موقع النيلين:
2025-03-05@01:40:37 GMT

معتصم أقرع: ????مذكرات حارس مرمي

تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT


????لقد تم إتهامي بالإخونة عدة مرات في حياتي، وأتت التهمة في كل الأوقات تقريبا من نفس الجموعة. وهذا ما دفعني إلى محاولة التعرف على الأحداث التي بررت وصفي بالكوز.
أنا متأكد من أنني نسيت بعضًا منها ولكن إليك بعض هذه الحالات:
????عندما قررت المعارضة لنظام البشير، في منتصف التسعينيات، اللجوء إلى المقاومة المسلحة من إثيوبيا وإريتريا لإسقاط النظام.


????حينها قلت إن هذا هو القرار الأكثر تهورًا وغباءًا وعدم المسؤولية على الإطلاق في تاريخ الحركة السياسية السودانية.
????وأضفت أن عسكرة الفضاء السياسي تسلم المبادرة والأولوية السياسية للجماعات المسلحة، على حساب الأحزاب السياسية. ولأن كل الحركات العسكرية تعتمد على التمويل الأجنبي، فإن البقاء والسيادة تكون للأكثر عمالة وتبعية للخارج. وقد تحققت هذه النبوءة عندما انتصر الجنجويد وغزوا رايتهم. أطلقوا علي اسم كوز لقولي هذا.
????وقلت أيضا إن المقاومة المسلحة ستفشل في إسقاط النظام، بل ستقويه وتضعف الحركة السياسية الجماهيرية.
????وكلنا نعلم أنه عندما فشل المحاربون في إسقاط النظام، وافقوا على الانضمام إليه في الهبوط الناعم وانتخابات 2020.
????وكما توقعت، لم تتم إزالة النظام إلا بالمقاومة السلمية علي جثث شباب البلاد في عقود من المقاومة الباسلة التي انتصرت في عام 2019 لتحضر جماعات البصيرة أم حمد ذلك النصر وتحوله إلي كابوس كامل القتامة .
????حمامات السلام المضروب حاليا سمتني كوز حينها لرفض مبدأ العمل المسلح كدواء أسوأ من الداء.
????من المثير للاهتمام أن نفس الجماعات التي دعت إلى المقاومة المسلحة في منتصف التسعينيات تعرض اليوم نفسها كأنها بتول في السلام لا تاريخ لها في الدعوة للعنف أو دعمه وممارسته. وكانت هذه الجماعات تسمي دعاة الحرب حينها وطنيين ثوريين وتقول أن رافضي العمل المسلح كيزان حتي لو كان باعهم أطول في مقاومة الديكتاتورية البشيرية وفكرها.
????ونلاحظ أيضًا أن بعض الجماعات والأفراد الذين قرروا استخدام سلاح الحركة الشعبية لتحرير السودان للإطاحة بنظام الإخوان، لكن كل ما حصلنا عليه هو الموت والدمار وسفك الدماء على نطاق واسع، وانتهى كل ذلك بفصل الجنوب.
????ولم يتم تعلم درس استخدام أسلحة الآخرين واستخدامها لإسقاط النظام، والآن نرى كيف تعتمد مجموعات وأفراد على أسلحة الجنجويد لتاسيس المدنية والديمقراطية. والذين لا يفهمون تاريخهم محكوم عليهم بإعادته كماساة مركبة.
????كما لقبوني بالكوز عندما وقفت بحزم ضد العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة لأنها تعاقب الشعب السوداني وليس النظام، وأن هذه العقوبات تساعد النظام وتقويه وتعطيه الفرصة لإلقاء اللوم عليهافي خلق الأزمة الأقتصادية وإعفاء ذاته من مسؤولية سوء إدارة الشآن العام .
???? لاحظ أن الملايين من الناس حول العالم يرفضون العقوبات الأحادية على الدول ويعتبرونها قسرية وغير عادلة. وهذا يجعلني كوزا واحدًا من بين الملايين حول العالم الذين هم في الغالب يساريون ومناهضون للاستعمار ونشطاء سلام.
????كان من المضحك أن بعض زملائي القدامى الذين اعتادوا أن ييجيبوا الشربوت هاجموني بالكوزنة لأنني لم أستطع أن أحط من قدري وانحدر لدرجة مساندة عقوبات تؤذي الشعب السوداني، وليس النظام.
????وحتي في قضية إسقاط النظم الكريهة، أقف دائما ضد تدخل الأجنبي وادعوا لان يسقطها الشعب السوداني وحده لا شريك له بلا كفيل أخضر العيون أو أسودها.
????دائما نميز بين الوطن والنظام وبين مؤسسات الدولة ومن يديرها في الوقت الراهن ولا نقع في خفة الراس التي لا تري الفرق ولا تعيه.
????بعد الإطاحة بنظام البشير، تمت كوزنتي ألاف المرات ولا أستطيع حتى حصرها.
????لقد أُطلقت عليّ تلك الصفة عندما اعترضت على الشراكة بين قوى الحرية والتغيير مع اللجنة الأمنية للنظام القديم.
????وسموني بالكوز عندما أشرت إلى أن حكومة البصيرة أم حمد غير كفؤة بشكل خطير في إدارة السياسة الخارجية وسياسة السلام وعندما قلت أن اتفاق جوبا للسلام هو وصمة عار كاملة.
????وكوزنوني عندما رفضت السياسات الاقتصادية للحكومة الانتقالية التي كانت تهدف إلى التعويم المبكر للعملة وإلغاء الدعم حتى ترتفع تكلفة المواصلات ليحد الشعب السوداني من زياراته لعائلته وأصدقائه على الجانب الآخر من المدينة لاحتساء الشاي.
???? ومرة أخرى عندما حذرت من الاعتماد على جيش الجنجويد بعد إندلاع الحرب قبل عام، تم تسميتي بالكوز من قبل نفس القوى التي أطلقت علي لقب القوز عندما رفضت مبدأ المقاومة المسلحة في منتصف التسعينيات. وبالطبع، أخيراً، أصبحت أخا مسلما، أو مغفل في خدمتهم ، لأنني قلت أن الجنجويد ليسوا الحل لمشاكل الدولة السودانية العويصة ومشاكل جيشها.
???? كما اتضح فيما بعد، فإن الاعتماد على بندقية الحركة الشعبية لتحرير السودان لم ينته بنهاية سعيدة. بلانتهى الأمر بتقسيم البلاد وظهور دكتاتوريتين شمالا وجنوبا. ولا أرى نهاية سعيدة للركوب في بندقية الجنجويد أيضاً.
????هذه هي كل الأدلة المقدمة لإثبات أخونتي.كما ترون، ليس فيها أي ولاء لفكر الأخوان أو أي فكر ديني بالمرة. لكن التهمة المجانية تكشف عن الانتهازية المتطرفة والضحالة وعدم الكفاءة وعدم الأمانة لجماعة تهيمن على المشهد السياسي والثقافي.
???? الكوزنة الجزافية تهمة لا معنى لها فكل من خالفنا كوز وفي ذلك تجريف اللغة والفكر السياسي من شرائح افتقدت الحياء وسقطت عنها ورقة التوت للمرة الألف ولا تتردد في الكذب وممارسة الإغتيال المعنوي والسياسي لخصوم سلميين قارعوها بالحجة التي لا يؤجرون عليها بأي سبيل – ولا ورشة – ولكن ينالهم أحترام الوطنيين من مختلف ألوان الطيف السياسي.

معتصم أقرع

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المقاومة المسلحة الشعب السودانی

إقرأ أيضاً:

عندما يُختزلُ المعتقلُ في جسده!

يحاولُ الجسدُ جاهدا فـي السجون «محو تمايزه خشية إثارة رد فعل وحشي من الحراس»، إلا أننا شاهدنا مؤخرا أجسادا من أعمار مختلفة تمهر نفسها لقضيتها، رغم معرفتها بترصد الآخر لها، وبرغبته المحمومة فـي إفنائها كما تفعل كل السياسات القاتمة.

بتنا نرى ونسمع قصص الخارجين من السجون من مسافة قريبة، أقرب مما كانت تُتيحه لنا السرديات التقليدية. نُبصر نحولهم وذبولهم، وتفزعنا التحولات التي تصيبهم، لا سيما عندما توضع صور المقارنة بين ما كانوا عليه وما آلت إليه أجسادهم.. هكذا تغدو الأجساد علامة كافـية لاستيعاب الشراسة التي طحنتهم وغيرتهم.

يكسرُ السجان المُدجج بأسلحته، التماع العينين، يكسرُ الرؤوس المرفوعة، تلك التي لا تراوغ فـي التخفـي. ففـي تلك الأماكن المحجوبة عن الأعين تتلاشى «الملكية الفردية للجسد»، ففـي وجود السجان والمُعذَب «يُختزلُ المعتقلُ فـي حقيقة واحدة.. جسده»، فتُحشد كل القوى لإضعافه وسحقه وتذويبه أيضا.

فـي السجون حيث يغدو الجسد مُتاحا لغصص المعاناة، يتكثفُ النضال اليومي فـي سبيل البقاء، فتغدو مهمة إسكات الجوع ومقاومة البرد وتحمل سوء المعاملة والتعذيب تحت سياط التنكيل مهمة غير يسيرة، كما يشير دافـيد لوبروتون فـي كتابه المهم «انثروبولوجيا الجسد والحداثة»، ت: محمد الحاج سالم، صفحة٧، فالتجاور فـي السجن يكشف سمات حياة أجساد الآخرين، وهذا ما تُكثف السرديات كتابته، أعني كل ما هو مكبوت فـي العيش اليومي.

«ففـي الحياة اليومية المعتادة تخف تضاريس الجسد حدّة، وكأنّ عملياته تتم فـي سراديب مغلقة، بينما فـي السجن، حيثُ يُجرد الإنسان من إنسانيته يتحول تركيزه المكثف إلى أحشائه التي ينبغي أن تُملأ لتفرغ لاحقا، فتكبر معركة المسجون مع اليومي فـي كل لحظة.

يستعينُ السجناء بذكرياتهم، يحاولون جاهدين صونها بعيدا عن الأيدي المُعذِبة، فـيتلاعبُ السجان بالضحية عبر قتل الذكرى، عبر تلفـيق قصص موت الأحبة، لتفتيت شريط الذكريات. لقد شاهدنا صدمة البعض عندما وجدوا الحقيقة مُغايرة لما لفقه السجان، بينما خرج بعض آخر للخواء الشاسع جراء الموت الفعلي لأصل الذكرى!

فقد بعض من قضى عقودا فـي السجن الألفة مع اليومي، فبدا مذهولا كإنسان الكهف عندما رأى الهواتف المحمولة ونمط العيش المتبدل، ولذا خرج إلى الحياة ليُكابد اغترابا مضاعفا، فكل ما كان يشحذ به عقله ليبقى متماسكا تغير بصورة جذرية، ولذا ليس علينا أن نتعجب من الذين ماتوا بعد أيام أو أسابيع من خروجهم من السجن، وكأن كل قوى النضال، انهارت دفعة واحدة فـي لحظة الانفراج المنتظرة.

وإن بدا التعذيب سببا أساسيا فـي فقد بعض السجناء لإدراكهم، فإنّ عدم كفاية «المُحفزات الحسية الطبيعة قد تكون سببا آخر»، حيث تبدأ الهلوسات فـي الظهور لسد هذا النقص. وهو ما يطلق عليه «التعذيب النظيف» أي الحرمان الحسي كما يحدث فـي السجون الانفرادية على سبيل المثال، فالإدراك الحسي للعالم - كما يصفه لوبروتون- يصطبغ بمسحة عاطفـية، تتشكل من نغمات الصوت الروائح والضوضاء، فنحن نتحركُ ضمن مجال سمعي وبصري ونسجل ما يلتقطه جلدنا من تقلبات الحرارة، جوار الشم والتذوق لقياس علاقتنا بهذا العالم. «والإدراك لا يعني مطابقة الحقيقة بل تفسيرها. فهذا العالم هو نتاج جسد يُحول العالم إلى معانٍ، وهكذا يغدو الجسد أشبه ما يكون بمصفاة دلالية». وعليه فعندما يُحجب هذا العالم الحيوي عن السجين -ولعليّ أتذكر قصّة الرجل الذي لم يُبصر الشمس طوال فترة مكوثه فـي السجن- فهو يسقط فـي لُجة الهلاوس المروعة!

لكن ورغم السوداوية المفرطة التي كابدها الخارجون من ظلمات جحور العدو، إلا أنّنا عندما شاهدنا بأس من بقي لعقودٍ مُستعينا بوقود إيمانه وصلابته العميقة، فذلك يُعلمنا أيضا كم تتخاذل النظريات وتغدو محدودة ومبتورة أمام التجربة الحية والواقعية، فذلك الانشداد للأفكار العظيمة والراسخة، يجعلنا ننظر بذهول وتعجب إلى ما لا يكسره السجان فـي الروح المتقدة.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

مقالات مشابهة

  • إيدرسون: هذا هو أفضل حارس مرمى في التاريخ
  • الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن!
  • اليوم تكاد تكون شرق النيل خالية من الجنجويد بعد تضحيات وصبر طويل
  • العطا: لن نفاوض الجنجويد في ذرة رمل من تراب بلدنا – فيديو
  • معتصم النهار في “نفس”: أداء استثنائي يجذب الأنظار
  • لماذا يصعق الناس من الشيخ عندما يضل الطريق؟!
  • عندما يُختزلُ المعتقلُ في جسده!
  • الوليد مادبو وطيران الجنجويد
  • 61 "كلين شيت" في دوري أدنوك
  • محمد أبو زيد كروم يكتب: رمضان شهر الجهاد، وبل الجنجويد