عددهم بالآلاف.. مبتورو الأطراف في حرب غزة يكافحون من أجل الحياة
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
تستمر معاناة الآلاف من مبتوري الأطراف في قطاع غزة المحاصر، مع دخول الحرب شهرها السادس، وسط نقص حاد في المواد الطبية والأدوية والعلاجات اللازمة للتخفيف من آلامهم، وهم يكافحون من أجل إكمال حياتهم.
ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" بعضا من قصص معاناة مبتوري الأطراف، ومنها قصة، إبراهيم الراعي، وهو فتى فلسطيني كان يساعد جيرانه، الذين كانوا يحتمون في ساحة مدرسة وسط غزة، في حزم حقائبهم للرحيل، عندما سقط صاروخ بالقرب منهم، قبل أن ينفجر صاروخ ثان ويتسبب في بتر ساقه اليمنى.
كان جد إبراهيم البالغ من العمر 70 عاما، أول من عثر عليه بعد الانفجار. ربط قميصا حول طرفه المكسور لوقف النزيف. لم تكن هناك سيارة إسعاف أو سيارة قريبة، لذلك تم نقله على متن دراجة هوائية، دفعها شقيقه وشخص غريب، عبر شارع مليء بالركام لإيصاله إلى مستشفى قريب.
أُنقذت حياة إبراهيم في ذلك اليوم من شهر يناير، إلا أن الحادثة لم تكن سوى بداية رحلة شاقة طويلة، تنقل فيها من مستشفى إلى آخر بحثا عن الرعاية، حسبما ذكر المراهق الفلسطيني وأفراد من عائلته لصحيفة "وول ستريت جورنال".
هذا الشاب البالغ من العمر 16 عاما، واحد من آلاف الفلسطينيين الذين فقدوا أحد أطرافهم نتيجة للحرب الجارية - وهي محنة مؤلمة تصبح أكثر إيلاما وأشد وطأة في ظل تدهور خدمات الرعاية الطبية الطارئة بالقطاع، والتي تركت عشرات آلاف الجرحى يكافحون من أجل الحصول على العلاج في المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل.
وأخلي المستشفى الأول الذي نُقل إليه الراعي في شمال غزة فور وصوله. ولم يتمكن الأطباء إلا من استبدال القميص المربوط على ساقه بعاصبة وإعطائه جرعة واحدة من المورفين. وفي النهاية تنقل بين ثلاثة مستشفيات أخرى لإجراء العمليات الجراحية التي يحتاجها.
لم يتمكن المراهق من النوم لعدة أيام بعد زوال التخدير بعد أول عملية جراحية أجريت له والتي استغرقت ساعة واحدة، في مستشفى شهداء الأقصى. وقال "كنت أصرخ. شعرت بالألم يسري في جسدي مثل الكهرباء".
وذكر تقرير الصحيفة أن نجاة مبتوري الأطراف من إصاباتهم ومن الحرب الدائرة حاليا بالقطاع، ستكون البداية فقط، أمام سلسلة التحديات الأخرى التي تنتظرهم في المستقبل، بما فيها العثور على وظائف وإعالة أسرهم، ومواصلة الاستشفاء من الجراح التي خلفها الصراع.
وقالت إميلي مايهيو، مؤرخة الطب العسكري في مؤسسة "إمبريال كوليدج" بلندن، إن أكبر محنة يواجهها الأطفال في معظم الحروب الحديثة، بما في ذلك الحربين العالميتين، كانت المجاعة.
وفي غزة، يمثل سوء التغذية لدى الأطفال مشكلة كبيرة، ولكن حجم الإصابات الناجمة عن الانفجارات يبقى "أكبر ويشكل تحديا طويل الأمد". وقالت: "إنه جيل ستكون لديه احتياجات معقدة حقًا لبقية حياته".
الآلاف فقدوا طرفا أو أكثروقدرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بنهاية ديسمبر أن نحو 12 ألف شخص، بينهم نحو 5 آلاف طفل، فقدوا طرفا أو أكثر بسبب الحرب في غزة.
وقالت المنظمة، ومقرها الضفة الغربية، إنها لم تتمكن من تحديث أرقامها هذا العام لأن الاتصالات في غزة غالبا ما تكون معطلة ومعظم المستشفيات لم تعد تعمل.
ودمرت آلاف المباني، ودُفنت عائلات بأكملها تحت الأنقاض. وأدت الغارات الجوية والضربات المدفعية الإسرائيلية إلى وقوع أعداد كبيرة من الإصابات السحقية، بما في ذلك كسور العظام وبتر الأطراف.
ويكشف أطباء وخبراء طبيون، أن الطبيعة القاسية للإصابات، بما في ذلك كسور العظام وبتر الأطراف، غالبا ما تجعل إنقاذ الأنسجة والأوعية الدموية أمرا صعبا. كما أن خطورة الإصابات تتفاقم بسبب نقص العلاج الطبي المتاح مثل المضادات الحيوية، ما يعني أن العدوى قد تصبح مميتة، وأيضا في ظل عدم وجود فرق جراحية، وبالتالي غياب إمكانية إعادة بناء الأطراف بشكل صحيح.
ولا يزال نحو 12 مستشفى فقط في غزة يعمل بشكل جزئي، في حين أن 23 مستشفى مغلق الآن، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وفي المستشفيات التي تواصل تقديم الرعاية للمرضى والمصابين، يعاني الأطباء وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية من ضغوط هائلة.
ويقول جراحون، إن بعض المرضى المصابين بجروح خطيرة خضعوا لعمليات بتر واسعة النطاق أكثر من اللازم لإنقاذ أرواحهم.
وصرح محمد عبيد، وهو جراح متخصص في إعادة بناء الأطراف في مستشفى العودة شمال غزة، قائلا إنه أجرى 35 عملية بتر للأطراف خلال الحرب.
وأضاف أن الأغلبية كانت حالات تم فيها تفجير الطرف بالفعل؛ و6 من عمليات البتر لم يكن من الممكن تفاديها بسبب نقص الإمدادات الطبية والمضادات الحيوية والطواقم المتخصصة، كاشفا أنه "لم يعد هناك أي جرّاح أوعية دموية في شمال غزة لإجراء عمليات معقدة تتعلق بالأوعية الدموية التالفة".
اثنان من المرضى الذين عالجهم عبيد كانتا شقيقتين، عمرهما 6 و9 سنوات. وصلتا إلى جناحه بعد إصابتهما بكسور كشفت عظام أرجلهما.
وأضاف أنهما أصيبتا في انفجار بمنزل عائلتهما، لكنهما لم تتمكنا من الوصول إلى المستشفى إلا بعد مرور أسبوع، لأن المستشفى كان محاصرا بسبب إطلاق النار. وبحلول وقت وصولهما إلى المستشفى كانت جروحهما قد التهبت، وبعد عدة محاولات لتفادي عملية البتر، تقرر تنفيذها بسبب نقص المستلزمات العلاجية الضرورية.
عملية بتر في المنزلويقول عدد من الفلسطينيين إن القتال كثيرا ما منعهم من الوصول إلى المستشفيات. وفي شهر يناير، انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لجراح يغسل الساق المقطوعة لابنة أخته البالغة من العمر 17 عاما في مطبخ العائلة في مدينة غزة.
وفي الفيديو، يغمس، هاني بسيسو، إسفنجة في دلو من المبيض والماء لتطهير طبقات الجلد المتدلية من ساق ابنة أخته، عهد بسيسو.
وكان يعتقد أن نقل الفتاة إلى المستشفى أمر خطير للغاية بسبب استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية. وفي إحدى المقابلات، يتذكر هاني أنه نظر إلى ابنة أخته وهي تتوسل إليه ألا يقطع ساقها.
كان عاجزا عن الكلام. لم يكن لديه أي تخدير ولكنه كان بحاجة إلى قطع ساقها للعثور على الشريان الذي كان ينزف. وشرع في العملية باستعمال سكين المطبخ ومقص طبي تحت مصباح الهاتف المحمول.
وبمجرد أن وجد العم الشريان، ربط خيطا قطنيا حوله. ثم انتظر هو وابنة أخيه خمسة أيام قبل أن يتمكنا من الوصول إلى مستشفى الشفاء القريب. أعطاها آخر ما لديه من المضادات الحيوية وحبوب مسكنات الألم لمساعدتها على تقليل الألم.
قال العم: "لقد كان الأمر صادما ومدهشا للغاية أنها تحملت كل هذا".
ونقلت عهد لاحقا إلى مستشفيين آخرين في غزة قبل إجلائها إلى مصر، وفقا لمقابلة فيديو أجرتها هذا الشهر مع إحدى وسائل الإعلام المصرية.
وخارج مناطق الحرب، غالبا ما تتطلب عمليات البتر عمليات جراحية متعددة، حيث تعمل الفرق الطبية لساعات لمحاولة إنقاذ الجلد والعظام. في بعض الأحيان تكون هناك حاجة إلى ترقيع الجلد.
وقال خبراء طبيون إن أفضل حل للمرضى المصابين بجروح خطيرة هو إجلاؤهم من غزة.
وأكد، ستيف سوسيبي، وهو عامل إغاثة في غزة منذ فترة طويلة، أنه تمكن من إرسال بعض المرضى إلى مستشفيات في الولايات المتحدة بعد إجلائهم إلى مصر، لكن الحصول على إذن لإخراجهم بطيء وبيروقراطي، حيث تستغرق الموافقات غالبا أسابيع.
وبحلول 3 مارس، تمكن حوالي 2600 مريض من مغادرة غزة لتلقي الرعاية الطبية في أماكن أخرى، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، التي تقدر أن هناك حاجة إلى إجلاء 8000 مريض إضافي.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی غزة بما فی فی ذلک
إقرأ أيضاً:
بعد قرن من انقراضه.. تفاصيل عودة أكبر حيوان بري إلى الحياة
في اكتشاف تاريخي مذهل، عُثر على حيوان التابير في منطقة كوستا فيردي بالبرازيل، وهو ما يُعتبر عودة مدهشة لأكبر حيوان بري في أمريكا الجنوبية بعد قرن تقريبًا من انقراضه.
تمثل هذه الأخبار، حدثا مهما وتاريخيا بين علماء البيئة المهتمين بالحفاظ على التنوع البيولوجي والتوازن البيئي في المنطقة.. فماذا حدث؟
عودة التابير من الانقراضشهدت آخر مشاهدة لحيوانات التابير في عام 1914 في متنزه "سيرا دوس أورجاوس"، حيث تعرضت هذه الحيوانات للتهديد نتيجة لعدة عوامل منها التوسع الحضري السريع، والصيد الجائر، وإزالة الغابات. وقد ظن الكثيرون أن سلالة التابير قد اختفت للأبد.
ومع ذلك، فإن الاكتشاف الأخير الذي تم بفضل الكاميرات الموضوعة استراتيجيًا من قبل معهد ولاية ريو دي جانيرو للبيئة "INEA" يكشف عن عودتها مرة أخرى إلى الحياة البرية، حيث استطاعت الكاميرات التقاط 108 صورة وفيديو لثلاثة حيوانات تابير تتجول في حالة جيدة على الساحل الأطلسي للبرازيل.
ما هو حيوان التابير؟يتميز حيوان التابير بشكل فريد يشبه وحيد القرن لكنه يتميز بزلومة صغيرة تشبه الفيل، وأذنين تشبهان أذن الفأر.
رغم وزنه الضخم الذي يصل إلى 320 كيلوجرامًا، فإن لديه قدرة ملحوظة على السباحة. يُعرف هذا الحيوان بلقب "بستاني الغابة" بسبب دوره الهام في حماية البيئة، حيث يقوم بإزالة الحشائش ونشر البذور عبر فضلاته، مما يساهم في نمو نباتات جديدة داخل الغابات ويتيح لأشعة الشمس الوصول إلى التربة.
كانت آخر مشاهدة لحيوانات التابير في عام 1914 في متنزه "سيرا دوس أورجاوس"، قبل اختفائه وظهوره مرة أخرى خلال الأيام القليلة الماضية.
تحديات تواجه حيوان التابيرتشير عودة حيوان التابير إلى أن المناطق المحمية، مثل منتزه "كونهامبيبي" الحكومي، توفر موارد كافية وأمانًا للحياة البرية.
شهدت السنوات الماضية في البرازيل جهودًا مضنية لمكافحة الصيد الجائر واستعادة التوازن البيئي. ولكن يحذر الخبراء من أن عددًا قليلاً من المشاهدات لا يضمن استعادة الحياة البرية بشكل كامل.
لا يزال عدد حيوانات التابير في أمريكا الجنوبية في انحدار، حيث يواجهون العديد من التهديدات، خصوصًا من حيوانات مثل الجاكوار والفهود المفترسة.
إضافة إلى ذلك، يمثل البشر خطرًا أيضًا على حياة حيوان التابير من خلال إزالة الغابات والصيد الجائر وتوسيع الطرق. إن التحديات البيئية مستمرة، لكن عودة التابير تعطي بصيص أمل في إمكانية استعادة التوازن البيئي في الغابات.
ويرى العلماء أن عودة حيوان التابير قصة ملهمة تُشجع على أهمية حماية البيئة والأنواع المهددة بالانقراض. من خلال جهود التوعية والرعاية البيئية، يمكن أن نستمر في دعم هذه الأنواع وحمايتها من التهديدات التي تواجهها. لا شك أن الحفاظ على التابير هو جزء من الحفاظ على التنوع البيولوجي الذي يعزز حياتنا جميعًا.