هضاليم النساء في زمن الحرب
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
خالد فضل
قلت لبعض قريباتي في القرية على سبيل المزاح , و كان ذالك في 8 مارس اليوم العالمي للمرأة ( صباح الوردة ) , كن يحملن جرادل , طرقن عليها بحنو كأنهن يهدهدن أطفالهن : أيوا يا استاذ , طالعين بدري نحجز الدور في حنفية الماء في منزل الجيران , الموية عند ناس فلانة “بتسرسر”! ابتسمت في وجوههن بمرارة فاقعة , و أردفت معلقاً :( يا نسوان يا نسوان يا سجم , صباح الوردة المنفتحة الندبانة الزاهية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ) ضحكن من عدم إلتقاطهن التورية , بل في الواقع لم يتذكرن أساساً أن اليوم يصادف هذه الذكرى التي يقف فيها العالم او يفترض أن يقف اجلالاً و احتراماً و تقديراً لهذا الكائن الإنساني الرقيق و الرفيع شأناً .
القرويات في ريف الجزيره يواجهن في هذا العام لأول مره في حياتهن ظروف الحرب العبثية من طرفي المكون العسكري السوداني و المليشيات المخالفة معهما , نعم الحرب المباشرة بما تشمل عليه من مآسي يومية , القتل , النهب , السلب , الترويع , الرعب والخوف و الهلع حتى أن احدى الطفلات أصابتها حالة نفسية جعلتها تتشبث بكتف ابيها لا تغادره أبداً , و تبكي بهستريا عندما تشاهد رجلاً يعتمر عمامه او طاقية !! إنها طفلة حُرمت من الذهاب للروضة ولم تسلم من الرعب المصاحب لدخول العسكر الى القرية و مقدمهم زفات الرصاص , و التهديد , و اثارة الهلع .
النساء في الجزيرة , ريفيات بريئات حد السذاجة , تنطلي عليهن أحاديث السلفين وما يشيعونه من غطاء كثيف في فضاء العقل و التفكير , وما يسدلونه من حجاب معتم على الوعي , وتصبح المرأة من أسهل فرائسهم بحكم الواقع الإجتماعي المهم ضد حقوق المرأة , كإنسان , و حقوقها فقط في النطاق الذي يجعلها أحد الأدوات الخاصة لإستعمال الرجال .
و يتراجع قيم الديموغراطية و وأد فترة الإنتقال المدني الديموغراطي بالإنقلاب 25 أكتوبر 2021م , و اهالة أكوام التراب على قبرها بإندلاع حرب 15 أبريل 2023م تكون أوضاع المرأة السودانية قد تقهقرت إلى الوراء بمراحل , و بتوسيع نطاق الحرب و دخولها إلى العاصمة و أواسط البلاد تصبح حالة البلد كلها تقريباً على درجة واحدة من سوء الحال و تمدد الكوارث و المآسي .
بالعودة إلى حكاية ( الوردة ) اياها , اصبحت الخدمات الأساسية تكاد تكون منعدمة , و على رأسها ( المياه ) المرتبطة في فهم معظم مناطق الجزيرة بالكهرباء , صار الحصول على جركانة ماء صالح للشرب في معظم القرى أمراً عسيراً تهفى له النساء و الاطفال من الفجر و إلى غروب الشمس , هذا في القرى التي تحظى بطاقة شمسية للآبار , لقد لفحت أشعة الشمس اوجه النساء و الأطفال بصورة قاتمه , و مع اغلاق المدارس و الجامعات صار الأطفال و الشباب في وضع صعب و هم يتعاركون و يتعافرون و يعملون في بعض الأعمال الشاقة لتوفير مبلغ زهير لا يفي على كل حال بمطلوبات أقل الأسر انفاقاً , و بالطبع تتولى النساء مسؤولية التدبير اليومي لقوت لا يسد الرمق على كل حال .
إن الحالة المزرية التي يعيش في كنفها إنسان السودان في كل مناطق الحرب , و يخاطبه معاناة النساء و الأطفال مما يدعو اصحاب الضمائر اليقظة في كل انحاء العالم للضغط و استخدام كافة الأساليب لإرغام طرفي الصراع على وقف هذا العبث و التهور و بتوسيع نطاق الحرب لتعطى أغلبية ولايات السودان , يصبح السودان وفق اي تصنيف من أكثر البلدان انعداماً للأمن , و في حالة تستوجب من مجلس الأمن الدولي بصورة خاصة التنبؤ العميق في مآلات هذا الوضع , إذ أن حوالي نصف سكان السودان باتو الأن في عداد النازحين و اللاجئين , هذا مع استمرار عمليات القتل و الإعاقة و حرمان الأغلبية من وصول المساعدات الإنسانية التي تخفف من وطأة الأوضاع , و مع انعدام فرص العمل , وحرمان الموظفين من الرواتب لمدة عام تقريباً , و تعثر خدمات الإتصالات في المناطق التي تنتشر فيها قوات الدعم السريع , تزداد الأوضاع سوءاً على سوء .
إن اليوم العالمي للمرأة يمر على نساء العالم و رصيفات لهن في السودان يواجهن عين الكارثة و يقفن وحيدات صامدات في وجه الريح العاتية , فهل من نصير ؟! مع التحايا الخاصة لشريكتي اللاجئة و ابنتي وهن بعيدات عني , على أمل جمع الشمل ولا للحرب نعم للسلام .
الوسومخالد فضلالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: خالد فضل
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الإفريقي يدعو لوقف فوري للقتال في السودان
دعا الاتحاد الإفريقي إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار وإنهاء الحرب المستمرة منذ منتصف إبريل بين الجيش والدعم السريع في السودان، فيما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش عن إطلاق خطتين بقيمة 6 مليارات دولار للاستجابة لاحتياجات الإنسانية لأكثر من 26 مليون سوداني في الداخل والخارج.
وجاءت تصريحات غوتيريش خلال مؤتمر العون الإنساني رفيع المستوى، الذي نظمه الاتحاد الإفريقي، والإيغاد، وإثيوبيا، والإمارات، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، الجمعة، بهدف حشد الموارد اللازمة لتوفير المساعدات الإنسانية للسودان، ومعالجة الآثار الكارثية التي خلفتها الحرب.
وأكد المتحدثون خلال المؤتمر أن السودان يواجه أكبر كارثة إنسانية في العالم، مشددين على أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب، وتوفير الدعم الإنساني للمتضررين.
وفي سياق متصل عقد على هامش فعاليات قمة الاتحاد الإفريقي عددا من الاجتماعات الفنية التي ركزت على كيفية مخاطبة الأزمة السودانية.
وتصدرت الأزمة الإنسانية اهتمامات تلك الفعاليات، ووصف محمد بن شمباس، رئيس اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي بشأن السودان، الوضع الإنساني في السودان بأنه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
ومنذ اندلاعها في أبريل 2023، انتشرت الحرب في معظم أنحاء البلاد مما تسبب في نزوح الملايين، وأعاقت الوصول إلى المساعدات الإنسانية، وأدت إلى نقص حاد في الغذاء والإمدادات الأساسية.
واعتبر شمباس أن أكبر عائق أمام حل الصراع هو إصرار الطرفين المتحاربين على اللجوء إلى القوة العسكرية بدلاً من الحوار كوسيلة للوصول إلى تسوية تفاوضية للصراع.
وأكد شمباس على الحاجة إلى حوار سياسي شامل بين الأطراف السودانية يركز على إنهاء الحرب وتطوير إطار سياسي للحكم في السودان ما بعد الحرب.
وأعرب السفير بانكول أديوي، مفوض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلام والأمن، عن تفاؤله بشأن الاستمرار في المشاركة مع جميع الأطراف السودانية، بما في ذلك المدنيون والجهات الفاعلة السياسية، في حل شامل للأزمة وحوار سياسي شامل لاستعادة الديمقراطية الدستورية في السودان.
وأوضح: "يجب أن نوقف الحرب في السودان لأنها تؤثر علينا جميعا، حاليا تستضيف جنوب السودان وإثيوبيا ومصر وتشاد الآلاف من اللاجئين. ومن المؤسف أن السودان لا يزال يواجه تحديات لا يمكن تصورها".
وفي ذات السياق، أكد اجتماع سياسي قانوني لمنصة بنية السلام والأمن الإفريقية على الحاجة إلى تنسيق الجهود من قبل مختلف الجهات الفاعلة المشاركة في عمليات السلام في السودان بما في ذلك أجهزة ومؤسسات الاتحاد الإفريقي والمجتمعات الاقتصادية الإقليمية والآليات الإقليمية.
ودعا الاجتماع جميع الجهات الفاعلة الرئيسية في الاتحاد الإفريقي وجيران السودا إلى وقف الأعمال العدائية، وإجراء حوار سياسي شامل لجميع السودانيين من شأنه أن يوفر الفرصة لإنهاء الصراع الحالي وتشكيل حكومة انتقالية مدنية توافقية تعالج بشكل شامل الأسباب الجذرية الأساسية للصراع في السودان.