"رصاصة الماكاروف".. عدالة ومساواة ورؤية علي عائل الكثيري
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
هيثم نافل والي
ليس هناك من شك بل يقين خالص بأنَّ الكثيري إنسان وفنان؛ هكذا وجدته، من خلال سيرة حياته التي دونها بدقة عازف كمان، لا يقبل النشاز في الأنشودة التي يطلقها إطلاقًا؛ كونه صادقًا، رحيمًا، طيبًا ومبدعًا. عندما يكتب لا يشعر بأنَّه خشوع وابتهال، قلمه يتحرك بحرية كتلك التي يؤمن بها حد القاع والنخاع وبأنه لا يدون إلا واقعًا كان قد عاشه بمره، قسوته، ومعاناته بغض النظر إن كان ذلك (من وجهة نظرنا يستاهل أم لا)؛ فهو بالتالي من يقرر مصير حياته وكيف ستكون، فكان مثلما تمنى أن يكون، عادلًا لا يقبل المساومة، أو المحاباة من أجل شيء يؤمن به كالرب.
كيف لا وهو يدون سيرة بدأها بمرض خطير (فقدان إحدى عينيه) التي يبصر بها العالم الذي حوله، لكنه كان بصيرًا، عليمًا ومتفردا للذكاء الذي وهبه الله له فعوضه عن فقدانه ذاك بما هو أوسع وأعمق فأستغل تلك الصفة المتفردة(كما قلنا) للوصول إلى حالة من السهل علينا وصفها بأنها قريبة من حالة الملائكة الأرضية التي نسمع بها ولم نرها!
ما أن تبدأ بقراءة أول جملة من كتابه الموسوم "رصاصة الماكاروف" وللاسم حكاية لا تقل عن أن تكون لذيذة ومشوقة، كونها تعبر عن بساطة وصدق صاحبها (حاملها) بعفوية كادت تكون أقرب إلى السهو منها إلى السذاجة! أليست هذه الصفات التي نرميها ونقذف بها الفنان أينما كان؟ بلى والله.. ما أن نرى تصرفات المبدع الحاد الموهوب وهو يتعامل معنا أو مع الأشياء التي تحيط بنا حتى نستغربه وننعته بالسذاجة وأحياناً نقذعه بالجنون وكأننا لم نقترف جرماً بحقه كونه فناناً من عجينة لا نفهما ولسنا معتادين عليها لأننا ببساطة عامة الناس وليس مثل الكثيري وأمثاله، مبدعون قل عددهم في عالم المال والمصالح!
سيرة خطت بتشويق نادر وذاكرة فولاذية! ألم أقل بأن للعايل صفات عوضته عن نظره بفقدانه؟! ومن يقرأ تلك السيرة سيجدها كما وصفتها للتو، تشويق نادر، وذاكرة فولاذية وإلا كيف نفسر ما يحصل لنا ونحن نطلع على كتابه ذاك رغم مشاغلنا وقلة وقتنا في غربة أوربية لا ترحم، فنترك ما كنَّا ملتهين به ونكمل ما بدأناه بالقراءة والتواصل مع سيرة ذلك الرجل الرحيم الحديدي رغم ضعف بنيته والأمراض التي لاحقته كظله، الإنساني الطيب والمتفاني من أجل
إيمانه بقضية الوطن الذي عشقه حد الفداء بالروح؟
نعود إلى الذاكرة القوية التي يتحلى بها مُبدعنا وعنوان ومعنى دراستنا الانطباعية المتواضعة هذه كونها لا تمثل الكثيري بكل ما تجسم به من أعمال وأقوال وحضور لافت سواء على الساحة المحلية أو العربية كما لا يخفى. نعم، كانت ذاكرته حاضرة وكأنها لم تبتعد بها السنون عشرات ويصف لكم بالدقائق وأجزاء الثواني ما كان يحصل معه بالضبط كدقة الساعة السويسرية التي باتت "كون العالم قد تغير" تصنع في الصين!
بعد أن انتهيت من قراءة الكتاب بثلاثة أيام وجدته يستحق العناء، المتابعة والنشر. كتاب كتب بطريقة مدهشة تقطع الأنفاس! أنصح كل مثقف بالاطلاع عليه كونه يمثل الإنسان الأصيل الحقيقي وهو يدافع بصرامة إنسانية عن كل عدالة ومساواة يطلبه أن تكونا حاضرتين في كل زمان ومكان على أرض سلطنة عُمان أولًا والعالم أجمع ثانيًا. أرجو له التوفيق والنجاح والصحة والسلامة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مليشيا آل دقلو الدرب راح ليهم فی أَلْمِی !!
القصَّاص، شخصٌ عليمٌ بتتبع الأثر، وهي وظيفة لا غِنَیٰ للشرطة عنها حتَّیٰ بعد توفر أحدث معدات البحث فی الأدلَّة الجناٸية، والقصَّاص يعتمد علی خبرته بالمنطقة التی يعمل فيها
وطبوغرافيتها، والحيوانات التي تعيش فيها فهو يعرف بالضرورة أثر الأبقار من أثر الإبل وأثر القطط من أثر الكلاب وأثر الضأن من أثر الماعز وإن كانت الدواب تحمل أحمالاً علی ظهورها أم لا، ويعرف أثر الرجل من أثر المرأة، وإن كان الأثر لإنسان يمشي أم يجري، وهكذا ويصطحب معه حالة الرياح والموسم إن كان صيفاً أم شتاءً أم خريفاً، ولكن أكبر تحدٍ يواجه القصَّاص هو الماء، فإن قام بتتبع الأثر ووصلت به المتابعة إلیٰ نهر يجری أو خور أو ترعة، فإنه يعجز عن مواصلة عمله، فيقول لمن معه (الدرب راح في أَلْمِی) !!
وبهذه المناسبة فإنه يمكن أن نقول الدرب راح علی مليشيا آل دقلو فی الموية، عندما قال المجرم الهارب الأهطل أركان نهب عبد الرحيم دقلو لمَن تبقی مِن أشاوذه فی أحد الأصقاع:(نحنا كنا غلطانين غلطانين ماعارفين أرض المعركة وين!!! ثمَّ أجاب علی نفسه: (أرض المعركة فی الشمالية ونهر النيل!!)
قاٸد برتبة فريق أول غض النظر عن تصنيف الوحدة التي هو قاٸد ثانِ لها، ومن أين أتیٰ بالمٶهل الذی يخول له بلوغ تلك الرتبة؟ وكيف بلغ مرتبة القاٸد الثانی؟ ومتی كان أمر الحروب تُدار عشواٸياً؟ وما هي طريقة الإدارة فی حالة السلم؟ وما هي الإدارة فی حالة الحرب؟ وما هو القانون الذی يضبط تحركات أو تصرفات الجنود والضباط؟ ومَنْ هو المسٶول عن اللوجستيات وكيفية توفيرها وحفظها وصرفها؟
هذا غير التدريب والتأهيل والتنظيم والضبط والربط؟ فلنضرب الذكر صفحاً عن كل هذه الأبجديات!! ماذا يقول هذا الأهطل عن الخساٸر المادية والبشرية والمعنوية التی خسرها بغلطته التی إعترف بها علی رٶوس الأشهاد بعد عامين من الحرب التی حصدت أرواح أشاوذه فی ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض والنيل الأزرق وكردفان ودارفور، وخلفت دماراً هاٸلاً فی معداته وعرباته وخلَّفت أسوأ سمعة محلياً وعالمياً لقواته المجرمة وخسرت كل تعاطف كان من الممكن أن تجده المليشيا، ليأتي فيقول ببساطة (نحنا كنا غلطانين ما كنا عارفين أرض المعركة وين!!!).
وهدد الأهطل اْركان نهب بمليون جندی لإجتياح الشمالية ونهر النيل، فيا عجباً من هذا (الهُراء) مع الحرص علی عدم إقلاب حرف الهمزة بحرف الراء لذا لزم التنويه.
ولا نجد إزاء هذه الهرطقة غير أن نقول: (الدَرِب راح للمليشيا فی ألْمٍی)
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.
-وما النصر إلَّا من عند الله.
-والله أكبر ولا نامت أعين الجبناء.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتساب