لجريدة عمان:
2024-12-28@12:27:37 GMT

الوقوف مع غزة مبدأ.. لا شعبوية

تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT

حتى يكون كل شيء في مكانه وفي وضعه الصحيح نحتاج إلى أن تكون مواقفنا واضحة تجاه الحرب الظالمة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة.. فليس مفهوما هذا التشتت في الرؤية من هذه الحرب بعد أكثر من خمسة أشهر ارتكبت فيها أبشع الجرائم الإنسانية وبعد إبادة أكثر من 32 ألف فلسطيني جلهم من الأطفال والنساء والمدنيين، وبعد تدمير 90% من البنية الأساسية في غزة، وبعد حرب التجويع التي لا مثيل لها في تاريخ المنطقة وتقود إلى «هولوكوست جوع» بتواطؤ عالمي.

يمكن أن نفهم الاختلافات السياسية والأيديولوجية، وإن شئتم الدينية، التي يتبناها بعض العرب في المنطقة، ولكن ليس مفهوما على الإطلاق الاختلاف إلى هذا الحد، على الجوانب الإنسانية التي تشكل جوهر قيمنا ومبادئنا، وليس مفهوما أن تكون بعض المواقف في صف العدو في لحظة يخوض فيها حرب إبادة ضد جزء أساسي من أجزاء أمتنا/ قضيتنا، وليس مفهوما محاولة تشويه المواقف المبدئية والإنسانية التي تنتصر للفلسطينيين ولحقّهم في الحياة الكريمة وفي وطن حر ومستقل.

كشفت هذه الحرب الجميع في الشرق والغرب.. كشفت من يتمسك بعروبته وبقضاياها، ومن تركها على طريق التطبيع المجاني، ومن يتمسك بمبادئه وقيمه. ومن كشف حقيقته الوظيفية التي شكل من أجلها. كشفت الحرب أيضا حقيقة «المجتمع الدولي» والمنظمات الأممية، والنظام العالمي الذي يقال في المؤتمرات: إن هدفه نشر العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان وكرامته.. وقبل كل ذلك كشفت الحرب على غزة بكل جرائمها ومجازرها إنسانيتنا! إنسانيتنا التي من المفترض أن تكون أنبل بكثير من الخلافات السياسية والدينية والأيديولوجية والطائفية والقومية.

كما كشفت عن الكثير من المشاهد التي يمكن عبرها بناء فهم أوسع وأعمق للأمة العربية نفسها وهو فهم مهم لحديث المكاشفة والمواجهة في أي وقت من أوقات صحو الأمة ونهوضها بعد كبوة.

ما زالت هناك أصوات عربية ضائعة لا تستطيع إعلان موقفها من هذه الحرب! تعلن خلافها السياسي والأيديولوجي بشكل صريح مع المقاومة الفلسطينية وبشكل خاص حركة «حماس»، لكنها تتململ في تحديد موقفها من جرائم «إسرائيل» في العلن، وتختفي وراء أطروحات سياسية متشظية وعبارات فضفاضة من قبيل «حق الدفاع عن النفس، وموازين القوى غير متكافئة، والمصالح الاقتصادية، وطريق السلام مع إسرائيل، وحماس حركة إرهابية، وعدم حماية المدنيين!!.. إلخ» في محاولة لحفظ ماء الوجه بعد دعم العدو ونصرته في الخفاء، ضد المقاومة وضد الأمة وضد مستقبل المنطقة واستقرارها.

وهذه الأصوات السياسية و«النخبوية» و«الدينية» رغم محدوديتها ورغم ما تملكه من مكبرات للصوت، لم تكن مفاجئة، في أسوء الأحوال، فنشأتها تنبئ عن مسارها، لكنها تكشف عن خلل بنيوي في الأمة العربية وهو خلل قديم تأسس في مرحلة ما بعد الاستعمار لكنّ أثره الوظيفي بدأ في محاولة التأثير الآن في هذا الظرف العصيب الذي يمر بالأمة وباستقرارها.

وفي مقابل تلك الأصوات هناك حشد شعبي عربي مشرّف تجاوز في وعيه الكثير مما يمكن أن نسميهم «النخب» الثقافية والسياسية والفكرية، وحاول بما يملك من أدوات الإسهام في بناء السردية الفلسطينية؛ لبناء وعي عربي داخلي لدى الأجيال الجديدة ـ التي غُيّبت عن قضيتها لعقود طويلة فإذا هي اليوم ترسم وعي الجميع ـ أو لتغيير السردية الإسرائيلية لدى الشعوب الغربية التي بقيت مختطفة لعقود طويلة.

وهناك مشهد ثالث نادر لا يتكرر كثيرا في العالم العربي، رغم وجوده على أية حال، تكاملت فيه جميع الخطابات المجتمعية: السياسية والشعبية والدينية كما هو الحال في موقف سلطنة عمان، وهو موقف مشرف يتصل فيه الحاضر بالماضي سواء على مستوى الخطاب السياسي أو الخطاب الديني أو المواقف الشعبية التي كانت على الدوام منحازة لقضايا الأمة العربية ولقضايا الإنسانية، ويمكن الرجوع إلى الكثير من المواقف والأحداث التاريخية التي وقفت فيها عُمان مع قضايا الأمة وقضايا الإنسانية ليس بدءا بنجدة الإمام الصلت بن مالك الخروصي لجزيرة سقطرى، أو ما قام به الإمام سيف بن سلطان «قيد الأرض» بعد أن تحررت عُمان من الاحتلال البرتغالي حين قام بتطهير المنطقة كلها بما في ذلك شواطئ المحيط الهندي من الوجود البرتغالي ولا بموقف الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي مؤسس الأسرة الحاكمة في عُمان من احتلال مدينة البصرة وليس انتهاء بمواقف عُمان من مقاطعة مصر أو حصار العراق وغيرها الكثير من الأحداث التي وقفت فيها عُمان منحازة للمبادئ والقيم.. وقضايا الأمة.

بهذا المعنى فإن المواقف السياسية لسلطنة عمان من الحرب على غزة مبنية على مبدأ له امتدادات تاريخية وراسخ في فكر الدولة العمانية، وهي مواقف متناغمة جدا مع الموقف الشعبي ومع الخطاب الديني.. بل إن هذه المواقف يمكن أن تعطي الآخر تصورا عن قوة اللحمة الداخلية في سلطنة عمان وتماسكها ووحدة هدفها ووضوح مبدئها.

وإذا كان الخطاب السياسي في سلطنة عمان تجاه القضية الفلسطينية خطابا «نخبويا» مبنيا على فهم عميق للتاريخ والمستقبل فإن الخطاب الشعبي أو الخطاب الديني لا يقل «نخبوية» وعمقا عن الخطاب السياسي وهذا ما يفسر التكامل بين جميع خطابات المجتمع العماني.. وهي خطابات بعيدة عن الشعبوية بنفس قدر بعدها عن الطائفية وعن التشدد السلبي.

وهذا التناغم العماني موجود في النظرة للكثير من القضايا.. لأن المبدأ واحد، والروح الإنسانية واحدة. وحفظ الله عُمان ورسخ مواقفها ومبادئها وأعلى من إنسانيتها.

عاصم بن سالم الشيدي رئيس تحرير جريدة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ع مان من

إقرأ أيضاً:

محافظ الغربية يرسخ مبدأ الشفافية باستجابة فورية لشكاوى المواطنين عبر الصفحة الرسمية

 استجاب اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، بشكل فوري للشكاوى والملاحظات الواردة عبر الصفحة الرسمية للمحافظة، وكذلك من خلال مبادرة “الغربية بتتغير بيكم”. تأتي هذه الخطوة تأكيدًا على التزام المحافظة بمسؤوليتها تجاه تحسين جودة الخدمات وتلبية احتياجات المواطنين.

وأكد اللواء أشرف الجندي أن استجابة الدولة لشكاوى المواطنين مسؤولية أخلاقية تعكس رؤية شاملة لتمكين المواطن كشريك رئيسي في عملية التنمية. وأوضح أن المحافظة تعتمد نهجًا جديدًا يقوم على التفاعل السريع مع المشكلات، والتنسيق المباشر مع الجهات التنفيذية لضمان تحقيق حلول فعالة ومستدامة.

وأضاف المحافظ: “نعمل جاهدين لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، والاستجابة الفورية للشكاوى تمثل إحدى الركائز الأساسية لهذه الجهود. هدفنا هو تحقيق رضا المواطن، لأننا نؤمن بأن التنمية الحقيقية تبدأ من الميدان وتستند إلى احتياجات المجتمع المحلي”.

وأشار اللواء الجندي إلى أن مبادرة “الغربية بتتغير بيكم” أصبحت نموذجًا عمليًا لدور المواطن في تحسين الواقع المعيشي، مؤكدًا أن نجاح هذه المبادرة يعتمد على الشراكة الحقيقية بين الأجهزة التنفيذية والمواطنين. وأضاف: “نعمل على تحقيق بيئة صحية وآمنة لكل أبناء المحافظة، ولن ندخر جهدًا في الاستماع لمطالب المواطنين وحلها”.

وأوضح أن هذه الاستجابة السريعة للشكاوى تندرج ضمن استراتيجية المحافظة لتعزيز الثقة بين الحكومة والمجتمع، مشددًا على أن هذه الجهود تمثل نقلة نوعية في أسلوب الإدارة المحلية، حيث يتصدر المواطن أولويات العمل الحكومي.

مقالات مشابهة

  • فضل الله برمة لـ «التغيير»: الحكومة المدنية تسعى لوقف الحرب ولا شرعية لحكومة بورتسودان التي ترفع شعارات التقسيم وتقتل الناس على أساس الهوية
  • دالاس: يجب تطبيق مبدأ "الثواب والعقاب" على الحكام..والزمالك كان يستحق ركلة جزاء أمام طلائع الجيش
  • «الأمة القومي» يرحب بوصول أول قافلة مساعدات إنسانية للخرطوم منذ بداية الحرب
  • تفاصيل مثيرة كشفت.. إليكم جديد تفجيرات البيجر
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • محافظ الغربية يرسخ مبدأ الشفافية باستجابة فورية لشكاوى المواطنين عبر الصفحة الرسمية
  • وحدة السودان بين تعددية الجيوش والمليشيات وتعددية المراكز الجغرافية السياسية
  • برلمانية: هدفنا من زيارات المحافظات الوقوف علي مدى تطبيق قانون المشروعات الصغيرة
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • أردوغان لـ”المنفي”: سنواصل الوقوف إلى جانب أشقائنا الليبيين حتى وصولهم للرفاهية