بين المصلحة والاستفزاز.. ما خلفيات الخلاف الجزائري المغربي حول عقارات؟
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
وسط أزمة جديدة بين البلدين الجارين، خرجت الجزائر، الأحد، ببيان شديد اللهجة، ردا على شروع السلطات المغربية في إجراءات لمصادرة ممتلكات تابعة لسفارتها في الرباط.
وأدانت الجزائر بـ"أشد العبارات" الخطوة، مؤكدة أن الحكومة الجزائرية "سترد على هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة"، فيما لم يخرج الجانب المغربي بأي تعليق رسمي بشأن الموضوع.
وبينما تباينت قراءات محللين من البلدين بشأن خلفيات وتفاصيل القرار المغربي والرد الجزائري، تبقى المستجدات الأخيرة أحدث نقاط الخلاف في سلسلة من الأزمات المتلاحقة التي طبعت علاقات البلدين خلال السنوات القليلة الماضية.
بين "المصلحة العامة والتصعيد"وشرعت السلطات المغربية في إجراءات نزع الملكية لعقارات تعود ملكيتها للدولة الجزائرية في العاصمة الرباط، وذلك بهدف توسيع مقرات وزارة الشؤون الخارجية، بحسب مشروع المرسوم الذي تضمنه "العدد 5811" من الجريدة الرسمية الصادر بتاريخ 13 مارس 2024.
وردا على هذا الإجراء، قال البيان الجزائري إن الرباط، دخلت في "مرحلة تصعيد جديدة في تصرفاتها الاستفزازية تجاه الجزائر"، معتبرة أن الخطوة تشكل "انتهاكا جسيما لاحترام وواجب حماية الممثليات الدبلوماسية لدول ذات سيادة الذي تكرسه القوانين والأعراف الدولية".
وأفاد البيان، بأن "المشروع المغربي، يتنافى مع الممارسات الدولية المتحضرة، وينحرف بشكل خطير عن التزامات اتفاقية فيينا حول العلاقات الدبلوماسية، التي تفرض عليها احترام وحماية السفارات المتواجدة على ترابها مهما كانت الظروف".
الخبير في العلاقات الدولية، عبد الفتاح الفاتحي، يؤكد أن خطوة المملكة فيما يخص تعاملها مع الأملاك "سليمة وقانونية وتعتمدها كل الدول"، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بـ"أراضي شبه خاصة" يسري عليها "قانون المنفعة أو المصلحة العامة".
ويضيف الفاتحي، في تصريح لموقع "الحرة"، أن إشارة البيان الجزائري إلى التزامات اتفاقية فيينا "ليس في محله"، لأن هذه الممتلكات ليست تابعة للسفارة الجزائرية أو مصالحها الدبلوماسية، بل هي عقارات شبه خاصة، تعود لملكية الدولة الجزائرية.
لكن على الجهة المقابلة، يرى أستاذ العلاقات الدولية الجزائري، توفيق بوقاعدة، أن ما قام به المغرب "يعتبر تعديا على حقوق الدولة الجزائرية وتجاوزا للأعراف والتقاليد والقوانين الدبلوماسية".
ويضيف بوقاعدة في تصريح لموقع "الحرة"، أن العقارات محل النزاع "مسجلة باسم الدولة الجزائرية وتستغلها المصالح القنصلية والسفارة الجزائرية، وبالتالي لا يوجد جدل بشأن الملكية بل حول أحقية المغرب في نزعها".
العقارات ومسارات التقاضيويتعلق المشروع المغربي بنزع ملكية ثلاثة عقارات مملوكة للدولة الجزائرية وتقع بالعاصمة المغربية؛ ويسمى العقار الأول بـ "كباليا" وتبلغ مساحته 619 مترا مربعا.
والثاني يسمى "زانزي" وتبلغ مساحته 630 مترا مربعا، وبه دار للسكن من طابقين ومكاتب بالطابق الأرضي ومرافق.
أما العقار الثالث فهو "فيلا دي سولاي لوفون" وتبلغ مساحتها 491 مترا مربعا وبها مرافق.
وفيما أشار مشروع المرسوم، إلى أن "المنفعة العامة تقتضي بتوسعة مبانٍ إدارية لفائدة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج (...) وبنزع ملكية العقارات اللازمة لهذا الغرض"، وصفت نظيرتها الجزائرية العملية بـ"عملية السلب الموصوفة".
وأشار البيان الجزائري إلى أن "الحكومة الجزائرية سترد على هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة، كما سيتم اللجوء إلى كل السبل والوسائل القانونية المتاحة، سيما في إطار الأمم المتحدة من أجل ضمان احترام مصالحها".
في هذا الجانب، يرى الفاتحي أن القضاء المغربي يتيح للطرف الآخر سبل التقاضي ومتابعة المسطرة القضائية في قضايا نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، إذا كان يتوفر على أي منازعات أو دفعات قانونية"، من أجل إلغاء القرار.
ويقول الخبير المغربي، إنه لا يعتقد أن هذا المسار القانوني يخفى على الجانب الجزائري، إلا أن هذا الأخير "يحاول دائما اختلاق نزاعات سياسية في إطار تصعيد وتوتير العلاقات مع المملكة التي تتفادى الجدل وتبحث منذ سنوات تخفيض التوتر".
لكن على الجهة المقابلة، يرى بوقاعدة، أن المسارات القضائية المحلية، "لا تنطبق على طبيعة العقارات المسجلة باسم الدولة الجزائرية المحمية باتفاقية فيينا"، مشيرا إلى أنه كان على "الدولة المغربية أن تعمل على حمايتها لا أن تكون هي المعتدي عليها".
ويورد المتحدث، أنه لو أن الأمر تم في سياق آخر، لـ"كانت هناك طرق عدة لتسوية المسألة وديا، إذا كان المغرب فعلا بحاجة لهذه العقارات من أجل تحقيق المصلحة العامة"، غير أنه في ظل الوضع الحالي "تطرح القراءات السلبية نفسها بقوة".
بيان جزائري شديد اللهجة تجاه المغرب.. ما سر التوقيت؟ يُثير بيانٌ نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، الثلاثاء، بخصوص تناول بعض وسائل الإعلام "المقربة من المغرب" وفقه، عدة تساؤلات، لاسيما وأنه تضمن عبارات شديدة اللهجة، وتحت عنوان "على أتباع المخزن الالتفات نحو قصرهم وملكهم".وتشهد علاقات الرباط والجزائر توترات متلاحقة منذ عقود بسبب قضية الصحراء الغربية، إلا أن حدة الخلافات بين الجارين تزايدت خلال السنوات القليلة الماضية، قبل أن تعلن الجزائر في عام 2021، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، معتبرة أنه "لم يتوقف يوما عن القيام بأعمال غير ودية" ضدها، فيما أبدت المملكة أسفها على القرار، رافضة المزاعم الجزائرية.
ويدور نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر حول الصحراء الغربية التي تعتبرها الأمم المتحدة من "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي".
وتقترح الرباط التي تسيطر على نحو 80 في المئة من الصحراء الغربية منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها، في حين تطالب جبهة بوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير أقرته الأمم المتحدة عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار عام 1991، لكنه لم ينفذ.
في هذا الجانب، يقول بوقاعدة، إن السياق المأزوم الذي تعيشه العلاقات الجزائرية المغربية في الفترة الأخيرة، يجعل كل سلوك صادر عن أحد الطرفين في موضوع يتعلق بالطرف الآخر "استفزازيا ويتم قراءته بأنه سلوك عدائي وغيرها من التوصيفات التي بتنا نسمعها في بيانات الدولتين".
إلا أن الفاتحي، يعود للتأكيد على أن بالإمكان تجاوز الخلاف الحاصل، سواء عبر المسارات القضائية الداخلية، أو بتوجه الجزائر إلى المسطرة الدولية، إذا ما استطاعت أن تثبت أن هذه الأراضي تابعة لمصالح دبلوماسية جزائرية صرفة".
وينتقد المتحدث ذاته ما اعتبره "تسييس الجزائر للقضية"، وهو ما من شأنه أن يضر بمسألة التقاضي وبأخلاقيات العملية التي كان ينبغي أن "تتجنّب اتخاذ مواقف وأحكام سياسية تجاه ملفات ذات طبيعة قانونية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الدولة الجزائریة من أجل إلى أن
إقرأ أيضاً:
الجزائر تحرض أحزاباً موريتانية موالية للإنفصال للتهجم على المغرب
زنقة 20 ا علي التومي
وصف حزب “اتحاد قوى التقدم” الموريتاني الإتفاق الموقع بين موريتانيا والمغرب والذي يتضمن الربط الكهربائي بأنه “انتهاك صارخ لمصداقية وكرامة البلد ولموقف الحياد الإيجابي في نزاع الصحراء”.
وطالب الحزب في بيان الحكومة الموريتانية بالتراجع عن “هذه التفاهمات المشبوهة وفرض احترام ثوابت ومصداقية سياستنا الخارجية والتمسك بالحياد الإيجابي في نزاع الصحراء كأحد دعائم أممنا وسيادتنا الوطنية”.
وأضاف الحزب، أن الرأي العام الموريتاني “تفاجأ بنبأ التوقيع على مذكرة تفاهم تقضي بربط شبكات الكهرباء بين موريتانيا والمغرب في تجاهل صارخ للشعب الصحراوي وأرضه وقضيته ودولته التي تعترف بها موريتانيا”.
وتابع أنه قبل ذلك بأسابيع “صدر بيان من الديوان الملكي المغربي يفهم منه استعداد الحكومة للانخراط في مشروع آخر مماثل في تنكره للقضية الصحراوية يقضي بربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي عن طريق المغرب”.
وأضاف الحزب الموالي لجبهة البوليساريو “يفتقر هذان المشروعان إلى الواقعية لإهمالهما نزاع الصحراء مما يخشى أن يكون تمهيدا لإقحامنا في صراع اعتزلناه منذ عقود ولتخلينا عن موقف الحياد الإيجابي وعن الاعتراف بحق الشعب الصحراوي الشقيق في تقرير المصير”.
يذكر أن حزب قوى التقدم معروف بدعمه للبوليساريو، ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يدافع عن الجبهة الانفصالية، إذ يحرص على المشاركة في مؤتمراتها، كما سبق له أن أدان في دجنبر 2022، غارات الطائرات بدون طيار المغربية التي تمنع الإقتراب من المنطقة الواقعة شرق الجدار الرملي.