الرباط -(رويترز) – قوبل قرار إسرائيل الاعتراف بسيادة المغرب على منطقة الصحراء الغربية بردود فعل متباينة داخل المملكة إذ اعتبره بعض المحللين قرارا استراتيجيا وانتصارا دبلوماسيا بينما رأى آخرون أنه “سبة وإهانة وإذلال” للبلاد وأهلها. واعترفت إسرائيل الأسبوع الماضي رسميا بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو ودراستها لفتح قنصلية بمدينة الداخلة التابعة للإقليم.
ويُعد النزاع على إقليم الصحراء الغربية من أقدم النزاعات في أفريقيا. وضم المغرب الإقليم إليه عام 1975 عقب انسحاب الاستعمار الإسباني منه ويقول إنه جزء لا يتجزأ من أراضيه. وتأسست جبهة البوليساريو بعد ذلك بعام ورفعت السلاح في وجه المغرب وطالبت بانفصال الإقليم الغني بالثروة السمكية والفوسفات والذي يُعتقد أيضا أنه يملك مخزونات نفطية. وتدعم الجزائر جبهة البوليساريو في ذلك. وقال الأكاديمي والمحلل السياسي المغربي إدريس قصوري لرويترز “الاعتراف الإسرائيلي بسيادة المغرب على صحرائه، وفتح قنصلية في الداخلة، قرار استراتيجي جد مهم بالنسبة للمغرب أساسا ويخدم بشكل كبير القضية الوطنية”. وفي المقابل، قال المحامي والحقوقي المغربي خالد السفياني لرويترز “هذا الاعتراف يخدم الصهاينة”، وذلك في إشارة إلى إسرائيل التي تخوض صراعا مع الفلسطينيين منذ أكثر من سبعة عقود وخاضت عدة حروب مع دول عربية. وطبع المغرب العلاقات مع إسرائيل في ديسمبر كانون الأول عام 2020 بوساطة أمريكية في إطار ما تعرف باسم اتفاقات إبراهيم مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. واعترفت واشنطن بالسيادة المغربية على المنطقة على الفور بينما تأخر الاعتراف الإسرائيلي إلى الأسبوع الماضي. ويسعى المغرب إلى حشد المزيد من الدعم والمساندة الدوليين للاعتراف بسيادته على إقليم الصحراء الغربية، وكذلك تأييد مقترح حكم في إقليم الصحراء الغربية، تقدم به في عام 2007 ويقضي بمنح المنطقة حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية. وأيدت ألمانيا في أغسطس آب 2022،المقترح المغربي للحكم الذاتي الذي ترفضه جبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر. وجاء التأييد الألماني، بعد توتر دبلوماسي بين البلدين استمر أكثر من عام. كما أعلنت إسبانيا في مارس آذار من العام الماضي، تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي بعد توتر دبلوماسي أيضا، وهو الأمر الذي دفع بالجزائر إلى استدعاء سفيرها في مدريد بعد الاعتراف الإسباني. وفتحت دول أفريقية وعربية وكذلك من أمريكا اللاتينية، تربو على 30 دولة، قنصليات لها بمدينة الداخلة المطلة على المحيط الأطلسي. وقال قصوري “إسرائيل أرادت أن يتجدر اتفاق (إبراهيم) عبر المغرب وأن يكون هذا الأخير محفزا، ونموذجا لعدد من الدول، لتسايره، وبالتالي أرادت أن تجني من الاتفاق فوائد كثيرة، سياسيا ودبلوماسيا إلى جانب ما هو اقتصادي وعسكري، قبل أن تعترف بسيادة المغرب على صحرائه”. وأضاف “أما بالنسبة للمغرب فكان واقعيا وله هدف استراتيجي… المغرب كان جد ملتزم بالاتفاق، ولم يرد أن يخرج عن إطاره، وذهب خطوة خطوة، بشكل سلس ومرن من تبادل الزيارات بين مسؤولين مغاربة وإسرائيليين ورجال أعمال، كما توسعت المعاملات إلى المستوى العسكري الأمني”. وأردف قائلا “الإسرائيليون كانوا يريدون أن يستثمروا في علاقاتهم مع المغرب بشكل قوي، ويحاولون ألا يتراجع في تطبيعه، وجر دول المنطقة الأخرى إلى اتفاقات، وبناء صدى عربي في هذا الاتجاه لأن الصدى يطبع نفسيا” لكن كان للسفياني رأي آخر. وقال السفياني، وهو عضو المؤتمر القومي الإسلامي بالمغرب “نعتبر أنه من العبث تصوير كأن الشعب المغربي غير قادر على الحفاظ على وحدته الترابية، هذه إهانة للشعب المغربي، عندما نقول إننا سنعول على كيان مجرم إرهابي عنصري للحفاظ على وحدتنا الترابية، المغرب في صحرائه والمغاربة حرروا أرضهم من الاستعمار، وهم قادرون على المحافظة عل صحرائهم كما على كل حبة رمل من ترابهم الوطني”. واعتبرت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة المكونة من إسلاميين معتدلين، وهي من منظمات المجتمع المدني، أن “ربط قضية الصحراء بالتطبيع سبة في حق المغاربة”. وقالت في بيان “الاعتراف سبة وإهانة وإذلال للمغرب والمغاربة، وإرسال رسالة من (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو إلى حكام المغرب، يعلن فيها اعتراف كيان الاحتلال الصهيوني بمغربية الصحراء، وترتيب كل الإجراءات اللازمة على هذا الاعتراف مقابل استمرار المغرب بالاعتراف بدولة الاحتلال الصهيوني”. والعلاقات بين المغرب وإسرائيل ليست وليدة اتفاق التطبيع المبرم عام 2020، فقد سبق وفتحت إسرائيل مكتب اتصال سياسي لها بالمغرب في عام 1994 في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وسبقته زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريس إلى المغرب عام 1986، والتي أثارت ردود فعل مختلفة على مستوى العالمين العربي والإسلامي. وأغلق المغرب مكتب الاتصال السياسي عام 2003 بسبب “لغة القوة والغطرسة” التي تنتهجها إسرائيل، بحسب بيان أصدرته وزارة الخارجية المغربية في ذلك الوقت ردا على ممارسات إسرائيلية بحق الفلسطينيين. ويكن الإسرائيليون مشاعر امتنان وشكر للعاهل المغربي الراحل محمد الخامس الذي امتنع عن تسليم يهود مغاربة لحكومة فيشي الفرنسية إبان الاحتلال النازي لفرنسا في الحرب العالمية الثانية حتى لا يتعرضوا إلى المحرقة النازية. ووجه الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوج رسالة شكر في العام الماضي إلى العاهل المغربي محمد السادس على “الملجأ الآمن” الذي قدمه المغرب لليهود خلال الحرب العالمية الثانية. * نظارة الصحراء المغربية اعتبر المحلل والمحامي المغربي والخبير في العلاقات الدولية الحسين كنون أن المغرب “ينهج سياسة الطموح والوضوح في العلاقات الدولية، في إطار علاقة رابح رابح”. وأضاف لرويترز “المغرب يتشكل من مغاربة العالم ومن بينهم الجالية اليهودية”، في إشارة إلى أكثر من مليون إسرائيلي من أصول مغربية. واعتبر أن “الاعتراف جاء في وقته بالنظر إلى أن المغرب حقق انتصارا على جميع الأصعدة والدول العظمى استجابت واعترفت بالصحراء عندما قال العاهل المغربي في خطابه إن المغرب يرى العالم بنظارة الصحراء المغربية”. وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قال في 20 أغسطس آب العام الماضي “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشركات”. وشهدت مدينة النقب عقد النسخة الأولى من (قمة النقب) في مارس آذار العام الماضي والتي استضافت فيها إسرائيل وزراء خارجية عدد من الدول العربية التي أبرمت اتفاقات سلام أو تطبيع معها وهي مصر والمغرب والبحرين والإمارات بالإضافة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، واتفق المشاركون على عقد القمة سنويا. وكان من المرتقب أن يستضيف المغرب النسخة الثانية من القمة في مارس آذار الماضي، لكنها تأجلت عدة مرات. وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في يونيو حزيران إن تأجيل القمة “جاء بسبب الأوضاع السياسية التي تشهدها المنطقة” في إشارة إلى تصاعد العنف والمواجهات في الأراضي الفلسطينية. وألمح إلى أن بلاده قد تستضيف القمة في الخريف. وقال كنون “المغرب تبنى طريقة الأداء الاستراتيجي وليس الفكر الاستراتيجي… المغرب أجل قمة النقب، بحجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين، وقال لا يمكن أخلاقيا وسياسيا في إطار العلاقات مع الفلسطينيين أن تعقد القمة”. وأضاف “كما أرادت إسرائيل أن تستفيد من المغرب وأخرت الاعتراف بمغربية الصحراء، بقي المغرب، يمشي خطوة خطوة وينتظر كيف تتطور الأمور وينتظر بعض المتغيرات التي يمكن أن يجدد فيها أولوياته لا سيما أن الأمر يتعلق بأولوية استراتيجية وهي القضية الوطنية، لذلك ارتأى أن يؤجل قمة النقب”. * الاعتراف والقضية الفلسطينية بينما يرى البعض أن تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل وترقيتها يضر بالفلسطينيين، يرى قصوري وكنون أن تسارع هذه الخطوات بين البلدين لا يتعارض مع مصلحة القضية الفلسطينية بل يخدمها. وقال قصوري “الاعتراف الإسرائيلي سيخدم قضية السلام في الشرق الأوسط، فالعلاقات المغربية-الفلسطينية، كانت دائما إيجابية، منذ قدم التاريخ”. وأضاف “العاهل المغربي يرأس لجنة القدس ويدعم الفلسطينيين في صمودهم في وجه الغطرسة الإسرائيلية” مشيرا إلى غلق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط في 2003 بسبب الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. كما أشار إلى الوساطة التي قادها المغرب والولايات المتحدة العام الماضي لفتح جسر الملك الحسين (جسر اللنبي) بين الضفة الغربية والأردن. وأكد قصوري على أن “العلاقات الجيدة للمغرب مع اليهود والفلسطينيين ستخدم القضية الفلسطينية، لأنهم سيصبحون محرجين بشكل كبير بانهيار الاتفاقات وتراجعها”. واعتبر كنون أن “المغرب من المدافعين الشرسين على القضية الفلسطينية، وفي إعلان الاتفاق بين الإسرائيليين والمغرب، اشترط هذا الأخير قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وإيقاف الاستيطان”. وأضاف “أن الدبلوماسية المغربية-الإسرائيلية لن تؤثر بأي شكل من الأشكال على الدفاع عن القضية الفلسطينية، التي يضعها المغرب في نفس الكفة مع قضية الصحراء المغربية”. وكان العاهل المغربي إبان إعلان عودة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في 2020، قد أخبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن موقف بلاده “الداعم للقضية الفلسطينية لا يتغير، وأن المغرب مع حل الدولتين، والمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، باعتبار أنها السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل لهذا الصراع”. ووجه الملك محمد السادس الأسبوع الماضي دعوة لنتنياهو للقيام بزيارة رسمية للمغرب وذلك بعد يومين من الاعتراف الإسرائيلي. وعلق عزيز الهناوي الناشط الحقوقي المغربي والكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع في بيان حول قرار إسرائيل الاعتراف بمغربية الصحراء “ادعاء الصهاينة إيمانهم بمغربية الصحراء، بعد 30 شهرا من الابتزاز والإهانات لا يعبر حقيقة عن أي قناعة بمغربيتها ولخدمتها… بل يؤكد أطماع تل أبيب، ليس في الصحراء وحسب، وإنما في اختراق المغرب والمنطقة المغاربية وأفريقيا ككل من بوابتها الأطلسية بالتمدد الصهيوني اقتصاديا وأمينا واستخباراتيا”. وأضاف “هذا واضح منذ شهور عبر سلسلة تحركات معلنة وسرية للتغلغل هناك والسعي لتحويلها إلى صحراء إسرائيلية”. وقال المحامي والحقوقي السفياني “الخطير في الأمر أن الاعتراف الصهيوني بمغربية الصحراء يخلق جوا ضد المغرب لدى مجموعة من الدول سواء العربية أو الإسلامية أو الدول المحبة للسلام بصفة عامة لأنه يصبح المقياس هل الصهاينة راضون عنا أم غير راضين”. وأضاف “نحن نعرف ما يجري الآن في أرض فلسطين المحتلة ونتنياهو قاب قوسين أو أدنى من الاندحار.. وهو شخص غير قادر أن يضبط الأمور داخل الكيان، كيف سنعتمد عليه ليحافظ على وحدتنا الترابية هذا شيء لا يليق بنا وبالتالي هو مرفوض”. وقالت الحقوقية واليسارية المغربية خديجة الرياضي لرويترز “النظام المغربي نظام تسلطي يفرض سياسات لا شعبية وغير اجتماعية على المواطنين والمواطنات، ضدا على إرادة الشعب ومطامحه”. وأضافت “فرض تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني… وتجرأ على توقيع اتفاقيات معه في مجالات سيادية مما يهدد سلامة بلدنا واستقرار منطقتنا ككل”. واعتبرت أن النظام “يستعمل قضية الصحراء الغربية في محاولة يائسة لتمرير جريمة التطبيع”.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الاعتراف الإسرائیلی
القضیة الفلسطینیة
بسیادة المغرب على
الصحراء الغربیة
بمغربیة الصحراء
العاهل المغربی
العام الماضی
إقرأ أيضاً:
يقيد انتقاد إسرائيل.. قانون الجنسية الجديد يثير خلافات حادة بألمانيا
برلين- تتواصل المشاورات بين حزبي الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا لتشكيل الحكومة المقبلة، وسط خلافات حادة حول عدة قضايا جوهرية، أبرزها ملف الهجرة والاندماج، الذي شكل محورا رئيسيا في الحملات الانتخابية للأحزاب، وكان أحد الأسباب التي عززت صعود اليمين المتطرف في البلاد.
ويواجه مشروع قانون الجنسية الجديد انتقادات واسعة، بسبب ربطه منح الجنسية الألمانية بمواقف سياسية معينة، خاصة بما يتعلق بإسرائيل. ويرى منتقدو القانون أنه يستهدف الجالية المسلمة والعربية، خصوصا النشطاء المناصرين للقضية الفلسطينية.
ويقول المحامي المقيم في برلين، أحمد عابد للجزيرة نت إن "الحكومة الألمانية تحاول بتعديل قانون الجنسية قمع الانتقادات الموجهة لجرائم الحرب الإسرائيلية بغزة، وبالتالي عقاب أفراد المجتمعين العربي والإسلامي بسبب عملهم في الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني".

الحكومة الألمانية تحاول عبر تعديل قانون الجنسية منع الانتقادات لجرائم إسرائيل بغزة (وكالة الأناضول) إسقاط وتضييق
ويضيف أن إقرار القانون، يعني عمليا استبعاد ملايين المسلمين بألمانيا من حقوقهم الديمقراطية، وقد يحرم البعض من الحصول على الجنسية الألمانية، بينما يواجه آخرون خطر فقدانها، ما يمنعهم من التصويت أو الترشح في الانتخابات.
بدورها، وصفت النائبة السابقة في البوندستاغ (البرلمان) الألماني، سفيم داغديليم، القانون بأنه "تهديد لحرية التعبير"، وقالت إنه يستخدم أداة "سحب الجنسية" كوسيلة "لترهيب" المعارضين، وتساءلت عن مدى توافق هذه التعديلات مع مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون.
ولا تزال معاداة السامية موضوعا جدليا بألمانيا، حيث تُستخدم تعريفات واسعة لهذا المصطلح في السجال السياسي والقانوني.
إعلان
ووفقا لعابد، فإن الحكومة الفدرالية "تسعى لمعادلة إسرائيل باليهودية، بحيث يصبح أي انتقاد للسياسات الإسرائيلية معاداة للسامية"، وأوضح أن هذه المساواة نفسها قد تكون شكلا من أشكال "معاداة السامية"، لأنها تخلط بين اليهودية كديانة وسياسات حكومة إسرائيل.
وفي السياق نفسه، حذَّرت داغديليم من أن "انتقاد حكومة بنيامين نتنياهو، التي تضم وزراء من أقصى اليمين المتطرف، قد يُجرَّم باعتباره معاداة للسامية"، مما يهدد حرية التعبير والصحافة بألمانيا.
من جهته، تساءل رئيس اتحاد الصداقة الفلسطيني في مدينة فوبرتال، جمال محمود، عما إذا كان "سيتم تصنيف كل من يتظاهر ضد الإبادة الجماعية في غزة أو ينتقد الدعم الألماني للحكومة الإسرائيلية على أنه معادٍ للسامية؟".
وأضاف أن القانون الجديد قد يؤدي إلى تضييق الخناق على الجالية الفلسطينية بألمانيا، عبر منع الأفراد الذين ينشرون محتوى مناهضا لإسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي من الحصول على الجنسية الألمانية.
وأشار إلى حالات ترحيل لناشطين أوروبيين وأميركيين بسبب مواقفهم السياسية، وتوقع أن تتكرر هذه الإجراءات ضد فلسطينيين وعرب مقيمين بألمانيا.

حقوقيون ألمان رأوا أن انتقاد حكومة بنيامين نتنياهو (يسارا) قد يُجرَّم باعتباره معاداة للسامية (الجزيرة) "تمييز عنصري"
ويرى حقوقيون أن التعديلات القانونية المقترحة تهدف لردع النشاطات الاحتجاجية المؤيدة للفلسطينيين بألمانيا، وتقول داغديليم إن السلطات الألمانية "تسعى لتخويف الناس ومنعهم من التظاهر دفاعًا عن الفلسطينيين"، وهو ما اعتبره الناشط الحقوقي جورج رشماوي خطوة قد تضعف الحراك الشعبي والطلابي المناهض للسياسات الإسرائيلية.
وأضاف رشماوي أن القانون "سيخلق حالة خوف ورعب داخل الجالية الفلسطينية"، وبالتالي منعها من القيام بدورها بالدفاع عن حقوق شعبها ومناهضة الإبادة الجماعية في غزة والتطهير العرقي بالضفة الغربية.
وبظل هذه التطورات، بدأت منظمات حقوقية ألمانية وأوروبية التحرك لمواجهة القانون، عبر تشكيل شبكة من المحامين المدافعين عن حقوق الفلسطينيين في ألمانيا.
إعلان
وأشار رشماوي إلى تعاونهم مع مركز الدعم القانوني الأوروبي، الذي يضم محامين في العواصم الأوروبية الكبرى، إضافة إلى التنسيق مع الكنيستين البروتستانتية والكاثوليكية، ومنظمات مثل "أطباء ضد الحرب النووية"، وكذلك شخصيات سياسية وصحفيون.
وأكد على ضرورة إسقاط هذه القوانين التي "تخلق مجتمعًا منقسمًا إلى ألمان من الدرجة الأولى، ومجنسين من الدرجة الثانية، ما يعزز التمييز والفصل العنصري".
استرضاء أم قمع؟
وفي سياق آخر، يرى الصحفي والخبير بالشأن الأوروبي لؤي غبرة، أن هذه النقاشات تأتي كجزء من محاولة الأحزاب التقليدية استمالة الناخبين اليمينيين، والمحافظين الغاضبين من سياسة استقبال اللاجئين، خاصة بعد سلسلة الهجمات الدامية التي نفَّذها مهاجرون بألمانيا.
وقال غبرة للجزيرة نت "هناك ضغوط كبيرة على الحكومة الألمانية لإثبات أنها تتخذ موقفا صارما تجاه الهجرة، خصوصا مع تزايد شعبية الأحزاب اليمينية، لكن المشكلة أن هذا النهج لا يعالج جذور المشكلة، بل يخلق انقسامات داخل المجتمع".
وأضاف "بدلا من تبني سياسات اندماج فعالة، يجري طرح قوانين تزيد من التمييز ضد المهاجرين، وتجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، هذا لا يخدم الديمقراطية الألمانية، بل يضر بصورتها عالميا، خاصة وأن ألمانيا تقدم نفسها كدولة حامية لحقوق الإنسان".
وفي خضم هذا الجدل، يبقى السؤال الأهم: هل تسعى الحكومة الألمانية لحماية أمنها القومي، أم أنها تستخدم قوانين الجنسية كأداة سياسية لقمع الأصوات المعارضة؟
وبينما ترى السلطات أن القانون يهدف لمنع التطرف وتعزيز الاندماج، يؤكد معارضوه أنه يمثل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان وحرية التعبير، ويميز بين المواطنين بناء على مواقفهم السياسية.
وما بين الدفاع عن السيادة الألمانية وحماية الحقوق الديمقراطية، يبدو أن هذا القانون سيظل محل صراع سياسي وقانوني طويل داخل ألمانيا وخارجها.
إعلان