يصدر غدا كتاب بعنوان "الحياة، قصتي في التاريخ" يمكن اعتباره سيرة ذاتية للبابا فرنسيس، بالتعاون مع متخصص الشؤون الفاتيكانية في شبكة ميدياسيت الإعلامية الإيطالية فابيو ماركيزي راغونا.
وخلال الكتاب يروي البابا فرنسيس فصولا كثيرة من حياته وارتباط هذه المحطات بفترات وأحداث تاريخية مختلفة.
 وقد نشرت جريدة كوريري ديلا سيرا الإيطالية قبل أيام مقالا حول هذا الكتاب مستبقة الكثير من المواضيع التي يتطرق إليها الأب الأقدس.


 ومن بين ما نقلت الجريدة حديث البابا فرنسيس عن طفولته وبشكل خاص عن جدته روزا والدة أبيه والتي كان لها دور كبير في تنشئته حسبما كتب مشيرا إلى أن جدَيه كانا يتحدثان بلهجة مقاطعة بييمونتي الإيطالية التي تأتي منها عائلته التي هاجرت إلى الأرجنتين.
 ويتحدث البابا عن جده جوفاني الذي شارك في الحرب العالمية الأولى، بينما يتطرق الأب الأقدس إلى الحرب العالمية الثانية مشيرا إلى الرسائل التي كانت تصل إلى العائلة في بوينوس ايرس والتي كانت تشير إلى أن رجال البلدة أصل عائلة البابا فرنسيس لم يتوجهوا إلى القتال بل كانوا يعملون في الحقول. ويتحدث الأب الأقدس عن سرد هذه الرسائل كيف كانت النساء يقمن بمراقبة وصول محتمَل لمفتشي الجيش فكُنَّ يرتدين ملابس حمراء في حال وصول المفتشين كإشارة للرجال للاختباء.

يروي البابا فرنسيس من جهة أخرى رحلة جدَيه ومعهما ابنهما ماريو، والد الأب الأقدس، كما ويتحدث البابا عن طفولته في العاصمة الأرجنتينية وكيف كان والداه يصطحبانه مع أخوته لمشاهدة الأفلام الإيطالية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ويذكر الأب الأقدس في هذا السياق عددا من الأفلام التي أصبحت علامات في تاريخ السينما. ويواصل البابا الحديث عن الحرب العالمية الثانية ويتوقف عند القنابل النووية التي اُلقيت على هيروشيما وناغازاكي، ويصف استخدام هذه الأسلحة بجريمة ضد الإنسان وكرامته، ثم يتساءل الأب الأقدس كيف يمكن أن نعتبر أنفسنا حماة للسلام والعدالة بينما نصنع في الوقت ذاته أسلحة جديدة. كما وكشف الأب الأقدس أنه كان يريد التوجه إلى اليابان كإرسالي إلا أنه لم يُسمح له بذلك بسبب أوضاعه الصحية غير الجيدة في تلك الفترة.

الدفاع عن الحياة وحمايتها في كل مراحلها، من الحبل بها وحتى الموت، كان هذا من المواضيع التي أشارت إليها الجريدة الإيطالية فنقلت تأكيد البابا فرنسيس في الكتاب على كون الإجهاض قتلا، وأيضا على أهمية الدفاع عن الحق في الاستنكاف الضميري. كما ويتحدث قداسته عن تأجير الرحم كظاهرة غير إنسانية آخذة في الانتشار تشكل تهديدا لكرامة الرجل والمرأة وتتعامل مع الأطفال وكأنهم سلعة.

يتطرق البابا فرنسيس في الكتاب أيضا إلى فترة الحكم الدكتاتوري في الأرجنتين وكيف ساعد بعض الإكليركيين في الإفلات من اعتقالهم من قِبل السلطات العسكرية. كما وأشار قداسته إلى الاتهامات غير الصحيحة التي وُجهت إليه بالتعاون مع الحكم العسكري حيث ثبتت على العكس معارضته الحازمة للدكتاتورية. كما ويتوقف البابا عند إرساله إلى قرطبة عقابا له وذلك على أخطاء قام بها كمسؤول عن اليسوعيين الشبان بسبب تصرفات سلطوية، ووصف فترة وجوده في قرطبة بفترة تطهر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط الحرب العالمیة البابا فرنسیس الأب الأقدس

إقرأ أيضاً:

من "الحافة" إلى "بكين".. سيرة ومسيرة

 

 

 

خالد بن سعد الشنفري

 

من بكين إلى الحافة ومن الحافة إلى بكين هي حقيقة رحلتين لشخصيتين مميزتين كلٍ في موطنه وبينهما تماس في أمور وتجمع بينهما مشتركات؛ الأولى لشخصية رحالة وتاجر صيني من حقبة مضت وأصبحت تاريخاً، والثانية لدبلوماسي وسياسي عُماني عريق لا زالت أحداثها مَعِيشة أطال الله في عمره وأبقاه.

هوة زمنية لا شك تفصل بين الحدثين.. ولكنهما يشتركان في كونهما حدثا في الحافة وانطلقا من شاطئها تحديدًا في زمنين مختلفين ومن غريب الصدف ظهورهما الآن معاً في الحافة كلٌ بطريقته ففي العام 2024 الذي ودعنا قريبا دشنت الصين النصب التذكاري احتفاء برحالتها شنغ خه على شاطئ الحافة وعلى نفس الشاطئ ونفس العام دشنت عُمان كتاب (شاهد على مسيرة دبلوماسية الحكمة) لسعادة السفير والدبلوماسي العُماني المُحنك عوض بن بدر بن عوض مرعي الشنفري.

تعودت أن أختار عناوين كتبي ومقالاتي في الأخير بعد الانتهاء من كتابة العمل أو أثنائها أما قبل ذلك فنادرا ما يحصل، فكما يُقال الكتاب يُعرف من عنوانه، ولكنني هذه المرة اختلف معي الأمر فتبادر إلى ذهني عنوان "من الحافة إلى بكين" واستحضرته مخيلتي بيسر وسرعة دون جهد مني؛ بل برز من أول ما أمسكت يدي القلم لتختط أولى كلمات هذا المقال فبعد أن فرغت مباشرة من قراءة كتاب من 200 صفحة من الحجم المتوسط والذي لم تتركه يدي حتى انتهيت من قراءته كاملاً؛ من الجلدة للجلدة (كما يقول الطلبة عن كتبهم المدرسية).. كل ذلك رغم أني مؤخرا أصبحت قليل القراءة عمومًا لأني- لا أراكم الله مكروهاً- أصبحت أعاني من مرض النوم القهري وأفضل أوقات هجوم هذا النوم عليّ وتمكنه مني هو وقت القراءة بالذات.

سعادة السفير عوض بن بدر بن عوض مرعي الشنفري مؤلف كتاب شاهد على دبلوماسية الحكمة غادر شاطئ الحافة في العام 1957، وهو في سن الثالثة عشرة من عمره على ظهر قارب خشبي شراعي ركيك مخصص لحمل البضائع تكدس فيه مع 30 راكباً آخرين ميممًا وجهه شطر بلاد المهجر حال معظم الظفاريين، إلا أن مقصده لم يكن طلب الرزق كحال أقرانه.. أبحر بهم هذا القارب إلى مسقط ابتداء في رحلة مُعاناة استغرقت عشرين يومًا وهم وقاربهم كقشة وسط البحر؛ بل هاجر لطلب العلم والعلم فقط بعد أن فتحت الصفوف الخمسة المتاحة للتعلم في مدرسة سعيدية ظفار من شهيته للازدياد والنهل من هذا المنهل.

ومن شاطئ الحافة جرت الرياح بقاربه الشراعي إلى الكويت ومدرسة الشويخ بها وجامعة القاهرة ليرتبط بمجموعة من الطلبة اليمنيين هناك ويلتقي مع  وفد بلقاء الرئيسين أنور السادات وجمال عبد الناصر، وتردد بعد ذلك بين القاهرة وبغداد التي أكمل دراسة الحقوق بها وما بين هذين الشوطين يتجه إلى دمشق أحيانا واليمن ودول الخليج العربي في هذه المرحلة من التاريخ العربي التي تعج بالحركات التحررية وتتمركز بالذات في هذه الدول فدخل باب السياسة والنضال والتحرر من أوسع أبوابه ومن اليمن التي كانت ثورتها تمد جذورها ناحية جارتها ظفار ابتغاء عُمان والخليج العربي بأسره واعترك أبو ظافر السياسة وعاركها في خضم حركات تحررية يعج بها الوطن العربي كله للتخلص من الاستعمار الجاثم على صدرها فتارة بعث عربي وقومية عربية وحتى اشتراكية عالمية وغيرها؛ فالهدف الانعتاق مما هم فيه وهكذا وجد الشاب اليافع نفسه وسط هذا الخضم الهائل من الحراك السياسي وها هو يبحر بنا اليوم بعد أن أرست سفينته مراسيها في كتابة هذا الكتاب السفر بحق عن كل ذلك، وهو يحكي مرحلتين منفصلتين متناقضتين من حياته وحياة عُمان كلها.. المرحلة الأولى من معترك حياته والممتدة من الأربعينات إلى نهاية الستينات من القرن الماضي ولا صوت لديه فيها يعلو على صوت الدراسة والسياسة والتحرر من الانعتاق الذي وجد نفسه ووطنه فيه وأصبح منذ بداية مشواره الدراسي وأسفاره ومتعرجاتها، في سبيل تلقي العلم وهم التحرر بين مصر الكنانة وعراق الرافدين، ويشطر تارة إلى الشام وتارة إلى اليمن في مسيرة قلَّ أن اتيحت لأحد من أقرانه ويخرج لنا حصيلته عن هاتين المرحلتين في هذا الكتاب الذي يجعلك تعيش معه هاتين المرحلتين من تاريخ عُمان؛ الأولى كما أسلفنا من الأربعينات إلى نهاية الستينات والمرحلة الثانية بعد عصر النهضة العُمانية المباركة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد وإلى عصر التجديد بقيادة السلطان المجدد هيثم بن طارق المُعظم- أبقاه الله.

قائمة طويلة من الأحداث والمحطات الوطنية والعديد من المشاركات المهمة والفعالة في سبيل العلم والمعرفة وتسخيرها لخدمة الوطن؛ فمنذ أول اغتراب له من شاطئ الحافة في العام 1957 إلى المجهول إلى أول اغتراب من نوع آخر في العام 1973 إلى لندن لتسلم مهام تكليف سامٍ كسكرتير أول في سفارة سلطنة عُمان بالمملكة المتحدة، ومن هروب من وطأة الظروف القاسية في المرحلة الأولى الى تمثيل بلد أصبح له مكانته بين الدول مؤثرا ومتفاعلا ومن لندن إلى بكين وإسلام أباد والولايات المتحدة الأمريكية كسفير مقيم إلى سفير مفوض غير مقيم في العديد من الدول المجاورة لهما كالنيبال والفلبين وتايلند وكندا وتشيلي والبرازيل التقى خلالها وجلس إلى العديد من الزعماء والقادة العظام والملوك والرؤساء إلى عضوية مجلس الأمن الدولي إلى الأمين العام المساعد للشؤون السياسية بمجلس التعاون الخليجي إلى عضو مكرم في مجلس الدولة وظل على رأس عمله إلى نهاية العقد الأول من القرن الواحد وعشرين. إنه فعلا كتاب سفر مشوق يحمل متعة المتابعة والقراءة وكنز معلوماتي ثمين من رجل ثمين عن مرحلتي عُمان الأخيرتين قبل وبعد النهضة جدير بالاقتناء والقراءة ومرجع وثائقي وتاريخي بمعنى الكلمة.

شكرًا سعادة السفير على هذا الكنز الثمين وجزاك الله عنَّا وعن عُمان كل خيرٍ.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • البابا فرنسيس عن المثليين: «مَن أنا لأحكم عليهم؟»
  • بعد مشاهدته عرضًا بهلوانيا.. البابا فرنسيس يتحدث عن عمالة الأطفال خلال خطبته الأسبوعية في الفاتيكان
  • من "الحافة" إلى "بكين".. سيرة ومسيرة
  • البابا فرنسيس: أصلي من أجل الذين فقدوا حياتهم في الانهيار الأرضي بميانمار
  • البابا فرنسيس يدعو إلى مكافحة عمالة الأطفال وحماية حقوق القاصرين في العالم
  • صندوق فضائح الفاتيكان الأكثر إيلاما.. البابا فرنسيس يكشف عن أوراق تسلمها من سلفه بنديكتوس
  • مصدر تطلق اختبار المركبات ذاتية القيادة المتطورة
  • “مصدر” تطلق اختبار المركبات ذاتية القيادة المتطورة
  • "بابا فرنسيس يكشف عن مذكراته: «الأمل» بين ذكريات الطفولة ورؤيته للمستقبل"
  • نياحة كاهن شاب من قطاع كنائس شبرا الشمالية والبابا تواضروس يقدم التعزية