سالم أبو عاصي: كتب الفقه تحتاج غربلة وخطاب تقييد خروج المرأة من البيت تدمير
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
قال الدكتور محمد سالم أبوعاصي، أستاذ التفسير، عميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر، إن من يتصدى لتفسير القرآن الآن، أو يتصدى للوعظ بشكل عام، لابد أن يكون على اتصال بكل ما يحدث في المجتمع في الرياضة والسينما والدراما والإعلام، والتكنولوجيا وتطبيقاتها وشبكات التواصل الاجتماعي، موضحًا أن المعرفة بهذه العلوم أداة ضرورية من أدوات المفسر.
وأضاف خلال حديثه ببرنامج "أبواب القرآن" تقديم الإعلامي الدكتور محمد الباز، على قناتي "الحياة" و"إكسترا نيوز": "هل ينفع تخطب الجمعة، تستجر فقه قديم أن المرأة لا تخرج من البيت إلا إذا أبوها مات، وهي الآن وزيرة ورئيسة جامعة ودكتورة ومهندسة، هل ينفع استجر هذا الكلام بأن المرأة لا تخرج من من بيت أبوها إلا إلى بيت زوجها، ومن بيت زوجها إلى المقبرة؟ حتى لو أبوها مات لا تخرج إلا بإذن زوجها؟".
سالم أبوعاصي يكشف حقيقة قول طه حسين “لو معي قلم أحمر لصححت القرآن”وأردف: "خطاب غريب دمار، ومع ذلك الناس تكرره لحد الآن، لأنه موجود في الكتب، لكني أقول للطلبة ليس كل ما تقرأه تقوله، لازم يبقى عندك غربلة، وكان أستاذنا الدكتور القيعي الله يرحمه يقول لي هذا تقوله، وهذا لا تقوله، في كتب الفقه أمور انتهت أو أمور لا تصلح، كان يعمل لي غربلة".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدكتور محمد سالم أبوعاصي أستاذ التفسير جامعة الأزهر الفقه
إقرأ أيضاً:
هل يجب أن تخرج حماس من غزة؟
هذا سؤال ثقيل ومفصلي، يلامس أعماق المأزق الفلسطيني، ويستحق معالجة عميقة ومركبة.
إن صور المظاهرات التي تخرج منذ يومين في غزة تراها الفضائيات العربية وأجهزة السلطة وفوهات بنادق نتنياهو من مسافات متباينة ومقاربات مختلفة.
لنتفق مبدئيا أن أهل غزة هم الأدرى بشعاب قطاعهم، وهم المخولون بأن يعبروا عن آلامهم وآمالهم، فهم أهل الدم وأصحاب البنادق وآخر قلعة في أمة تداركها الله.
ففي قلب غزة المحطمة، وبين أنقاض المنازل المتهدمة وآمال القلوب المكلومة، يتردد سؤال وجودي يلامس أعمق المخاوف: هل يجب على حركة حماس أن تنسحب من القطاع، طمعًا في إنقاذ ما تبقى من أرواح؟ أم أن هذا الانسحاب قد يكون الشرارة التي تشعل فتيل مشروع أوسع، يهدف إلى إعادة رسم خريطة غزة وفقًا للمصالح الإسرائيلية والأمريكية، ليُعلن عن فصل جديد من النكبة، هذه المرة تحت ستار "السلام"؟
منذ أن اندلعت شرارة الحرب الأخيرة على غزة، عاد الحديث، تارةً همسًا خافتًا وتارةً علنًا صريحًا، عن "خيار إنقاذي" يُطرح على طاولة النقاش: أن تتخلى حركة حماس عن سلطتها في القطاع
في عالم السياسة المتقلب، ليس كل ما يلمع ذهبًا، وليس كل طريق مُعلن عنه كطريق للنجاة، يُفضي حتمًا إلى بر الأمان.
الطريق المفخخ
منذ أن اندلعت شرارة الحرب الأخيرة على غزة، عاد الحديث، تارةً همسًا خافتًا وتارةً علنًا صريحًا، عن "خيار إنقاذي" يُطرح على طاولة النقاش: أن تتخلى حركة حماس عن سلطتها في القطاع، وتفسح المجال لقوى إقليمية ودولية "لإعادة ترتيب الأوضاع"، وبالتالي وقف القتال الدائر وإطلاق عجلة إعادة الإعمار المتوقفة.
لكن، دعونا نتساءل بجدية: ما الذي ينتظر غزة فعليًا إذا ما غابت حماس عن المشهد السياسي والإداري؟
يروج البعض لهذا السيناريو على أنه الوصفة السحرية للخلاص: وقف فوري للغارات الجوية والقصف المدمر، فتح دائم للمعابر الحدودية، تدفق المساعدات الإنسانية الضرورية، وربما تشكيل "سلطة بديلة" تحظى بإشراف عربي أو دولي.
بيدَ أن هذا التصور الوردي، بكل ما يحمله من إغراء ظاهري، يتجاهل عمدًا سؤالًا محوريًا وجوهريًا: من هي الجهة التي ستملأ هذا الفراغ الهائل؟ وبأي مشروع سياسي؟ ولمصلحة من تحديدًا؟
ما بعد الانسحاب
في غياب قوة منظمة ومؤثرة كحركة حماس، من المؤكد أن إسرائيل لن تسمح بتولي أي قوة فلسطينية ذات سيادة حقيقية زمام الأمور في غزة. حتى السلطة الوطنية الفلسطينية، لو تسلمت رسميًا إدارة القطاع، فستجد نفسها مجرد وكيل إداري لا يملك من الأمر شيئًا في منطقة تم تجريدها من أي مقاومة حقيقية ومُنعت من امتلاك قرارها المستقل.
إن إنقاذ غزة الحقيقي لا يتحقق بتغيير اللافتة المعلقة على الباب، بل بتغيير جذري لقواعد اللعبة الظالمة التي فُرضت على الفلسطينيين منذ اتفاق أوسلو المشؤوم وحتى يومنا هذا المأزق الحقيقي
وحينها، سيبدأ السيناريو الأكثر خطورة: تحويل المناطق "الآمنة" المؤقتة في القطاع إلى تجمعات أشبه بدويلات صغيرة للاجئين، وسيتم منع عودة السكان إلى مناطقهم الأصلية في الشمال تحت ذرائع أمنية واهية، وربما تنفيذ مخطط تهجير صامت، وسيكون تهجيرًا تحرسه القوى الدولية، وتموّله دول عربية، ويُبرر إنسانيًا.
إن انسحاب حماس في هذا السياق، لن يؤدي إلى إنقاذ غزة، بل قد يُنقذ صورة إسرائيل مؤقتًا أمام العالم، لكنه سيترك غزة مكشوفة تمامًا أمام مشروع إعادة الهندسة الديمغرافية الذي يهدف إلى تغيير طبيعة القطاع وهُويته.
الاحتمال الآخر: بقاء المقاومة
على الجانب الآخر، يمثل بقاء حماس في غزة الخيار الأكثر كلفة إنسانيًا على المدى القصير، لكنه قد يكون السد الأخير الذي يحول دون تنفيذ مشروع التهجير القسري. إسرائيل -ومن خلفها واشنطن- تؤكد دائمًا أن بقاء حماس يعني استمرار حالة الحرب، وربما تفاقم الكارثة الإنسانية التي يعيشها السكان.
لكن في الحسابات الإستراتيجية للمصلحة الفلسطينية، فإن ثبات المقاومة يُبقي على جوهر القضية الفلسطينية حيًا: الحق الأصيل في المقاومة المشروعة، والرفض القاطع لمحاولات فرض حلول قسرية بالقوة.
في زمن تُشترى فيه "حقوق الشعوب" أحيانًا برغيف خبز أو شحنة دواء، فإن وجود مقاومة – بكل ما يحمله من جدل ونقاش – يصبح عنصر ردع أساسي أمام محاولات الاحتلال للانفراد بالشعب الفلسطيني وتغيير تاريخه وذاكرته وهويته.
دعونا نواجه الحقيقة بوضوح: المعضلة الحقيقية لا تختزل في مسألة بقاء حماس أو رحيلها.
المأساة الأعمق تكمن في غياب المشروع الوطني الفلسطيني الجامع، وفي حالة الترهل التي تعاني منها المؤسسات الفلسطينية، وفي تحول القضية الفلسطينية من قضية تحرر وطني إلى مجرد ملف تفاوضي باهت وأجهزة أمن فلسطينية تتحدث العبرية وتأتمر بأوامر ضباط الشاباك الإسرائيلي.
الحقيقة أنه سواء بقيت حماس في غزة أو انسحبت منها، سيظل القطاع عالقًا في فم الوحش، ما لم يتم إعادة تعريف شامل لمفهوم القيادة الفلسطينية، وللهوية الوطنية، وللأهداف الإستراتيجية للقضية.
إن إنقاذ غزة الحقيقي لا يتحقق بتغيير اللافتة المعلقة على الباب، بل بتغيير جذري لقواعد اللعبة الظالمة التي فُرضت على الفلسطينيين منذ اتفاق أوسلو المشؤوم وحتى يومنا هذا.
الحذر من الأجوبة السهلة
في لحظات عصيبة كهذه، تبدو الأجوبة البسيطة والمباشرة مغرية للغاية: "لتخرج حماس.. ولينقذ الناس". لكن الحقيقة غالبًا ما تكون أكثر تعقيدًا ومرارة. قد يكون هذا "الخروج" أقرب إلى عملية طرد سياسي مبطنة، وقد تكون "النجاة" التي تُعرض على الفلسطينيين اليوم هي الوجه الناعم لعملية اقتلاع جماعي قادمة لا محالة.
السؤال الحقيقي ليس: "هل يجب على حماس أن تغادر غزة؟" بل هو: من هي القوة التي ستدخل بعدها؟ وبأي مشروع سياسي؟ ولمصلحة من تحديدًا؟ وربما، الأهم من كل ذلك: هل يملك الشعب الفلسطيني – بعد كل هذا الدم والتضحيات – رفاهية ارتكاب خطأ إستراتيجي آخر؟