هل يجوز السجود للتلاوة بدون وضوء.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
قالت دار الإفتاء أن سجود التلاوة عند مواضعه من القرآن الكريم سنة مؤكدة في حق القارئ والسامع؛ فيثاب فاعله ولا يؤاخذ تاركه، ويشترط له أن يكون الساجد على وضوء، وهناك توسعة في الذكر باللسان لمن لم يتمكن من السجود؛ بأن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
هيئة سجود التلاوة
وهيئته: أن يكبر التالي أو المستمع ويسجد عن قيام أو قعود من غير ركوع، ثم يكبر ويرفع بلا تشهد ولا تسليم.
دليل مشروعية سجود التلاوة
والأصل في مشروعيته قوله تعالى: ﴿ فما لهم لا يؤمنون ۞ وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون﴾ [الانشقاق: 20-21]، وقوله تعالى: ﴿إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا﴾ [الإسراء: 107]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله -وفي رواية أبي كريب: يا ويلي-؛ أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» أخرجه مسلم في "صحيحه".
آيات سجود التلاوة
وآيات السجود في القرآن الكريم توقيفية؛ علمت مواضعها: إما بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها، أو بفعله صلى الله عليه وآله وسلم بالسجود عند قراءتها، واتبعه الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك، ومن الله على الأمة بأن ميزت مواضعها في المصحف الشريف بإضافة خط وعلامة يدلان عليها.
طرق معرفة مواضع سجود التلاوة
- فأما معرفة مواضعها بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها: فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن؛ منها ثلاث في المفصل، وفي الحج سجدتين" أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وقال: "هذا حديث رواته مصريون قد احتج الشيخان بأكثرهم، وليس في عدد سجود القرآن أتم منه ولم يخرجاه".
- وأما معرفة مواضعها بفعله صلى الله عليه وآله وسلم: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة؛ فيسجد ونسجد" أخرجه البخاري في "صحيحه".
وإضافة السجود إلى التلاوة هي من قبيل إضافة المسبب (السجود) إلى السبب (التلاوة أو السماع)، واختص بالتلاوة دون السماع: للاتفاق على كون التلاوة سببا لها، والاختلاف في سببية السماع، ولأن التلاوة أصل فيها، أما السماع فمترتب عليها.
قال العلامة بدر الدين العيني في "البناية" (2/ 654، ط. دار الكتب العلمية): [(باب سجود التلاوة).. والإضافة فيه من قبيل إضافة المسبب إلى السبب.. وأقوى وجوه الاختصاص: اختصاص المسبب بالسبب، فإن قلت: التلاوة سبب في حق التالي، والسماع سبب في حق السامع؛ فكان ينبغي أن يقول: (باب في سجود التلاوة والسماع)؟ قلت: لا خلاف في كون التلاوة سببا، واختلفوا في سببية السماع.. أو يقول: إن التلاوة أصل في الباب؛ لأنها إذا لم توجد لم يوجد السماع، فكان ذكرها مشتملا على السماع من وجه، فاكتفي به].
حكم سجود التلاوة
وذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن سجود التلاوة سنة مؤكدة في الصلاة وفي غيرها، وهو المروي عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر، وعثمان بن عفان، وسلمان الفارسي، وزيد بن ثابت، وعمران بن حصين رضي الله عنهم، وأبي ثور، والأوزاعي، والليث رحمهم الله.
الأدلة على حكم سجود التلاوة
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل، فسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة، قال: "يا أيها الناس، إنا نمر بالسجود؛ فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه" ولم يسجد عمر رضي الله عنه. وزاد نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: "إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء" أخرجه البخاري في "صحيحه".
وروى البخاري في "صحيحه": أنه قيل لعمران بن حصين رضي الله عنه: الرجل يسمع السجدة ولم يجلس لها؟ قال: "أرأيت لو قعد لها"؛ كأنه لا يوجبه عليه. وقال سلمان رضي الله عنه: "ما لهذا غدونا". وقال عثمان رضي الله عنه: "إنما السجدة على من استمعها". وقال الزهري: "لا يسجد إلا أن يكون طاهرا.." -أي لو لم يكن طاهرا فلا بأس بتركه السجود-، وكان السائب بن يزيد "لا يسجد لسجود القاص"، والمراد بالقاص هنا: "القارئ".
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "قرأت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ﴿والنجم﴾، فلم يسجد فيها" أخرجه البخاري -واللفظ له- ومسلم في "صحيحهما".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سجود التلاوة حكم سجود التلاوة صلى الله علیه وآله وسلم سجود التلاوة رضی الله عنه
إقرأ أيضاً:
هل يجوز جمع المغرب والعشاء بدون عذر؟.. أمين الفتوى يوضح
أوضح الشيخ أحمد وسام، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنه لا مانع من الجمع بين الصلوات إذا وُجدت حاجة مٌلحة لذلك، مثل العمل المتواصل الذي يصعب قطعه أو إذا كان هناك أمر مهم يضيع تركه ويتسبب في ضرر أو يفوت مصلحة شرعية معتبرة، مشيرًا إلى أن الجمع في هذه الحالة جائز بشرط ألا يصبح عادة دائمة.
وجاء ذلك ردًا على سؤال في بث مباشر على الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على "فيس بوك"، حيث سأل أحد المتابعين عن جواز جمع صلاتي المغرب والعشاء بدون عذر. فأجاب وسام مستشهدًا بما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، من غير خوف ولا سفر"، وفي رواية لمسلم "من غير خوف ولا مطر".
لكن وسام نبه إلى أن اتخاذ الجمع بين الصلوات عادة مستمرة لا يجوز، لأنه يخالف ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي داوم على أداء الصلوات في أوقاتها. وأشار إلى أن بعض المحققين من أهل العلم يرون أن الجمع الوارد عن ابن عباس هو ما يسمى بالجمع الصوري، أي أن يُصلَّى الظهر في آخر وقتها ثم تُصلَّى العصر في أول وقتها، فيُخيَّل لمن يراه أنه جمع بين الصلاتين، بينما في الحقيقة كل صلاة أُديت في وقتها المحدد.
حكم الصلاة بين المغرب والعشاء
أما بخصوص الصلاة بين المغرب والعشاء، فقد أجاب الدكتور عبد الله العجمي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، على سؤال آخر حول مدى صحة حديث: "من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عددن له بعبادة اثنتي عشرة سنة"، موضحًا أن الحديث رواه الإمام الترمذي، ووصفه بأنه حسن، وهو من أحاديث فضائل الأعمال.
وأكد العجمي أن الصلاة بين المغرب والعشاء مشروعة ومستحبة، ويُطلق عليها العلماء اسم "إحياء ما بين العشاءين"، ومن المستحب أن يحرص المسلم على أداء ست ركعات بين هاتين الصلاتين قدر استطاعته، سواء بشكل يومي أو أسبوعي، لما لها من أجر عظيم عند الله تعالى.