طوباس بلدة كنعانية عرفت بمدينة الضياء.. لماذا كان احتلالها مؤذنا بسقوط الضفة؟
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
رغم شهرتها كبلدة هادئة نسبيا، ووجودها في منطقة استراتيجية، إلا أنها بعد الحرب على غزة بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أصبحت على مرمى وهدف الاقتحامات الإسرائيلية اليومية لغالبية مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية.
مدينة طوباس ذات الموقع المهم والحيوي تقع على بعد 21 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة نابلس، وإلى الجنوب الشرقي من مدينة جنين، وتبتعد عن نهر الأردن 45 كم، وترتفع عن سطح البحر حوالي 330م، وتبلغ مساحة المدينة ذاتها 200 دونم، أما مساحة أراضيها فتبلغ 3133 دونم، تحيط بها أراضي: تياسير، عقابة، سيريس، طلوزة، طمون، رابا، الكفير، نهر الأردن، وقضاء بيسان.
مشهد عام لأطراف مدينة طوباس.
ويعود أصل التسمية إلى بلدة قديمة كنعانية قديمة تدعى " تاباص"، بمعنى ضياء أو بهاء، وعرفت أيام الرومان باسم "ثيبس"، أما اسم طوباس فقد أطلقه عليها العرب بعد الفتح الإسلامي.
تعرضت البلدة إلى زلزال مدمر عام 1836. وفي عام 1965 أصبحت طوباس مركزا لقضاء باسمها في الضفة الغربية.
قدر عدد سكان طوباس في عام 1945 بنحو 5540 نسمة، في حين بلغ 5709 نسمة عام 1961، وانخفض إلى 5300 عام 1967، وفي عام 1979 قدر عدد سكانها بنحو 10000. وفي إحصاء عام 1997 بلغ عدد سكانها 12609 نسمة، أما في عام 2007 فقد بلغ 16154 نسمة. وبلغ في عام 2017 نحو 21431 نسمة.
النشاط الاقتصادي والتجاري
ويعتمد نشاط طوباس الاقتصادي بشكل أساسي على الزراعة، حيث تشتهر بزراعة الحبوب، والخضار، والأشجار المثمرة، مثل: الزيتون، والعنب، واللوز، والتين، بالإضافة إلى تربية الماشية.
وفيما يتعلق بالصناعة ما زالت الصناعة في محافظة طوباس قليلة، حيث أنها مركزة في مواد البناء والمواد الغذائية، وخصوصا تصنيع وتعليب المخللات بكافة أنواعها. توجد كذلك بعض الصناعات الخفيفة مثل صناعة الصابون والفخار. وقد افتتح مصنع للمحولات الكهربائية عام 2011، وهناك مصانع للأعشاب الطبية والمخللات في رأس الفارعة وطمون.
كانت التجارة في المحافظة بسيطة أيضا وتعتمد على تجارة المواد الاستهلاكية لسكان التجمعات. أما الآن فقد ازدهرت التجارة في المنطقة، خاصة بعد تسميتها كمحافظة عام 2007، حيث توجد الآن تجارة الإلكترونيات والسيارات والمفروشات والأدوات المنزلية والملابس والمواد الاستهلاكية.
وتتوفر في محافظة طوباس العديد من وسائل النقل والمواصلات، فهنالك مواصلات إلى نابلس وإلى جنين والأغوار وأريحا ورام الله، وكذلك إلى قرى المحافظة. وما زالت المحافظة تفتقر إلى العديد من خدمات البنية التحتية، نتيجة لمنع السلطات الإسرائيلية من إجراء أي إنشاءات في المنطقة، خاصة منطقة الأغوار الشمالية التي يمنع إيصال الكهرباء والماء والهاتف والطرق والمدارس لسكانها.
أهم المعالم التاريخية والأثرية
توجد في طوابس العديد من المواقع التاريخية والأثرية من بينها:
تل الردغة: وهو عبارة عن تل أنقاض وآثار جدران مبنية بالحجارة، وبقايا معاصر من البازلت، وإلى الغرب منها مقبرة رومانية وبوابة مبنية بالحجارة، وأساسات حجارة بناء بقرب العين.
خربة جباريس: يوجد فيها جدران أبراج هدمت وأساسات وأعمدة وأرض مرصوفة بالفسيسفاء، وناووس مكسور وعتبات أبواب عالية، ومدافن منقورة في الصخر.
خربة سلحب: تقع في الشمال ، ترتفع 400 م عن سطح البحر.
خربة كشدة: وتقع في الجنوب وتحتوي على أنقاض أبنية.
جامعة القدس المفتوحة فرع طوباس.
تل الحمة: وهو عبارة عن تل أنقاض يوجد فيه آثار جدران ومدافن منقورة في الصخر، كانت تقوم على هذا التل قرية حمات الكنعانية.
خربة الغرور: يوجد فيها بقايا حظيرة مستطيلة وبرج ومدافن وصهاريج وأساسات وطريق رومانية، وفي جنوبها الشرقي تقع مخاضة أبو سدرة.
خربة عينون: لعلها تحريف لـ عين نونا، وهو اسم سرياني بمعنى عين السمكة، ترتفع 439 م، عن سطح البحر. وتحتوي على أنقاض قرية وجدران عقود ومقام وصهاريج وأحواض سلالم وصخور منحوتة ونقر في الصخور.
الاستيطان ونهب الأراضي
محافظة طوباس منطقة إستراتيجية هامة، تشكل مع منطقة أريحا غور فلسطين الذي يمتاز بجودة أرضه، ووفره مياهه، وصلاحيته لزراعة الكثير من المزروعات.
وقد قال المشير عبد الحكيم عامر في كتاباته عن حرب 1967: "عندما سقطت طوباس في أيدي المحتل الإسرائيلي، أدركنا أن الضفة الغربية قد سقطت".
وكانت المنطقة هدفا للاحتلال والاستيطان الإسرائيلي منذ احتلال الضفة الغربية، فقد تم بناء مجموعة كبيرة من المستوطنات ومعسكرات تدريب الجيش، أتت على أكثر من نصف مساحة المحافظة، خاصة بعد لقرار بفصل وعزل منطقة الأغوار.
قوات الاحتلال تقتحم وتغلق مداخل مدينة طوباس.
وهذا يندرج تحت سياسة ممنهجة للاحتلال لإفراغ المنطقة من سكانها، واعتبارها منطقة عسكرية مغلقة، مقدمة لمخطط ضم الأغوار، باعتبارها خط الدفاع الشرقي للاحتلال الإسرائيلي، والعمل على تهويد هذه المنطقة من خلال المشاريع الاستيطانية، التي بدأت مع احتلال الضفة الغربية عام 1967، وتبلور إجماع لدى قادة الاحتلال بضم القدس والأغوار، خاصة ما عرف بـ"مشروع ألون"، الذي بدأ الاحتلال بتنفيذه أواخر الستينات ببناء مجموعة كبيرة من المستوطنات على طول نهر الأردن، وصلت الآن إلى 35 مستوطنة يعيش فيها 7500 مستوطن، منها11 مستوطنة وثمانية معسكرات لتدريب الجيش على أراضي طوباس، هذا عدا الحواجز المنتشرة على مداخل المحافظة.
ومخطط الجدار الشرقي الذي يأتي على نصف مساحة المحافظة الشرقي عدا عن المساحة المحصورة بين السياج المقام الذي أقامته سلطات الاحتلال.
كون المنطقة تقع بمحاذاة نهر الأردن والسفوح الشرقية للضفة الغربية، بالإضافة إلى اعتبارها الاحتياطي الاستراتيجي للمشروع الوطني الفلسطيني، من المخزون المائي الأرضي والزراعي.
على طريق المقاومة
وكغيرها من مدن الضفة الغربية، خطت طوباس باكرا طريقا على خارطة النضال الفلسطيني، الذي اتسعت رقعته خلال العامين الأخيرين، وشكلت أحد أهم حالات المقاومة الفاعلة، عبر ما بات يعرف بالكتائب والمجموعات.
وما لبثت أن أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إطلاقها "كتيبة طوباس" في عام 2022، حتى انخرطت فصائل المقاومة، وخاصة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في التوجه ذاته، وشرعت باستهداف الاحتلال.
وألقت طوباس بظلال مقاومتها على محيطها من القرى والمخيمات، فتشكلت في بلدات عقابا وطمون ومخيم الفارعة مجموعات مقاتلة بمسميات مختلفة وهدف مشترك: مقاومة الاحتلال ولجم اعتداءاته.
وقبل أيام قليلة استشهد 3 شباب فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها طوباس، بينهم أحمد دراغمة قائد كتيبة طوباس التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
المصادر:
ـ طوباس، المدن الفلسطينية في حدود الأراضي المحتلة عام 1967، مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (وفا).
ـ عاطف دغلس، "بوابة الفدائيين.. طوباس تكسر هدوءها وتقض مضاجع الاحتلال"،الجزيرة نت، 17/12/2023.
ـ مدينة طوباس، منظمة التحرير الفلسطينية، دائرة شؤون المغتربين.
ـ "استشهاد 3 فلسطينيين بالضفة بينهم قائد كتيبة طوباس"، الجزيرة نت، 27/2/2024.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير طوباس التاريخية فلسطين فلسطين تاريخ طوباس هوية تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة مدینة طوباس نهر الأردن فی عام
إقرأ أيضاً:
منظمة حقوقية: جرائم المستوطنين في الضفة الغربية تزداد توسعا
في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي شنّ هجومه الدموي على الشعب الفلسطيني قطاع غزة، يستمر المستوطنون في استهدافه بالضفة الغربية، وسط دعم الاحتلال وإسناد جيشه، الذي يغضّ طرفه عن آلاف الشهادات التي يقدمها فلسطينيون تعرضوا لعمليات عنف المستوطنين بشكل مباشر، ورغم توثيقها، وفتح آلاف ملفات التحقيق لدى الشرطة، لكنها كلها ذهبت هباءً وسط قرار من الحكومة برمّتها.
واستندا زئيف ستاهل٬ ونوعا كوهين٬ العاملان في منظمة "يش دين" الحقوقية، وهي منظمة إسرائيلية بمعنى "هناك قانون"٬ إلى قاعدة بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، المصدر الأكثر شمولاً للمعلومات حول عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وإساءة معاملتهم، حيث تم توثيق 6 آلاف و285 اعتداء وقعت بين 2016-2023 في الضفة الغربية فقط، دون إحصاء عنفهم في القدس المحتلة التي بلغ عددها ألف و704 اعتداء، كأداة في خدمة الاستيطان في أحياء سلوان والشيخ جراح، وهناك ألف و613 اقتحام قام به مستوطنون لأراضي الفلسطينيين بزعم أنها جولات سياحية".
إحراق الأراضي وسرقة الممتلكات
وأضافا في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" إن "هذه الجولات والنزهات اسم احتيالي للممارسة الفاحشة والبلطجية المتمثلة باقتحام المستوطنين للقرى والبلدات الفلسطينية، وأراضيهم الزراعية الخاصة، بهدف مضايقتهم، وإيذائهم، وإتلاف الممتلكات والمحاصيل الزراعية، وإزالة أصحابها الشرعيين منها، وإقامة بؤر استيطانية فيها، أو إحداث دمار عام، وهذا نشاط مبادر ومنظم يعبر عن الشعور بالسيادة والتفوق اليهودي الذي يميز "فتيان التلال"، وهم من عتاة المستوطنين".
وضربا على ذلك العديد من الأمثلة، لكن أخطرها ما "شهده عام 2022، حين أجرى أبراهام شيمش، المرافق لمجموعة من "فتيان التلال" جولة في أرض عائلة حرب من قرية إسكاكا، وصلوا مزودين بالأدوات بهدف إقامة بؤرة استيطانية غير قانونية ضمن فعاليات "أسبوع إقامة المستوطنات" التي تنظمها حركة "نحلة"، حيث هرع أهالي القرية للمكان، وطالبوا المستوطنين بمغادرة المكان، إلا أنهم تجاهلوهم، وواصلوا التقدم داخل الأراضي الخاصة، ورغم أن سكان القرية لم يكونوا مسلحين، إلا أن "شيمش" اقترب من علي حرب البالغ من العمر 27 عاماً، وطعنه بقوة في قلبه، حيث انهار على الفور، وتوفي".
وواصلا أن "شيمش أخفى السكين، وعاد لمنزله، دون اعتقاله من الشرطة المتواجدين في المكان، ولم يتم القبض عليه إلا في اليوم التالي، وبعد أن أنكر في البداية، اعترف لاحقا بالطعن، لكن ملف التحقيق تم إغلاقه بزعم عدم وجود أدلة كافية، وأنه تصرّف "دفاعا عن النفس"، وبالتالي فإن كل هذه الرحلات والجولات التي يقوم بها المستوطنون تنتهي بشكل مأساوي".
تواطؤ الجيش والشرطة
وأوضحا أن "هناك 2039 حادثة من عنف المستوطنين تتضمن الاعتداء أو إتلاف الممتلكات دون إصابة جسدية، لا يتم إدراجها في الإحصائيات بزعم أنها لم تسفر عن أذى جسدي، وكأن إشعال النار في المنازل، وحرق المحلات التجارية والسيارات، وتحطيم وسحق وكسر الممتلكات، وتخريب المباني، وسرقة الحيوانات، وإلحاق الضرر بأشجار الزيتون والمحاصيل الزراعية، كلها لا تعتبر عنفاً استيطانياً، مع أننا أمام جرائم ينفذها المستوطنون بدوافع أيديولوجية كامنة وراءها بهدف إرهاب الفلسطينيين، ومنعهم من وصول أراضيهم ، سواء بسبب حظر عسكري، أو خوفًا من الجيش، وفي النهاية يتم طردهم من منازلهم".
وأشارا أن "جرائم المستوطنين وعدم متابعة الجهات الأمنية والقانونية لها ينطلق من فرضية عنصرية مفادها أن الفلسطينيين ليسوا مواطنين يتمتعون بحقوق متساوية، وليس لديهم الوسائل أو القدرة للدفاع عن أنفسهم، فليس لديهم مجموعات حراسة مسلحة، أو جنودا يحرسون المستوطنات ضد "الغزاة" غير المدعوين، ولا يُسمح لهم بحمل الأسلحة، أو إبعاد "المخربين" بأي وسيلة أخرى، لأن الفلسطيني الذي يحاول الدفاع عن نفسه أو عائلته أو ممتلكاته سيتم اعتقاله، واتهامه بالإرهاب في أفضل الأحوال، أو "العثور عليه ميتاً" في أسوأ الأحوال، وبالتالي يقفون عاجزين أمام حكومة والمستوطنين المسلحين والجيش".
تمهيد للضم
وأكدا أن "العديد من جرائم المستوطنين تنتهي بإتلاف ممتلكات الفلسطينيين، لأنهم يغزون قرية طواعية ، ويلحقون الضرر بممتلكاتهم، تنتهي بتدخل عنيف من جانب الجيش لصالحهم، وحتى قتل أو إصابة الفلسطينيين الذين سعوا لحمايتها، وهذا يعني أن بعض الحالات التي يتعرض فيها الفلسطينيون للإصابة بنيران الجنود ترتبط بعنف المستوطنين، التي بلغت وفق الإحصائيات اليومية بين كانون الثاني/ يناير 2016 ونيسان/أبريل 2023، قرابة ألف 104 اعتداءً عنيفاً على الفلسطينيين، شملت: الاعتداء والضرب وإطلاق النار وإلقاء الحجارة والتهديد، فضلاً عن الحرق العمد والسرقة وإتلاف المحاصيل الزراعية، وتدمير أنواع مختلفة من الممتلكات".
وكشفا أننا "التقينا بالعديد من الضحايا الفلسطينيين لجرائم المستوطنين، وجمعنا شهاداتهم حول ما حدث لهم، وساعدنا بتقديم الشكاوى للشرطة، لكن عددا كبيرا منهم، بنسبة 66%، تخلوا عن شكاواهم، لأن غالبيتهم العظمى لا تثق في الجهات القانونية، مما يسفر في النهاية عن استغلال الحكومة الإسرائيلية لجرائم المستوطنين في السيطرة على المزيد والمزيد من أراضي الفلسطينيين، وإفراغها بأكملها من وجودهم، وبناء البؤر الاستيطانية على طول وعرض الضفة الغربية لضمان السيطرة الأبدية والضم".