ترجمة: محمد مستعد

مقدمة:

عند اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، كان الكاتب الروائي ووزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف (1) في زيارة مع ابنه ” ياسر” (15 عاما)، إلى القطاع الذي ولد وتربى فيه عاطف أبو سيف. جاء من رام الله في زيارة عمل ولتفقد عائلته، لكنه سيجد نفسه محاصرا مع ابنه. فقرر أن يكتب كل يوم طيلة 3 أشهر ليوثق بدقة عن ويلات هذه الحرب التي خلفت أزيد من 30 ألف قتيل فلسطيني نتيجة القصف الإسرائيلي.

هذه المقتطفات من اليوميات، التي ينشرها موقع “اليوم 24″، نقلا عن جرائد فرنسية وإنجليزية، كانت لها أصداء عالمية. وستصدر قريبا في كتاب بعد أن استطاع عاطف أبو سيف أن يخرج مؤخرا من قطاع غزة.

الثلاثاء 24 أكتوبر: “كل حرب جديدة تعيدنا إلى الوراء”

كثيرا ما يطرح علي هذا السؤال: هل الحياة في غزة لا تزال صعبة؟ الحقيقة أنني أجد صعوبة في تذكر يوم لم يكن فيه حالنا صعبا. ربما في أوائل التسعينيات، عندما استقرت السلطة الفلسطينية في المدينة، كان هناك أمل في الهدوء. وبالنسبة لجيلي الذي كان يعيش هناك قبل 20 عامًا، كان هناك أمل في المستقبل. كان مسلسل السلام في أوسلو يؤشر على انطلاقة جديدة. لكن مع الأسف، لم تستقر الأوضاع سوى لبضعة سنوات، ثم انهار كل شيء. لقد أصبح السلام عبئا على الفلسطينيين. وأصبحت تكلفته – من خلال التواجد شبه الدائم للشرطة الإسرائيلية – أكثر مما يحتمل. وحتى عندما غادر المستوطنون والإسرائيليون، تم بناء الحائط العازل. وعرف سكان غزة مرة أخرى أنهم سجناء هنا وليسوا مواطنين.

قبل بضعة سنوات، قام أحد الأشخاص برسم شعار غريب على حائط مدرسة تابعة لـ”الأونروا” [وكالة الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين الفلسطينيين]، وقد كتب فيه ما يلي: “إننا نتقدم إلى الوراء”. فنحن بعد كل حرب نعود إلى الوراء. الحرب تدمر بيوتنا ومؤسساتنا ومساجدنا وعائلاتنا وكنائسنا. إنها تدمر حدائقنا ومتنزهاتنا. وهو ما يتطلب منا سنوات من أجل الشفاء والتعافي. وحتى قبل أن نتماثل إلى الشفاء، تأتي حرب جديدة.

الأربعاء 1 نوفمبر 2023: ” أحفر للبحث عن الجثث”

لم تكن لدي أي فكرة عن حجم القصف والتفجيرات التي وقعت. خلال الليلة الماضية لم نجد في طريقنا سوى سيارة واحدة، وشخصا واحدا يمشي في الطريق التي كانت تؤدي بنا من “الرمال” إلى “جباليا”. كانت أصوات التفجيرات وإطلاق النار تصم الآذان من جميع الجوانب … أسلاك الكهرباء المقطوعة، الشوارع المملوءة بالطوب وكتل الأسمنت … المكاتب والحدائق ومحلات السوبرماركت المخربة (…)

هذا ليس هجوما، هذه مذبحة. وكأننا في فيلم حرب. كل شيء تهدم. حوالي 50 بناية تم تحويلها إلى غبار (…) أشارك منذ ساعات في عمليات الإنقاذ والبحث عن الناجين. كان “رائد”، صديقي وابن الحي، قد نجا من قصف تعرض له منزله، في حين تم قصف منزل بعض أفراد عائلته. بدأ يشير لي إلى المكان الذي كانت تجلس فيه عائلته عندما وقع القصف. قال لي: “عادة ما يجلسون في إحدى هذه الغرف”. كان يشرح وهو يشير إلى كتلة الإسمنت التي سقطت على الأرض. قمنا بإزالة التراب والأنقاض بأيدينا. فوجدنا بعض الكتب. فقال لي “رائد”: “هذه كتب أبي! هذه هي غرفة الصالون …”. وفجأة  عثرنا على شعر إنسان. كان علينا أن نتحلى بالحذر، لأنه يشبه رأس امرأة. وبعد 10 دقائق من إزالة الحصى والتراب، أخرجنا رأس امرأة ونصف جسدها وهما مقطوعان. أعطاني شخص فأسا. ثم بدأت أحفر بحثًا عن جثث أخرى. كان “رائد” متأكدا بأن أفراد عائلته الآخرين موجودون هناك.

جاء الظلام. أحسست بأنني مرهق تماما. كانت يداي سوداء وجميع ملابسي متسخة. لا أستطيع أن أمشي إلى المنزل. أحاول تنظيف ملابسي بالماء البارد. جسمي مغطى بالعرق وأشعر كما لو أنني أصبت بنوع من العدوى.

عاطف أبو سيف كاتب روائي ووزير الثقافة الفلسطيني. يكتب بالعربية والإنجليزية، له كتب في العلوم السياسية، وروايات، منها رواية بعنوان “حياة معلقة”. وكتاب بعنوان ” الدرون يأكل معي” The Drone Eats with Me وهي يوميات كانت تحكي عن حرب 2014 الإسرائيلية على غزة. وصدرت آنذاك بمقدمة للكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي.

عاطف أبو سيف هو عضو في الحكومة الفلسطينية في رام الله، علما بأن هناك حكومة موازية بقيادة حماس في قطاع غزة.

 

 

كلمات دلالية حرب غزة عاطف ابو سيف

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: حرب غزة عاطف ابو سيف عاطف أبو سیف

إقرأ أيضاً:

“العبيدي” يبحث مع مدير إدارة الدراسات بالهيئة العامة للأوقاف تطوير العمل البحثي

الوطن| رصد

بحث رئيس الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية بالحكومة الليبية عاطف العبيدي، مع مدير إدارة الدراسات والبحوث العلمية سعد الحامدي ، في مقر الهيئة بمدينة بنغازي، سبل تطوير العمل البحثي والعلمي.

وناقش اللقاء أعمال الإدارة ومستجداتها، وتبادل الآراء حول سبل تحسين ظروف العمل، وبحث احتياجات الإدارة، وكيفية تلبيتها من خلال خطط استراتيجية منظمة.

هذا وحضر اللقاء لجنة البحوث العلمية، وكل من موظفي الإدارة عادل الحسنوني، وحمد العبيدي.

الوسوم#الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية العمل البحثي والعلمي عاطف العبيدي ليبيا

مقالات مشابهة

  • كأس أوروبا 2024.. إنجلترا تبلغ نصف النهائي بفوزها على سويسرا بالضربات الترجيحية
  • سرت.. هيئة المفقودين تطالب ذوي الضحايا بتسجيلهم لديها
  • فلسطيني بين حربين.. ألم غزة ونزيف السودان
  • عدد ضحايا فاجعة سيدي رحال في ارتفاع متواصل وهذه آخر المعطيات
  • يجب أن نعمل لغربتنا كأنها ستكون سنينا ونعمل لعودتنا كأنها ستكون غدا
  • حضنت بناتها وماتت.. دفاتر تحت أنقاض عقار بولاق المنهار
  • مستشار قانوني لـ"اليوم": تبديل الجثث إهمال جسيم يستوجب المساءلة القانونية
  • تبديل الجثث.. حوادث تكررت في المملكة
  • أحدث ظهور للنجم أحمد عدوية بصحبة ابنه وأحفاده احتفالا بعيد ميلاده
  • “العبيدي” يبحث مع مدير إدارة الدراسات بالهيئة العامة للأوقاف تطوير العمل البحثي