فسادُ الأوغادِ.. استباحَ البلادِ
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
كتب: أ.د.ضياء واجد المهندس
ليسَ الفساد أن يقدِّمَ المخالفُ لشرطيِّ المرور أو موظف البلدية أو الكهرباء أو المحقِّق أو القاضي مبالغَ من المال مقابل إلغاءِ عقوبة (مخالفة القانون وسرقة المال العام من الغرامات).
و لا الفساد
أن يوصِفَ الطبيبُ فيتاميناتٍ لا يحتاجها المريضُ لأنه اتفقَ على مناصفة أرباحها مع وكيل مبيعات الأدوية، أو يشترط الأستاذ شراء كتب و ملازم لا يحتاجها الطالب (إبتزازًا واستغلالَ الوظيفة أو المهنة)
و لا الفساد
أن يساوِمَ الموظفُ الأرملةَ أو المطلقةَ أو زوجةَ الشهيد في دوائر التقاعد أو الرعاية الإجتماعية و يطلب المتعةَ لتمشية معاملتها (ابتزازٌ و شذوذٌ أخلاقيٌّ).
و لا الفساد
أن لا تُروَّجَ معاملةً أصوليَّةً إلا بدَفع المعلوم و يجمع الموظف الوارد اليومي من بائع الشاي في بوابة الدائرة نهاية الدوام و شرطي المرور من صاحب كشك السكائر، أو يدفع المدرِّسُ طلَّابَهُ الى الدروس الخصوصية (تقصيرٌ في العمل و تعمُّد الروتين).
و لا الفساد
أن لا يؤدِّيَ الموظفُ عمَلَه ُو يقضي يومَهُ بأن يبصمَ بالدخول و يبصمَ بالخروج (بطالة مقنَّعة و سرقة مال عام) و لا يعمل الطبيب الحكومي بواجبه أو الممرضة تعتني بالمرضى للدفع إلى أن يذهبوا للمستشفيات الأهلية (تقصير في العمل و انحدار أخلاقي في السلوك المهني)..
و لا الفساد
أن يوصفَ الطبيبُ العلاجَ بطريقةٍ مشفَّرةٍ يتم شراؤها من صيدلية محدَّدة سعر الدواء فيها أربعة أضعاف السعر الحقيقي، أو يجري جراحٌ عمليةً لمرضى لا يحتاجوها في المستشفيات الأهلية (الجشع و خيانة امانة)..
و لا الفساد
أن يتم الدفع بلا حياء و لاخجل بالخرِّيجين للعمل كمدرِّسين محاضرين بالمجان، و الأموال تذهب إلى الكبار من كلِّ حدبٍ و صوبٍ دون مراعاة لوضعهم الإجتماعي و المالي و النفسي، أو يتم تعيين الخريجين للأقارب و أبناء المسؤولين أو مَن يدفع مبالغَ تعادل أجور المتعينين لأربع سنوات (إبتزاز و انعدام الوطنية و الضمير)
و لا الفساد
أن يُستَغَلَّ الإستجوابُ للوزراء المقصِّرين ليتنفعَ أحدُ النواب أو مَن في رئاسة المجلس بتأخير الإجراءات مقابل بضعة ملايين من الدولارات أو تمنح القناعة بالاجابة (خيانة للشعب ونصب برلماني)..
و لا الفساد
أن يتبايعَ السياسيون على الوزارات ويصل سعر وزارة الدفاع مثلًا إلى ٦٠ مليون دولار فتُصبح أغذية الجيش و أسلحته و أعتدته و ملابسه منتهية الصلاحية، و تُباع القيادات و الآمريات والرُّتَب، و تُصبِحُ طائراتنا قديمة من مقابر المعدات يُعاد صبغها ليشتريها قادتنا بعشرات الأضعاف، ثم نستغرب كيف احتلَ داعش ثلثَ العراق ببضعة أيام (إنعدام الضمير و فقدان الشرف ونقص الغيرة)...
و لا الفساد
أن يتمَّ التعاقد على مشاريع وهمية تُصرَفُ لها سلفٌ ضخمةٌ ثُمَّ توقَف المشاريع و تختفي الأموال، أو أن يمنح البنك المركزي في مزاد العملة ملايين الدولارات إلى شركات الصيرفة و تجار عملة هُم أصلًا واجهات لكتل سياسية (إنعدام التخطيط وسرقة المال العام )..
و لا الفساد
أن نربطَ العراقَ بآليات خاسرة كجولات التراخيص أو نفتح أبوابَ المنافذ الحدودية للبضائع الأجنبية على حساب منتوجاتنا الوطنية، أو نسمحَ باستثمارٍ أجنبيٍّ لمشاريعَ تُدمِّرُ مصالحًنا في المطارات والموانىء (تبديد الثروات و هدر أموال الشعب)..
و لا الفساد
أن تكون تخصيصات الرئاسات الثلاث و حماياتهم و تخصيصات مجلس النواب و حمايته و حمايات نوابه و حماية المنطقة الخضراء يُشكِّل جزءًا كبيرًا من الميزانية لو قلَّلناه إلى الثلث لانعدمت شريحة العراقيين الراقدين تحت خط الفقر و الذين لا يحصلون على 5 دولارات يوميًّا (إستغلال المناصب وشرعنة إمتيازات غير قانونية و سرقة المال العام بشكل قانوني)...
و لا الفساد
أن يكونَ تمويل كثير من الكتل والشخصيات السياسية من أطراف دولية و إقليمية مقابل تنفيذ سياساتهم (عمالة وخيانة)...
و لا الفساد
أن نُغرِقَ العراقَ بالديون والقروض و أن يكون نفطنا مِلك الدائنين فنحرم أبناءنا و أحفادنا من عوائده، أو نصرف رواتب ضخمة على موظفين فضائيين أو مسجَّلين فقط على الورق (خيانة و سرقة المال العام)..
الفساد في العراق ظاهرة مجتمعية في كلِّ مفصل من مفاصل الحياة، عند بائع الفواكه و الخضر عندما يغشك و عند صاحب المولدة و سائق سيارة الأجرة إلى مدَّعي الدِّين... الفساد نمط سلوكي يُمثِّل قبولَ ورضى المواطن بالفعل و السلوك الشاذِّ الخارج عن القانون و الأعراف و الدِّين..
المشكلة تكمُنُ في تعوُّدِ وتطبُّعِ و تقبُّلِ و ترسُّخِ السلوك المادي و الأخلاقي المنحرف و عدم الوقوف الجماعي ضد تداوله و الإنغماس فيه..
إنَّ الحربَ على الفساد يبدأ من الذات و العائلة إلى الأصدقاء و المنطقة قال تعالى: "إنَّ اللهَ لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغَيِّروا ما بأنفُسِهِم"
إنَّ القضاءَ على الفسادِ قد يستغرقُ وقتًا طويلًا وحربًا صعبةً لأنَّ المُنتفعينَ كُثُرٌ و لكنَّ صرامة القانون و شجاعة مَن يتصدى و استقطاب الخيِّرين و جمع المتضررين و سيادة القانون على الكبير و الصغير، الثري و الفقير، السياسي و المواطن، سيجعلُ العراقَ ينطلق عائدًا من المركز الأول في قمة الفساد إلى القاعدة الأساس في النزاهة و الصدق و الشفافية..
عندما توسطتُ لأحد طلابي (و كان له خبرة جيدة في الإحصاء و الحاسوب و معالجة البيانات و حاصل على ماجستير ) للعمل في هيئة النزاهة لم يتم اختياره وعندما سألتُ صديقًا هناك قال لي: ما دِفَع!!!...
و الغريب أنَّ أحدَ أقربائي له ثلاثة أبناء، إثنان من الخرِّيجين أحدهم هندسة مواد و الآخر علوم أرض، أما الثالث (كريم القفاص) الذي لم يفلح في الدراسة حيث يعمل على تعيين الخرِّيجين مقابل مبالغ عالية لمسوؤل، فإنْ تعيَّنوا فَبِها و إنْ لم يتعيَّنوا فيُرجِّع نصفَ المبلغ لمَن يسبِّب له مشكلة. سألتُ قريبي عن حال أبنائه، فقال: بخير، الخرِّيجون عاطلون عن العمل، و كريم (القفاص) معيِّشهم..
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: المال العام لا الفساد
إقرأ أيضاً:
الكنيست الإسرائيلي يمرر قانونا يُجرّم إنكار هجوم 7 أكتوبر
مرر الكنيست الإسرائيلي، قانونا يُجرّم إنكار أو التقليل من هجوم 7 أكتوبر، الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية حماس في مستوطنات غلاف غزة، وأسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي.
وينص القانون الذي جرى تمريره في القراءة الثالثة والأخيرة، على السجن لمدة خمس سنوات لكل من ينكر أحداث 7 أكتوبر، أو يروج لها بهدف الدفاع عن حركة حماس أو التعاطف معها.
وبحسب ما نشر موقع "تايمز وف إسرائيل" العبري فإن القانون، الذي تم استلهامه من قانون عام 1986 الذي يحظر إنكار الهولوكوست، يستهدف الأفراد الذين ينكرون الهجوم بقصد تقديم الدعم أو التعاطف مع حركة حماس.
كما يتيح القانون استثناءات للأشخاص الذين يتحدثون أو يكتبون عن الموضوع "بنية حسنة"، مثل الأبحاث القانونية أو أثناء الإجراءات القضائية.
وقد أعلن عضو الكنيست من حزب "يسرائيل بيتينو" عوديد فورير، الذي قدم القانون، "أن هذا التشريع يعد حماية للذاكرة الجماعية وللأجيال القادمة ضد الأكاذيب التي تهدف إلى تشويه الحقائق"، على حد قوله.
في الوقت نفسه، أعرب بعض المدافعين عن حقوق الإنسان عن قلقهم من تأثير هذا القانون على حرية التعبير، مشيرين إلى أن هذا النوع من القوانين يجب أن يُفَعل فقط في الحالات التي تشكل تهديدًا فعليًا للعنف.
يشار إلى أن هجوم السابع من أكتوبر أسفر أيضا عن أسر المقاومة الفلسطينية لنحو 251 شخصا، بينهم جنود وضباط في الجيش الإسرائيلي.
وبدعم أمريكي، خلفت الإبادة الإسرائيلية في غزة بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025 أكثر من 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
وصباح الأحد، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى تستمر مرحلته الأولى 42 يوما، يتم خلال التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية.
والأحد، أفرجت سلطات الاحتلال عن 90 أسيرة وأسيرا فلسطينيين، بعد أن أطلقت “حماس” سراح 3 أسيرات “مدنيات” إسرائيليات.
وإجمالا، تحتجز دولة الاحتلال أكثر من 10 آلاف و300 أسير فلسطيني في سجونها، وتقدر حاليا وجود نحو 96 أسيرا إسرائيليا بغزة، فيما أعلنت حماس مقتل عشرات من الأسرى لديها في غارات إسرائيلية عشوائية.
ومن المقرر أن تطلق “حماس” في المرحلة الأولى سراح 33 أسيرا وأسيرة إسرائيليين، مقابل أسرى فلسطينيين يتوقف عددهم على صفة كل أسير إسرائيلي إن كان عسكريا (مقابل 50 أسيرا) أم “مدنيا” (مقابل 30 أسيرا).