"الحياة.. قصتي في التاريخ" كتاب سيرة ذاتية جديد للبابا فرنسيس
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
يصدر غدا كتاب بعنوان "الحياة، قصتي في التاريخ" يمكن اعتباره سيرة ذاتية للبابا فرنسيس، بالتعاون مع متخصص الشؤون الفاتيكانية في شبكة ميدياسيت الإعلامية الإيطالية فابيو ماركيزي راغونا.
وخلال الكتاب يروي البابا فرنسيس فصولا كثيرة من حياته وارتباط هذه المحطات بفترات وأحداث تاريخية مختلفة.
وقد نشرت جريدة كوريري ديلا سيرا الإيطالية قبل أيام مقالا حول هذا الكتاب مستبقة الكثير من المواضيع التي يتطرق إليها الأب الأقدس.
ومن بين ما نقلت الجريدة حديث البابا فرنسيس عن طفولته وبشكل خاص عن جدته روزا والدة أبيه والتي كان لها دور كبير في تنشئته حسبما كتب مشيرا إلى أن جدَيه كانا يتحدثان بلهجة مقاطعة بييمونتي الإيطالية التي تأتي منها عائلته التي هاجرت إلى الأرجنتين.
ويتحدث البابا عن جده جوفاني الذي شارك في الحرب العالمية الأولى، بينما يتطرق الأب الأقدس إلى الحرب العالمية الثانية مشيرا إلى الرسائل التي كانت تصل إلى العائلة في بوينوس ايرس والتي كانت تشير إلى أن رجال البلدة أصل عائلة البابا فرنسيس لم يتوجهوا إلى القتال بل كانوا يعملون في الحقول. ويتحدث الأب الأقدس عن سرد هذه الرسائل كيف كانت النساء يقمن بمراقبة وصول محتمَل لمفتشي الجيش فكُنَّ يرتدين ملابس حمراء في حال وصول المفتشين كإشارة للرجال للاختباء.
يروي البابا فرنسيس من جهة أخرى رحلة جدَيه ومعهما ابنهما ماريو، والد الأب الأقدس، كما ويتحدث البابا عن طفولته في العاصمة الأرجنتينية وكيف كان والداه يصطحبانه مع أخوته لمشاهدة الأفلام الإيطالية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ويذكر الأب الأقدس في هذا السياق عددا من الأفلام التي أصبحت علامات في تاريخ السينما. ويواصل البابا الحديث عن الحرب العالمية الثانية ويتوقف عند القنابل النووية التي اُلقيت على هيروشيما وناغازاكي، ويصف استخدام هذه الأسلحة بجريمة ضد الإنسان وكرامته، ثم يتساءل الأب الأقدس كيف يمكن أن نعتبر أنفسنا حماة للسلام والعدالة بينما نصنع في الوقت ذاته أسلحة جديدة. كما وكشف الأب الأقدس أنه كان يريد التوجه إلى اليابان كإرسالي إلا أنه لم يُسمح له بذلك بسبب أوضاعه الصحية غير الجيدة في تلك الفترة.
الدفاع عن الحياة وحمايتها في كل مراحلها، من الحبل بها وحتى الموت، كان هذا من المواضيع التي أشارت إليها الجريدة الإيطالية فنقلت تأكيد البابا فرنسيس في الكتاب على كون الإجهاض قتلا، وأيضا على أهمية الدفاع عن الحق في الاستنكاف الضميري. كما ويتحدث قداسته عن تأجير الرحم كظاهرة غير إنسانية آخذة في الانتشار تشكل تهديدا لكرامة الرجل والمرأة وتتعامل مع الأطفال وكأنهم سلعة.
يتطرق البابا فرنسيس في الكتاب أيضا إلى فترة الحكم الدكتاتوري في الأرجنتين وكيف ساعد بعض الإكليركيين في الإفلات من اعتقالهم من قِبل السلطات العسكرية. كما وأشار قداسته إلى الاتهامات غير الصحيحة التي وُجهت إليه بالتعاون مع الحكم العسكري حيث ثبتت على العكس معارضته الحازمة للدكتاتورية. كما ويتوقف البابا عند إرساله إلى قرطبة عقابا له وذلك على أخطاء قام بها كمسؤول عن اليسوعيين الشبان بسبب تصرفات سلطوية، ووصف فترة وجوده في قرطبة بفترة تطهر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط الحرب العالمیة البابا فرنسیس الأب الأقدس
إقرأ أيضاً:
المؤتمر الوطني..خلافات ذاتية لا علاقة لها بالدين
صلاح شعيب
الاختلافات التنظيمية التي خلقت استقطاباً حاداً داخل المؤتمر الوطني تتعلق بصراع مصالح قياداته أكثر من كونها تنم عن خلافات حول ما ينبغي أن يكون عليه العمل التنظيمي. ولم تكن الحرب هي العامل الأساس لبروز هذه الخلافات، وكذلك ما افرزته من اصطفافات الإسلاميين المناطقية. فأثناء فترة البشير لاحظنا التصدع الذي لحق ببنية التنظيم نتيجة لوصوله إلى الانغلاق السياسي التام بعد فشل تجربة أسلمة الدولة، وتحولها إلى ضيعة لتحالفات تستند على طفيليات اقتصادية عبر رباطات إقليمية.
ولما جاء السقوط المدوي للنظام الإسلاموي اكتملت دائرة تفتت المؤتمر الوطني إلى جماعات تتلاوم فيما بينها حول أسباب هذا السقوط الذي لم يتقبله الإسلاميون بسهولة، وشكل لهم ضربة سياسية، ونفسية، ما تزال تلقي بظلالها على كتاباتهم، وتصريحاتهم، وسياسة مجموعاتهم المتفرقة في التعامل مع المشهد السياسي.
وإذا كان المؤتمر الوطني يمثل جناحاً ضمن تشظي الحركة الإسلامية التي تفرقت أيدي سبا فإن جبهة الميثاق التي نشأت في الخمسينات ربما انتهت إلى نحو عشرة تنظيمات فرعية. كلُ طرف فيها يدعي أنه يمتلك الحق الأبلج، وأن الآخرين على خطأ فادح مبين. بل إن التخوين صار سمة لتصريحات بعضهم البعض لدرجة غير مسبوقة في تاريخ الإسلام السياسي السوداني.
الخلافات الجديدة للمؤتمر الوطني المنحل، والتي أبرزت أربعة أجنحة – أحمد هرون، كرتي، غندور، وإبراهيم محمود – لن تنتهي عند هذا الحد. فطبيعة المصالح الذاتية التي خرج بها قادة الحزب من الدولة ستفرض باستمرار الخلاف متى ما رأت هذه الأجنحة المتصارعة على هذه الجيفة الفكرية مساحة لإقصاء بعضها بعضاً من قيادة الإسلام السياسي في البلاد، ومن ثم الحفاظ على مصالح الجماعة بدلا عن المجموع.
البراجماتية التي تطبعت بها قيادات الموتمر الوطني، وهي أعلى درجات خيبة الربط بين السماء والأرض، تمثل نتيجة حتمية لتعزيز حفاظ هؤلاء القادة على نفوذهم السياسي والمالي، والسلطوي.
ففكرة تديين العمل السياسي في أصولها لا ترتطم – بالغ ما بلغت – إلا بحقيقة أن مجريات العمل السياسي غير ثابتة حتى تستوعبها حرفية النص الديني. وعندئذ يصبح الصراع بين المعتقد السلفي الثابت وفقاً لتفسيرات الإسلاميين وحراك السياسة المتحول هو العامل الأساس لتضارب مصالح هولاء القادة تحت وطأة الحالة السودانية الشديدة التعقيد.
وبرغم أننا لاحظنا محاولات التلفيقات الفقهية التي كان يعتمدها الإسلاميون في إطار ابتذالهم البراغماتية السياسية، ولكنها لم تستطع تحقيق نجاحات للإسلاميين في إثبات قدراتهم على تحقيق استقرار لتنظيمهم قبل الاستقرار في حيازة النجاح الحزبي. فنتيجة سقوط المشروع الحضاري أكدت عجزهم على تحقيق الاستقرار النسبي في احتكار الدولة، وقد قاد هذا التلفيق الفقهي، والذي وصفه أسامة بن بأنه خلط الجريمة بالدين لدى إسلاميي السودان، إلى تهديد وجود الكيان القطري.
والان عند اختلافهم في زمن الحرب تكسو عقول قادة الموتمر الوطني وعضويته غشاوة لا تبصرهم بأن السلطة الحزبية التي يصطرعون حولها بهذه الطريقة النفعية لا تسعف تمدد مستقبلهم، إن لم تنته حرب السودان بتلاشيه كوحدة جغرافية.
باختصار كل أطراف الحزب التي تتنازع الشرعية وسطها على حق ما دام يسهل للغاية تغليف الحراك المصلحي لكل طرف بصك الفقه. فالسياسي الذي يريد تحريك الدولة بناءً على مذهبيته مسلماً كان أم يهودياً أم مسيحياً لا يحتاج إلا إلى صب منفعته صباً عنيفا في الآي الحكيم والأحاديث النبوية، والتاريخ مليء بالشواهد سواء في عصور الإسلام الأولى أو في أواسطها أو حديثاً.
والعبرة من كل هذا أن صراع قادة الموتمر الوطني الأثرياء للحفاظ على مصالحهم الذاتية بقوة تنظيمهم المنحل يمثلون عينة دراسية خصبة لبوار فكرة تديين الدولة. ولكن في ذات الوقت ما يحير فعلاً هو مدى حرص كل طرف لينتصر على الآخر حتى يجني استثمار التنظيم في الحرب التي أوقد نارها.
في تاريخ الأمم تستشري الأفكار الاستبدادية بقوة دفع الدولة التي تتبناها، ولكنها تندثر آجلاً أم عاجلا لو أن مصالح النخب احتربت حول كيكة السلطة، أو النفوذ. وما نشاهده الآن في جبهة الموتمر الوطني نوع من بداية الاندثار لفاعلية حراك موثق في استخدام الدين كوسيلة للاستثمار في الجهل.