دعاء حلمي تكتب.. الشدة المستنصرية هل حدثت بالفعل؟
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
هل نحن بحاجة إلى تجديد الخطاب التاريخى أيضاً؟!
من أشهر الذين كتبوا عن الشدة المستنصرية المؤرخ أحمد بن على المقريزى الشهير بـ«تقى الدين المقريزى» بكتاب «اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء».
حيث سرد فى كتابه «أن الناس أكلت الميتة وأخذوا فى أكل الأحياء وصنعت الخطاطيف والكلاليب؛ لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح، وأكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا فى الطرقات فقتلوا من ظفروا به وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط».
وقال إن أحد بيوت القاهرة الفاطمية كان معروفاً ببيت الشدة، وهو أشهر بيت أيام الشدة المستنصرية، حيث كان يلتقط أى شخص يمر تحته بخطاف، ولم يدخله أحد إلا وخرج منه عظاماً فى جراب، وهو ما تم تناوله فى أحد المسلسلات تحت نفس الاسم «بيت الشدة».
ومن «المقريزى» تناقل المؤرخون وقائع تلك الأحداث التى جرت على مدار 7 سنين عجاف من عام 1065 حتى عام 1071.
وبذلك أصبح المقريزى هو المصدر الأول لرواية التاريخ بل إن معظم كتب التاريخ تناقلت روايات هذا المؤرخ باعتبارها حقائق لا تقبل التشكيك. كما أن تلك الروايات يتناقلها المصريون حين يتعرضون لمخاطر اقتصادية، خصوصاً ما يتعلق بمياه نهر النيل التى تمثل شريان الحياة الرئيسى وكأنها حقيقة ثابتة.
ولكن هل تعلم أن «المقريزى» كتب عن تلك الشدة المزعومة بعد وقوعها بـ400 سنة، حيث عاش «المقريزى» بين عامَى 1364 و1442م؟!
فبالفعل كانت تمر بمصر سنوات عجاف عند انحسار النيل، ولكن القول إن المصريين أكلوا الجيفة وصنعوا خطاطيف واصطادوا بها بعضهم من الشوارع مبالغات غير منطقية، ولا نعرف من أين جاء المقريزى بهذه الروايات، رغم ما يفصله عنها «4 قرون كاملة»؟!
ولكن عند محاولة البحث عن الملابسات التاريخية لتلك الوقائع، نجد أن مصر كانت تمر بظروف سياسية مضطربة بسبب سيطرة أم المستنصر واستئثارها بالحكم وإصدارها قرارات من شأنها الإضرار بالدولة الفاطمية، وكان قرارها بعزل المستنصر الحسن بن الحسين الحمدانى الملقب بـ«ذى المجدين» من ولاية الشام بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، وهو ما دفع «الحمدانى» إلى المجىء إلى مصر وجند البدو، وحاصر القاهرة قاطعاً عنها مدد المؤن والطعام القادم من الدلتا والصعيد بدافع الانتقام.
وصادف ذلك انخفاض النيل، ووقعت حرب عصابات أقرب إلى الحرب الأهلية بين الأمراء الطامعين فى الوزارة، خليفة للحمدانى، وهو ما أدى إلى وقوع تلك الشدة.
ولكن بدراسة الوضع السائد فى مصر وقتها، يجعل الأمر خاضعاً إما للتهويل أو لمآرب أخرى.
فقد كان عدد سكان مصر وقتها تاريخياً من ٢ إلى ٣ ملايين مع كل مساحة الأرض الزراعية، فكانت توجد وفرة زراعية وفوائض كبيرة لدرجة أنها كانت توصف فى العصر الرومانى بـ«سلة خبز الإمبراطورية الرومانية».
ثانياً: عرف المصريون تخزين الحبوب منذ آلاف السنين لمواجهة نقص مياه النيل الذى كثيراً ما كان يحدث قبل بناء السد العالى.
ثالثاً: كانت مصر المعبر التجارى لتجارة آسيا وأوروبا حتى قبل قناة السويس، حيث كان يتم تفريغ حمولات السفن.
وهو ما يجعل الأمر بحاجة إلى مراجعة وتدقيق عند النقل من راصدى التاريخ والمتصدرين له، وهو ما يستغله أعداء الدولة المصرية على مر التاريخ، وهو ما نراه اليوم فى القنوات المعادية عندما يلوكون أحداث الشدة المستنصرية وكأنها قابلة للحدوث اليوم، وكأنها وقعت بالفعل بتلك الوقائع الخيالية، فيكفى أن ننقل عن المقريزى أنه وصف المصريين كاتباً:
«أما أخلاق المصريين فبعضها شبيه ببعض، سخيفة سريعة التغير، قليلة الصبر والجلد، وكذلك أخلاقهم يغلب عليها الاستمالة والتنقل من شىء إلى شىء والدعة والجبن والقنوط والشح وقلة الصبر والرغبة فى العلم وسرعة الخوف والحسد والنميمة والكذب والسعى إلى السلطان».
فكيف نبنى اليوم على أساس أحداث ماضية وكأنها وقائع قاطعة من مصادر مشكوك فى أساسها والغرض من ورائها، وهو ما يجعل التاريخ أيضاً بحاجة ماسَّة إلى إعادة قراءة وتمعن وفحص ودراسة وتجديد أيضاً، وليس الخطاب الدينى وحده هو الذى بحاجة إلى تجديد.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأمراء الشدة المستنصریة وهو ما
إقرأ أيضاً:
هالاند: نحن محبطون ولكن علينا أن نستمر في العمل الجاد للعودة للانتصارات
حث إيرلينج هالاند، مهاجم فريق مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم، على الإيمان ببعضهم البعض والاستمرار في العمل على أرض الملعب بعد الهزيمة 1 / 2 أمام أستون فيلا أمس السبت في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وقال هالاند في تصريحات نشرها الموقع الرسمي للنادي على الإنترنت بعد المباراة:"بالطبع نحن محبطون، هذا ليس جيدا بما فيه الكفاية مني".
وأضاف:"إنهم لاعبون جيدون، من الصعب القدوم إلى هنا لكننا مانشستر سيتي وعلينا أن نستمر ونؤمن ببعضنا البعض وعلينا أن نستمر في العمل الجاد".
وأردف:"أولا، أنظر إلى نفسي لم أفعل الأشياء بشكل جيد بما فيه الكفاية، لم أسجل الفرص التي أحصل عليها، علي أن أتحسن".
وأوضح:"بالطبع، ثقتنا ليست الأفضل نحن نعلم مدى أهمية الثقة ويمكنك أن ترى أنها تؤثر على كل إنسان هكذا هو الحال، علينا أن نستمر ونبقى إيجابيين على الرغم من صعوبة الأمر".
وعن سؤال هالاند عن جهود جوارديولا لتحويل نتائج الفريق، بعد أن تم تصويره في مناقشات مع المدرب في نفق فيلا بارك بعد المباراة.
أعرب النرويجي عن إيمانه الكامل بتعليمات وتكتيكات مدرب السيتي، وهو واثق من أن المدير الفني سيقود الفريق إلى العودة لتحقيق نتائج إيجابية.
وقال:"إنها التفاصيل الصغيرة لا أتذكر الآن ما قاله جوارديولا، أعتقد أننا خسرنا للتو مباراة أخرى ولكن ربما كانت بعض التعليمات الصغيرة للقيام بالأشياء بشكل أفضل".
وأوضح:"لقد فاز بالدوري الإنجليزي الممتاز ست مرات في سبع سنوات، لن ننسى ذلك أبدا".
واختتم هالاند تصريحاته قائلا:"سيجد الحلول، لقد فعل ذلك كل عام وما زلنا نؤمن به وعلينا أن نعمل بجدية أكثر من أي وقت مضى الآن".