لماذا يطير الوقت مسرعا عندما نستمتع ويتباطأ عندما نشعر بالملل؟
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
ربما تستغرب لو علمت أن هناك سببا علميا وراء شعورك بأن الوقت يمر سريعا حينما تكون مستمتعا، ويمر بطيئا جدا حينما تشعر بالملل، إضافة إلى شعورك بأن الزمن أصبح يمر بسرعة مع تقدمك في العمر مقارنة بالوقت حينما كنت صغيرا.
لقد درس العلماء الكيفية التي يعمل بها شعورنا بالوقت، وتوصلوا بالفعل إلى أنه بينما يظل المقياس الأساسي للوقت يظل ثابتا ودقيقا (تعمل أدق الساعات في العالم بوتيرة ثابتة، حيث تخطئ بمقدار ثانية واحدة فقط كل 300 مليون سنة)، فإن تصورنا له يظل شخصيا وعرضة للتشويه، فالدماغ لا يحافظ على الوقت مثل الساعة العادية، وهذا يرجع إلى مجموعة متنوعة من العوامل منها الاهتمام والذاكرة والعواطف والإيقاعات البيولوجية والعمر.
إن إدراك الإنسان للوقت مرن للغاية وليس جامدا مثل دقات الساعة الميكانيكية، حيث يكون إدراكنا الداخلي للوقت قادر على التمدد أو الضغط استجابة لحالتنا العقلية والعاطفية والبيئة وحتى الظروف الفسيولوجية.
فتجربة الشعور بأن الوقت يتسارع أو يتباطأ تجربة شائعة، حتى إنها أصبحت جزءا من مصطلحاتنا اليومية التي نعبّر من خلالها عن حبنا لشخص ما بأن الوقت يمر سريعا بصحبته، أو أن هذا العمل ممل لدرجة أن مخّنا يكاد يتوقف.
ولكن ما الذي يسبب هذا التصور الغريب للوقت، وما الذي يجعل الوقت يبدو وكأنه يتسارع أو يتباطأ؟
وفقا لموقع لايف ساينس، فإنه من المؤكد أن هناك العديد من آليات التوقيت في الدماغ، ويقصد بها "آليات التوقيت الذاتية"، وهي ليس لها علاقة بإيقاعات الساعة البيولوجية المعروفة أو كيفية ارتباط جسمنا بدوران كوكب الأرض على مدار الـ24 ساعة.
إدراك الوقت تفاعل معقد بين انتباهنا وذاكرتنا وعواطفنا (شترستوك) ساعة الدماغ الداخليةوجد علماء الأعصاب أن دماغنا يحتوي على "ساعة داخلية" قابلة للتكيف يمكنها التمدد أو تقليص الوقت بناء على تجاربنا وحالات وعينا، وفقا لموقع ميراج نيوز
واستنادا لنموذج "ساعة الدماغ" هذه فإن أدمغتنا تنتج نبضات أو "دقات" على فترات زمنية معينة، وهو ما نعتبره مرور الوقت. فعندما نكون متحمسين أو خائفين، تنتج أدمغتنا المزيد من النبضات في فترة معينة مما يجعل الوقت يبدو وكأنه يتباطأ، وعندما نكون مسترخين أو مشتتين، تنتج أدمغتنا عددا أقل من النبضات مما يجعل الوقت يبدو وكأنه يتسارع.
دافع الوصول للهدفوكما يذكر موقع ميديكال نيوز توداي، فإنه عندما يمر الناس بمشاعر أو حالات إيجابية فإنهم يشعرون بأن الوقت يمر بشكل أسرع مما يحدث عندما يواجهون مشاعر سلبية، ومع ذلك أظهرت الأبحاث أدلة على أن الحالات الإيجابية ليست جميعها متساوية.
وأظهرت دراسة نشرت نتائجها في 2012 في مجلة علم النفس التابعة لجمعية العلوم النفسية، أن الوقت يمر بشكل أسرع عندما نرغب في الاقتراب من شيء ما.
وهذا يعني أن الوقت عندما يتحرك بشكل أسرع يكون نتيجة لرغبتنا في الاقتراب أو متابعة شيء ما، وليس تأثيرا أكثر عمومية لزيادة الاهتمام أو الإثارة الفسيولوجية.
يبدو أن الوقت يتسارع أيضا مع تقدمك في السن (شترستوك) ساعة الدوبامينوجد الباحثون أن مجموعة من الخلايا العصبية التي تطلق الناقل العصبي "الدوبامين" -وهو مادة كيميائية مهمة تشارك في الشعور بالمكافأة- تؤثر في كيفية إدراك الدماغ للوقت، فعندما تستمتع تكون هذه الخلايا أكثر نشاطا وتفرز الكثير من الدوبامين، ويحكم عقلك على أن وقتا أقل قد مر بالفعل. وعندما لا تستمتع لا تفرز هذه الخلايا الكثير من الدوبامين ويبدو أن الوقت يتباطأ.
تقول فرضية ساعة الدوبامين أن زيادة إطلاق الدوبامين يؤدي إلى تسريع الإحساس الذاتي بالوقت، أي الساعة الداخلية. فالأحداث الممتعة بشكل غير متوقع تعزز إطلاق الدوبامين، مما يؤدي إلى تشغيل ساعتك الداخلية بشكل أسرع، فينمو إحساسك الشخصي بالوقت في هذه الحالة بشكل أسرع من الوقت نفسه.
الذاكرةتلعب ذاكرتنا أيضا دورا حاسما في الشعور بالوقت، فعندما نقضي وقتا ممتعا لا يقوم دماغنا عادة بتخزين ذكريات تفصيلية، لذلك يبدو أن الوقت مر بسرعة عند تذكره لاحقا. وعلى العكس خلال فترات الملل، يميل دماغنا إلى تخزين المزيد من المعلومات، مما يخلق الانطباع بأن الفترة استمرت لفترة أطول عندما نتذكرها لاحقا.
التقدم في العمريبدو أن الوقت يتسارع أيضا مع تقدمك في السن، فعندما تكون طفلا يكون كل شيء جديدا، وبالتالي يضع دماغك شبكات كثيفة لتذكر تلك الأحداث والتجارب مما يجعل الوقت يبدو وكأنه يتباطأ. وحينما تصبح شخصا بالغا تصبح التجارب التي تمر بها مكررة ولا تعمل على تحفيز أو تكوين ذكريات جديدة مما يجعل الوقت يبدو وكأنه يتسارع. لذلك يتحسر الكثيرون على وقت الشباب ويتساءلون أين ذهب.
الوقت يمكن أن يتشوه بسبب تأثيرات السرعة والجاذبية مما يجعل الوقت مرنا حرفيا في الكون المادي (شترستوك) دور الانتباهأحد العوامل الرئيسية في إدراكنا للوقت هو مستوى انتباهنا، فعندما ننخرط في مهمة ما ونستمتع بها فإننا نولي اهتماما أقل لمرور الوقت، مما يجعل الوقت يمر بشكل أسرع. وعندما نشعر بالملل أو الانتظار فإننا ندرك تماما كل ثانية مما يجعل الوقت يبدو وكأنه يزحف زحفا.
تجربة الوقت لدى الحيوانتجربة مرونة الوقت ليست مقتصرة على البشر، إذ تظهر الأبحاث أن الحيوانات أيضا تتمتع بمرونة إدراك الوقت. ففي مملكة الحيوان تدرك الحيوانات الصغيرة ذات معدلات التمثيل الغذائي الأسرع مثل الذباب أو الطيور؛ أن الوقت يمر بشكل أبطأ مما هو عليه في الواقع، مما يسمح لها بالتفاعل مع المحفزات البيئية بسرعة أكبر.
تمدد الزمن في الكونيوفر مبدأ تمدد الزمن في النظرية النسبية لـألبرت آينشتاين رؤية علمية عميقة لمرونة الزمن، ويشير تمدد الزمن إلى فكرة أن الوقت يمر بمعدلات مختلفة بالنسبة للأجسام التي تتحرك بالنسبة لبعضها البعض أو الموجودة في مجالات جاذبية مختلفة، وهذا يعني أن الوقت يمكن أن يتشوه بسبب تأثيرات السرعة والجاذبية، مما يجعل الوقت مرنا حرفيا في الكون المادي.
لذا، في المرة القادمة التي تستمتع فيها وتشعر بأن الوقت يمر سريعا، اعلم أن ذلك يحدث في رأسك فقط، لأن إدراك الوقت هو تفاعل معقد بين انتباهنا وذاكرتنا وعواطفنا والناقلات العصبية لدينا وحالاتنا الداخلية وكيفية معالجة دماغنا للمعلومات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات بشکل أسرع
إقرأ أيضاً:
محادثات تجنب مناقشتها مع طفلك فور عودته من المدرسة
تعود الأطفال من المدرسة منهكة من يوم طويل دسم دراسيا، تريد أن تستريح ذهنيا وجسمانيا، لذا على الآباء أن ينتبهوا لمحادثاتهم مع أطفالهم فور عودتهم من المدرسة حتى لا يزيدوا ارهاقهم خاصة وأن لديهم المزيد من الوقت للمذاكرة.
ووفق لموقع "ذا تايمز أوف انديا"، بعض المحادثات يمكن أن تفسد مزاج الأطفال، لانهم يعودوا من المدرسة بعد قضاء ساعات مضنية من حضور الدروس وحل المسائل والتواصل الاجتماعي وتدوين الواجبات المنزلية وغير ذلك، لذا يحتاجون فقط إلى الاسترخاء والحصول على بعض الأمان في المنزل ومشاركة تجاربهم في بيئة خالية من التوتر.
وهناك بعض المحادثات التي تتم فور عودة الأطفال إلى منازلهم، والتي قد تكون أحيانًا مفسدة للمزاج، وعلى الوالدين أن يكونوا حذرين فيه بشأن ما يناقشوه مع الأطفال لخلق جو داعم ومشجع في المنزل.
وفيما يلي بعض المحادثات التي من الأفضل تجنبها فور عودة الطفل من المدرسة.
تجنب المحادثات المتسرعة أو المثقلة بالمعلومات
يشعر الآباء بالحاجة إلى مناقشة كل شيء في وقت واحد بين المدرسة، والسلوك، والخطط المستقبلية، والأعمال المنزلية، وكل ذلك في غضون الدقائق القليلة الأولى بعد عودة طفلهم إلى المنزل، وهذا قد يكون مرهقًا جدا للطفل.
وبدلاً من ذلك، قم بإنشاء مساحة هادئة ومرحبة حيث يمكن للأطفال مشاركة أفكارهم بالسرعة التي تناسبهم.
دعهم يشعرون بأن المنزل هو مكان للراحة والأمان وليس امتدادًا لضغوطهم الأكاديمية.
ابتعد عن النميمة والحديث السلبي عن المعلمين والأصدقاء
فجانب أن النميمة أمر محرم وفعل ذميم، فإن الأطفال تتعلم من الطريقة التي يتحدث بها الآباء عن الآخرين، فإذا سمع الطفل تعليقات سلبية عن معلميه أو سياسات المدرسة أو أصدقائه، فقد يتطور لديه موقف غير محترم تجاه الشخصيات ذات السلطة أو الأقران.
وبدلاً من ذلك، إذا عبر الطفل عن مشكلة، فقم بتوجيهه في التعامل مع الموقف بنضج بدلاً من تعزيز وجهات النظر السلبية.
اجبارهم على إكمال واجباتهم المدرسية فور عودتهم
ومن أكثر الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الآباء هو سؤال أطفالهم عن الواجبات المنزلية فور دخولهم من المدرسة.
ورغم أهمية الدراسة الأكاديمية، فإن توجيه أسئلة للأطفال مثل "هل حصلت على درجات جيدة في اختبار الرياضيات؟" أو "لماذا ارتكبت أخطاء في الواجب؟" قد يخلق ضغوطًا غير ضرورية.
وبدلًا من ذلك، اسمح لهم بمشاركة تجاربهم المدرسية بالسرعة التي تناسبهم، وإذا شعروا بالراحة، فسوف يتحدثون عن إنجازاتهم وتحدياتهم بشكل طبيعي.
مناقشة الشكوى الواردة من المدرسة
إذا أبلغك أحد المعلمين بوجود مشكلة تتعلق بسلوك طفلك أو أدائه، فمن الأفضل عدم إثارة هذه المشكلة على الفور، فمن المحتمل أن يكون الأطفال على دراية بالفعل بأي مشاكل يواجهونها أثناء اليوم، وقد يؤدي إثارة هذه المشكلات بعد المدرسة مباشرة إلى شعورهم بالهجوم أو الدفاع عن النفس، لذا انتظر واختار الوقت المناسب، مثل بعد أن يسترخي طفلك ويتناول شيئًا ما، وعند معالجة المخاوف، استخدم نبرة بناءة وداعمة بدلاً من النبرة الانتقادية.
لا تثقلهم بالأعمال والمسؤوليات
و على الرغم من أهمية تعليم الأطفال المسؤولية، إلا أن تذكيرهم فور عودتهم من المدرسة بالمهام المنزلية قد يكون مرهقًا، وإذا سمعوا عبارة "نظف غرفتك الآن!" أو "لماذا لم تنتهِ من واجباتك المنزلية بعد؟" بمجرد وصولهم، فقد يشعرون وكأن ذلك يشكل عبئًا إضافيًا.
امنحهم بعض الوقت للاسترخاء قبل تذكيرهم بلطف بمسؤولياتهم بطريقة إيجابية ومحفزة.
لا تأنبهم إذا افسدوا ملابسهم
يصبح الأطفال، وخاصة مع تقدمهم في السن، أكثر وعياً بمظهرهم الخارجي، وقد يؤدي التعليق على مظهرهم الخارجي، مثل "لماذا زيّك متسخ إلى هذا الحد؟" أو "تبدو متعباً وغير مرتب"، إلى شعورهم بالحرج.
وإذا كان هناك أمر ما يحتاج إلى معالجة، فافعل ذلك بعناية وتشجيع بدلاً من الانتقاد، وبدل كلماتك من قول "حذائك متسخ مرة أخرى"، حاول أن تقول "دعنا ننظف حذائك معًا حتى يبدو أنيقًا للغد".
لا تبدأ بمناقشة ضغوطك مع الأطفال
الأطفال بطبيعتهم متعاطفون وحساسون تجاه عواطف والديهم، و إذا بدأ أحد الوالدين على الفور في التنفيس عن ضغوط العمل أو القضايا المالية أو غيرها من المشاكل الشخصية، فقد يؤدي ذلك إلى خلق بيئة سلبية للطفل، وقد يؤدي هذا إلى الشعور بالذنب أو القلق أو العجز، حيث قد لا يفهمون تمامًا تعقيدات مشاكل البالغين.
وبدلاً من ذلك، حاول الحفاظ على جو إيجابي وترحيبي عندما يعودون وتشارك مخاوفهم بطريقة متوازنة في الوقت المناسب.
انشاء
تجنب المحادثات المجهدة، وإليك بعض الأساليب الإيجابية للتعامل مع الأطفال عند عودتهم من المدرسة:
الترحيب الحار: استقبلهم بابتسامة و"كيف كان يومك؟" لإظهار الاهتمام الحقيقي.
الاستماع أولاً: دعهم يشاركون تجاربهم قبل إثارة أي مخاوف.
وقت الوجبات الخفيفة الصحية: قدم لهم وجبة خفيفة مغذية لإعادة تزويدهم بالطاقة وتعزيز مزاجهم.
الاسترخاء واللعب: خصص بعض الوقت للاسترخاء أو ممارسة الهوايات أو اللعب في الهواء الطلق قبل الانخراط في الواجبات المنزلية أو المناقشات.
التشجيع والثناء: سلط الضوء على نقاط قوتهم وجهودهم بدلاً من التركيز فقط على النتائج.