العرش والحب والجنة.. أسئلة جدلية يجيب عنها على جمعة بـ«نور الدين»
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
برنامج «نور الدين»، الذى يقدمه الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، والذى يذاع عبر فضائية «القناة الأولى» يومياً فى رمضان ما زال حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعى نظراً لقوة الاسئلة وحساسيتها، التى تطرح على مفتى البلاد السابق من قبل الأطفال.
ويفتح فضيلة الشيخ حواراً مع الأطفال والكبار وتساؤلاتهم حول الدين والله عز وجل، إضافة إلى المشكلات الحياتية التى تواجه عباد الله وكيفية التغلب عليها، ويرد على أسئلة الأطفال التى تشغل بالهم بالأدلة والبراهين.
واجه الدكتور على جمعة خلال برنامجه «نور الدين» الكثير من الأسئلة الشائكة، ومن أبرز هذه الأسئلة، سؤال لطفل يقول: «هو ربنا عنده كام سنة؟»، فكان رد الشيخ، إن الله سبحانه وتعالى موجود دائمًا، وأنه خارج دائرة عد العمر، لأن ليس حوله زمن، فبالتالى لا يوجد له بداية ونهاية، مضيفاً: «هذه الدائرة أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأن على رأسها العرش، وهو أكبر مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى، فالعرش مثل السقف تحته الجنة التى يعطيها للمؤمنين الطيبين الذين فعلوا الخير، وتحته النار التى يهدد بها العصاة الظالمين المفسدين الذين قتلوا الناس وأخرجوهم من ديارهم، والذين اعتدوا على الأموال والأعراض».
ووجه أحد الأطفال سؤالًا للدكتور على جمعة، وهو «احنا ليه مش بنشوف ربنا؟» ليرد قائلاً: «هل احنا بنشوف أمواج الرادار؟ هل نرى تيار الكهرباء؟ هل نرى أشعة إكس؟ فى حاجات مبنشوفهاش، الإنسان يرى بعينه والشبكية والضوء ينعكس على الحاجة، طيب فين الضوء اللى هينعكس على ربنا؟ ربنا خارج الدايرة الكونية فلا يمكن أن يراه أحد، ولو دخل الدايرة هيبقى مخلوق لأن كل اللى فى الدايرة مخلوقين وربنا مش مخلوق ولا يمكن أن يكون كذلك»، لافتاً إلى أن اليوم الذى نستطيع فيه رؤية الله سبحانه وتعالى، هو يوم القيامة، فعند دخولنا الجنة نكون هكذا على حافة الدائرة فنستطيع رؤية الله عز وجل.
كما سأل طفل آخر، «لماذا خلق الله العرش؟» ليرد فضيلة الشيخ إن الشريعة لم توضح المادة التى خلق الله منها العرش، لافتاً إلى أن عرش الرحمن، يمكن أن يكون خُلق من اللؤلؤ أو الذهب أو الجواهر أو الزمرد: «العرش حاجة مبهرة، وعظيمة، فخمة وكبيرة أوى، وتشعر بنوع من الأمن والخشوع جواك»، أما عن أسباب خلقه، فقال جمعة: «ربنا سبحانه وتعالى رسم الدنيا على وضع معين وهناك عالم الأرض حوله مجره وهى مجموعة ضخمة جدا من الكواكب والأرض بتلف والشمس أيضاً..الكون منها حاجات لسه مشوفنهاش.. فالكون المرصود اللى احنا بنشوفه 93 مليار سنة ضوئية.. الضوء بيجرى بسرعة قوى 300 ألف كيلو فى الثانية الواحدة.. يعنى من هنا لمرسى مطروح ناخد ثانية واحدة، والشمس بعيدة قوى والضوء ياخدها فى 8 دقايق، أما باقى الدائرة الكونية 575 مليار سنة ضوئية، يعنى سدس الكون شايفينه، وخمسة أسداسه لم نراه.. لسه قدامنا كتير.. وربنا بيقول فى كتابه: «وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا»..لما ربنا خلى الكون يلف فخلاه يطوف حول العرش، زى الكعبة كده بنلف حولها تشبها بالملائكة الذين يلفون حول العرش، وربنا عمله مخلوق عظيم جداً ومبهر علشان لما نعرف شأنه نعرف إن الله سبحانه وتعالى قهره واستولى عليه فنسجد لله سبحانه وتعالى».
وكان من بين أكثر الأسئلة الشائكة التى تلقاها جمعة من طفلة تقول «إيه سبب دخول المسلمين فقط الجنة، رغم أن هناك ديانات أخرى ولها رسل من السماء مثل المسيحية التى أرسل بها سيدنا عيسى عليه السلام؟»، ليرد قائلاً: «مين قالك إن المسلمين بس هما اللى هيدخلوا الجنة؟ دى معلومة مغلوطة»، مستشهدا بقوله تعالى :«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئينَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»، مؤكداً أن الدين عند الله الإسلام، وجميع الأديان تسمى إسلاماً «الآية واضحة جدًا، إن الدين عند الله الإسلام، كله اسمه إسلام عندنا».
وكان من ضمن الأسئلة التى طرحت على فضيلة الشيخ، حينما سألت فتاة حول حكم الصداقة بين الولد والبنت، موضحاً أن الصداقة بين الجنسين مباحة ما دامت قائمة على الصداقة، معقباً:
بعض الفتيات يطلقن على أصدقائهن من الشباب لقب «البست فريند» دون وعى بالمخاطر التى قد تنطوى على هذه العلاقة، مشددًاً على ضرورة وعى الناس بأننا مجتمع بشرى، وأن العلاقات بين الجنسين يجب أن تكون قائمة على الاحترام المتبادل والعفاف.
كما رد جمعة، على سؤال طفلة حول ما الدليل على فرض الحجاب؟، ليرد عليه:«الدليل موجود فى سورة الأحزاب وربنا خاطب سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم، فى سورة الأحزاب وقال قل لأزواجك ونساء المؤمنين يبقى كل نساء المؤمنين، وهذا فى قول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)، متابعا :«كمان الدليل فى إجماع الأمة يعنى كل الأمة فهمت كده، زى ما الأمة فهمت ليه اتوضا قبل ما اصلى، ونص الآية متفق عليه»
ورد مفتى البلاد السابق على سؤال طفلة حول ما إذا كان المايوه الشرعى حلالًا أم حرامًا، معقباً: «أهو أحسن من البكينى فالبوركينى أحسن من البكينى».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: برنامج نور الدين الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية هيئة كبار العلماء سورة الأحزاب الصداقة بين الولد والبنت الله سبحانه وتعالى على جمعة
إقرأ أيضاً:
ما سر قل أعوذ برب الفلق؟.. علي جمعة: تحصنك من 8 شرور مهلكة
رغم أن سورة الفلق هي من السور القرآنية القصيرة المعروفة ، بل المحفوظة كذلك عن ظهر قلب، إلا أنه لايزال هناك الكثير عنها خفيًا منه ما سر قل أعوذ برب الفلق ؟ ، ولعل ما يجعلنا بحاجة للمعرفة ويصعب علينا تجاهله ، هو أنها من أفضل سور الرقية الشرعية من العين والحسد، وهذا ما يدفعنا للبحث خلف ما سر قل أعوذ برب الفلق وما معناها.
قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } الذي فلق هذا العالم من العدم إلى الوجود، ومن الظلام إلى النور بالرسالة، وأعطانا أمثلةً كونية بأن الشمس تشرق كل يوم لكنها تغيب.
وأوضح «جمعة» عن ما سر قل أعوذ برب الفلق ؟، أنه لا دائم إلا وجه الله، { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } ، { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } وأن الظلام يأتي لكنه ينقشع.
وأكد أنه إذا أردت خير الدنيا فعليك بالله، وإذا أردت خير الآخرة فعليك بالله، وإذا أردت أن تتقي المصائب فعليك بالله؛ إما يصدها عنك، وإما ينصرك عليها، وإما يتقبلك عنده - سبحانه وتعالى - ويجازيك عليها، ففي كل حال من نصرٍ أو هزيمة أنت في معية الله، وفي كل حال من ضيقٍ وسعة إن الله معك وأنت في جواره -سبحانه وتعالى-.
وأضاف أن قول الله - سبحانه وتعالى: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ»، ويُقصد بالفلق الصبح؛ وذلك لأن الليل يتفلق عنه، وتناولت سورة الفلق في ثناياها الالتجاء إلى الله - سبحانه وتعالى-، والتحصن بقدرته من شر المخلوقات، ومن شر الظلام إذا انتشر، ومن شر السحرة، ومن شر أهل الفتن، ومن شر أهل الغيبة والنميمة، ومن شر الحسود.
وأفاد بأنه تهدف سورة الفلق إلى توجيه النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين جميعًا إلى اللجوء والاعتصام بقدرة الله - سبحانه وتعالى-، والاحتماء بجلاله من شر مخلوقاته وما يصدر عنهم من حسد أو أذى.
وأشار إلى أن (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، أي قل ألتجأ وأحتمي برب الفلق، والاستعاذة بالله ضربًا ونوع من الدعاء، أما الرب فهو المالك، أو السيد الذي يأمر فيطاع، أو المُصلح، والفلق فصل الأشياء عن بعضها.
وبين أن فطر وخلق وفلق كلها بمعنى واحد، والخلق هو إيجاد الشيء من العدم، وفالق بمعنى خالق وفاطر، قال الله - تعالى-: ( فالِقُ الإِصباحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَنًا)، فالفلق جميع مخلوقات الله - تعالى-، وجميع ما انفلق عنها ونتج منها، ورب الفلق تعادل رب العالمين.
ونبه إلى أنها استعاذة من شر كل مخلوق فيه شر، وبهذا المعنى تشمل الآية الاستعاذة من شر ظلمة الليل، وشر حسد الحاسدين المذكورين في الآيات التي تلي هذه الآية.
وأردف: ولكن الله أراد أن يخص هذين النوعين من الشرور بالذكر؛ لخفائهما، فهما يأتيان الإنسان بغتة دون أن يعلم، فعَطفُ الخاص على العام يفيد مزيد الاعتناء بالخاص المذكور.
تفسير سورة الفلقالآية الأولى: قال الله -تعالى- في الآية الأولى من سورة الفلق: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، والتفسير: أي قل ألتجأ وأحتمي برب الفلق، والاستعاذة بالله ضرباً ونوع من الدعاء، أمّا الرّب فهو المالك، أو السّيد الذي يأمر فيطاع، أو المُصلح، والفَلق فصل الأشياء عن بعضها، وفَطر وخَلق وفَلق كلّها بمعنى واحد.
وورد أن الخلق هو إيجاد الشيء من العدم، وفالق بمعنى خالق وفاطر، قال الله تعالى: ( فالِقُ الإِصباحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَنًا)، فالفلَق جميع مخلوقات الله تعالى، وجميع ما انفلق عنها ونتج منها، وربّ الفلق تعادل ربّ العالمين.
الآية الثانية: في الآية الثانية من السورة قال الله تعالى: (مِن شَرِّ مَا خَلَقَ)، والمُراد الاستعاذة بالله من شرّ كلّ مخلوق فيه شرّ، ويدلّ على هذا المعنى قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (أعوذ بك من شرِّ كلِّ دابةٍ أنت آخذٌ بناصيتِها)، وليس المقصود الاستعاذة من شرّ كلّ مخلوقات الله تعالى، بل من شرّ كلّ مخلوق فيه شرّ.
وبهذا المعنى تشمل الآية الاستعاذة من شرّ ظلمة الليل، وشرّ حسد الحاسدين المذكورين في الآيات التي تلي هذه الآية، ولكنّ الله أراد أن يخصّ هذين النوعين من الشرور بالذكر؛ لخفائهما، فهما يأتيان الإنسان بغتة دون أن يعلم، فعَطفُ الخاص على العام يفيد مزيد الاعتناء بالخاص المذكور.
الآية الثالثة: في الآية الثالثة قال الله تعالى: (وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)، والغسق هو ظلمة الليل، ومنه قوله: (أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ)، و قوله: وقب؛ بمعنى دخل.
وقد أشار الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- مرّةً إلى القمر، ومعه السيدة عائشة فقال لها: (استعيذي باللهِ من شرِّ هذا فإنَّ هذا هو الغاسقُ إذا وقبَ)، وذلك أنّ ظهور القمر دليل على دخول الليل.
وذكر الغاسق نكرة في الآية للتبعيض، فهو ليس شرّاً في كلّ أوقاته بل بعضها، وإلّا فإنّ الأصل في الليل وفي القمر أنّهما نعمة ينعمها الله -عزّ وجلّ- على عباده.
الآية الرابعة: في الآية الرابعة من السورة قال الله تعالى: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)، يكون النّفث أكثر من النفخ، وأقلّ من التّفل، فالتفلُ يكون مع شيءٍ من الريق، أمّا النفث فلا يكون بريق، وقد يكون أحياناً بشيء قليل من الريق فيكون بذلك مختلفاً عن النفخ.
ويكون النفث من الأنفس الخيّرة، وكذلك من الأنفس الشريرة، ومثال الأنفس الخيّرة ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها: (أنّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان إذا اشتكى نَفَثَ على نَفْسِهِ بالمُعَوِّذاتِ، ومسحَ عنهُ بيَدِهِ).
ومثال النفث من الأنفس الخبيثة أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كان يتعوذ من شرّ الشيطان، من همزه، ونفخه ونفثه، والخلاصة في الآية الكريمة أنّ النفاثات الواردة فيها يُراد بها نفث الأرواح الخبيثة من الجنّ والإنس وليس فقط نفث الساحرات.
الآية الخامسة: في الآية الخامسة والأخيرة قال الله تعالى: (وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، والمقصود بالحسد؛ تمنّي زوال النعمة عن الآخرين، وهو طبع في الإنسان لأنّه يحبّ أن يترفّع عن جنسه، وهو حرام، وقد يُراد به الغِبطة؛ وهي تمنّي النعمة دون زوالها عن الآخرين، والغبطة حُكمها في أمور الدنيا الإباحة، وفي أمور العبادات والطاعات مستحبّة.
وفيها قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا حسد إلا في اثنتيْنِ: رجلٌ آتاه اللهُ مالاً، فسلَّطَه على هَلَكَتِه في الحقِّ، وآخرُ آتاه اللهُ حكمةً، فهو يَقضي بها ويُعلِّمُها).
وردت كلمة حاسد في الآية الكريمة نكرة؛ لأنّ ليس كلّ حاسد يكون ضارّاً، فإذا لم يظهر حسده ويعمل بمقتضاه، لم يكن حسده ذلك ضاراً للإنسان، بل ينحصر حينها أثر حسده على نفسه بما يصيبه من الهمّ لعدم تمكّنه وتملّكه للنعمة التي يحسد الآخرين عليها.
ويكون الضرر فقط إذا أظهر حسده وعمل به، ومِن أخفى ذلك الحسد العين، فقد يكون للحاسد تأثير كبير يصيب من خلاله الآخرين بالعين، ففي حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (العينُ حقٌّ).