في أول تصريح عن مرحلة ما بعد الحرب في السودان، قال مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، إن “رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان سيكون على رأس الحكومة الانتقالية عقب انتهاء الحرب”.

وأضاف أن “الجيش لن يسلم السلطة إلى المدنيين إلا عبر الانتخابات”، وهو الموقف الذي اعتبره تحالف الحرية والتغيير “تأكيدا على نوايا الجيش غير المعلنة للانفراد بالحكم”.

وجاءت تصريحات العطا خلال لقائه مع أحزاب سياسية موالية للجيش، ومناهضة لتحالف الحرية والتغيير الذي كان شريكا للجيش والدعم السريع في السلطة قبل اندلاع المعارك في أبريل 2023.

قال القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، خالد عمر يوسف، إن “ياسر العطا كشف جانبا من أهداف وغايات الحرب التي تدور في السودان”.

وأضاف يوسف، في منشور على منصة (إكس)، “هذه حرب لترسيخ سلطة عسكرية استبدادية، ولقطع الطريق أمام أي آمال في التحول المدني الديمقراطي في السودان”.

وتابع قائلا “هذه الحرب امتداد لسلسلة طويلة من المؤامرات على ثورة ديسمبر المجيدة، بدأت بفض اعتصام القيادة العامة، مروراً بإثارة الاضطرابات الأمنية، وصولاً لانقلاب 25 أكتوبر، وانتهاءً بحرب 15 أبريل، التي تتكشف حقيقتها يوماً بعد يوم”.

ويشهد السودان منذ 15 أبريل مواجهات مسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع. وجاءت المواجهات بعد أيام من خلافات بين الطرفين تتعلق بمواقيت وآلية دمج عناصر الدعم السريع في الجيش.

في المقابل، رحب القيادي في تحالف القوى الوطنية، التوم هجو، بالموقف الذي أعلنه الجيش بعدم تسليم السلطة للمدنيين إلا عبر الانتخابات، مشيرا إلى أن “سودان ما بعد الحرب يحتاج إلى حكومة قوية، لإدارة الشأن العسكري والأمني والاقتصادي”.

وقال هجو لموقع الحرة، إن “الوضع بعد الحرب سيحتاج لحكومة صارمة تدير المشهد المضطرب، ولا مجال لأي شراكة مع القوى السياسية التي كانت جزءًا من الحكم، لأنها انشغلت بالصراعات والبحث عن المصالح الشخصية والحزبية، وتركت الوطن يغرق في الأزمات”.

وتشكل تحالف القوى الوطنية عقب اندلاع الحرب، وسعى لتوقيع إعلان سياسي مع الجيش السوداني، ويُتهم التحالف بأنه الحاضنة السياسية للجيش، وهي اتهامات نفاها هجو، وقال إن “التحالف لا يهدف للوصول إلى كراسي السلطة، وإنما يبحث عن عقد اجتماعي جديد يوحد السودانيين”.

وتُتهم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، بأنها الحاضنة السياسية لقوات الدعم السريع. وتصاعدت تلك الاتهمات عقب توقيع الطرفين إعلانا سياسيا في يناير الماضي بالعاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، وهي اتهامات تنفيها التنسيقية.

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، أحمد عمر الصديق، أن “إشراف الجيش على الفترة الانتقالية في السودان ليس مسلكا جديدا، إذ سبق أن أشرف وزير الدفاع السوداني عبد الرحمن سوار الذهب على فترة ما بعد إسقاط حكم جعفر النميري، ثم سلم السلطة للحكومة المنتخبة بنهاية فترته”.

وفي عام 1985 ثار الشعب السوداني على الرئيس الأسبق جعفر نميري، وبناء على ذلك أعلن سوار الذهب، انحياز الجيش إلى ثورة الشعب، وتولى إدارة الفترة الانتقالية، ثم سلم السلطة إلى الحكومة المنتخبة بقيادة الراحل الصادق المهدي.

وقال الصديق لموقع الحرة، إن “تجربة البرهان في الحكم دللت على أنه ليس حريصا على التحول الديمقراطي في السودان، كونه نفذ انقلابا على الحكومة المدنية التي كانت تشارك العسكريين السلطة”.

وأضاف: “لا اعتقد أن القوى السياسية يمكن أن تثق في البرهان مجددا، مما يعني أن السودان موعود بموجة اضطراب سياسي وربما تظاهرات ممتدة، إذا تمكن الجيش من سحق الدعم السريع وسعى للانفراد بالسلطة”.

وأذاع البرهان بيانا في 25 أكتوبر 2021 أعلن بموجبه حل حكومة رئيس الوزراء، وقتها، عبد الله حمدوك، واعتقل عددا من الوزراء، ووضع حمدوك تحت الإقامة الجبرية.

وبعد ساعات من موقف الجيش، الذي أعلنه ياسر العطا، قالت 3 أحزاب سودانية إن “هناك اتفاقا يجري إعداده، بين الجيش وقوات الدعم السريع، يهدف إلى إنتاج شراكة بينهما، مع وجود تمثيل لبعض الكيانات السياسية”.

وأشار بيان مشترك لحزب الأمة القومي، وحزب البعث الاشتراكي، والحزب الشيوعي السوداني، إلى أن “الاتفاق يؤسس لنظام شمولي مدته 10 سنوات، يتأسس بالشراكة بين الجيش والدعم السريع وبعض الحركات المسحلة والقوى السياسية المدنية”.

وأضاف البيان “أن الجيش والدعم السريع شركاء في جريمة الحرب التي لن تسقط بالتقادم أو بالتسوية السياسية، وبالتالي هما غير مؤهلين أخلاقيا وقانونيا لكي يكونا جزءًا من أي مشروع سياسي قادم، وتجب محاسبتهما على جرائم الحرب”.

لكن التوم يقول إن “البيان حوى معلومات غاية في الغرابة، لأنه لا مجال لأي شراكة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع بعد الانتهاكات التي صدرت منها بحق المدنيين”.

وأضاف “هناك تحركات من المجتمع الدولي والإقليمي لفرض أحزاب الحرية والتغيير على المشهد السوداني، وجعلها حاكما لمرحلة مع بعد الحرب في السودان، وهذه التحركات مرفوضة من الأحزاب السودانية الوطنية، ومن الشعب السوداني”.

وأشار إلى أن “مصلحة السودان تقتضي عدم تكرار تجربة الشراكة بين العسكريين والمدنيين، وتقتضي عدم إشراك تحالف الحرية والتغيير في السلطة، لأنه فشل في إدارة البلاد عقب سقوط نظام البشير، مما قاد السودانيين إلى الحرب”.

وفي المقابل، يشير، الصديق إلى أن “الحالة السودانية تستدعي وجود مدنيين لإدارة البلاد مع العسكريين، ولتهيئة المناخ لانتخابات حرة ونزيهة، يختار فيها الشعب من يحكمه”.

وأضاف “وجود المدنيين مهم في إدارة الفترة الانتقالية، لكن يجب أن يكونوا من تكنقراط المستقلين، وليس من التشكيلات الحزبية، حتى لا تتكرر أخطاء الشراكة بين المدنيين والعسكريين”.

ولفت أستاذ العلوم السياسية، إلى أن “هناك حاجة ضرورية لدمج كل الحركات المسلحة في جيش واحد يعبّر عن السودانيين، ولا يكون منقادا لأي حزب أو جماعة سياسية. وهذه المهمة يجب أن لا تُترك للعسكرين وحدهم، ويجب أن يشارك فيها تكنوقراط مستقلون”.

ووفق أرقام الأمم المتحدة، أدى الصراع بين الجيش والدعم السريع إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وأجبر أكثر من 7 ملايين على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.

وقالت وكالات الأمم المتحدة إن نصف سكان السودان، أي حوالي 25 مليون شخص، يحتاجون إلى الدعم والحماية، من جراء تداعيات الحرب التي تدور في عدد من أنحاء البلاد.

وحذر منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة، مارتن غريفيث، في مذكرة لمجلس الأمن، الجمعة، من أن “ما يقرب من 5 ملايين شخص قد يعانون من جوع كارثي في بعض مناطق السودان خلال الأشهر المقبلة”، بحسب رويترز.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الحریة والتغییر والدعم السریع الدعم السریع فی السودان بعد الحرب بین الجیش إلى أن ما بعد

إقرأ أيضاً:

أهم عشرة أحداث عالمية في عام 2024

شهد العالم في عام 2024 سلسلة من الأحداث العالمية، التي ستترك بصمة واضحة على مختلف جوانب الحياة البشرية.

فمن الحروب والأزمات الجيوسياسية إلى التطورات التكنولوجية المتسارعة، مرورا بالأحداث والكوارث الطبيعية، لم يكن هذا العام عاديا بأي حال من الأحوال.

في هذا السياق، نستعرض أبرز 10 أحداث شكّلت عناوين الصحف العالمية وساهمت في صياغة واقع العالم لعام 2024، حسب مؤسسة "مجلس العلاقات الخارجية" البحثية الأميركية:

تصاعد الصراعات في الشرق الأوسط: امتدت الحروب الإسرائيلية لتشمل حزب الله وإيران، وشهدت سوريا تغييرا جذريا مع الإطاحة بنظام بشار الأسد القائم منذ فترة طويلة. الانتخابات الرئاسية الأميركية: انسحب جو بايدن من السباق الرئاسي، وتعرض دونالد ترامب لمحاولة اغتيال، وأدين بـ34 جناية، ورغم ذلك، أُعيد انتخابه، عقب فوزه على كامالا هاريس. الكوارث الطبيعية: شهد العالم سلسلة من الكوارث الطبيعية، بما في ذلك الزلازل والفيضانات، التي أثرت على ملايين الأشخاص. التطورات في الذكاء الاصطناعي: شهد عام 2024 تقدما كبيرا في تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى تحسين قدرات توليد الصور والنصوص والفيديوهات. الأحزاب الحاكمة تواجه صعوبات كبيرة: شهد عام 2024 موجة من الانتخابات في نحو 80 دولة تمثل أربعة مليارات شخص. الناخبون حول العالم عاقبوا الأحزاب الحاكمة، حيث خسرت أحزاب بارزة في دول مثل الهند، اليابان، وجنوب أفريقيا مقاعدها واضطرت إلى تشكيل حكومات ائتلافية. سباق الفضاء: عام 2024 شهد إنجازات فضائية كبيرة مثل هبوط اليابان على القمر واكتشافات محتملة للحياة على المريخ، لكن المنافسة الجيوسياسية زادت مع اتهام روسيا بوضع أسلحة نووية في الفضاء وزيادة الصين لأقمارها العسكرية. الحرب في أوكرانيا: روسيا تقدمت في الحرب على أوكرانيا، رغم الخسائر البشرية الكبيرة. الدعوات لوقف إطلاق النار مستمرة، لكن شروط فلاديمير بوتين تجعل الحل صعبا حتى الآن. استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية: سجل 2024 أكثر الأعوام حرارة، مع تأثيرات كارثية مثل الجفاف والكوارث الطبيعية، بينما بقي التقدم في مواجهة التغير المناخي محدودا. الحرب في السودان: استمرت الحرب الأهلية في السودان مع معاناة إنسانية واسعة، تضمنت وفاة آلاف الأشخاص ونزوح الملايين، بينما فشلت الجهود الدولية في التوصل لحل. الاقتصاد الصيني: عودة الصين لاستراتيجية التصدير بعد أزمة كوفيد تسببت بمخاوف من تدمير الصناعات المحلية في الدول المستوردة، مما دفع دولا كالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لفرض رسوم جديدة.

مقالات مشابهة

  • تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟
  • تحالف الأحزاب يدعو لاصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية في مواجهة التحديات
  • تحالف الأحزاب يدعو لاصطفاف المصريين وتوحيد الجهود خلف القيادة السياسية
  • تحالف الأحزاب يدعو المصريين للاصطفاف خلف القيادة السياسية وتوحيد الجهود الحزبية
  • الأحزاب السياسية الأردنية: تجديد النخب والديمقراطية الداخلية لاستعادة الحيوية
  • ما بعد الأحزاب.. مستقبل السياسة في السودان
  • رئيس "المستقلين الجدد" يوضح دور الأحزاب السياسية في دعم القضية الفلسطينية
  • الجيش السوداني يعلن مقتل العشرات من «قوات الدعم السريع»
  • أهم عشرة أحداث عالمية في عام 2024
  • الدعم السريع في دارفور يفقد حاضنته السياسية والاجتماعية ويتفكك إلى عناصره الأولية