مسؤول إسرائيلي: المفاوضات في الدوحة ستحرك عملية طويلة ومعقدة فقط
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
قال مسؤول سياسي إسرائيلي في إحاطة صحافية على خلفية توجه وفد برئاسة رئيس الموساد، دافيد برنياع، اليوم الإثنين 18 مارس 2024، إلى العاصمة القطرية الدوحة لإجراء مفاوضات حول تبادل أسرى ووقف إطلاق نار في الحرب على غزة ، إن "توجه الوفد إلى قطر صباح اليوم سيحرك عملية طويلة ومعقدة فقط".
وأضاف المسؤول، الذي وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بأنه مطلع على المحادثات، أن "هذه المرة الأولى التي ستجري فيها مفاوضات مفصلة حول اتفاق وعلينا أن ندرك أن أي فاصلة فيه، وأي حرف ربط، وأي كلمة وأي مضمون، سيستغرق التفاوض حوله وقتا طويلا جدا".
وتابع أنه "هناك حماس الخارج في قطر وحماس الداخل في الأنفاق، ويستغرق نقل أي رسالة بين 24 و36 ساعة. والمفاوضات ليست مقابل حماس الخارج، التي لا قوة لها ولا قدرة على اتخاذ قرار، وإنما فقط مقابل السنوار الموجود في الأنفاق. وهذا يجعل العملية صعبة جدا. وهذه ليست مفاوضات تجري بواسطة الوسطاء. وينبغي خفض التوقعات بالتوصل إلى اتفاق سريع".
وتابع أن "الكابينيت منح الوفد تفويضا واضحا وليس ضبابيا، حول ما هو مسموح لفريق المفاوضات وما ليس مسموحا. أين بالإمكان تليين الموقف وأين ليس بالإمكان. وصادق الكابينيت أيضا على أن يسافر الفريق مع أرقام. ولم يحصل الفريق على كل ما أراد، حول عدد الأسرى مثلا، وقيّد الكابينيت هذا الأمر ووضع خطوطا حمراء واضحة".
واعتبر مسؤولون إسرائيليون مطلعون على المحادثات أن التفويض الذي مُنح للوفد "يسمح بالتأكيد ببدء مفاوضات. وربما لم نحصل على كل ما نريد، لكن توجد بالتأكيد شروط بإمكانها دفع مفاوضات في إطار التفويض. ولم تتم الموافقة على كافة طلبات فريق المفاوضات، لم تتم الموافقة على أمور هامة من أجل التقدم بالعملية. وأعطى الكابينيت ضوءا أخضر لتحريك العملية وهذا هو الأمر المهم".
وحسب المسؤول الإسرائيلي في الإحاطة الصحافية، فإنه "سيتطلب الأمر ليونة من كلا الجانبين، لكن توجد إمكانية لبدء مفاوضات رغم أن العملية صعبة ومعقدة. وجوهرها هو هدنة لـ42 يوما مقابل تحرير 40 مخطوفا".
وكان أعضاء الوفد الإسرائيلي قد اقترحوا إجراء محادثات متقاربة بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة قطر ومصر، بحيث يتواجد الوفد إسرائيل في مبنى ووفد حماس في مبنى قريب، وينقل الوسطاء مواقف الوفدين إلى بعضهما والجسر بين الفجوات فيها، على غرار المفاوضات التي جرت حول صفقة شاليط، حسبما ذكر موقع "واينت" الإلكتروني.
ويوجد خلاف حول مطلب حماس بإقرار هوية 150 أسيرا فلسطينيا من ذوي الأحكام المؤبدة مقابل إفراج حماس عن خمس مجندات إسرائيليات. وإحدى الإمكانيات المطروحة هي أن يكون لإسرائيل فيتو، أي حق الاعتراض، على أسماء أسرى تطرحها حماس. وتحسبا من أن يسبب ذلك تمديد فترة المفاوضات، طُرحت فكرة أن يتم الاتفاق من خلال المفاوضات المتقاربة خلال أيام وليس من خلال أوراق ستستغرق أسابيع أو شهور.
وتصر إسرائيل على إبعاد الأسرى الفلسطينيين ذوي الأحكام المؤبدة الذين سيفرج عنهم إلى خارج البلاد، فيما تصر حماس على عودتهم إلى بيوتهم.
ويتمحور خلاف آخر بين الجانبين حول عودة النازحين من سكان شمال قطاع غزة إلى بيوتهم. وتطالب حماس بعودة كاملة للنازحين وإلغاء سيطرة إسرائيل على طرق عودتهم، بينما تعارض إسرائيل ذلك بشدة، وتدعي أن مطلب حماس يعني عودة شمالي القطاع لسيطرتها. وحسب "واينت"، فإن إسرائيل قد توافق على عودة تدريجية لنساء وأطفال ليسوا في سن القتال.
وتعارض إسرائيل بشدة السماح بضمانات روسية وتركية للصفقة. وتطالب حماس بهدنة لمدة أسبوع قبل تسليم قائمة بأسماء رهائن على قيد الحياة سيُفرج عنهم بالمرحلة الأولى، بينما ترفض إسرائيل ذلك.
المصدر : وكالة سوا - عرب 48المصدر: وكالة سوا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
بين تفاؤل حذر وتحديات معقدة .. هل تنجح جهود الهدنة في غزة ؟
غزة- مراسل «عُمان» - بهاء طباسي:
تخيم حالة من الترقب المشوب بالتفاؤل الحذر على الأجواء في قطاع غزة، وسط الحديث عن جهود حثيثة تقودها مصر وقطر للتوصل إلى اتفاق تهدئة ينهي الحرب المستمرة على القطاع منذ أكثر من 14 شهرًا.
وبينما تستمر المفاوضات بوتيرة مكثفة بين الأطراف المختلفة، تبقى الصورة النهائية للاتفاق غير مكتملة، ما يجعل الساحة مفتوحة على كافة السيناريوهات.
تطورات المشهد الميداني والدبلوماسي
وفقًا لمصادر فلسطينية مطلعة، فإن الحديث عن اتفاق وشيك قد يكون مبالغًا فيه، حيث أكدت قناة «كان» العبرية أن «الطريق لا تزال طويلة حتى الإعلان عن اتفاق»، رغم الجهود المكثفة التي تُبذل من قبل الوسطاء. وأضافت ذات المصادر أن المفاوضات تركز على عدة قضايا محورية، أبرزها الإفراج عن الأسرى والمعتقلين، وضمان عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله.
صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية سرّبت أن صفقة التبادل المقترحة ستتم على مرحلتين؛ المرحلة الأولى، التي تعتمد على صيغة سبق أن طرحها الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال الصيف الماضي، ستمتد على مدار 42 يومًا وتشمل إطلاق سراح كبار السن والمرضى والمجندات الإسرائيليات. في المقابل، ستقوم إسرائيل بإعادة انتشار جزئي لقواتها، بما في ذلك الانسحاب بشكل شبه كامل من محوري نتساريم وفيلادلفيا.
موقف حماس: مرونة مشروطة
مصدر قيادي في حركة حماس أشار إلى أن الحركة تتعامل مع هذه المفاوضات بجدية، لكنها تتمسك بمطالبها الرئيسية، وعلى رأسها الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين دون استثناء.
وأضاف المصدر: «إننا ندرك تعقيد الموقف، لكننا نثق بقدرتنا على تحقيق مكاسب وطنية تليق بتضحيات شعبنا».
حماس ترى أيضًا أن عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية في شمال القطاع شرط غير قابل للمساومة.
وأكد القيادي، الذي فضل عدم ذكر اسمه: «الاحتلال يحاول استخدام هذا الملف كورقة ضغط، لكننا نصر على أن تكون العودة كاملة وغير مشروطة».
موقف إسرائيل: حسابات داخلية وضغوط خارجية
على الجانب الإسرائيلي، يبدو أن الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو تواجه تحديات كبيرة في إدارة هذا الملف. فرغم التصريحات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون كبار لصحيفة «يسرائيل هيوم» بأنهم «قريبون جدًا من التوصل إلى اتفاق معقد للغاية»، إلا أن التفاصيل النهائية لم تُحسم بعد.
إسرائيل تشترط إخضاع النازحين العائدين لتفتيش أمني دقيق، ما يعكس مخاوفها من إمكانية استخدام هذه العودة كغطاء لعمليات تسلل أو نقل أسلحة. كما أنها تسعى لتجنب أي خطوات قد تُفسر كتنازل أمام حماس، في ظل الضغط الداخلي المتزايد من المعارضة.
دور الوسطاء: مصر وقطر في قلب الحدث
تلعب كل من مصر وقطر دورًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين الطرفين. مصدر مصري مسؤول أكد أن القاهرة تُجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف.
وأشار إلى أن «الهدف الأساسي هو التوصل إلى اتفاق يضمن تهدئة طويلة الأمد ويضع حدًا لمعاناة المدنيين في قطاع غزة». لكن مصدر مصري آخر نفى ما تردد من أنباء عبر وسائل إعلام عدة عن زيارة مرتقبة لرئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى القاهرة.
من جانبه، أوضح مسؤول قطري أن الدوحة تعمل بالتنسيق مع مصر والمجتمع الدولي لدفع العملية التفاوضية قدمًا.
وأضاف: «نحن نركز على الجوانب الإنسانية في هذه المرحلة، خاصة ما يتعلق بالإفراج عن الأسرى وتخفيف الحصار».
أهالي غزة: تفاؤل حذر وسط المعاناة
في مخيمات النزوح في قطاع غزة، يتابع المواطنون بقلق وحذر ما يجري خلف الكواليس.
يقول أكرم عبدالعزيز، 53 عامًا، أحد سكان مدينة غزة: «سمعنا عن الكثير من الاتفاقات في السابق، لكنها غالبًا ما كانت تنهار بسبب تعنت الاحتلال. نأمل أن تكون هذه المرة مختلفة».
وأضاف أكرم، لـ«عُمان» خلال حديثه: «لا نريد سوى العودة إلى منازلنا بكرامة وأمان. لقد تعبنا من التنقل بين الملاجئ المؤقتة والحياة في الخيام».
وتابع: «نحن نعيش حالة من الانتظار القاتل، فالأخبار تأتي متضاربة. نأمل أن يكون هناك حل قريب يعيد لنا الاستقرار».
عاصم طلال ، شاب جامعي، 21 عامًا، يعبر عن وجهة نظر أكثر تشاؤمًا: «لا يمكننا الوثوق بسهولة بهذه المفاوضات. حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، هناك دائمًا احتمال لانهياره في أي لحظة. نحن نريد سلامًا حقيقيًا، وليس مجرد هدنة مؤقتة».
احتمالات النجاح والفشل
يرى المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، أن نجاح الاتفاق يعتمد على قدرة الوسطاء على تجاوز العقبات الرئيسية، خاصة ما يتعلق بملف النازحين والأسرى.
ويقول الرقب: «إذا استمرت الأطراف في التمسك بمواقفها دون تقديم تنازلات، فمن الصعب أن نرى اتفاقًا قريبًا».ويضيف لـ«عُمان»: «دور الوسطاء مهم جدًا، لكن الضغط الدولي هو العامل الحاسم. إذا شعر أحد الأطراف بأنه يستطيع التهرب من التزاماته دون عواقب، فقد نشهد انهيارًا سريعًا لأي تفاهمات يتم التوصل إليها».
ويوضح الرقب أن الظروف الميدانية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مسار المفاوضات: «الواقع على الأرض معقد للغاية. هناك أزمات إنسانية خانقة، وضغوط على حماس من الداخل، وأيضًا ضغوط على نتنياهو من المعارضة والمجتمع الدولي. هذه العوامل قد تدفع الأطراف إلى تسريع التوصل لاتفاق، لكنها أيضًا قد تُعقد الأمور إذا لم تتم إدارتها بحذر».
على النقيض، يرى المحلل الإسرائيلي، يوسي ميلمان، أن الحكومة الإسرائيلية قد تضطر للموافقة على بعض مطالب حماس، خاصة في ظل الضغوط الدولية.
ويقول ميلمان: «نتنياهو يدرك أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، لكن أي تنازل قد يُفسر كضعف. هذا المأزق هو ما يجعل المفاوضات صعبة للغاية».
ويضيف ميلمان: «إسرائيل تريد تهدئة طويلة الأمد، لكن هناك مخاوف من أن تُستخدم فترة التهدئة لإعادة تسليح حماس. لذلك، فإن أي اتفاق سيشمل آليات مراقبة دقيقة، وهو ما قد يكون نقطة خلاف جديدة».
وفي تعليقه على المرحلة المقبلة، يوضح المحلل السياسي الإسرائيلي المتخصص في قضايا الأمن والاستخبارات والدفاع: «حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق، فإن تنفيذه على الأرض سيكون التحدي الأكبر. نحن نتحدث عن وضع هش للغاية، وأي خطأ صغير قد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر».
بين الواقع والمأمول
في الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الدبلوماسية لتحقيق تهدئة في قطاع غزة، يبقى الأفق مليئًا بالتحديات. وبينما يترقب سكان غزة بقلق أي بارقة أمل، يظل النجاح مرهونًا بمدى قدرة الأطراف على تقديم تنازلات متبادلة. وحتى ذلك الحين، يبقى التفاؤل الحذر سيد الموقف.
ولكن، لا يمكن تجاهل تعقيدات الواقع التي تجعل تحقيق تهدئة دائمة أمرًا بالغ الصعوبة. إن استمرار المعاناة الإنسانية في غزة والضغوط الداخلية على جميع الأطراف يُبقي احتمالية انهيار أي اتفاق واردة.
ومع ذلك، فإن الوصول إلى صيغة تهدئة مؤقتة، ولو كانت هشة، يُعد خطوة صغيرة لكنها مهمة نحو تهدئة طويلة الأمد. الأهم الآن هو مدى قدرة الأطراف، بدعم الوسطاء، على إدارة التفاصيل الدقيقة للاتفاق لضمان عدم الانزلاق مجددًا في دوامة الحرب.
وبينما يعيش سكان غزة بين التفاؤل والشك، يبقى الأمر المؤكد هو أن الحاجة إلى حل جذري ومستدام تتجاوز الترتيبات المؤقتة. هذا الحل يجب أن يضمن حياة كريمة للشعب الفلسطيني، مع تحقيق الأمن والاستقرار لجميع الأطراف المعنية، وإلا ستظل غزة رهينة للصراعات المتكررة.