الجزيرة:
2024-11-26@15:56:40 GMT

ثورة 1919.. شرارة تحرير مصر من الاستعمار البريطاني

تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT

ثورة 1919.. شرارة تحرير مصر من الاستعمار البريطاني

ثورة 1919 اندلعت شرارتها الأولى عقب نفي سعد زغلول ورفاقه إلى مالطة، لكنّ وراءها أسبابا كثيرة دفعت المصريين إلى الخروج للتظاهر، وعلى رأسها المطالبة باستقلال مصر وإلغاء الحماية البريطانية، واستطاع الثوار تحقيق مطالبهم ونيل استقلال بلادهم عام 1922، وإصدار أول دستور مصري عام 1923.

الأسباب

يبدو السبب الرئيسي الظاهر لاندلاع ثورة 1919 -الذي دفع إلى خروج الجماهير من عامة الشعب بكل طوائفه للتظاهر ضد الاحتلال البريطاني على مصر- هو نفي سلطات الحماية زعيم الحركة الوطنية سعد زغلول و3 من رفاقه إلى جزيرة مالطة.

لكن بالعودة إلى الوراء نجد أن هناك أسبابا عديدة ومتراكمة دفعت بخروج المصريين للتظاهر يوم 9 مارس/آذار 1919.

فقد عانت مصر منذ بداية خضوعها للاحتلال البريطاني في سبتمبر/أيلول 1882، لكن وضع الاحتلال ظلّ غير مستقر بسبب بقاء تبعيتها الرسمية والقانونية للدولة العثمانية.

ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914 دخلت تركيا الحرب بجانب ألمانيا والنمسا ضد إنجلترا وفرنسا، وتورطت مصر بشكل كبير في الحرب، وفُرض عليها عدم التعامل مع ألمانيا ورعاياها، وحظر السفن المصرية من التواصل مع الموانئ الألمانية، وفي المقابل منحت إنجلترا لنفسها الحق في توظيف الأراضي والمياه المصرية لصالحها أثناء الحرب.

وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 1914 أعلنت إنجلترا فرض الحماية على مصر، وإنهاء تبعيتها للدولة العثمانية، ومنذ ذلك الحين واجهت مصر الشدائد.

أعلن الاحتلال البريطاني الأحكام العرفية على مصر، وفرض الرقابة على الصحف، وعطّل الجمعية التشريعية، وأصدر قوانين تجرّم الإضرابات والمظاهرات، وفرض نظام "السلطنة" بعد عزل الخديوي عباس حلمي الثاني وتعيين السلطان حسين كامل لحكم مصر تحت سيطرة الاحتلال.

وفرض على المصريين دفع فاتورة الحرب، بمصادرة المحاصيل الزراعية والمواشي، وإجبارهم على زراعة المحاصيل التي تخدم احتياجات الحرب، وجنّد مئات الآلاف من الفلاحين المصريين قسريا، للمشاركة في الأعمال المساندة خلف صفوف القتال الأمامية تحت مسمى "فرق العمل المصرية".

تأثرت الأوضاع الاقتصادية في البلاد بصورة كبيرة، وأدت الحرب إلى نقص حاد في السلع الأساسية وارتفاع كبير في أسعارها؛ لندرتها وزيادة نسبة التضخم، وواجه المصريون موجة غلاء شديدة خلال فترة الحرب (1914-1918)، وارتفع سعر القمح بنسبة 131%، والسكر 149%، والفول 114%.

جزء من جنود البحرية والجيش البريطاني في مصر (غيتي) بداية الثورة

ومع نهاية الحرب العالمية الأولى، تفاقمت الأوضاع وبلغت حالة الاحتقان ذروتها بين الشعب المصري، واقتنع كثيرون أن نهاية الاحتلال البريطاني قد أوشكت بعد انتصار حلفائه خلال الحرب، وأن الوقت قد حان لنيل المصريين حريتهم بعد أن كبدتهم الحرب خسائر بشرية ومادية باهظة.

بُث الأمل في نفوس المصريين بعد إعلان الرئيس الأميركي وودرو ويلسون مبادئه الـ14، والتي تضمن "حق تقرير المصير للشعوب"، واعتقدوا باقتراب نيل استقلالهم، وعلى الرغم من أن ويلسون كان يقصد شعوب أوروبا فإن المصريين تمسكوا بها، واعتقدوا أنها مفتاح استقلالهم.

في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1918 ذهب سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي إلى دار الحماية بوساطة من رئيس الوزراء حسين رشدي، مطالبين بتحديد موعد لهم للقاء المندوب السامي البريطاني ريغنالد وينغيت، وتمت الموافقة لهم على المقابلة.

التقى الزعماء الثلاثة بالمندوب السامي البريطاني يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1918 وقدموا إليه مطالب الأمة، وهي: إلغاء الأحكام العرفية، وإنهاء الرقابة على المطبوعات، واستقلال مصر عن الاحتلال البريطاني.

اتفق سياسيون وقوميون على رأسهم الزعماء الثلاثة على تأسيس هيئة الوفد المصري (أصبحت فيما بعد حزب الوفد) لجمع توكيلات من الشعب، تمنحهم الشرعية والصلاحية الكاملة في تمثيل المصريين.

وصلت التوكيلات التي تم جمعها من عموم الشعب إلى مليوني توكيل من أصل 14 مليون مواطن، ومع اتساع رقعة جمع التوكيلات أمرت سلطات الاحتلال الحكومة المصرية بمنع جمع التوقيعات ومصادرة ما تم جمعه.

في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1918 تقدم الزعماء الثلاثة بطلب للجيش البريطاني للسماح لهم بالسفر إلى لندن لعرض قضية مصر والإعلان عن مطالبهم، وإدراجهم بصفة وفد ممثل عن مصر في مؤتمر السلام الذي كان مقررا عقده في باريس، وكان لا يسمح لأي مصري بالسفر دون إذن السلطة العسكرية بسبب خضوع مصر للأحكام العرفية.

وفي الأول من ديسمبر/كانون الأول 1918 أبلغت سلطات الاحتلال سعدا وزملاءه برفض طلبهم للسفر إلى لندن، وبأن يرسلوا طلباتهم مكتوبة، وأثار هذا الرد غضب سعد زغلول ورفاقه، مما دفعهم إلى شن حملة مضادة لسلطات الحماية، وإرسال برقيات لرئيس الوزراء البريطاني لويد جورج لعرض قضية مصر والمطالبة باستقلالها.

وقدّم حسين رشدي استقالته من منصبه احتجاجا على منع الوفد من السفر لمؤتمر باريس، وعدم السماح له ولوزير المعارف عدلي يكن بالسفر إلى لندن لمناقشة الأوضاع مع السلطات البريطانية، وقبل السلطان فؤاد الاستقالة.

في 8 مارس/آذار 1919 أُلقي القبض على سعد زغلول ومحمد محمود وحمد الباسل وإسماعيل صدقي وتم نفيهم إلى جزيرة مالطة، ما أشعل فتيل الثورة بين المصريين.

في 18 ديسمبر/كانون الأول 1914 أعلنت إنجلترا فرض الحماية على مصر وإنهاء تبعيتها للدولة العثمانية (غيتي) أهم المحطات

فور انتشار خبر نفي سعد زغلول وباقي الزعماء، اشتعل غضب المصريين في القاهرة والمحافظات والقرى، وفي 9 مارس/آذار 1919 امتنع الطلاب عن تلقي دروسهم.

وخرجوا بمظاهرات سلمية في الشوارع مطالبين بسقوط الحماية، مرددين هتافات مطالبة بعودة سعد ورفاقه من المنفى، واعتقل في ذلك اليوم نحو 300 طالب.

وفي اليوم التالي امتدت المظاهرات لتشمل الأزهر وباقي طلاب المدارس العليا والثانوية، وانضم باقي أفراد الشعب إلى صفوف المتظاهرين.

اتسعت المظاهرات وضمّت عمال السكك الحديدية، الذين أعلنوا إضرابهم وقطعوا خطوط المواصلات، وانضم لهم سائقو الترام وسيارات الأجرة وعمال البريد والكهرباء والجمارك والورش الحكومية والمطابع والقضاة والمحامون، وأُغلقت البنوك.

وتوحّد المصريون مسلمين ومسيحيين من كل طبقات المجتمع، وانضم لهم الفلاحون في القرى المجاورة، وفي يوم 15 مارس/آذار 1919 شهدت القاهرة مظاهرة حاشدة تضم الآلاف متجهين إلى قصر عابدين لدعم الثورة ومطالبها.

شهد يوم 16 مارس/آذار 1919 حدثا تاريخيا، ففيه خرجت النساء للاحتجاج وقدن مظاهرات، شاركت فيها نحو 300 امرأة، على رأسهن صفية زغلول زوجة سعد زغلول، وهدى شعراوي، ومانا فهمي.

واعتلى القساوسة منابر المساجد وجامع الأزهر الشريف وخطب الأئمة في الكنائس، مما بث الخوف في نفوس الاحتلال من تحول الأزهر إلى معقل للثورة والثوار، ودفع دار الحماية إلى استدعاء شيخ الأزهر محمد أبو الفضل الجيزاوي كي يغلق الأزهر لكنه رفض.

يوم 5 أبريل/نيسان 1919 اتفق الثوار على تنظيم اجتماع حاشد لهم في ساحات الأزهر، لكن عندما علمت السلطات البريطانية أغلقت الطرق المؤدية له ووضعت العراقيل، فحوّل الثوار الوجهة إلى جامع ابن طولون لموقعه المتميز على ربوة عالية وصعوبة الوصول إليه، وحفروا الخنادق ووضعوا المتاريس في الطرق المؤدية للجامع، وبالفعل وجدت سلطات الحماية صعوبة شديدة في الوصول إليه.

شعر الاحتلال البريطاني بفقدان السيطرة على مصر، ما دفع الجنرال بولفين إلى استخدام الطيران ضد الثوار في الريف، واستعاد بعض المدن مرة أخرى للسيطرة البريطانية.

تولى الجنرال إدموند ألنبي منصب المفوض السامي البريطاني بدلا من ريغنالد وينغيت، وتبنى الدبلوماسية في التعامل مع الثوار، وسعى لإجراء المفاوضات لإيجاد حل بدلا من الوسائل العسكرية المتبعة.

الخسائر البشرية

منذ اندلاع الثورة بدأ سقوط القتلى على يد الإنجليز، وفي اليوم الثاني قتل اثنان، وفي الثالث سقط قتيل، وفي الرابع سقط 12 مصليا أثناء صلاة الجمعة.

وسقطت الثائرة حميدة خليل في أول مظاهرة نسائية أثناء الثورة، لتصبح أول فتاة تُقتل برصاص الإنجليز منذ بدء المظاهرات، وكان موتها شرارة أشعلت نفوس النساء للانضمام للمظاهرات بأعداد كبيرة، وأصبح بعد ذلك يوم وفاتها (16 مارس/آذار) يتم الاحتفاء به يوما للمرأة المصرية.

النساء شاركن بكثافة في ثورة عام 1919 بمصر (مواقع التواصل الاجتماعي)

على مدار أيام الثورة حصدت سلطات الحماية أرواح الآلاف، واعتُقل الكثير من الثوار، وأحرقت قرى كاملة، فقد قتل نحو 3 آلاف مصري في الفترة ما بين 15 و31 مارس/آذار 1919.

ولم تكتفِ سلطات الحماية بقتل المتظاهرين، بل نظمت محاكم عسكرية في الشوارع لمحاسبة المتظاهرين، وإصدار أحكام بالجلد والحبس والغرامات المادية.

النتائج السياسية

بعد قرابة شهر من اندلاع الثورة، رضخت سلطات الحماية لبعض مطالب الثورة، وفي يوم 7 أبريل/نيسان 1919 أُفرج عن سعد زغلول ورفاقه وأُعيدوا من المنفى، وأُلغيت قيود السفر للمصريين، وسُمح لهم بالسفر إلى مؤتمر باريس يوم 11 أبريل/نيسان ليمثلوا المصريين هناك.

خرجت المظاهرات في جميع المحافظات احتفالا بخروج الزعماء، مع التأكيد على الاستمرار حتى يتحقق المطلب الأساسي بنيل الاستقلال التام.

لكن مؤتمر الصلح لم يسفر عن أي خطوات إيجابية تجاه قضية مصر، ورفض الاستجابة لمطالب المصريين التي قدمها الزعماء أثناء المؤتمر.

غضب المصريون من عدم تحقيق مطالبهم خلال المؤتمر، وعادوا للتظاهر مرة أخرى، مما أسفر عن نفي سعد زغلول مرة أخرى ولكن إلى جزيرة سيشل، واستمر الثوار في التظاهر.

عاد سعد زغلول من المنفى عام 1921، وبدأت الأوضاع تهدأ، وأصدرت بريطانيا تصريحا في 28 فبراير/شباط 1922 بأن مصر دولة مستقلة، وأنهت الحماية البريطانية مع تمسك سلطات الحماية بـ4 تحفظات هي: تأمين مواصلاتها في مصر، وحقها في الدفاع عن مصر ضد أي اعتداء، وحماية المصالح الأجنبية، وحماية الأقليات.

أُصدر أول دستور مصري عام 1923، وأسفر عن حياة نيابية قائمة على التعددية الحزبية ومبدأ المواطنة من خلال شعار الثورة "الدين لله.. والوطن للجميع"، وأُجريت الانتخابات وفاز بها حزب الوفد برئاسة سعد زغلول.

وتشكّلت أول وزارة برلمانية عام 1924، وعيّن زغلول رئيسا لها، وفي العام نفسه قُتل الجنرال البريطاني السير لي ستاك، حاكم السودان والقائد العسكري لمصر، مما دفع إلى استقالة وزارة سعد زغلول، وتولى المصريون المناصب الحكومية بدلا من الأجانب، وأُلغيت وظائف المستشارين الإنجليز.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الاحتلال البریطانی سعد زغلول على مصر

إقرأ أيضاً:

ثورة جديدة في عالم محركات البحث.. هل يطيح شات جي بي تي بغوغل؟

يبدو أننا نعيش في واقع مستوحى من لعبة "بورتال" (Portal)، حيث تواجه البطلة "تشيل" عالما معقدا تحكمه أنظمة ذكاء اصطناعي متفوقة مثل "غلادوس" (GlaDOS)، وتضع أمامها تحديات تتطلب التأقلم السريع، والإبداع المستمر.

وفي هذا العصر الرقمي الذي يتسارع فيه التطور التكنولوجي، نجد أنفسنا أيضا في مواجهة عالم يتغير بسرعة، تقوده أنظمة ذكية تعيد تشكيل واقعنا، وتضعنا أمام اختبارات يومية لمدى إبداعنا كبشر، وقدرتنا على التكيف مع هذا التقدم السريع.

وسط هذا التحول، يتصدر البحث عبر الإنترنت مشهد حياتنا اليومية، ليصبح أداة لا غنى عنها. وعلى مدى عقدين من الزمن احتكر محرك البحث "غوغل" هذا المجال، مهيمنا على الحصة الأكبر من سوق محركات البحث بنسبة 91.62% وفق أحدث إحصائية أجرتها منصة "ستات كاونتر" (Statcounter).

ولكن مع بزوغ نجم "شات جي بي تي" من "أوبن إيه آي" (OpenAI) وتقديمه لأداة بحث مبتكرة، بدأت ملامح حقبة جديدة من المنافسة تظهر في الأفق قد تعيد رسم خارطة البحث على الويب.

يمكن لتطبيق شات جي بي تي شرح وتوثيق الكود البرمجي والتعليق عليه (غيتي) عصر جديد من البحث التفاعلي مع "شات جي بي تي"

ضجّ المحيط البيئي للذكاء الاصطناعي صباح 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد أن أعلنت "أوبن إيه آي" عن ميزة البحث الجديدة الخاصة بها في واجهة "شات جي بي تي" (ChatGPT Search)، في تدوينة على منصة "إكس" شاهدها ما يقارب من مليوني شخص في غضون ساعات.

وقد تم دمج هذه الميزة مباشرة في واجهة "شات جي بي تي" للمستخدمين الذين يدفعون 20 دولارا في الشهر مقابل "شات جي بي تي بلاس" (ChatGPT Plus) في الوقت الحالي، لكن الشركة قالت إنها ستظهر للجميع سواء كانوا مشتركين أو لا في الأشهر القادمة.

وقالت "أوبن إيه آي" إن هذا النموذج هو نسخة معدّلة من "جي بي تي-4 أو" (GPT-4o) تم تدريبه بعد استخدام تقنيات جديدة لتوليد البيانات الاصطناعية، بما في ذلك تقطير المخرجات من "أوبن إيه آي- أو 1 بريفيو" (OpenAI o1-preview).

وكتبت في موقعها الرسمي "يعتمد بحث "شات جي بي تي" على مقدمي خدمات البحث من جهات خارجية، بالإضافة إلى المحتوى المقدم مباشرة من شركائنا لتوفير المعلومات التي يبحث عنها المستخدمون".

وبينما يستخدم واجهة "شات جي بي تي" المألوفة، يعمل البحث على الويب بشكل مختلف قليلا، فبدلا من اعتماد بيانات التدريب الخاصة به لتقديم الإجابات، يتصفح الويب للبحث عن معلومات ذات صلة وفي الوقت المناسب، ثم يفرزها ويلخص ما وجده لتوليد ردّ متماسك.

وهو ما يعني أن المستخدم يمكنه كتابة جميع الاستفسارات التي كان يدخلها عادة في "غوغل" في "شات جي بي تي"، من "ما موعد السوبر بول؟" إلى "ما أفضل الأماكن للزيارة في المغرب؟"، حيث ستظهر الإجابات في واجهة على شكل محادثة مرفقة بروابط المصادر، حتى يتمكن من الانتقال إلى المواقع المشار إليها.

وكتبت "أوبن إيه آي" (OpenAI) في مدونتها: "يمكن أن يتطلب الحصول على إجابات مفيدة على الويب الكثير من الجهد. غالبا ما يتطلب الأمر إجراء عدة عمليات بحث، والتنقيب في الروابط للعثور على مصادر ذات جودة والمعلومات الصحيحة لك".

وأضافت: "الآن يمكن للدردشة أن تساعدك في الوصول إلى إجابة أفضل: اطرح سؤالا بطريقة أكثر طبيعية ومحادثاتية، ويمكن لـ"شات جي بي تي" أن يختار الرد بمعلومات من الويب. اذهب أعمق مع الأسئلة التكميلية، وسينظر "شات جي بي تي" في السياق الكامل لمحادثتك للحصول على إجابة أفضل لك".

كيف تفاعل خبراء الذكاء الاصطناعي مع بحث "أوبن إيه آي"؟

في تبادل بريد إلكتروني، منح "كونر غرينن" وهو كبير مهندسي الذكاء الاصطناعي في كلية "ستيرن" (Stern) للأعمال بجامعة نيويورك، بالإضافة إلى أنه الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة الاستشارات "إيه آي مايندست" (AI Mindest) فريق "أوبن إيه آي" تقييمات عالية لنموذج البحث، وكتب أن بحث "غوغل" لم يعد هو المعيار، بحسب تقرير نشره موقع "فوربس" (Forbes).

وقال غرينن إن "بين لمحات عن "بربليكسيتي" (Perplexity) و"غوغل إيه آي" (Google AI)، أصبح المعيار الجديد هو البحث عبر عدة مواقع ويب وتقديم إجابة بلغة طبيعية. بحث "شات جي بي تي" سريع للغاية ويعتمد على واجهة شبيهة بـ"بربليكسيتي"، وهو أمر رائع".

وأضاف أن "من المميز أيضا أنه إذا طرحت عليه استفسارا عاديا مثل استفسار "شات جي بي تي"، على سبيل المثال، "ساعدني في إنشاء ورشة عمل لتعليم الذكاء الاصطناعي"، ثم ضغطت على "بحث"، فسوف يقدم لك الإجابة، ولكنه سيستشهد بمصادره التي استند إليها في الوصول إلى تلك الإجابة"، بعبارة أخرى سيخبرك من أين جاءت أفكاره. كأنك تقرأ أفكار "شات جي بي تي".

أمّا "سابرينا رامونوف"، وهي موهبة استثنائية في مجال الذكاء الاصطناعي، بدأت مسيرتها مهندسة برمجيات قبل أن تطلق شركتها المتخصصة في تقنيات التعرف على الصوت المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي باعتها إلى شركة "بيغا سيستمز" (Pegasystems) مقابل 10 ملايين دولار وهي في عمر (30 عاما).

لديها أكثر من 100 ألف متابع على وسائل التواصل الاجتماعي، وأطلقت مؤخرا تطبيقا جديدا لتوليد المحتوى متعدد الأغراض يدعى "بلوتاتو" (Blotato)، كتبت في رسالة نصية عبر "ماسنجر" أنها بشكل عام أعجبت بما رأته من بحث "أوبن إيه آي"، بحسب المصدر نفسه.

وشرحت قائلة "أحب المصادر التي يتم الاستشهاد بها في استجابة بحث "شات جي بي تي"، ولكنني ما زلت أفضل قدرة "بربليكسيتي" (Perplexity) على التركيز على مصادر معينة، على سبيل المثال، تضييق استفساري للبحث في منصات التواصل الاجتماعي أو المحتوى المرئي".

وبحسب موقع "فوربس"، أشار بعض خبراء الذكاء الاصطناعي إلى أن خدمات "أوبن إيه آي" تقدم أداء جيدا باللغة الإسبانية. كما أشادوا بعدم وجود إعلانات مدفوعة في أعلى نتائج البحث.

ومع ذلك، اتفق الجميع وفقا للتقرير ذاته، مع تقييم "رامونوف" على أن تجربة المستخدم في بحث "إيه آي" (AI) من "بربليكسيتي" (Perplexity) كانت أفضل.

تختار الشركات، مثل "أوبن إيه آي"، نموذج "الصندوق الأسود"، لأنها تريد أن تخفي معلوماتها وتحافظ على نقاط قوتها في ظل هذا التنافس المحموم في سوق بدأت تسيطر عليه الشركات الكبرى، مثل: مايكروسوفت، وغوغل (شترستوك) هل ينهي "شات جي بي تي" هيمنة "غوغل"؟

مع امتلاء نتائج "غوغل" بشكل متزايد بالإعلانات والمحتوى غير المرغوب فيه، تعِدُ "شات جي بي تي" بتقديم تجربة أكثر وضوحا وانسيابية.

ولأول مرة منذ إطلاق "غوغل" هناك شيء يمكن القول إنه متفوق ويتنافس معه. وفي استجابة لذلك، بدأت "غوغل" بإضافة ميزات الذكاء الاصطناعي إلى محرك البحث الخاص بها، خاصة بمساعدة شركاء وسائط "أوبن إيه آي" في تغذية نتائج البحث.

إذ تمّ تمكين بحث" شات جي بي تي" الآن من مسح المدونات، ومؤشرات الأسهم، ومواقع الطقس، ومنصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التي حصلت على اتفاقيات ترخيص لها.

وكتبت "أوبن إي آي" في مدونتها الرسميّة:

"لقد تعاونا بشكل مكثف مع صناعة الأخبار، واستمعنا بعناية إلى ملاحظات شركائنا الناشرين العالميين، بما في ذلك "أسوشيتد برس" (Associated Press)، و"أكسل شبرينغر" (Axel Springer)، و"كوندي ناست" (Condé Nast)، و"دوتداش ميريديث" (Dotdash Meredith)، و"فايننشال تايمز" (Financial Times)، و"جي إي دي آي" (GEDI)، و"هيرست" (Hearst)، و"لو موند" (Le Monde)، و"نيوز كورب" (News Corp)، و"بريسا-إل باييس" (Prisa-El Pais)، و"رويترز" (Reuters)، و"ذا أتلانتيك" (The Atlantic)، و"تايم" (Time)، و"فوكس ميديا" (Vox Media)".

وأضافت "ويمكن لأي موقع ويب أو ناشر اختيار الظهور في نتائج البحث في شات جي بي تي".

لكن دعونا نكتشف آراء خبراء الذكاء الاصطناعي التي عرضها تقرير "فوربس" حول ما إذا كانت أدوات "أوبن إيه آي" قادرة على قتل محرك بحث "غوغل":

شرحت "رامونوف" أن الشركة قد تكون أرادت معالجة عدة تحديات شائعة تؤثر على النماذج اللغوية الكبيرة في خطوة واحدة، وأشارت أنّ الهلاوس في نماذج اللغة الكبيرة "إل إل إم" (LLM) وغياب الشفافية يعتبر الصندوق الأسود من المخاوف الكبيرة.

وأوضحت أنها حسب تجربتها الشخصية تفضل خيارات البحث باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي على "غوغل".

وقالت: "لقد انخفض استخدامي لمحرك بحث "غوغل" بشكل مطرد على مدى السنوات القليلة الماضية، حيث اعتمدت أكثر فأكثر على "شات جي بي تي" و "بربليكسيتي" (Perplexity). لكنني أعتقد أن بحث "غوغل" سيتطور ليشمل مزيدا من الميزات التفاعلية والتوليدية للذكاء الاصطناعي".

من جهته، أشار "غرينن" إلى أن شات جي بي تي لن تكون قادرة على إيقاف بحث غوغل بمفردها".

وقال: "لن يكون بحث شات جي بي تي قاتلا لبحث غوغل، ولكن ليس بسبب جودته. لا يمكنه ببساطة التنافس مع التوزيع الهائل لـ"غوغل" والراحة التي يتمتع بها الأشخاص عند استخدامه".

وأضاف: "محرك البحث التقليدي لـ"غوغل" سيتلاشى على يد "غوغل" نفسها. عليهم التنافس مع بحث "شات جي بي تي" و "بربليكسيتي"، وقد رأوا ما هو آت، هذه هي الطريقة التي يريد بها الناس الآن البحث على الإنترنت".

كما صرّح بأن المستخدمين يحصلون على قيمة وفائدة أكبر من البحث على الإنترنت المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وهو ما يقتل المصدر الرئيسي لإيرادات "غوغل" وهو الإعلانات.

وأفاد بأن "غوغل" يجب أن تختار إما الحفاظ على الطريقة القديمة ومعرفة أنها ستستمر في جني الأموال من الإعلانات في المستقبل، أو التكيف ومحاولة إيجاد طريقة أخرى للتقدم من أجل مواكبة الوتيرة السريعة للذكاء الاصطناعي التوليدي.

ووفقا لتقرير نشرته مجلة "بوبولار ساينس" (Popular Science)، لا يزال هنالك تحدي "هلاوس الذكاء الاصطناعي"، إذ يمكن أن يقوم "شات جي بي تي" باختراع معلومات خاطئة، أو غير دقيقة.

ونظرا لأن أداة البحث تتحقق بنشاط من الويب، وتستخدم بيانات من شركاء خارجيين ينبغي أن تكون هذه المشكلة أقل حدة من المعتاد، على الرغم من أنها لا تزال شيئا يجب الانتباه له.

كما توجد مخاوف مشروعة أخرى تتعلق باستهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة، والتحيز الناتج عنه.

تجعل "أوبن إيه آي" من السهل استبدال "غوغل" كمحرك البحث الافتراضي في متصفح "كروم"، لأنها أصدرت إضافة للمتصفح تقوم بذلك (غيتي) كيف تستبدل بحث "غوغل" ببحث "شات جي بي تي" على متصفحك؟

قبل أن نعرض كيفية استبدال بحث "غوغل" ببحث "شات جي بي تي"، نذكر أن المشاركين في "شات جي بي تي بلاس" (ChatGPT Plus) فقط لديهم إمكانية الوصول إلى البحث على الويب حتى الآن، وهو غير متاح للحسابات المجانية.

استبدال بحث "غوغل" ببحث "شات جي بي تي" في "كروم" (Chrome):

تجعل "أوبن إيه آي" من السهل استبدال "غوغل" كمحرك البحث الافتراضي في متصفح "كروم"، لأنها أصدرت إضافة للمتصفح تقوم بذلك. كل ما عليك فعله هو تثبيت إضافة المتصفح، وهي تتولى الباقي.

وإذا كنت لا ترغب في استبدال "غوغل" كمحرك البحث الافتراضي لديك بالكامل، ولكنك تريد تسهيل البحث باستخدام "شات جي بي تي"، يمكنك إضافة بحث "شات جي بي تي" إلى اختصارات البحث في موقع "كروم".

هذا يعني أنه يمكنك كتابة اختصار مثل "شات@" (chat@) في شريط عنوان المتصفح، متبوعا بعبارة البحث الخاصة بك، للبحث باستخدام "شات جي بي تي" دون الحاجة لزيارة الموقع أولا.

للقيام بذلك:

افتح إعدادات كروم. اختر "محرك البحث" من القائمة الجانبية. انقر على "إدارة محركات البحث والبحث في المواقع". تحت قسم البحث في المواقع، انقر على "إضافة". غير الاسم إلى "شات جي بي تي" (ChatGPT) بدون علامات الاقتباس. غير الاختصار إلى "شات جي بي تي@" (ChatGPT@) أو اختصار من اختيارك. غير عنوان "يو آر إل" (URL) إلى "https://chatgpt.com/ ?q=%s" ثم انقر على "إضافة".

الآن على سبيل المثال، يمكنك كتابة عمليات بحث مثل "chatGPT@ الطقس اليوم في شيكاغو" في شريط عناوين "كروم"، وسيتم إجراء البحث باستخدام "شات جي بي تي". ويجب أن ترى شريط العناوين يتغير إلى "البحث باستخدام "شات جي بي تي" بعد أن تكتب الاختصار وتضغط على مفتاح المسافة.

استبدال بحث "غوغل" ببحث "شات جي بي تي" في "إيدج" (Edge):

متصفح "مايكروسوفت إيدج" (Microsoft Edge) يعتمد على نفس محرك "كروميوم" (Chromium) المستخدم في متصفح "غوغل كروم"، وبالتالي يمكنه أيضا تحميل إضافة بحث "شات جي بي تي".

ومع ذلك، تبقى "مايكروسوفت" وفيّة لنهجها، حيث لن تسهل على المستخدمين تغيير محرك البحث الافتراضي بعيدا عن خدمتها.

لذا عندما تحاول تثبيت إضافة بحث "شات جي بي تي"، سيتم حظرها في البداية وستظهر لك هذه الرسالة المنبثقة:

"للمساعدة في حماية إعدادات متصفحك، قام مايكروسوفت إيدج بإيقاف الإضافة التالية: بحث شات جي بي تي. حاولت هذه الإضافة تغيير إعداد محرك البحث الافتراضي لديك. انقر على "تشغيل" إذا كنت لا تزال ترغب في استخدامها".

لذا انقر على الزر الرمادي "تشغيل" لضمان أن يصبح بحث "شات جي بي تي" هو الافتراضي.

ويمتلك متصفح "إيدج" أيضا ميزة مشابهة لمتصفح "كروم" تتيح لك إضافة محركات بحث دون استبدال الافتراضي. للعثور على هذه الميزة:

افتح الإعدادات. اختر "الخصوصية والبحث والخدمات" من القائمة الجانبية. قم بالتمرير لأسفل وانقر على "شريط العنوان والبحث". انقر على "إدارة محركات البحث". انقر على "إضافة" ثم اتبع نفس الخطوات الخامسة والسادسة والسابعة لمتصفح "كروم" أعلاه. استبدال بحث "غوغل" ببحث "شات جي بي تي" في "سفاري" (Safari) و"فايرفوكس" (Firefox):

يبدو أن خيارات المستخدم مع بعض المتصفحات الشائعة الأخرى تصبح أكثر تقييدا، حيث يتيح "سفاري" تغيير محرك البحث الافتراضي، لكنه يقتصر على 5 مزودين فقط، ولا يتضمن بينهم "شات جي بي تي".

كما أن بحث "شات جي بي تي" لا يبدو أنه يعمل مع ميزة "الموقع السريع" في "سفاري"، التي تتيح لك البحث في المواقع من شريط العنوان دون زيارتها أولا.

أما "فايرفوكس"، فيتيح للمستخدمين أيضا تغيير محرك البحث الافتراضي، ولكن هذا يتطلب من مزود البحث إنشاء إضافة للمتصفح. ولا يبدو أن "أوبن إيه آي" قد أنشأت واحدة لـ"فايرفوكس" حتى الآن.

مع بزوغ شمس أداة جديدة مثل بحث "شات جي بي تي"، يتغير مشهد البحث على الإنترنت بشكل مثير. وبينما يحاول العملاق "غوغل" التكيف مع الموجة التكنولوجية الجديدة، يبقى السؤال المطروح:

هل سيتخلى المستخدمون عن "غوغل"، الصديق القديم المتجذر في حياتهم اليوميّة، لصالح صديق جديد لا تزال ملامحه غير واضحة؟

مقالات مشابهة

  • ثورة جديدة في عالم محركات البحث.. هل يطيح شات جي بي تي بغوغل؟
  • الزار بين التهميش الاجتماعي ورفض الاستعمار (1)
  • رئيس جامعة قناة السويس: التغيرات المناخية أولويتنا في البحث العلمي
  • ستخسر أمانك الإلكتروني.. خبير يحذر من تطبيقات "باسورد الواي فاي"
  • خبير تكنولوجي يقدم نصائح مهمة لتأمين الشبكات الإلكترونية
  • الاستعمار والتدمير المنهجي: قراءة في خيار المقاومة (2-2)
  • ستخسر أمانك الإلكتروني.. خبير يحذر من تطبيقات باسورد الواي فاي
  • في شهرها العشرين وقف الحرب واستدامة الديمقراطية؟
  • هل مشروع القرار البريطاني فيه أي مكاسب استراتيجية لسيادة الدولة؟!
  • الجزائر تعتقل كاتبا إثر تصريحاته التي اتهم فيها الاستعمار الفرنسي باقتطاع أراض مغربية لصالح الجزائر