يوميات وزير فلسطيني في حرب غزة (3) أحفر للبحث عن الجثث
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
ترجمة: محمد مستعد
مقدمة:
عند اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، كان الكاتب الروائي ووزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف (1) في زيارة مع ابنه ” ياسر” (15 عاما)، إلى القطاع الذي ولد وتربى فيه عاطف أبو سيف. جاء من رام الله في زيارة عمل ولتفقد عائلته، لكنه سيجد نفسه محاصرا مع ابنه. فقرر أن يكتب كل يوم طيلة 3 أشهر ليوثق بدقة عن ويلات هذه الحرب التي خلفت أزيد من 30 ألف قتيل فلسطيني نتيجة القصف الإسرائيلي.
هذه المقتطفات من اليوميات، التي ينشرها موقع “اليوم 24″، نقلا عن جرائد فرنسية وإنجليزية، كانت لها أصداء عالمية. وستصدر قريبا في كتاب بعد أن استطاع عاطف أبو سيف أن يخرج مؤخرا من قطاع غزة.
الثلاثاء 24 أكتوبر: “كل حرب جديدة تعيدنا إلى الوراء”
كثيرا ما يطرح علي هذا السؤال: هل الحياة في غزة لا تزال صعبة؟ الحقيقة أنني أجد صعوبة في تذكر يوم لم يكن فيه حالنا صعبا. ربما في أوائل التسعينيات، عندما استقرت السلطة الفلسطينية في المدينة، كان هناك أمل في الهدوء. وبالنسبة لجيلي الذي كان يعيش هناك قبل 20 عامًا، كان هناك أمل في المستقبل. كان مسلسل السلام في أوسلو يؤشر على انطلاقة جديدة. لكن مع الأسف، لم تستقر الأوضاع سوى لبضعة سنوات، ثم انهار كل شيء. لقد أصبح السلام عبئا على الفلسطينيين. وأصبحت تكلفته – من خلال التواجد شبه الدائم للشرطة الإسرائيلية – أكثر مما يحتمل. وحتى عندما غادر المستوطنون والإسرائيليون، تم بناء الحائط العازل. وعرف سكان غزة مرة أخرى أنهم سجناء هنا وليسوا مواطنين.
قبل بضعة سنوات، قام أحد الأشخاص برسم شعار غريب على حائط مدرسة تابعة لـ”الأونروا” [وكالة الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين الفلسطينيين]، وقد كتب فيه ما يلي: “إننا نتقدم إلى الوراء”. فنحن بعد كل حرب نعود إلى الوراء. الحرب تدمر بيوتنا ومؤسساتنا ومساجدنا وعائلاتنا وكنائسنا. إنها تدمر حدائقنا ومتنزهاتنا. وهو ما يتطلب منا سنوات من أجل الشفاء والتعافي. وحتى قبل أن نتماثل إلى الشفاء، تأتي حرب جديدة.
الأربعاء 1 نوفمبر 2023: ” أحفر للبحث عن الجثث”
لم تكن لدي أي فكرة عن حجم القصف والتفجيرات التي وقعت. خلال الليلة الماضية لم نجد في طريقنا سوى سيارة واحدة، وشخصا واحدا يمشي في الطريق التي كانت تؤدي بنا من “الرمال” إلى “جباليا”. كانت أصوات التفجيرات وإطلاق النار تصم الآذان من جميع الجوانب … أسلاك الكهرباء المقطوعة، الشوارع المملوءة بالطوب وكتل الأسمنت … المكاتب والحدائق ومحلات السوبرماركت المخربة (…)
هذا ليس هجوما، هذه مذبحة. وكأننا في فيلم حرب. كل شيء تهدم. حوالي 50 بناية تم تحويلها إلى غبار (…) أشارك منذ ساعات في عمليات الإنقاذ والبحث عن الناجين. كان “رائد”، صديقي وابن الحي، قد نجا من قصف تعرض له منزله، في حين تم قصف منزل بعض أفراد عائلته. بدأ يشير لي إلى المكان الذي كانت تجلس فيه عائلته عندما وقع القصف. قال لي: “عادة ما يجلسون في إحدى هذه الغرف”. كان يشرح وهو يشير إلى كتلة الإسمنت التي سقطت على الأرض. قمنا بإزالة التراب والأنقاض بأيدينا. فوجدنا بعض الكتب. فقال لي “رائد”: “هذه كتب أبي! هذه هي غرفة الصالون …”. وفجأة عثرنا على شعر إنسان. كان علينا أن نتحلى بالحذر، لأنه يشبه رأس امرأة. وبعد 10 دقائق من إزالة الحصى والتراب، أخرجنا رأس امرأة ونصف جسدها وهما مقطوعان. أعطاني شخص فأسا. ثم بدأت أحفر بحثًا عن جثث أخرى. كان “رائد” متأكدا بأن أفراد عائلته الآخرين موجودون هناك.
جاء الظلام. أحسست بأنني مرهق تماما. كانت يداي سوداء وجميع ملابسي متسخة. لا أستطيع أن أمشي إلى المنزل. أحاول تنظيف ملابسي بالماء البارد. جسمي مغطى بالعرق وأشعر كما لو أنني أصبت بنوع من العدوى.
عاطف أبو سيف كاتب روائي ووزير الثقافة الفلسطيني. يكتب بالعربية والإنجليزية، له كتب في العلوم السياسية، وروايات، منها رواية بعنوان “حياة معلقة”. وكتاب بعنوان ” الدرون يأكل معي” The Drone Eats with Me وهي يوميات كانت تحكي عن حرب 2014 الإسرائيلية على غزة. وصدرت آنذاك بمقدمة للكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي.عاطف أبو سيف هو عضو في الحكومة الفلسطينية في رام الله، علما بأن هناك حكومة موازية بقيادة حماس في قطاع غزة.
كلمات دلالية حرب غزة عاطف ابو سيف
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: حرب غزة عاطف ابو سيف عاطف أبو سیف
إقرأ أيضاً:
أصحاب دور الجنازات في ولاية كولورادو يعترفون بالذنب في إساءة معاملة الجثث بعد اتهامهم بالسماح بتحلل 190 جثة
نوفمبر 22, 2024آخر تحديث: نوفمبر 22, 2024
المستقلة/- أقر مالكو دار جنازات في كولورادو، متهمين بتجميع 190 جثة داخل مبنى بدرجة حرارة الغرفة وإعطاء أقاربهم رمادًا مزيفًا، بالذنب يوم الجمعة بتهمة إساءة معاملة الجثث بينما كانت الأسر المتضررة تشاهد في المحكمة.
بدأ جون وكاري هولفورد، مالكا دار الجنازات “العودة الى الطبيعة”، في تخزين الجثث في مبنى متهالك بالقرب من كولورادو سبرينجز منذ عام 2019 وأعطيا العائلات الخرسانة الجافة بدلاً من بقايا الجثث المحروقة، وفقًا للاتهامات. أدى الاكتشاف العام الماضي إلى ترويع الأسر الحزينة.
يقول المدعون إن آل هولفورد أنفقوا على مر السنين ببذخ. استخدموا أموال العملاء ونحو 900 ألف دولار من أموال الإغاثة من الوباء لشراء نحت الجسم بالليزر وسيارات الفاخرة ورحلات إلى لاس فيجاس وفلوريدا، و31 ألف دولار من العملات المشفرة وغيرها من السلع الفاخرة، وفقًا لسجلات المحكمة.
في الشهر الماضي، أقر آل هالفورد بالذنب في تهم الاحتيال الفيدرالية في اتفاق اعترفوا فيه بالاحتيال على العملاء والحكومة الفيدرالية. وقد وجهت إليهما أكثر من 200 تهمة تتعلق بإساءة معاملة الجثث والسرقة والتزوير وغسيل الأموال في محكمة الولاية.
ويمثل جون هالفورد مكتب المدافعين العامين، الذي لا يعلق على القضايا. ورفض محامي كاري هالفورد، مايكل ستوزينسكي، التعليق.
على مدى أربع سنوات، نثر عملاء دار الجنازات ما اعتقدوا أنه رماد أحبائهم في أماكن ذات مغزى، وحمل آخرون الرماد في رحلات برية عبر البلاد أو احتفظوا بها بإحكام في المنزل.
تم اكتشاف الجثث، التي يقول المدعون إنها كانت مخزنة بشكل غير صحيح، العام الماضي عندما أبلغ الجيران عن رائحة كريهة قادمة من مبنى في بلدة بينروز الصغيرة، جنوب غرب كولورادو سبرينجز.
عثرت السلطات على جثث مكدسة فوق بعضها البعض، بعضها يعج بالحشرات. ومن بينها بقايا متحللة للغاية بحيث يصعب التعرف عليها بصريًا. كان المبنى سامًا للغاية لدرجة أن المستجيبين اضطروا إلى ارتداء معدات الحماية من المواد الخطرة ولم يتمكنوا من البقاء بالداخل إلا لفترات وجيزة.
دفع اكتشاف الجثث المشرعين في الولاية إلى تعزيز ما كان من بين أكثر لوائح تساهلاً بخصوص دور الجنازات في البلاد. على عكس معظم الولايات، لم تشترط ولاية كولورادو عمليات تفتيش روتينية لدور الجنازات أو أوراق اعتماد لمشغلي الأعمال.
هذا العام، رفع المشرعون لوائح كولورادو إلى مستوى معظم الولايات الأخرى، إلى حد كبير بدعم من صناعة دور الجنازات.