لجريدة عمان:
2025-03-10@12:09:03 GMT

الوقوف مع غزة مبدأ.. لا شعبوية

تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT

حتى يكون كل شيء في مكانه وفي وضعه الصحيح نحتاج إلى أن تكون مواقفنا واضحة تجاه الحرب الظالمة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة.. فليس مفهوما هذا التشتت في الرؤية من هذه الحرب بعد أكثر من خمسة أشهر ارتكبت فيها أبشع الجرائم الإنسانية وبعد إبادة أكثر من 32 ألف فلسطيني جلهم من الأطفال والنساء والمدنيين، وبعد تدمير 90% من البنية الأساسية في غزة، وبعد حرب التجويع التي لا مثيل لها في تاريخ المنطقة وتقود إلى «هولوكوست جوع» بتواطؤ عالمي.

يمكن أن نفهم الاختلافات السياسية والأيديولوجية، وإن شئتم الدينية، التي يتبناها بعض العرب في المنطقة، ولكن ليس مفهوما على الإطلاق الاختلاف إلى هذا الحد، على الجوانب الإنسانية التي تشكل جوهر قيمنا ومبادئنا، وليس مفهوما أن تكون بعض المواقف في صف العدو في لحظة يخوض فيها حرب إبادة ضد جزء أساسي من أجزاء أمتنا/ قضيتنا، وليس مفهوما محاولة تشويه المواقف المبدئية والإنسانية التي تنتصر للفلسطينيين ولحقّهم في الحياة الكريمة وفي وطن حر ومستقل.

كشفت هذه الحرب الجميع في الشرق والغرب.. كشفت من يتمسك بعروبته وبقضاياها، ومن تركها على طريق التطبيع المجاني، ومن يتمسك بمبادئه وقيمه. ومن كشف حقيقته الوظيفية التي شكل من أجلها. كشفت الحرب أيضا حقيقة «المجتمع الدولي» والمنظمات الأممية، والنظام العالمي الذي يقال في المؤتمرات: إن هدفه نشر العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان وكرامته.. وقبل كل ذلك كشفت الحرب على غزة بكل جرائمها ومجازرها إنسانيتنا! إنسانيتنا التي من المفترض أن تكون أنبل بكثير من الخلافات السياسية والدينية والأيديولوجية والطائفية والقومية.

كما كشفت عن الكثير من المشاهد التي يمكن عبرها بناء فهم أوسع وأعمق للأمة العربية نفسها وهو فهم مهم لحديث المكاشفة والمواجهة في أي وقت من أوقات صحو الأمة ونهوضها بعد كبوة.

ما زالت هناك أصوات عربية ضائعة لا تستطيع إعلان موقفها من هذه الحرب! تعلن خلافها السياسي والأيديولوجي بشكل صريح مع المقاومة الفلسطينية وبشكل خاص حركة «حماس»، لكنها تتململ في تحديد موقفها من جرائم «إسرائيل» في العلن، وتختفي وراء أطروحات سياسية متشظية وعبارات فضفاضة من قبيل «حق الدفاع عن النفس، وموازين القوى غير متكافئة، والمصالح الاقتصادية، وطريق السلام مع إسرائيل، وحماس حركة إرهابية، وعدم حماية المدنيين!!.. إلخ» في محاولة لحفظ ماء الوجه بعد دعم العدو ونصرته في الخفاء، ضد المقاومة وضد الأمة وضد مستقبل المنطقة واستقرارها.

وهذه الأصوات السياسية و«النخبوية» و«الدينية» رغم محدوديتها ورغم ما تملكه من مكبرات للصوت، لم تكن مفاجئة، في أسوء الأحوال، فنشأتها تنبئ عن مسارها، لكنها تكشف عن خلل بنيوي في الأمة العربية وهو خلل قديم تأسس في مرحلة ما بعد الاستعمار لكنّ أثره الوظيفي بدأ في محاولة التأثير الآن في هذا الظرف العصيب الذي يمر بالأمة وباستقرارها.

وفي مقابل تلك الأصوات هناك حشد شعبي عربي مشرّف تجاوز في وعيه الكثير مما يمكن أن نسميهم «النخب» الثقافية والسياسية والفكرية، وحاول بما يملك من أدوات الإسهام في بناء السردية الفلسطينية؛ لبناء وعي عربي داخلي لدى الأجيال الجديدة ـ التي غُيّبت عن قضيتها لعقود طويلة فإذا هي اليوم ترسم وعي الجميع ـ أو لتغيير السردية الإسرائيلية لدى الشعوب الغربية التي بقيت مختطفة لعقود طويلة.

وهناك مشهد ثالث نادر لا يتكرر كثيرا في العالم العربي، رغم وجوده على أية حال، تكاملت فيه جميع الخطابات المجتمعية: السياسية والشعبية والدينية كما هو الحال في موقف سلطنة عمان، وهو موقف مشرف يتصل فيه الحاضر بالماضي سواء على مستوى الخطاب السياسي أو الخطاب الديني أو المواقف الشعبية التي كانت على الدوام منحازة لقضايا الأمة العربية ولقضايا الإنسانية، ويمكن الرجوع إلى الكثير من المواقف والأحداث التاريخية التي وقفت فيها عُمان مع قضايا الأمة وقضايا الإنسانية ليس بدءا بنجدة الإمام الصلت بن مالك الخروصي لجزيرة سقطرى، أو ما قام به الإمام سيف بن سلطان «قيد الأرض» بعد أن تحررت عُمان من الاحتلال البرتغالي حين قام بتطهير المنطقة كلها بما في ذلك شواطئ المحيط الهندي من الوجود البرتغالي ولا بموقف الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي مؤسس الأسرة الحاكمة في عُمان من احتلال مدينة البصرة وليس انتهاء بمواقف عُمان من مقاطعة مصر أو حصار العراق وغيرها الكثير من الأحداث التي وقفت فيها عُمان منحازة للمبادئ والقيم.. وقضايا الأمة.

بهذا المعنى فإن المواقف السياسية لسلطنة عمان من الحرب على غزة مبنية على مبدأ له امتدادات تاريخية وراسخ في فكر الدولة العمانية، وهي مواقف متناغمة جدا مع الموقف الشعبي ومع الخطاب الديني.. بل إن هذه المواقف يمكن أن تعطي الآخر تصورا عن قوة اللحمة الداخلية في سلطنة عمان وتماسكها ووحدة هدفها ووضوح مبدئها.

وإذا كان الخطاب السياسي في سلطنة عمان تجاه القضية الفلسطينية خطابا «نخبويا» مبنيا على فهم عميق للتاريخ والمستقبل فإن الخطاب الشعبي أو الخطاب الديني لا يقل «نخبوية» وعمقا عن الخطاب السياسي وهذا ما يفسر التكامل بين جميع خطابات المجتمع العماني.. وهي خطابات بعيدة عن الشعبوية بنفس قدر بعدها عن الطائفية وعن التشدد السلبي.

وهذا التناغم العماني موجود في النظرة للكثير من القضايا.. لأن المبدأ واحد، والروح الإنسانية واحدة. وحفظ الله عُمان ورسخ مواقفها ومبادئها وأعلى من إنسانيتها.

عاصم بن سالم الشيدي رئيس تحرير جريدة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ع مان من

إقرأ أيضاً:

كمائن الساحل.. ماذا أراد فلول الأسد وهل كشفت قصورا استخباراتيا؟

قال الخبير العسكري العقيد حاتم كريم الفلاحي إن العملية التي تنفذها قوات الإدارة السورية الجديدة في مناطق الساحل "أمنية أكثر منها عسكرية"، كاشفا عن ضعف في المعلومات الاستخباراتية أدى إلى تنفيذ كمائن ضد قوى الأمن.

ووفق تحليل الفلاحي للجزيرة، فإن قوات النظام السابق تتحصن في بعض المنازل والمناطق الجبلية الوعرة، التي تساعد على حرب العصابات ونصب الكمائن، في إشارة منه إلى جبل النبي يونس في اللاذقية.

لكن هذه الجغرافيا لن تغير كثيرا في الواقع الميداني، إذ أكد الفلاحي أن قوات النظام السابق لن تستطيع تغيير المشهد الأمني الجديد، مستدلا بالإمكانات التي كانت لديها إلى جانب الدعم الخارجي قبل انهيارها.

ورجح أن فلول النظام أرادت بتنفيذ الكمائن الأخيرة تسليط الضوء أيضا على مناطق الساحل باعتبار أن لديها خصوصية بعد الجنوب السوري، وقضية قوات ما تعرف بـ"سوريا الديمقراطية" في شمال شرقي سوريا.

ونصب مسلحون موالون للنظام السابق -أمس الخميس- كمائن دامية في الساحل السوري، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 15 من عناصر الأمن السوري وإصابة آخرين، ووصفت السلطات السورية هذه الهجمات بالمنسقة.

وبشأن هذه الكمائن، قال الفلاحي إنها غطت منطقة جغرافية تمتد من اللاذقية إلى طرطوس، مما يؤكد أنها عمل منظم وتحمل أبعادا كثيرة.

إعلان

ومن وجهة نظر الخبير العسكري، فإن وزارة الدفاع السورية كان يجب عليها السيطرة على هذه المناطق باعتبارها "مناطق حاكمة تؤدي إلى مدن كبرى على الساحل السوري".

وأشار إلى ضعف المعلومات الاستخباراتية، مستندا إلى تنفيذ الفلول سلسلة عمليات وكمائن على امتداد المنطقة، إذ أكد أنه كان يجب التركيز عليها باعتبارها مناطق ساخنة.

وكذلك، لم تستفد قوات النظام السابق من قضية التسوية التي منحتها الإدارة السورية الجديدة، وفضلت -وفق الفلاحي- الاحتفاظ بالأسلحة لزعزعة الأمن والاستقرار، وتحولت بذلك إلى جماعات مسلحة خارجة عن القانون.

وحسب الفلاحي، فإن هناك صعوبة في وصول إمدادات جديدة إلى فلول الأسد في الساحل السوري، في ظل سيطرة قوات الإدارة السورية الجديدة على كافة المناطق التي تحيط باللاذقية وطرطوس.

وخلص إلى أن "الأسلحة المتوفرة لدى فلول الأسد ليست ثقيلة، ولا يمكن الاعتداد بها بأي عمل يفرض واقعا جديدا في المنطقة".

لكن قائدا بجهاز الأمن الداخلي في طرطوس قال للجزيرة إن "أدلة تبين ارتباط فلول النظام المخلوع بجهات خارجية"، لافتا إلى "استخدام فلول النظام أجهزة اتصالات متطورة وأسلحة لم نشهدها من قبل".

وأعرب الفلاحي عن قناعته بأن العمليات الأخيرة تهدف إلى "إحداث فوضى أمنية، لكي توظفها أطراف خارجية تعمل على زعزعة الاستقرار في الداخل السوري".

بدوره، قال مصدر أمني للجزيرة إن قوات وزارة الدفاع قضت على الكمائن التي نصبتها فلول النظام المخلوع على طريق إدلب-اللاذقية خلال الليل. وأضاف أن القوات الأمنية والعسكرية تمشط المناطق التي نصب فيها فلول النظام المخلوع كمائنهم.

وفي وقت سابق اليوم، أكد الناطق باسم وزارة الدفاع السورية حسن عبد الغني فرض السيطرة على مدينتي طرطوس واللاذقية بالساحل السوري، مؤكدا أن قوى الأمن تواجه بؤرا إجرامية هدفها إحداث الفوضى وإيذاء المدنيين.

إعلان

وقال عبد الغني، للجزيرة، إن قوات وزارة الدفاع استعادت السيطرة على كثير من المواقع التي تسللت إليها فلول النظام، وتوقع إنهاء العملية ضد الفلول خلال ساعات قليلة، بعد استقدام تعزيزات عسكرية من كافة المحاور، لبسط السيطرة على طرطوس واللاذقية.

مقالات مشابهة

  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • الملك الأردني يؤكد الوقوف إلى جانب سوريا  
  • الكوني: العمل بنظام المحافظات من شأنه أن يخفف العبء عن العاصمة التي أصبحت ساحة للصراعات السياسية
  • مفتي الجمهورية: دماء الشهداء سطورٌ محفورة في تاريخ الأمة ومفاتيح عزتها التي لا تذبل
  • مسؤول سوداني: النساء يمثلن 98% من الأسر التي تعاني أوضاعًا قاسية
  • درس التراويح بالجامع الأزهر: الإسلام جعل التكافل مبدأً راسخًا لتوازن المجتمع
  • القيادة السياسية توعز لجيش الاحتلال بالاستعداد الفوري لاستئناف الحرب على غزة
  • عن لقاء عون - بري.. ماذا كشفت المعلومات؟
  • كمائن الساحل.. ماذا أراد فلول الأسد وهل كشفت قصورا استخباراتيا؟
  • مفتو الأمة الإسلامية وعلماؤها من جميع المذاهب يجتمعون بمكة المكرمة لتنسيق المواقف وتعزيز الوحدة الإسلامية