناعية في ألمانيا والسويد وإيطاليا، بالمشاركة الكاملة في هذه المشاريع.