العرش والحب والجنة.. أسئلة جدلية يجيب عنها على جمعة بـ«نور الدين»
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
برنامج «نور الدين»، الذى يقدمه الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، والذى يذاع عبر فضائية «القناة الأولى» يومياً فى رمضان ما زال حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعى نظراً لقوة الاسئلة وحساسيتها، التى تطرح على مفتى البلاد السابق من قبل الأطفال.
ويفتح فضيلة الشيخ حواراً مع الأطفال والكبار وتساؤلاتهم حول الدين والله عز وجل، إضافة إلى المشكلات الحياتية التى تواجه عباد الله وكيفية التغلب عليها، ويرد على أسئلة الأطفال التى تشغل بالهم بالأدلة والبراهين.
واجه الدكتور على جمعة خلال برنامجه «نور الدين» الكثير من الأسئلة الشائكة، ومن أبرز هذه الأسئلة، سؤال لطفل يقول: «هو ربنا عنده كام سنة؟»، فكان رد الشيخ، إن الله سبحانه وتعالى موجود دائمًا، وأنه خارج دائرة عد العمر، لأن ليس حوله زمن، فبالتالى لا يوجد له بداية ونهاية، مضيفاً: «هذه الدائرة أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأن على رأسها العرش، وهو أكبر مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى، فالعرش مثل السقف تحته الجنة التى يعطيها للمؤمنين الطيبين الذين فعلوا الخير، وتحته النار التى يهدد بها العصاة الظالمين المفسدين الذين قتلوا الناس وأخرجوهم من ديارهم، والذين اعتدوا على الأموال والأعراض».
ووجه أحد الأطفال سؤالًا للدكتور على جمعة، وهو «احنا ليه مش بنشوف ربنا؟» ليرد قائلاً: «هل احنا بنشوف أمواج الرادار؟ هل نرى تيار الكهرباء؟ هل نرى أشعة إكس؟ فى حاجات مبنشوفهاش، الإنسان يرى بعينه والشبكية والضوء ينعكس على الحاجة، طيب فين الضوء اللى هينعكس على ربنا؟ ربنا خارج الدايرة الكونية فلا يمكن أن يراه أحد، ولو دخل الدايرة هيبقى مخلوق لأن كل اللى فى الدايرة مخلوقين وربنا مش مخلوق ولا يمكن أن يكون كذلك»، لافتاً إلى أن اليوم الذى نستطيع فيه رؤية الله سبحانه وتعالى، هو يوم القيامة، فعند دخولنا الجنة نكون هكذا على حافة الدائرة فنستطيع رؤية الله عز وجل.
كما سأل طفل آخر، «لماذا خلق الله العرش؟» ليرد فضيلة الشيخ إن الشريعة لم توضح المادة التى خلق الله منها العرش، لافتاً إلى أن عرش الرحمن، يمكن أن يكون خُلق من اللؤلؤ أو الذهب أو الجواهر أو الزمرد: «العرش حاجة مبهرة، وعظيمة، فخمة وكبيرة أوى، وتشعر بنوع من الأمن والخشوع جواك»، أما عن أسباب خلقه، فقال جمعة: «ربنا سبحانه وتعالى رسم الدنيا على وضع معين وهناك عالم الأرض حوله مجره وهى مجموعة ضخمة جدا من الكواكب والأرض بتلف والشمس أيضاً..الكون منها حاجات لسه مشوفنهاش.. فالكون المرصود اللى احنا بنشوفه 93 مليار سنة ضوئية.. الضوء بيجرى بسرعة قوى 300 ألف كيلو فى الثانية الواحدة.. يعنى من هنا لمرسى مطروح ناخد ثانية واحدة، والشمس بعيدة قوى والضوء ياخدها فى 8 دقايق، أما باقى الدائرة الكونية 575 مليار سنة ضوئية، يعنى سدس الكون شايفينه، وخمسة أسداسه لم نراه.. لسه قدامنا كتير.. وربنا بيقول فى كتابه: «وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا»..لما ربنا خلى الكون يلف فخلاه يطوف حول العرش، زى الكعبة كده بنلف حولها تشبها بالملائكة الذين يلفون حول العرش، وربنا عمله مخلوق عظيم جداً ومبهر علشان لما نعرف شأنه نعرف إن الله سبحانه وتعالى قهره واستولى عليه فنسجد لله سبحانه وتعالى».
وكان من بين أكثر الأسئلة الشائكة التى تلقاها جمعة من طفلة تقول «إيه سبب دخول المسلمين فقط الجنة، رغم أن هناك ديانات أخرى ولها رسل من السماء مثل المسيحية التى أرسل بها سيدنا عيسى عليه السلام؟»، ليرد قائلاً: «مين قالك إن المسلمين بس هما اللى هيدخلوا الجنة؟ دى معلومة مغلوطة»، مستشهدا بقوله تعالى :«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئينَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»، مؤكداً أن الدين عند الله الإسلام، وجميع الأديان تسمى إسلاماً «الآية واضحة جدًا، إن الدين عند الله الإسلام، كله اسمه إسلام عندنا».
وكان من ضمن الأسئلة التى طرحت على فضيلة الشيخ، حينما سألت فتاة حول حكم الصداقة بين الولد والبنت، موضحاً أن الصداقة بين الجنسين مباحة ما دامت قائمة على الصداقة، معقباً:
بعض الفتيات يطلقن على أصدقائهن من الشباب لقب «البست فريند» دون وعى بالمخاطر التى قد تنطوى على هذه العلاقة، مشددًاً على ضرورة وعى الناس بأننا مجتمع بشرى، وأن العلاقات بين الجنسين يجب أن تكون قائمة على الاحترام المتبادل والعفاف.
كما رد جمعة، على سؤال طفلة حول ما الدليل على فرض الحجاب؟، ليرد عليه:«الدليل موجود فى سورة الأحزاب وربنا خاطب سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم، فى سورة الأحزاب وقال قل لأزواجك ونساء المؤمنين يبقى كل نساء المؤمنين، وهذا فى قول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)، متابعا :«كمان الدليل فى إجماع الأمة يعنى كل الأمة فهمت كده، زى ما الأمة فهمت ليه اتوضا قبل ما اصلى، ونص الآية متفق عليه»
ورد مفتى البلاد السابق على سؤال طفلة حول ما إذا كان المايوه الشرعى حلالًا أم حرامًا، معقباً: «أهو أحسن من البكينى فالبوركينى أحسن من البكينى».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: برنامج نور الدين الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية هيئة كبار العلماء سورة الأحزاب الصداقة بين الولد والبنت الله سبحانه وتعالى على جمعة
إقرأ أيضاً:
خطبة آخر جمعة من رجب .. الموضوع والدروس المستفادة
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم، بعنوان: "نعمة الأمن"، منوهة أن الهدف من هذه الخطبة هو توعية الجمهور بأهمية الأمن في حياة الناس، واستلهام الدروس من الإسراء والمعراج.
خطبة الجمعة الأخيرة من رجبوقال الشيخ أحمد عصام الدين فرحات، خطيب مسجد الشرطة بالتجمع الخامس، إن نعمة الأمن من أجل نعم الله على عباده، والقرآن الكريم قد ألح على تحقيق الأمن في جميع مفرداته وأبعاده وجميع صناعاته.
وأضاف فرحات، خلال خطبة الجمعة من مسجد الشرطة بالتجمع الخامس، أن قلب الخليل إبراهيم عليه السلام، قد عرف نعمة الأمن في قوله (رب اجعل هذا بلدا آمنا) فكان لهذه الدعوة الصادقة أثر وبركة ممتدة عبر الزمان والمكان.
وأشار إلى أنه إذا أراد الإنسان أن يعرف قدر نعمة الأمن فلينظر إلى حال من فقدها، حيث لا طعام يطيب ولا شراب يروي ولا قلب يسكن ويطمئن ولا يرى إلا الدمار والخرب وضياع البلاد والعباد، فتزهق الأرواح وتسفك الدماء وتنهب الأموال وحينها يدرك الإنسان قدر البيان النبوي في قول النبي (من عاش آمنا في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا).
وإن من نعم الله تعالى علينا هذا الوطن، فلنطئمن فلقد جعل الله بلادنا أم البلاد ومهبط الأنبياء وموطن الأولياء، تتابعت وتلاقت على هذه الأرض حضارات متعددة، فهي محفوظة ومجبورة ومنصورة فهي وصية النبي الكريم (إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لكم ذمة ورحما واتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض، لأنهم في رباط إلى يوم القيامة.
وتابع: ظل شعب مصر على طول التاريخ مصدر أمن وأمان، متسما بالحب متصفا بالود والكرم والتسامح.
الدروس المستفادةوقال الشيخ أحمد عصام الدين فرحات، خطيب مسجد الشرطة بالتجمع الخامس، إنه علينا أن نتحقق بمقام العبودية فهو أعلى مقام وليتواضع الإنسان بين يدي مولاه ليوضع له القبول في السماء والأرض.
وأضاف فرحات، خلال خطبة الجمعة من مسجد الشرطة بالتجمع الخامس، أن النبي توجه إلى ربه يحتمي بحماه ويبث إليه شكواه قائلا (اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي.
وتابع: وجاء التكريم الإلهي للنبي في رحلة الإسراء والمعراج ليريه الآيات الكبري ويفيض عليه من الأسرار الكونية ويتجلى عليه بمزيد من المعارف والأنوار، فيقول تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
وقال خطيب مسجد الشرطة، إن شهود الجبر الإلهي حاضر في رحلة الإسراء والمعراج، لتفتح للامة كلها أبواب الأمل والثقة في الله، وهذا ما كان يحرص النبي على غرسه وترسيخه في نفوس أصحابه وهذا ما ينبغي أن يربى عليه أبناؤنا وبناتنا، العزة والأمل والأخذ بالأسباب والصبر والرضا والتوكل على الله والتحقق بمقام العبودية.
نعمة الأمن ودروس الإسراء والمعراجوحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم، بعنوان: "نعمة الأمن"، منوهة أن الهدف من هذه الخطبة هو توعية الجمهور بأهمية الأمن في حياة الناس، واستلهام الدروس من الإسراء والمعراج.
وقالت وزارة الأوقاف، إن نص موضوع خطبة الجمعة اليوم، كالتالي:
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، الحَمْدُ للهِ غَافِرِ الذَّنْبِ، وَقَابِلِ التَّوْبِ، شَدِيدِ العِقَابِ، ذِي الطَّوْلِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ، الحَمْدُ للهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، نَحْمَدُكَ اللَّهُمَّ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ الهُدَى وَالرِّضَا وَالعَفَافَ وَالغِنَى، ونَشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، ونَشْهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، صَاحِبُ الخُلُقِ العَظِيمِ، النَّبِيُّ المُصْطَفَى الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:
فَإِنَّ الأَمْنَ أَعْلَى قِيمَةٍ فِي حَيَاةِ الإِنْسَانِ، وَنِعْمَةٌ عُظْمَى مِنَ الرَّبِّ الوَهَّابِ جَلَّ جَلَالُهُ، فَإِذَا حَلَّ الأَمَانُ فِي وَطَنٍ كَانَ الاسْتِقْرَارُ وَالتَّقَدُّمُ وَالرُّقِيُّ، فَتُقَامُ الحَضَارَةُ، وَيُبْنَى الإِنْسَانُ، وَتُصَانُ الأَعْرَاضُ وَالمُمْتَلَكَاتُ، وَإِذَا غَابَ الأَمْنُ حَلَّ الدَّمَارُ وَالخَوْفُ وَالذُّعْرُ فِي الشَّوَارِعِ وَالبُيُوتِ وَالقُلُوبِ.
أَيُّهَا السَّادَةُ، لَقَدْ أَلَحَّ القُرْآنُ الكَرِيمُ عَلَى تَحْقِيقِ الأَمْنِ فِي كَافَّةِ مُفْرَدَاتِهِ وَأَبْعَادِهِ وَآلياتِ صِنَاعَاتِهِ، انْظُرُوا إِلَى الحَالِ الإِبْرَاهِيمِيِّ وَهُوَ يُرَدِّدُ {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا}، {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا}، حَيثُ عَرَفَ قَلْبُ الخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْرَ نِعْمَةِ الأَمْنِ، فَدَعَا اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ أَنْ يَبْسُطَ فِي الأَرْضِ الأَمْنَ وَالأَمَانَ، فَكَانَ لِهَذِهِ الدَّعْوةِ الصَّادِقَةِ أَثَرٌ بَاقٍ، وَبَرَكَةٌ سَابِغَةٌ مُمْتَدَّةٌ عَبْرَ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ}، {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَعْرِفُوا قَدْرَ نِعْمَةِ الأَمْنِ فَانْظُرُوا إِلَى حَالِ مَنْ فَقَدَهَا، حَيْثُ لَا طَعَامَ يَطِيبُ، وَلَا شَرَابَ يَرْوِي، وَلَا قَلْبَ يَسْكُنُ وَيَطْمَئِنُّ، وَلَا تَرَى إِلَّا الدَّمَارَ وَالخَرَابَ، وَضَيَاعَ البِلَادِ وَالعِبَادِ، فَتُزْهَقُ الأَرْوَاحُ، وَتُسْفَكُ الدِّمَاءُ، وَتُنْهَبُ الأَمْوَالُ، ثُمَّ تَذَوَّقُوا مَعِيَ هَذَا البَيَانَ النَّبَوِيَّ المُعَظَّمَ «مَنْ عَاشَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي بَدَنِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا».
وَيَا أَيُّهَا الشَّعْبُ المِصْرِيُّ أَبْشِرُوا وَاطْمَئِنُّوا، فَقَدْ جَعَلَ اللهُ بِلَادَكُمْ أُمَّ البِلَادِ، وَغَوْثَ العِبَادِ، وَمَهْبِطَ الأَنْبِيَاءِ، وَمَوْطِنَ الأَوْلِيَاءِ، بِلَادُكُمْ مَحْفُوظَةٌ، مَجْبُورَةٌ مَنْصُورَةٌ، خَزَائِنُهَا هِيَ خَزَائِنُ الأَرْضِ، وَأَهْلُهَا فِي رِبَاطٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، مِصْرُ هِيَ وَصِيَّةُ الجَنَابِ الأَنْوَرِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا؛ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا»، «إِذَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِصْرَ بَعْدِي فَاتَّخِذُوا فِيهَا جُنْدًا كَثِيفًا؛ فَذَلِكَ الجُنْدُ خَيْرُ أَجْنَادِ الأَرْضِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُمْ فِي رِبَاطٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ».
أَيُّهَا المِصْرِيُّونَ، إِنَّ مِصْرَ هِيَ المَأْوَى وَالسَّنَدُ وَالغَوْثُ وَالمَدَدُ؛ مِصْرُ هِيَ بُشْرَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَهْلِهِ {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ}، مِصْرُ هِيَ البَلَدُ الكَرِيمُ الَّذِي أَدْرَكَتْهُ بَرَكَاتُ الدَّعَوَاتِ الزَّيْنَبِيَّةِ «يَا أَهْلَ مِصْرَ، نَصَرْتُمُونَا نَصَرَكُمُ اللهُ، وَآوَيْتُمُونَا آوَاكُمُ اللهُ، وَأَعْنَتُمُونَا أَعَانَكُمُ اللهُ، جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا».
أَيُّهَا الكِرَامُ، اعْلَمُوا أَنَّ الأَمْنَ لَيْسَ حَدَثًا كَوْنِيًّا، بَلْ هُوَ تَصَرُّفٌ إِنْسَانِيٌّ يُحَقِّقُ مَعْنَى شُكْرِ اللهِ عَلَى نِعْمَةِ الأَمْنِ، فَلْنَكُنْ مَصْدَرَ أَمْنٍ وَأَمَان يَفِيضُ عَلَى الدُّنْيَا، يَأْوِي إِلَيْهِ الحَيَارَى، وَيَتَمَسَّكُ بِهِ أَصْحَابُ البَلَايَا، إِغَاثَةً لِلْمَلْهُوفِينَ، وَتَفْرِيجًا لِكُرُبَاتِ المَكْرُوبِينَ، وَجَبْرًا لِخَوَاطِرِ الضُّعَفَاءِ وَالمَسَاكِين.
*
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فَمَا أَنْ تُشْرِقَ عَلَى الدُّنْيَا شَمْسُ ذِكْرَى الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ حَتَّى تَمْلَأَ قُلُوبَنَا قُوَّةً وَأَمَلًا، ذِكْرَى كَرِيمَةٌ قُدْسِيّةٌ مُبَارَكَةٌ تُخْرِجُ قُلُوبَنَا مِنْ فَلَكِ الأَحْزَانِ وَالأَتْرَاحِ إِلَى شُهُودِ سَعَةِ فَضْلِ اللهِ وَإِكْرَامِهِ وَجَبْرِهِ سُبْحَانَهُ {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
أَيُّهَا النَّبِيلُ، إِنَّ الإِسْرَاءَ وَالمِعْرَاجَ مِنْحَةٌ إِلَهِيَّةٌ تَبْعَثُ فِي وجْدَانِ أَهْلِ البَلَاءِ مَزِيدًا مِنَ الأَمَلِ، وَتُلْقِي فِي قُلُوبِهِمْ قَبَسًا مِنْ أَنْوَارِ السَّكِينَةِ، فَكُلُّ مَا عَلَيْكَ أَنْ تَتَأَسَّى بِاليَدِ المُحَمَّدِيَّةِ المُسْتَجِيرَةِ بِرَبِّهَا يَوْمَ الطَّائِفِ مَصْحُوبًا بِقَلْبٍ وَسِعَ الأَرْضَ رَحْمَةً وَعَفْوًا، لِتَرَى مِنْ أَلْطَاف اللهِ مَا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى، وَكَيْفَ لَا وَقَدْ أَرَى الرَّبُّ الكَرِيمُ حَبِيبَهُ صَلَوَاتُ رَبّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ لَيْلَةَ المِعْرَاجِ القُدْسِيَّةَ مِنْ آيَاتِهِ الكُبْرَى؟!
أَيُّهَا المُحِبُّ لِنَبِيِّكَ صَلَواتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، تَحَقَّقْ بِبَرَكاتِ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ، وَحَقِّقْ مَا أَقَامَكَ اللهُ فِيهِ، وَتَحَمَّلْ عَقَبَاتِ الحَيَاةِ، وَلْيَكُنِ الصَّبْرُ دَيْدَنَكَ وَالرِّضَا عَنْ أَفْعَالِ رَبِّكَ مَنْهَجَكَ؛ يَرْفَع اللهُ قَدْرَكَ، وَيُعْلِي مَكَانَتَكَ، وَحَادِيكَ هَذَا الشرف النبوي «وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ».
تَحَقَّقْ أَيُّهَا النَّبِيلُ بِمَقَامِ العُبُودِيَّةِ فَهُوَ أَعْلَى مَقَامٍ، وَتَوَاضَعْ بَيْنَ يَدَيْ مَوْلَاكَ؛ يُوضَعْ لَكَ القَبُولُ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَتَرْتَقِ فِي مَعَارِجِ الشُّهُودِ وَالعِرْفَانِ، كَمَا ارْتَقَى نَبِيُّكَ السَّبْعَ الطِّبَاق، وَنَالَ مِنْ كُلِّ طَبَقَةٍ مِنْهَا شَرَفَ الزِّيَارَةِ بَعْدَ طُولِ اشْتِيَاق.
أَيُّهَا الكَرِيمُ، إِنَّ شُهُودَ الجَبْرِ الإِلَهِيِّ حَاضِرٌ فِي رِحْلَةِ الإِسْرَاءِ وَالمِعرَاجِ، لِتَفْتَحَ لَكَ أَبْوَابَ الأَمَلِ فِي الشِّدَّةِ بَعْدَ الفَرَجِ، وَالعُسْرِ مَعَ اليُسرِ {فَإِنَّ مَعَ العُسْر يُسْرًا * إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا}.
اللَّهُمَّ ابْسُطْ فِي بِلَادِنَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ، وَانْثُر السَّكِينَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ فِي قُلُوبِ عِبَادِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ