عقد الجامع الأزهر، اليوم الاثنين، ثامن فعاليات الملتقى الفقهي الذي يعقد طوال شهر رمضان المبارك، وجاء بعنوان "فلسفة الصوم في الإسلام"، شارك فيه الشيخ ياسر صلاح عجوة، الباحث بالجامع الأزهر، والشيخ بلال سعد خضر، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والدكتور الطويل محمد أحمد، عضو لجنة الفتوى بالجامع الأزهر.

قال الشيخ ياسر صلاح عجوة إن رمضان هو “مدرسة الثلاثين يوماً” الذي وضع به الله عز وجل الإنسانية كلَّها في حالة نفسية واحدة، عبر نظام علميٍ من أقوى وأبدع الأنظمة الصحيحة ألا وهو “الصوم”، مستشهدا بوصف الرافعي للصوم على أنه " فقر إجباري يُراد به إشعار النفس الإنسانية بطريقة عملية واضحة كل الوضوح: أنَّ الحياة الصحيحة وراء الحياة لا فيها، وأنها إنما تكون على أتمّها حين يتساوى الناس في الشعور لا حين يختلفون، وحين يتعاطون بإحساس الألم الواحد لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء المتعددة. ولو حققت رأيت الناس لا يختلفون في الإنسانية بعقولهم، ولا بأنسابهم، ولا بمراتبهم، ولا بما ملكوا؛ وإنما يختلفون ببطونهم، وأحكام هذه البطون على العقل والعاطفة".

وأوضح الباحث بالجامع الأزهر أن الرافعي قد استرسل في شرح فلسفة الصوم قائلا "إن الصوم يضع الإنسانية كلَّها في حالة نفسية واحدة، تتلبَّس بها النفس في مشارق الأرض ومغاربها، ويطلق في هذه الإنسانية كلها صوت الروح يُعَلِّم الرحمة، ويدعو إليها، فَيُشْبِع فيها بهذا الجوع فكرةً معينة؛ وهي تلك التي يكون عنها مساواة الغنيِّ للفقير من طبيعته، واطمئنان الفقير إلى الغني بطبيعته. ومن هذين؛ الاطمئنان والمساواة يكون هدوءُ الحياة"، مضيفا أنه متى تحققت رحمة الجائع الغني للجائع الفقير أصبح للكلمة الإنسانية الداخلية سلطانها النافذ، وحكم الوازع النفسي على المادة.

الله تعالى قد شرع العبادات لعلل ومقاصد سامية

ومن جانبه، بين الشيخ بلال سعد خضر أن الله تعالى قد شرع العبادات لعلل ومقاصد سامية؛ من أهمها تهذيب النفوس، وتقويم السلوك المعوج، واستقرار المجتمعات، وفي ذلك وجدنا التشريعات والنصوص تشير إلى هذا، فنجده تعالى يقول عن الصلاة"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" ويقول عن الزكاة "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها"، وقال عن الصيام "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، موضحا أن كل العبادات لها حكم ومقاصد سامية، ومنها الصيام لما فيه من تهذيب مشروع وشعور بالجوع وخضوع لله تعالى.

وأضاف عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الحكمة المنصوص عليها في القران، في قوله "لعلكم تتقون" وتبين أن هدف القرآن الأساسي هو التقوى، وهي الاحتراز عن الوقوع في الخطأ، والتقوى لها اثار وثمار من اهمها انها تنزل عليك البركات في كل امور حياتك، وبذلك يابين لنا فلسفة الصيام وأنه ما هو إلا تدريب عملي على ان يتجاوز الانسان شهوات نفسه ويتدرب على مقاومتها.

وأوضح الدكتور الطويل محمد أحمد أن الصوم مدرسة يتعلم فيها المسلم التكافل المجتمعي، والإحساس بالفقير ومراقبة الله عز وجل، مضيفا أنه في ترائي الهلال ووجوب الصوم لرؤيته معنى دقيق آخر، وهو مع إثبات رؤية الهلال وإعلانها، إثبات الإرادة وإعلانها، كأنما انبعث أول الشعاع السماوي في التنبيه الإنساني العام لفروض الرحمة، والإنسانية والبر.، وأن في ذلك حكمة قوية وهي تربية الإرادة، وتقويتها بهذا الأسلوب العلمي، الذي يدرب الصائم على أن يمتنع باختياره من شهواته متحليا بالعزيمة والصبر والأخلاق.


ويواصل الجامع الأزهر خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان بتوجيهات ورعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتتضمن: (١٣٠ مقرأة- ٥٢ ملتقى بعد الظهر- ٢٦ ملتقى بعد العصر- صلاة التراويح بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث الإسلامية ٢٠ ركعة يوميا بالقراءات العشر-  ٣٠ درسًا مع التراويح- صلاة التهجد بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث في العشر الأواخر- تنظيم ٧ احتفالات متعلقة بمناسبات الشهر الكريم- ٥٠٠٠ وجبة إفطار يوميًّا للطلاب الوافدين، لتصل الوجبات لـ ١٥٠ ألف وجبة طوال الشهر الكريم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجامع الأزهر الملتقى الفقهي شهر رمضان الإسلام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بالجامع الأزهر

إقرأ أيضاً:

الإيمان وتأثيره العميق في سلوك الإنسان .. رحلة التغيير الداخلي

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، أن العبادات تمثل جانبًا أساسيًا في بناء الإنسان، مشيرًا إلى أن الصوم يعد من أعظم العبادات التي تحمل آثارًا نبيلة تساهم في تقوية العلاقة بين الإنسان وربه، وبين الإنسان وأخيه الإنسان.

الصوم كعبادة سرية بين العبد وربه

وأوضح مفتي الجمهورية، خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على قناة "صدى البلد"، أن الصوم ليس فقط عبادة بدنية، بل هو عمل روحي يمتد أثره إلى العديد من جوانب الحياة الإنسانية. 

وقال إن الصوم يُعد من العبادات التي تحمل خصوصية كبيرة، فهو سر بين العبد وربه. في هذا الصدد، أشار إلى الحديث القدسي الذي ذكر فيه الله تعالى: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"، لافتًا إلى أن الصوم لا يمكن أن يُقيم فيه الإنسان رياء أو تصنعًا، بل هو عمل صادق ونية طاهرة.

الإيمان وأثره على سلوك الإنسان

وأضاف الدكتور نظير عياد أن الإيمان هو في جوهره إقرار باللسان وتصديق بالقلب، لكن أثر هذا الإيمان لا يتوقف عند هذا الحد بل يتجسد في سلوك الإنسان. وأوضح أن العبادات بشكل عام، بما في ذلك الصوم، تشكل وسيلة لتعزيز الإيمان من خلال تجسيد المبادئ الإيمانية في العمل اليومي للإنسان. بينما يظل الصوم، بصفته عبادة خاصة بين العبد وربه، سرًا طاهرًا يظهر أثره في العمل الصادق والطاهر الذي يلتزم به المسلم في حياته.

الصوم كوسيلة لتعزيز الروابط الإنسانية

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الصوم له أثر خاص في بناء الإنسان على عدة مستويات، حيث يعزز من قدرته على ضبط النفس، ويشجع على التعاطف مع الآخرين، خاصة الفقراء والمحتاجين. فالصوم لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب فقط، بل يشمل الامتناع عن كل ما يمكن أن يفسد نقاء النفس ويسهم في بناء علاقة إنسانية قائمة على التعاون والتضامن.

وفي الختام، أكد الدكتور نظير عياد أن الصوم يُعتبر أحد أسمى العبادات التي تساهم في بناء الإنسان على الصعيدين الروحي والإنساني، مؤكداً أن أثره لا يظهر فقط في الامتناع عن الطعام، بل في النية الطاهرة والعمل الصادق والنية الخالصة لله تعالى.

مقالات مشابهة

  • وكيل الأزهر: الكليات العلمية بالأزهر تعيش نهضة حقيقية
  • الأطفال يسألون وشيخ الأزهر يجيب .. هل ما يحدث للمسلمين غضب من الله؟
  • فضل الصيام في شهر شعبان .. تعرف على ثوابه وأحكامه الكاملة
  • وكيل الأزهر يشارك في حفل تخريج دفعتين لطب الأزهر بدمياط
  • وكيل الأزهر للأطباء الجدد: اسعوا للحصول على شهادة من الله بخدمة الناس ونفعهم
  • رئيس جامعة الأزهر يشرح المعنى البلاغي في قوله تعالى: «يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً»
  • حكم العجز عن الوفاء بنذر الصيام لكبر السن
  • الإيمان وتأثيره العميق في سلوك الإنسان .. رحلة التغيير الداخلي
  • مفتي الجمهورية: الصوم سر بين العبد وربه ويسهم في بناء الإنسان
  • «فيديو».. أستاذ بجامعة الأزهر يكشف سبب تعدد الطرق الصوفية