تستمر معاناة الآلاف من مبتوري الأطراف في قطاع غزة المحاصر، مع دخول الحرب شهرها السادس، وسط نقص حاد في المواد الطبية والأدوية والعلاجات اللازمة للتخفيف من آلامهم، وهم يكافحون من أجل إكمال حياتهم.

ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" بعضا من قصص معاناة مبتوري الأطراف، ومنها قصة، إبراهيم الراعي، وهو فتى فلسطيني كان يساعد جيرانه، الذين كانوا يحتمون في ساحة مدرسة  وسط غزة، في حزم حقائبهم للرحيل، عندما سقط صاروخ بالقرب منهم، قبل أن ينفجر صاروخ ثان ويتسبب في بتر ساقه اليمنى.

كان جد إبراهيم البالغ من العمر 70 عاما، أول من عثر عليه بعد الانفجار. ربط قميصا حول طرفه المكسور لوقف النزيف. لم تكن هناك سيارة إسعاف أو سيارة قريبة، لذلك تم نقله على متن دراجة هوائية، دفعها شقيقه وشخص غريب، عبر شارع مليء بالركام لإيصاله إلى مستشفى قريب.

أُنقذت حياة إبراهيم في ذلك اليوم من شهر يناير، إلا أن الحادثة لم تكن سوى بداية رحلة شاقة طويلة، تنقل فيها من مستشفى إلى آخر بحثا عن الرعاية، حسبما ذكر المراهق الفلسطيني وأفراد من عائلته لصحيفة "وول ستريت جورنال".

هذا الشاب البالغ من العمر 16 عاما، واحد من آلاف الفلسطينيين الذين فقدوا أحد أطرافهم نتيجة للحرب الجارية - وهي محنة مؤلمة تصبح أكثر إيلاما وأشد وطأة في ظل تدهور خدمات الرعاية الطبية الطارئة بالقطاع، والتي تركت عشرات آلاف الجرحى يكافحون من أجل الحصول على العلاج في المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل.

وأخلي المستشفى الأول الذي نُقل إليه الراعي في شمال غزة فور وصوله. ولم يتمكن الأطباء إلا من استبدال القميص المربوط على ساقه بعاصبة وإعطائه جرعة واحدة من المورفين. وفي النهاية تنقل بين ثلاثة مستشفيات أخرى لإجراء العمليات الجراحية التي يحتاجها.

لم يتمكن المراهق من النوم لعدة أيام بعد زوال التخدير بعد أول عملية جراحية أجريت له والتي استغرقت ساعة واحدة، في مستشفى شهداء الأقصى. وقال "كنت أصرخ. شعرت بالألم يسري في جسدي مثل الكهرباء".

وذكر تقرير الصحيفة أن نجاة مبتوري الأطراف من إصاباتهم ومن الحرب الدائرة حاليا بالقطاع، ستكون البداية فقط، أمام سلسلة التحديات الأخرى التي تنتظرهم في المستقبل، بما فيها العثور على وظائف وإعالة أسرهم، ومواصلة الاستشفاء من الجراح التي خلفها الصراع.

وقالت إميلي مايهيو، مؤرخة الطب العسكري في مؤسسة "إمبريال كوليدج" بلندن، إن أكبر محنة يواجهها الأطفال في معظم الحروب الحديثة، بما في ذلك الحربين العالميتين، كانت المجاعة. 

وفي غزة، يمثل سوء التغذية لدى الأطفال مشكلة كبيرة، ولكن حجم الإصابات الناجمة عن الانفجارات يبقى "أكبر ويشكل تحديا طويل الأمد". وقالت: "إنه جيل ستكون لديه احتياجات معقدة حقًا لبقية حياته".

الآلاف فقدوا طرفا أو أكثر

وقدرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بنهاية ديسمبر أن نحو 12 ألف شخص، بينهم نحو 5 آلاف طفل، فقدوا طرفا أو أكثر بسبب الحرب في غزة. 

وقالت المنظمة، ومقرها الضفة الغربية، إنها لم تتمكن من تحديث أرقامها هذا العام لأن الاتصالات في غزة غالبا ما تكون معطلة ومعظم المستشفيات لم تعد تعمل.

ودمرت آلاف المباني، ودُفنت عائلات بأكملها تحت الأنقاض. وأدت الغارات الجوية والضربات المدفعية الإسرائيلية إلى وقوع أعداد كبيرة من الإصابات السحقية، بما في ذلك كسور العظام وبتر الأطراف.

ويكشف أطباء وخبراء طبيون، أن الطبيعة القاسية للإصابات، بما في ذلك كسور العظام وبتر الأطراف، غالبا ما تجعل إنقاذ الأنسجة والأوعية الدموية أمرا صعبا. كما أن خطورة الإصابات تتفاقم بسبب نقص العلاج الطبي المتاح مثل المضادات الحيوية، ما يعني أن العدوى قد تصبح مميتة، وأيضا في ظل عدم وجود فرق جراحية، وبالتالي غياب إمكانية إعادة بناء الأطراف بشكل صحيح.

ولا يزال نحو 12 مستشفى فقط في غزة يعمل بشكل جزئي، في حين أن 23 مستشفى مغلق الآن، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

وفي المستشفيات التي تواصل تقديم الرعاية للمرضى والمصابين، يعاني الأطباء وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية من ضغوط هائلة. 

ويقول جراحون، إن بعض المرضى المصابين بجروح خطيرة خضعوا لعمليات بتر واسعة النطاق أكثر من اللازم لإنقاذ أرواحهم.

وصرح محمد عبيد، وهو جراح متخصص في إعادة بناء الأطراف في مستشفى العودة شمال غزة، قائلا إنه أجرى 35 عملية بتر للأطراف خلال الحرب.

وأضاف أن الأغلبية كانت حالات تم فيها تفجير الطرف بالفعل؛ و6 من عمليات البتر لم يكن من الممكن تفاديها بسبب نقص الإمدادات الطبية والمضادات الحيوية والطواقم المتخصصة، كاشفا أنه "لم يعد هناك أي جرّاح أوعية دموية في شمال غزة لإجراء عمليات معقدة تتعلق بالأوعية الدموية التالفة".

اثنان من المرضى الذين عالجهم عبيد كانتا شقيقتين، عمرهما 6 و9 سنوات. وصلتا إلى جناحه بعد إصابتهما بكسور كشفت عظام أرجلهما.

وأضاف أنهما أصيبتا في انفجار بمنزل عائلتهما، لكنهما لم تتمكنا من الوصول إلى المستشفى إلا بعد مرور أسبوع، لأن المستشفى كان محاصرا بسبب إطلاق النار. وبحلول وقت وصولهما إلى المستشفى كانت جروحهما قد التهبت، وبعد عدة محاولات لتفادي عملية البتر، تقرر تنفيذها بسبب نقص المستلزمات العلاجية الضرورية.

عملية بتر في المنزل

ويقول عدد من الفلسطينيين إن القتال كثيرا ما منعهم من الوصول إلى المستشفيات. وفي شهر يناير، انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لجراح يغسل الساق المقطوعة لابنة أخته البالغة من العمر 17 عاما في مطبخ العائلة في مدينة غزة. 

وفي الفيديو، يغمس، هاني بسيسو، إسفنجة في دلو من المبيض والماء لتطهير طبقات الجلد المتدلية من ساق ابنة أخته، عهد بسيسو.

وكان يعتقد أن نقل الفتاة إلى المستشفى أمر خطير للغاية بسبب استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية. وفي إحدى المقابلات، يتذكر هاني أنه نظر إلى ابنة أخته وهي تتوسل إليه ألا يقطع ساقها.

كان عاجزا عن الكلام. لم يكن لديه أي تخدير ولكنه كان بحاجة إلى قطع ساقها للعثور على الشريان الذي كان ينزف. وشرع في العملية باستعمال سكين المطبخ ومقص طبي تحت مصباح الهاتف المحمول.

وبمجرد أن وجد العم الشريان، ربط خيطا قطنيا حوله. ثم انتظر هو وابنة أخيه خمسة أيام قبل أن يتمكنا من الوصول إلى مستشفى الشفاء القريب. أعطاها آخر ما لديه من المضادات الحيوية وحبوب مسكنات الألم لمساعدتها على تقليل الألم.

قال العم: "لقد كان الأمر صادما ومدهشا للغاية أنها تحملت كل هذا".

ونقلت عهد لاحقا إلى مستشفيين آخرين في غزة قبل إجلائها إلى مصر، وفقا لمقابلة فيديو أجرتها هذا الشهر مع إحدى وسائل الإعلام المصرية.

وخارج مناطق الحرب، غالبا ما تتطلب عمليات البتر عمليات جراحية متعددة، حيث تعمل الفرق الطبية لساعات لمحاولة إنقاذ الجلد والعظام. في بعض الأحيان تكون هناك حاجة إلى ترقيع الجلد.

وقال خبراء طبيون إن أفضل حل للمرضى المصابين بجروح خطيرة هو إجلاؤهم من غزة. 

وأكد، ستيف سوسيبي، وهو عامل إغاثة في غزة منذ فترة طويلة، أنه تمكن من إرسال بعض المرضى إلى مستشفيات في الولايات المتحدة بعد إجلائهم إلى مصر، لكن الحصول على إذن لإخراجهم بطيء وبيروقراطي، حيث تستغرق الموافقات غالبا أسابيع. 

وبحلول 3 مارس، تمكن حوالي 2600 مريض من مغادرة غزة لتلقي الرعاية الطبية في أماكن أخرى، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، التي تقدر أن هناك حاجة إلى إجلاء 8000 مريض إضافي.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی غزة بما فی فی ذلک

إقرأ أيضاً:

10 تغييرات في نمط الحياة لتجعل قلبك أقوى

النوبة القلبية هي السبب الأكثر شيوعا للوفاة في العالم نتيجة التاريخ العائلي، داء السكري، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع نسبة الكوليسترول، التدخين، الكحول الزائد، العادات الغذائية غير الصحية، قلة ممارسة الرياضة، الإجهاد وما إلى ذلك يسبب انسداد الأوعية الدموية مما يؤدي إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

كيفية حماية القلب

نظام عذائي

النظام الغذائي المتوازن (الكربوهيدرات المعقدة 60%، البروتين 20-30% والدهون 10% من إجمالي السعرات الحرارية) هو أفضل وسيلة لمحاربة أمراض القلب. 

اختر الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن والألياف والمواد المغذية الأخرى مثل الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان قليلة الدسم والدواجن منزوعة الجلد والأسماك والبقوليات والزيوت النباتية غير الاستوائية والمكسرات.

تقليل تناول الدهون المشبعة والمتحولة واللحوم الحمراء والمعالجة والسكريات المضافة والمشروبات المحلاة بالسكر والصوديوم. تجنب الأطعمة السريعة والوجبات السريعة والمقلية واللحوم الحمراء.

النشاط البدني:

ما لا يقل عن 150 دقيقة في الأسبوع من النشاط البدني المعتدل الشدة يمكن أن يساعد في خفض ضغط الدم والكوليسترول والسكر في الدم ووزن الجسم. المشي السريع، والجري، والركض، والسباحة، وركوب الدراجات، ورفع الأثقال الخفيفة إلى المتوسطة، وتمارين القلب يمكن أن تحرق السعرات الحرارية، وتحافظ على اللياقة البدنية وكتلة العضلات. اليوغا والبراناياما سوف تقلل من التوتر العقلي.

تدخين:

التبغ بأي شكل من الأشكال ضار. يتسبب النيكوتين في تلف الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى ظهور الكتل مبكرًا. يسبب التدخين تكوين جلطات مفاجئة مما يؤدي إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية الكبيرة. 

يموت الكثير من الناس بسبب النوبات القلبية والسكتات الدماغية قبل سن الخمسين أكثر من السرطان إن تحفيز صديق أو زوج أو زميل أو أولياء الأمور على الإقلاع عن التدخين لا يقل أهمية عن إنقاذ حياة شخص ما.

الوزن الصحي: مؤشر كتلة الجسم

يجب أن يوازن تناول السعرات الحرارية لدينا نشاطنا البدني. يمكن أن يساعد فقدان الوزن المتواضع بنسبة 5-10% من وزن الجسم على تحسين نسبة السكر في الدم وضغط الدم والكوليسترول.

كل خسارة 10 كجم من الوزن تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم بمقدار 10 ملم زئبقي. يساعد تقليل الوزن على التحكم بشكل أفضل في السكريات باستخدام كميات أقل من الأدوية.

النوم السليم

ثلث عمرنا مخصص للنوم. يجب أن يحصل الشخص البالغ على 7 إلى 9 ساعات من النوم غير المضطرب. 

لديك جدول زمني للذهاب إلى السرير. تجنب التعرض للضوء الساطع والأدوات الكهربائية (الجوال، أجهزة الكمبيوتر المحمولة، التلفزيون، الآيباد) بعد الساعة 8 مساءً. 

يمكنك تحسين نوعية النوم من خلال النشاط البدني خلال النهار، والتعرض لأشعة الشمس عدة ساعات في اليوم، وتجنب القهوة والشاي ومنشطات الدماغ بعد الساعة السادسة مساءً.

الضغط

الإجهاد هو التبغ الجديد. سيكون لدى الحيوانات مستويات عالية من الأدرينالين أثناء ردود أفعال الخوف والقتال والهروب. 

لكننا نحن البشر نفكر كثيرًا ونتوتر دون داع. الإفراط في الطموح، والتوقعات غير الواقعية، وسباق الفئران، والافتقار إلى الانضباط، والافتقار إلى الطبيعة الرياضية وما إلى ذلك سيؤدي إلى حالة فرط الأدرينالية. 

زيادة التوتر تزيد من ضغط الدم والسكر في الدم والكوليسترول التوتر يسبب الإدمان على الدخان/الكحول، الشراهة عند تناول الطعام، الاكتئاب، النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

ابحث عن طرق صحية لإدارة التوتر، مثل الهوايات والرياضة والقراءة وممارسة الرياضة والسفر والموسيقى والفن واليوجا براناياما وما إلى ذلك. تخصيص وقت للأصدقاء والعائلة وممارسة تقنيات الاسترخاء.

الكحول

الكحول الزائد يمكن أن يرفع ضغط الدم، ويقلل من قدرة ضخ القلب (اعتلال عضلة القلب)، وعدم انتظام ضربات القلب، والوفيات القلبية المفاجئة، والسكتة الدماغية، والسرطان، والسمنة، والانتحار، والحوادث، وتلف الكبد، والقيء من الدم، والتهاب المعدة، ويضعف مستويات الجلوكوز، ويزيد من الدهون الثلاثية ويتفاعل مع الأدوية.

إذا كنت لا تشرب لا تبدأ. الحد من تناول الكحول إلى ما لا يزيد عن مشروب واحد. عدم شرب الخمر.

ضغط الدم

الحفاظ على مستوى ضغط الدم المستهدف أقل من 140/90 ملم زئبقي. تعديل نمط الحياة، والحد من الملح، وممارسة الرياضة، وتخفيض الوزن مع تناول الدواء والجرعة المناسبة للسيطرة على ضغط الدم. يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى الأزمة القلبية والسكتة الدماغية وفشل القلب والفشل الكلوي والعمى ونزيف الأنف وتمزق تمدد الأوعية الدموية في الشرايين والخرف وما إلى ذلك.

الجلوكوز في الدم

مرض السكري يعادل أمراض القلب. يعد التحكم الصارم في نسبة السكر في الدم أمرًا مهمًا للوقاية من أمراض الأوعية الدموية الكبيرة والصغيرة المرتبطة بمرض السكري. يلزم تعديل نمط الحياة جنبًا إلى جنب مع معايرة الجرعة المناسبة لتحقيق الهدف المثالي لـ HbA1c.

يمكن تقليل الكربوهيدرات البسيطة (السكر العادي والخبز والبسكويت والحلويات والأرز الزائد والمائدة وغيرها. ويمكن تناول الحبوب الكاملة والدخن والبقوليات والخضروات والأطعمة الغنية بالألياف.

الكولسترول

هناك عوامل مختلفة تسبب ترسب الكولسترول / لويحات في الأوعية الدموية مما يؤدي إلى انسدادها يأتي الكوليسترول في الدم من النظام الغذائي (الطعام من مصادر حيوانية، اللحوم الحمراء، صفار البيض، السمن، الزبدة وغيرها)، ويتم إنتاجه أيضًا بانتظام في الكبد. 

بعض الأشخاص ينتجون المزيد من الكوليسترول بسبب عوامل وراثية. يجب على هؤلاء المرضى البدء بتناول الستاتينات أو الأدوية للتحكم في نسبة الكوليسترول لتحقيق هدف LDL.

مقالات مشابهة

  • برج القوس.. حظك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024: حنين لشريك الحياة
  • الإحباط وصراعات الحياة
  • « قزم أبيض» يستشرف مستقبل الحياة على الأرض
  • إلّا شريان الحياة!
  • ملامح من الحياة في كندا (4)
  • درك تسلطانت يداهم مصنع لتقطير ماء الحياة بدوار زمران
  • ”صراع الحياة: الألغام الحوثية وخرائط الموت في اليمن”
  • 10 تغييرات في نمط الحياة لتجعل قلبك أقوى
  • سعيا وراء الرشاقة.. مواطن عراقي يفارق الحياة في صالة عمليات سوريّة
  • مجلس الوزراء: بسبب الظروف الطارئة المصاحبة للعدوان على أراضي لبنان وتسهيلاً لدخول الوافدين يوقف العمل بقرار مجلس الوزراء رقم 46 م.و لعام 2020 وتعديلاته المتضمن تصريف مبلغ 100 دولار أمريكي أو ما يعادله بإحدى العملات الأجنبية التي يقبل بها مصرف سورية المركز