اليوم 24:
2025-01-29@00:18:58 GMT

العولمة والتحولات الجيوسياسية للوطن العربي

تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT

درج أغلب المتحدثون في العلاقات الدولية على اعتبار الوطن العربي منطقة تنتمي لدول العالم الثالث ، أو الدولة المتخلفة ، الهامشية التي تعيش واقعا مفروضا عليها، خصائصه هي التوترات والنزاعات والمشاكل والهجرة القروية والدولية . الأمر الذي يجعلهم هؤلاء  يعتبرون الوطن العربي خارج الحسابات الجيوسياسية ، يتحمل أعباء موازين القوى بين الدول العظمى في منظومة العلاقات الدولية الجارية .

هذه الرؤية  القدرية التي ترى العالم العربي يعيش حتمية علاقات القوة،  لم تعد قادرة على فهم التطورات التي تعرفها الشعوب العربية بتفاعلها مع المحيط الدولي، وتطور إمكانياتها العلمية والثقافية والبشرية .إنها رؤية استعمارية بائدة ، واستاتيكية للعلاقات الدولية ، تنطلق من القوة العسكرية والمالية للدول العظمى ، لتفهم باقي الدول، ومنها الدول العربية ، على أنها تابعة وخاضعة وفق خطاطة تحليلية تبسيطية.

وتزداد هذه الرؤية بعدا عن الواقع الحي للوطن العربي، كلما استحضرنا نتائج وتأثيرات وتناقضات العولمة المتصاعدة باستمرار في كل أرجاء المعمور .بإعتبارها السياق التاريخي المحدد لنشأة وتطور وفهم قضايانا المعاصرة وعلى رأسها العلاقات الدولية.

صحيح أن البشرية قذ عرفت دائما درجة معينة من التواصل وربط العلاقات بين مكوناتها في مختلف بقاع العالم. إلا أن اليوم، وبفضل التقدم العلمي والتقني وثورة وسائل الإتصال والتواصل ووفرة الإنتاج والخدمات، فإن هذه الدرجة قد وصلت إلى مستوياتها القصوى لتترابط الشعوب والدول أكثر من ذي قبل وفي كل المجالات . لذلك كثر الحديث منذ أكثر من ثلاثة عقود عن ظاهرة العولمة كخلفية أساسية ومركزية تؤطر مرحلتنا التاريخية الراهنة بكل قضاياها المعقدة وعلى رأسها العلاقات الدولية.

وإذا كان من الصعب إيجاد إتفاق واضح على طبيعة ومقومات ظاهرة العولمة، فإننا نستطيع أن نتفق على الأعراض التي تمثلها وتؤشر على تأثيرها كعامل محدد للعلاقات الدولية ، وللإرادة التي تنشط مختلف الدول العربية لكي تفرض نفسها على الساحة الدولية . ويمكن أن نحدد ثلالة أعراض أساسية تعبر عن خصوصية ظاهرة العولمة وهي كالتالي:

-الإدماج والتضمين :   inclusion

-الترابط والتفاعل :   interdépondance

-الحركية  :      mobilité

الإدماج والتضمينL’inclusion ) ( تعني في الإجمال أن كل الشعوب في قارب واحد.في السابق كانت شعوب العالم تتجاوز وتتقارب بهذا الشكل أو ذاك . اليوم هي موحدة ومندمجة ، أي أنها تعيش في منظومة من العلاقات الدولية توحد اقتصادات مختلفة ومتفاوتة في نموها بشكل كبير. الأمر الذي قاد العديد من الإقتصاديين إلى القول أن التضمين والإدماج الذي جاءت به العولمة عمق بشكل مهول اللامساوات بين الدول والشعوب ، مما جعل هذه اللامساوات في الدخل والنمو الإقتصادي تصبح إحدى الرهانات الكبرى للعلاقات الدولية بدل كل الرهانات الإستراتيجية التقليدية .

الترابط والتفاعل( Interdépendance ) تشير إلى أن الكل تابع للكل .دولة عظمى عسكريا ، تحتاج لدولة صغيرة .أمام التفاعلات المعقدة علميا واقتصاديا وبيئيا ، أصبحت  الدول في العالم اليوم تخضع  لإكراهات منظومة العلاقات أكثر مما تخضع لأهدافهم الخاصة.  .فدولة صغيرة مثل تايوان لها أهمية كبيرة في مجال الثورة الرقمية التي يعيشها العالم .  فما يسمى بصناعة الرقائق  الإلكترونية لها أهمية استراتيجية أكبر في نسيج الصناعة الأمريكية .نفس الأمر يمكن أن يلاحظ في ملفات الغداء، والبيئة، والطاقة……

*الحركية ( mobilité)وهي ظاهرة نقلت  العالم من صورة العالم الثابت إلى عالم متحرك . فالثورة التي أحدثت في مجال التواصل والإتصال جعلت الحدود بين الدول والشعوب

2

تسطر في الخرائط الورقية أكثر مما هي واقع فعلي .فالهجرة ، لليد العاملة ، للأ دمغة ، للأفكار والتقنيات والمعدات، صارت واقعا يوميا في عالمنا اليوم .

أمام هذه العوامل الثلاث المشكلة للعولمة فإن العلاقات الدولية لم تعد بالوضوح الذي كانت عليه في السابق. إذ عرفت عدة تحولات كان الوطن العربي مسرحا لها ، وأحد المناطق المعبرة عنها.

ولفهم واقع الوطن العربي في العلاقات الدولية القائمة ، لابد لنا من العودة ولو باختصار لتاريخ العلاقات الدولية التي عاشتها هذه المنطقة . إذ باستحضار معالم هذا التاريخ سنفهم بشكل أفضل اللحظة الراهنة التي يمر منها وطننا العربي .

يتفق كل الدارسين على أن الوطن العربي، مثله مثل باقي الدول المسمات اليوم  دول الجنوب ، مر من ثلاث مراحل كبرى أساسية في تاريخه الحديث. وهي المراحل التالية:

– المرحلة الأولى هي مرحلة التحرر الوطني وتحقيق الإستقلال.

– المرحلة الثانية هي مرحلة الحرب الباردة وسياسة الأقطاب.

– المرحلة الثالثة هي مرحلة العولمة.

المرحلة الأولى التي هي مرحلة التحرر الوطني وبناء الدولة المستقلة ، شكلت اللحظة التاريخية الأولى في تاريخ الوطن العربي التي صعدت فيها شعوبه لمسرح السياسة الدولية، ورفعت على أكتافها زعامات سياسية وطنية تعبر عن مطالب الإستقلال والتحرر من سيطرة الأجنبي .لمجرد حصول أغلب الدول العربية على الإستقلال الوطني ابتدأت حركة مطلبية تقوم على الحق في السلم والاستقلال والتنمية . هكذا شاركت العديد من الدول العربية في لقاء أسيوي إفريقي سمي بلقاء باندونج (اندونيسيا) سنة 1955 وشارك فيه المغرب رغم أنه لم يحصل بعد على استقلاله، ومثله ، بأمر من جلالة المغفور له محمد الخامس ، الزعيم علال الفاسي . بعد هذا اللقاء التاريخي سادت داخل الوطن العربي عقيدة سياسية تحدد العلاقات الدولية على أساس مبدأ عدم الإنحياز، وصارت العلاقات الدولية وفق خطاطة ثلاثية ، قطب رأسمالي غربي ، قطب اشتراكي ، ثم قطب دول عدم الإنحياز التي تطمح لنموذج جديد في الإقتصاد. لذلك ظهرت في مؤتمر سنة 1975 في مؤتمر عدم الإنحياز سنة 1975فكرة المطالبة بنظام اقتصادي جديد يتخلص من سيطرة الدول الأوروبية .خاصة وأن كل المقومات الاستراتيجية للإقتصاد الحديث موجودة بأراضي دول الجنوب (بترول ، غاز ، معادن نفيسة ، يد عاملة شابة …).

*المرحلة الثانية وهي التي ابتدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وطبعت أساسا بانقسام الوطن العربي بين دول تقف وراء القطب الاشتراكي ، ودول تقف وراء القطب الرأسمالي. في مناخ الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي سابقا، والولايات المتحدة الأمريكية .فكل مجهودات المرحلة الأولى الرامية لتكريس سياسة عدم الإنحياز وخلق توازنات للسلم والاستقرار والتنمية من قبل دول الجنوب ومنها الدول العربية ، لم تجد عند الدول العظمى في الشمال سوى الإهمال والتبخيس.

لقد سادت لدى الدول العظمى تصورات قبلية وأحكام مسبقة حول العالم العربي باعتباره عالم لا يستحق الإهتمام إلا من أجل ثرواته الطبيعية .إنه العالم الثالث ، المتخلف، مصدر الهجرة والمشاكل ….

وأقصى ما استطاعت الدول العربية الحصول عليه و معها كل دول الجنوب ، هو خلق منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية سنة 1964، التي حاولت التفاعل مع مطالب التنمية الإقتصادية ثم منظمة برنامج الأمم المتحدة للتنمية المعروفة ب PNUD سنة 1965.

ومع تصاعد حضور مطالب الدول العربية، ومعها كل دول الجنوب ، على الساحة الإقتصادية الدولية لم يكن أمام الدول الغربية المتقدمة سوى خلق تحالفات مصغرة عبارة عن أندية ديبلوماسية اقتصادية مثل مجموعة السبع (G7) التي أنشأت سنة 1976 (1975 تأسست  G6 واستدعيت كندا فيما بعد لتعرف منذ ذلك التاريخ  ب(  G7 )إنها أندية اقتصادية تضم دول تقدم نفسها على أنها الأكثر غنا وقوة وذكاءا من باقي دول العالم.

أمام هذا التهميش الذي قوبلت به الدول العربية وهي تبحث لنفسها عن مكانة اقتصادية على الساحة الدولية ، وأمام سيطرة مقتضيات الحرب الباردة وسياسة الردع النووي ، توزعت الدول العربية بين من انحاز إلى القطب الإشتراكي ، ومن انحاز للقطب الرأسمالي للبحث عن مساعدات مالية واقتصادية ولوجيستيكية تمكن شعوبها من الإقلاع الإقتصادي .

*المرحلة الثالثة هي التي ابتدات عندما قال رئيس الإتحاد السوفياتي سابقا غوربا تشوف سنة 1989 للرئيس الأمريكي بوش الأب ، بأن الإتحاد السوفياتي لم يعد معني بالمنافسة النووية بين البلدين.لتجد الدول العربية نفسها ، سواء تلك التي تدور في فلك الإشتراكية أو تلك التي تدور في فلك الرأسمالية .في وضعية تقف فيها أمام مستقبلها وحيدة دون حماية. وما سمي في هذه المرحلة بنهاية التاريخ ، هو في الواقع نهاية حقبة من تاريخ العلاقات الدولية كانت فيها الدول العربية تضمن مسبقا المساعدة والحماية من هذا القطب أو ذلك .

لقد شكلت نهاية الحرب الباردة واختفاء الإتحاد السوفياتي محطة دخول العلاقات الدولية في سياق جديد هو سياق العولمة المطبوع بعوامل متميزة كالإدماج في اقتصاد واحد والعيش في ترابطات معقدة ودائمة بين الدول والشعوب ، وفي حركية قوية لرؤوس الأموال والبشر والتقنية والأفكار…  

ولعل الحرب الروسية الأكرانية جاءت لتكثف التحول الدي عرفته العلاقات الدولية مند نهاية الحرب الباردة .فمع العولمة اتضح للدول التي خرجت منتصرة من مرحلة الحرب الباردة أنها رغم قوتها العسكرية والمالية والإقتصادية تحتاج لدول أضعف منها وأصغر منها، في الطاقة كما في التجارة وفي البيئة كما في السياسة الأمنية وضبط الهجرة والتعاون الدولي.

وعندما انطلقت أول شرارة للحرب الروسية الأكرانية رأت فيها دول العالم العربي حربا لاتعني سوى المصالح الأوروبية والغربية ،وبالتالي فإنها ليست مجبرة على الإصطفاف وراء طرف ضد طرف آخر.

إن تجربة المرحلتين السابقتين اللتان عاشهما الوطن العربي ،مرحلة التحرر والإستقلال، ومرحلة التهميش التي عان منها إبان الحرب الباردة ،علمتاه كيف يبني إستراتيجية جديدة في صراع العلاقات الدولية .فمن سياسة عدم الإنحياز إلى سياسية الإنحيازلهذا القطب أو ذاك،نجد الدول العربية اليوم، مع كل التحولات العلمية والعسكرية والإقتصادية والإيديولوجية تنهج سياسة تعدد الإنحياز وفق مصالح كل دولة، ووفق مقتضيات الرهانات الإقليمية والإستراتيجيات التنموية.

لقد فهم العالم العربي (باستثناء حكام جارتنا الشرقية) أن منطق العلاقات الدولية اليوم داخل سياق العولمة، لم يعد هو ذلك المنطق الدي ساد في نهاية القرن التاسع عشر حيث قال بسمارك عبارته الشهيرة : (*العلاقات الجيوسياسية أمر سهل ،إثنان ضد وا اللإنحياز حد *) بمعنى أن منطق التحالفات لم يعد بسيطا يعتمد الغلبة والقوة فقط . بل أصبحت العلاقات الدولية متشابكة ومعقدة مطبوعة بتعدد الإنحياز والتحالفات.

ولعل هده المنظومة الجديدة للعلاقات الدولية هي التي ابتدأت تتشكل مند نهاية الحرب العالمية الثانية .إد منذ هذا التاريخ والعالم لم يشهد انتصارا عسكريا لدولة عظمى وقوية على شعب ضعيف وفقير. وهي المنظومة التي أصبحت اليوم واضحة ومسيطرة، حيث القوة العسكرية لا تنعكس على طبيعة التحالفات الدولية والإقليمية .بل إن القوة في منظومة العلاقات الدولية الحالية لم تعد تقاس بالحديد والنار،بل بعوامل علمية وثقافية وإنسانية أصبحت لها أهمية في صياغة الإستراتيجيات الجيوسياسية .فالرقائق الإلكترونية كتقدم علمي صناعي بوأت التايوان مكانة جيوسياسية مهمة أمام تهديدات العملاق الصيني. الروابط الروحية والثقافة الوطنية الراسخة لدى المغاربة مكنت المغرب من كسر كل مناورات أعداء وحدته الترابية وأقنعت العديد من الدول بمشروعية مغربية صحرائه.

لقد فرضت التحولات التي عرفتها منظومة العلاقات الدولية مع العولمة، على الدول العربية أن تختار سياسات دولية دون دوغمائية إيديولوجية ، وباستنارة من مصالحها الوطنية والإقليمية في التنمية والتقدم . إذ ان هده التحولات جعلت العلاقات الدولية تستند على قوة الثقافة والروابط الإجتماعية والعمق الإنساني، في ارتباط وثيق بمطالب التنمية وردم هوة الامساوات بين الدول.

والوطن العربي لم يعد تلك المنطقة المتخلفة ،الثالثية، المهمشة في الحسابات الجيوسياسية.

إذ استطاعت الكثير من الدول تقوية مكانتها وتجويد مطالبها باعتماد على سياسة تعدد الأقطاب المبنية على تحالفات محلية وإقليمية .هكذا نلاحظ دولة كالمملكة العربية السعودية تنخرط في تنويع تحالفاتها سواء إقليميا بين الإنتماء لمجلس التعاون الخليجي وفي نفس الآن التحالف مع إيران، او دوليا بالحفاظ على تحالفاتها التقليدية مع الولايات المتحدة الأمريكية، والإنفتاح في نفس الوقت على الإنخراط في المجموعة الإقتصادية البريكس التي تتزعمها الصين وروسيا . نفس الإستراتيجية نلاحظها عند دولة عربية أخرى لاتقل اهمية هي جمهورية مصر العربية إذ نجدها في تحالف إقليمي مع الأردن والعراق فيما سمي ب *الشام الجديد* من جهة ،وتحالف إقليمي مع الأردن والإمارات فيما سمي ب * الشراكة الصناعية *وفي نفس الآن نجدها في تحالف مع روسيا وإيطاليا والإمارات في الملف الطاقي،

إلى جانب علاقتها الوطيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية مند الفترة الرئاسية لأنوار السادات. نفس الإستراتيجية المعتمدة على تعدد الأقطاب نجدها عند دولة قطر التي تعد البلد الذي يتمتع بعلاقات دولية جيدة مع روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا إلى جانب حضورها القوي في التحالفات العربية الإقليمية والأسيوية . ولم يخرج المغرب عن هدا الأفق الإستراتيجي ، إد نجده هو الاخرما فتئ ينوع في علاقته الدولية مع مختلف الدول الإفريقية والعريية والغربية. لقد نشط حضوره الإفريقي بين الدول الإفريقية ليس فقط باتفاقيات التعاون الإقتصادي والتنموي ، بل كذلك بإشعاعه الروحي والثقافي . هدا إلى جانب أنه استطاع انتزاع اعتراف حليفته التقليدية الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية صحرائه، وأن يطور علاقاته مع الجارة إسبانيا ويكون له حضور وازن في الحوار السياسي الوزاري العربي الياباني.

فبفضل ذكاء الديبلوماسية المغربية في تحصين كل مواردها السياسية والثقافية في اتجاه تنويع علاقاتها مع دول العالم. استطاع المغرب ان يطالب بعلاقات دولية تنبني على مشروعية مغربية صحرائه.

هكذا فعلى الرغم من الظروف الدولية المتأزمة في المرحلة الراهنة ، وتداعياتها الكبيرة على كافة مناطق العالم ،وفي القلب  منها المنطقة العربية ، تبدو وضعية العلاقات الدولية اليوم، فرصة مهمة للعرب في العديد من المسارات ،تتمثل اولا في مسار بناء التعاون العربي – العربي لتجاوز الخلافات الراهنة ،وثانيا في مسار بناء العلاقات الدولية في اتجاه تعزيز دور أكبر على المستوى العالمي. وهي مسارات مرتبطة ببعضها وإلى حد كبير.

حيث ينظر إلى العلاقات العربية العربية بمثابة مدخل أساس لتحقيق علاقات أقوى مع المحيط الدولي خاصة في ظل عالم يتشكل من جديد،وتحالفات في طور البناء وشيوع حالة من الشك وعدم اليقين في السياسات الدولية للدول العظمى على خلفية الإرتباك الكبير في العلاقات بين عناصره في السنوات الأخيرة .وهو الإرتباك الدي تأجج أكثر مع اندلاع الأزمات الأخيرة وأكبرها الحرب الروسية على أكرانيا، والحرب الإسرائيلية على غزة.

ولقد تجلى تأقلم الدول العربية مع هدا الوضع الدولي المتقلب والمأزوم في تبني مختلف هده الدول لإستراتيجية  دولية أسميناها تعدد الإنحياز وهي التسمية  التي اقتبسناها من تصريحات وزيرخارجية الهند الحالي عشية انعقاد اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في مارس الماضي بالعاصمة الهندية.

 

أستاذ باحث في علم الاجتماع

 

 

 

 

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة للعلاقات الدولیة العلاقات الدولیة منظومة العلاقات الحرب الباردة الدول العربیة العالم العربی عدم الإنحیاز الوطن العربی الدول العربی نهایة الحرب دول الجنوب دول العالم بین الدول العدید من هی مرحلة لم یعد

إقرأ أيضاً:

تناحر مستمر| دور الأيديولوجيات الدينية في تقويض الأمن العربي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 الشرق الأوسط يشهد تفرقة حادة بين الطوائف السنية والشيعية واليهودية  الدول العربية يجب أن تبنى نماذج سياسية قائمة على قبول التنوع واحترام حقوق الأقليات الدينية وتعزيز التعايش السلمى 

تتمتع منطقة الشرق الأوسط بتنوع ديني وإثني معقد يشكل قاعدة مهمة للأيديولوجيات السياسية والدينية التي تؤثر على الأمن القومي العربي. منذ بداية الإسلام في القرن السابع، نشأت خلافات دينية وفكرية بين المذاهب الإسلامية المختلفة، أبرزها الخلاف السني-الشيعي، الذى استمر لقرون وأثر بشكل كبير على الصراعات الإقليمية والسياسات الدولية. كما أن التحديات التى تواجه المنطقة لم تقتصر على الانقسامات الداخلية بين المسلمين، بل أيضًا شملت التهديدات من القوى الكبرى مثل إسرائيل، التى تبنت الأيديولوجية اليهودية وصار لها دور محورى فى الإقليم. فى هذا السياق، تبرز تركيا وإيران كقوتين إقليميتين تقود كل منهما الأيديولوجية السنية والشيعية على التوالي، مما يضيف مزيدًا من التعقيد للصراعات فى المنطقة.. السطور التالية محاولة لاستكشاف خلفية هذه الأيديولوجيات الدينية وتأثيرها على الأمن القومى العربي، حيث يعكس الصراع بين هذه الأيديولوجيات التوترات المستمرة التى تعيشها الدول العربية. من دعم تركيا للجماعات السنية فى مختلف أنحاء المنطقة، إلى تدخلات إيران فى الشئون الداخلية للدول العربية عبر حلفائها الشيعة، وصولًا إلى تأثير السياسات الإسرائيلية فى الشرق الأوسط، يتشكل مشهد معقد من التحالفات والصراعات التى تسعى كل قوة دينية لفرض رؤيتها على المنطقة.

الأيديولوجية السنية 

شهدت المنطقة العربية فى السنوات الأخيرة صعودًا ملحوظًا للأيديولوجية السنية، التى تقودها تركيا من خلال سياستها الإقليمية الطموحة. تسعى تركيا، تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، إلى إعادة تأسيس نفسها كقوة إقليمية قائدة للعالم الإسلامى السني، مما جعلها تدعم بشكل فعال الحركات والأحزاب السنية فى الدول العربية. يعد دعم تركيا لجماعة الإخوان فى مصر وحركة حماس فى فلسطين وغيرهما من الجماعات والحركات المتطرفة كجبهة تحرير الشام فى سوريا وعدد من الفصائل المسلحة فى ليبيا من أبرز الأمثلة على هذه السياسة، حيث تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها فى المنطقة من خلال دعم القوى التى تتبنى الأيديولوجية السنية. كما أن دعمها للأحزاب السنية فى سوريا والعراق يعكس رغبتها فى مواجهة التأثير الشيعى المتزايد فى تلك الدول.

دور تركيا فى قضايا الأمن القومى العربى أصبح محوريًا فى السنوات الأخيرة، حيث تدخلت عسكريًا فى العديد من الدول العربية مثل سوريا وليبيا والعراق. فى سوريا، لعبت تركيا دورًا رئيسيًا فى دعم الفصائل السورية السنية المسلحة فى مواجهة النظام السورى المدعوم من إيران وروسيا. وفى العراق، دعمت تركيا بعض الفصائل السنية فى مواجهة النفوذ الإيرانى المتزايد فى البلاد. أما فى ليبيا، فقد قدمت تركيا دعمًا عسكريًا لحكومة الوفاق الوطنى المعترف بها دوليًا، التى تتضمن العديد من القوى السنية. ورغم أن هذه التدخلات تهدف إلى تعزيز الأمن القومى التركى وحماية مصالحها الإقليمية، إلا أنها أضافت مزيدًا من التعقيد إلى الأوضاع الأمنية فى المنطقة وأثارت العديد من الجدل حول تأثيرها على استقرار الدول العربية.

الأيديولوجية الشيعية 

تعد إيران القوة الإقليمية الرئيسية التى تقود الأيديولوجية الشيعية فى منطقة الشرق الأوسط، حيث تروج لسياسات طائفية تهدف إلى تعزيز نفوذها فى الدول العربية. تدعم إيران بشكل كبير الجماعات الشيعية فى العديد من الدول العربية، مثل حزب الله فى لبنان، والحشد الشعبى فى العراق، الذى كان له دور بارز فى محاربة تنظيم داعش، وجماعة الحوثيين فى اليمن، التى تسعى لتحويل البلاد إلى دولة تابعة للمحور الشيعي. هذه السياسات تعكس رغبة إيران فى بناء "الهلال الشيعي"، وهو تحالف غير رسمى من الدول والمجموعات التى تتبنى الأيديولوجية الشيعية، مما يساهم فى تعزيز دورها فى السياسة الإقليمية.

من جهة أخرى، أثارت سياسات إيران الإقليمية جدلًا كبيرًا حول تأثيراتها على الأمن القومى العربي. فى حين يرى البعض أن إيران تقدم دعمًا للجهود ضد الإرهاب وتنشر الاستقرار فى بعض المناطق مثل العراق وسوريا، يرى آخرون أن تدخلاتها تؤدى إلى تفاقم الصراعات الطائفية وزيادة التوترات بين السنيين والشيعة فى المنطقة. كما أن دعم إيران للمجموعات المسلحة فى لبنان والعراق واليمن يثير القلق بشأن تهديد استقرار الدول العربية واستقلالها، إذ يعتبر العديد من هذه الأنشطة بمثابة تهديد مباشر للأمن القومى العربي. وبذلك، فإن الأيديولوجية الشيعية التى تقودها إيران تشكل تحديًا حقيقيًا للمنطقة، فهى تمثل خطرًا على استقرار الدول العربية، لكن يمكن أيضًا أن يُنظر إليها كفرصة لبعض هذه الدول إذا تم التوصل إلى حلول دبلوماسية لتسوية النزاعات.

الأيديولوجية اليهودية 

تعد الأيديولوجية اليهودية التى تقودها دولة إسرائيل جزءًا محوريًا من الصراع على الأمن القومى العربى فى منطقة الشرق الأوسط. تأسست إسرائيل فى عام ١٩٤٨ إثر صراع طويل مع العالم العربي، ويعتبر تأسيسها نقطة تحوّل دراماتيكية فى تاريخ المنطقة، حيث كانت نتيجتها نزاعات مسلحة مستمرة مع الدول العربية حول الأراضى والحقوق. تعتمد إسرائيل فى سياساتها على الحفاظ على تفوقها العسكرى وتعزيز أمنها القومي، مما يدفعها للتركيز على مواجهات عسكرية مستمرة مع الفلسطينيين والدول العربية المجاورة. فى إطار هذا الصراع، كانت إسرائيل تحرص على الحفاظ على وجودها فى بيئة إقليمية معادية، حيث تطور موقفها الأمنى ليتضمن استراتيجيات تتعلق بالاستقلالية العسكرية والنووية، مما جعلها تشكل تهديدًا مستمرًا للأمن القومى العربي.

فى السنوات الأخيرة، طرأت تغييرات كبيرة فى العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية، خاصة بعد اتفاقات أبراهام ٢٠٢٠ التى شهدت تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين، تبعتها خطوات تطبيع بين إسرائيل والسعودية. هذا التحول فى العلاقات يثير تساؤلات حول تأثيره على التوازنات الإقليمية. بينما يرى البعض أن هذه العلاقات قد تؤدى إلى تحالفات استراتيجية جديدة لمواجهة التهديدات الإقليمية المشتركة، مثل التحديات الإيرانية، يعتقد آخرون أن هذا التطبيع يساهم فى إضعاف التضامن العربى ويزيد من الانقسامات فى المنطقة. من هنا، فإن العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية لها تأثير مزدوج، حيث يمكن أن تشكل جزءًا من الحلول للأزمات الإقليمية، لكنها فى الوقت نفسه تساهم فى تعقيد الصراعات الحالية.

تصادم الأيديولوجيات

يشهد الشرق الأوسط تصادمًا مستمرًا بين الأيديولوجيات السنية والشيعية واليهودية، وهو ما ينعكس بشكل واضح فى العديد من الحروب والنزاعات التى تعصف بالمنطقة. ففى سوريا، مثلًا، كان الصراع بين النظام السورى المدعوم من إيران وحزب الله (الشيعي) من جهة، والحركات السنية المسلحة المدعومة من تركيا ودول الخليج من جهة أخرى، يشكل تجسيدًا لهذه التوترات الطائفية التى تؤثر على استقرار المنطقة. وبالمثل، تعكس الحرب اليمنية النزاع بين الحوثيين المدعومين من إيران (الشيعة) والتحالف العربى بقيادة السعودية (السنة) فى صراع إقليمى يهدد استقرار اليمن ودول الجوار. أما فى العراق ولبنان، فقد أدى التدخل الإيرانى المباشر ودعم الجماعات الشيعية إلى تعزيز الانقسامات الطائفية التى تؤثر بشكل سلبى على الوحدة الوطنية فى هذه البلدان، مما يفاقم من الأزمات الأمنية فى المنطقة.

تساهم القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا، فى تعزيز أو تقويض هذه الأيديولوجيات من خلال تدخلاتها العسكرية والدبلوماسية فى المنطقة. فعلى سبيل المثال، تدعم الولايات المتحدة بشكل رئيسى الدول السنية فى مواجهة التوسع الإيرانى فى الشرق الأوسط، كما تقدم دعمًا لإسرائيل فى مواجهة التحديات الأمنية التى تطرحها الأيديولوجية الفلسطينية والعربية. من جهة أخرى، تجد روسيا نفسها فى موقف داعم لإيران والنظام السورى فى صراعات مثل الحرب السورية، مما يساهم فى تعميق الصراع بين القوى السنية والشيعية. وبالتالي، فإن هذه التدخلات الدولية تلعب دورًا مزدوجًا فى تعزيز الأيديولوجيات المتصادمة أو فى محاولة إعادة التوازن الإقليمي، ما يجعل الأمن القومى العربى عرضة لتقلبات الصراع المستمر فى المنطقة.

الأمن القومي العربي في ظل أيديولوجيات متصادمة

فى ظل الأيديولوجيات المتصادمة بين القوى السنية والشيعية واليهودية، يعانى الأمن القومى العربى من تهديدات متزايدة تؤثر بشكل مباشر على استقرار الدول العربية. تتداخل هذه الصراعات الإيديولوجية مع النزاعات الإقليمية والعالمية، حيث تتبنى القوى الكبرى مواقف داعمة أو معارضة لبعض الأطراف فى المنطقة، مما يؤدى إلى تعميق الانقسامات العربية. التدخلات العسكرية من قبل دول مثل إيران وتركيا، بالإضافة إلى الدعم الغربى لإسرائيل وبعض الدول العربية السنية، تؤدى إلى تجزئة المنطقة وفتح جبهات صراع جديدة، مما يعزز التوترات الداخلية فى العديد من الدول العربية مثل العراق وسوريا وليبيا. هذا التوتر المستمر يزيد من تعقيد جهود بناء الوحدة العربية وتعطيل استقرار المنطقة بشكل عام.

من جانب آخر، تساهم التدخلات العسكرية الخارجية فى تأجيج النزاعات القائمة وتعميق الأزمات الداخلية. ففى سوريا، أدى الدعم العسكرى الروسى والإيرانى للنظام إلى تعزيز الانقسامات الطائفية والعرقية، بينما سعت تركيا إلى تقوية فصائل المعارضة السنية، مما جعل الحرب السورية ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية. فى اليمن، أسهم التدخل السعودى فى تأجيج الحرب الأهلية وتفاقم الوضع الأمنى فى المنطقة. كما أن التدخلات العسكرية فى العراق ولبنان قد أضعفت قدرة الدول العربية على الحفاظ على استقرارها الداخلي، وجعلت من الأمن القومى العربى عرضة للتلاعب الخارجي. لذا، فإن الصراعات الإيديولوجية وتدخلات القوى الإقليمية والدولية تشكل تحديات كبيرة أمام تعزيز الأمن والاستقرار فى المنطقة.

الحلول والتوجهات المستقبلية

تسعى العديد من المبادرات الإقليمية والدولية لتخفيف حدة الصراعات الناتجة عن الأيديولوجيات المتصارعة فى المنطقة العربية وتعزيز الأمن القومي. من أبرز هذه المبادرات التعاون الإقليمى بين الدول العربية، مثل جهود جامعة الدول العربية لحل النزاعات والصراعات الطائفية والسياسية، إلى جانب تحركات منظمات مثل مجلس التعاون الخليجى التى تسعى إلى تعزيز الأمن والاستقرار. كما تلعب الأمم المتحدة دورًا مهمًا فى تقديم الوساطات لإيجاد حلول سلمية للنزاعات من خلال مبعوثيها الخاصين، خصوصًا فى سوريا واليمن وليبيا، إلى جانب نشر قوات حفظ السلام فى بعض المناطق. إلا أن فعالية هذه المبادرات تظل محدودة فى ظل الانقسامات الداخلية وصعوبة التوصل إلى اتفاقات توافقية بين القوى الكبرى المتورطة فى هذه الصراعات.

من جهة أخرى، يمكن أن تكون العلمانية أو التوجهات الداعمة للتنوع الدينى والسياسى حلولًا محتملة لتجاوز الانقسامات الأيديولوجية. إذا تمكنت الدول العربية من تبنى نماذج سياسية قائمة على قبول التنوع واحترام حقوق الأقليات الدينية والطائفية، فإن ذلك قد يسهم فى تقليل التوترات الداخلية ويعزز من الاستقرار. العلمانية قد تساهم فى تحييد الدين عن السياسة، مما يعزز من الوحدة الوطنية ويسهم فى تقليل التأثيرات الخارجية التى تستغل التوترات الطائفية لتحقيق مصالحها. فى هذا السياق، يمكن أن تساعد ممارسات الديمقراطية التعددية على تعزيز التعايش بين مختلف الأيديولوجيات فى المنطقة، مما يسهم فى بناء مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا للأمن القومى العربي.

تأثير واسع

وفى النهاية يتضح أن الأيديولوجيات المتصادمة بين القوى السنية والشيعية واليهودية قد أثرت بشكل كبير على الأمن القومى العربي، مما أضاف طبقات من التعقيد إلى الأزمات الإقليمية. إن تدخلات تركيا وإيران وإسرائيل، كلٌ وفقًا لأيديولوجياتها الخاصة، قد ساهمت فى تعزيز الانقسامات الطائفية والعرقية فى المنطقة، وأدت إلى تفشى الحروب والصراعات التى تهدد استقرار الدول العربية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الصراعات المستمرة أصبحت محطًا لتدخلات القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا، مما زاد من تعقيد الوضع الأمنى العربى وجعل المنطقة مسرحًا للتنافس الجيوسياسى الدولي.

وتواجه المنطقة تحديات ضخمة فى ظل هذه الأيديولوجيات المتصارعة التى تؤثر بشكل مباشر على استقرار الدول العربية. من العراق إلى سوريا واليمن وليبيا، تزداد الخلافات الطائفية والصراعات السياسية فى ظل التدخلات الإقليمية والدولية المتزايدة. وقد انعكست هذه التوترات على الأمن القومى العربي، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا للقدرة على بناء دولة عربية موحدة ومستقرة.

توصيات:

من أجل تعزيز الأمن القومى العربي، يجب أن تعمل الدول العربية على تعزيز التعاون الإقليمى والتنسيق بين مختلف الأطراف السياسية. لا بد من إيجاد آليات جديدة لحل النزاعات العربية الداخلية، بما فى ذلك تعزيز الحوار بين المكونات الدينية والطائفية المختلفة. يجب أن تكون هناك مبادرات لتخفيف حدة الصراعات الداخلية من خلال الإصلاحات السياسية والاجتماعية التى تساهم فى تحقيق العدالة والمساواة لجميع الفئات فى المجتمع. علاوة على ذلك، ينبغى دعم دور جامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية الأخرى، وتفعيل جهودها لتسوية النزاعات فى المنطقة.

كما ينبغى أن تكون هناك دعوة قوية إلى تبنى التعددية والديمقراطية التوافقية فى المنطقة. اعتماد العلمانية أو تسوية القضايا الطائفية والسياسية من خلال احترام حقوق الأقليات يمكن أن يسهم فى تحسين استقرار المنطقة. يجب أن تلتزم الدول العربية بمبادئ التعايش السلمي، والعمل على بناء نموذج سياسى يشمل الجميع، سواء من المذاهب السنية أو الشيعية أو المسيحية أو غيرها من الأقليات. إن الحفاظ على التنوع فى إطار من الاحترام المتبادل يمكن أن يسهم فى تحقيق الاستقرار السياسى والاجتماعي فى الدول العربية. وأيضًا تعزيز قدرات الدول العربية على مواجهة التهديدات الأمنية من خلال تعزيز التعاون الأمنى والاستخباراتي بين الدول العربية. يمكن أن يؤدى بناء تحالفات استراتيجية لمكافحة الإرهاب والنزاعات المسلحة إلى تحسين الوضع الأمنى فى المنطقة. يجب أن تسعى الدول العربية إلى تحقيق التوازن بين سياساتها الداخلية والخارجية بما يساهم فى تعزيز استقلالها وأمنها الوطني، دون أن تكون فريسة للصراعات الإقليمية أو التدخلات الدولية.

أخيرًا، يجب أن يكون هناك تأكيد على ضرورة الحوار المباشر بين الدول العربية والقوى الإقليمية الكبرى، مثل إيران وتركيا، لتحقيق تفاهمات تهدف إلى الحد من التوترات وتعزيز الاستقرار الإقليمي. ينبغى أن يكون هناك عمل دبلوماسى مستمر من أجل إرساء قواعد أساسية للتعاون والتفاوض مع القوى الإقليمية والدولية، لضمان عدم التفريط فى السيادة الوطنية للأقطار العربية، مع الحفاظ على مصالح الأمن القومى العربى فى سياق التحديات الجيوسياسية المعقدة.

مقالات مشابهة

  • العراق والسعودية مستقبل واعد
  • رجل السلام بأرض السلام
  • التضخم يلتهم رواتب المعلمين في أوروبا.. ما هي الدول التي شهدت انخفاضات حادة؟
  • كيف ردت التعليم على حكم إلغاء إضافة العربي والدين للمجموع بالشهادات الدولية؟
  • تناحر مستمر| دور الأيديولوجيات الدينية في تقويض الأمن العربي
  • جامعة الدول العربية: الموقف العربي رافض لتصفية القضية الفلسطينية
  • وزير الطيران المدني يؤكد عمق العلاقات الثنائية التي تجمع بين مصر وقطر
  • الاقتصاد الأخضر حجر الزاوية في العلاقات الدولية
  • من الجامعة العربية.. دعوة للعمل الجماعي لمواجهة تحديات حقوق الإنسان في الوطن العربي
  • السفير العكلوك : القمة العربية اعتبرت تهجير الفلسطينيين اعتداءً على الأمن القومي العربي