يواجه عدد من دول العالم، بما في ذلك بعض الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية، خطر الإفلاس على غرار لبنان، إلا أن تركيا يمكن أن تكون في الصدارة.
يبدو أحد جوانب الوضع التركي في أن معدل الفائدة (17.5%) أقل بكثير من التضخم (38.2%). ويعني ذلك أنه عند اقتراضك 100 ليرة تركية، يتعين عليك سداد 117.5 بعد عام، إلا أن القيمة الحقيقية لتلك الأموال، مع الأخذ في الاعتبار معدل التضخم، ستكون حوالي 80 ليرة في حينها.
ومن المستحيل الاستمرار في اتباع مثل هذه السياسة المجنونة لفترة طويلة (عندما يكون التضخم أعلى بكثير من سعر الفائدة)، لأن التضخم المفرط سيبدأ عاجلا أم آجلا. وكانت تركيا تتجه نحو تضخم مفرط (دعونا نتذكر أن التضخم كان 64% في عام 2022 ويبلغ الآن 38.2%)، إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ظهر وبدأ في إمداد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالغاز مجانا، أي بالقروض، مع تأجيل الدفع حتى 2024، وكتبت الصحافة الروسية عن مبلغ 20 مليار دولار، رغم عدم تأكيد ذلك رسمياً.
بطبيعة الحال، فإن النفط الروسي الرخيص، والغاز الروسي المجاني، والقمح الروسي الرخيص، حقق المعجزة، وخفض التضخم في تركيا إلى النصف تقريبا في النصف الأول من العام، إلا أن هذا لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، وفي عام 2024 سيأتي الحساب.
ولا يمكن اعتبار خطوات السياسة الخارجية الأخيرة للرئيس التركي خارج هذا السياق، حيث يحاول السيد أردوغان، بالوقوف على حافة الهاوية الاقتصادية، أن يفعل المستحيل: أن يتغلب على قوانين الطبيعة ويمنع مخطط بونزي، أي منع هرم الديون من الانهيار. لكن جوهر هذا المخطط هو الحاجة المستمرة لزيادة الديون بمتوالية هندسية من أجل الحفاظ عليه، وهو ما يصبح مستحيلا في مرحلة معينة.
بالطبع يحاول الرئيس التركي المساومة، وإطلاق الوعود بقبول انضمام السويد إلى "الناتو"، ويجدد من صداقته مع واشنطن، ويدعم بشكل غير متوقع مطالب موسكو بشأن صفقة الحبوب، إلا أن الوضع أصبح يشبه من يبيع آخر أثاث بيته قبل الإفلاس الوشيك.
على أي حال، يجب على أولئك الذين يعتقدون أن رجب طيب أردوغان غيّر مساره فجأة إلى مواجهة روسيا أن يتذكروا أنه في العام المقبل لن تضطر تركيا إلى سداد ديون روسيا فحسب، بل ستحاول أيضا العثور على أموال لشراء الغاز الروسي للعام المقبل 2024. ولا أقول إن ليس لدى أنقرة أوراقا رابحة، ولا يمكن كذلك وصف مواقف موسكو بأنها رابحة من جانب واحد. ومع ذلك، فإذا كان الخلاف مع تركيا سيؤدي إلى تعقيد الوضع قليلا بالنسبة لروسيا، فإنه يعني بالنسبة لتركيا كارثة اقتصادية فورية.
لذلك، أنا لا أتوقع، تشددا حادا في سياسة أنقرة تجاه موسكو على أقل تقدير. اللهم إلا إذا لم تظهر واشنطن فيضا من الكرم، وتغدق من عطاياها، وتمنح تركيا، إضافة إلى أوكرانيا، دعما كاملا. لكن، ومع المشهد المرعب لعجز الميزانية الأمريكية، فإن اقتصاد الولايات المتحدة نفسها يتجه نحو الركود في محاولة لخفض الإنفاق، لهذا لا أؤمن بهذا الاحتمال.
باختصار، سيكون عام 2024 عاما مدهشا للغاية.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الغاز الطبيعي المسال النفط والغاز حلف الناتو رجب طيب أردوغان عقوبات ضد روسيا فلاديمير بوتين قمح وزارة الدفاع الروسية إلا أن
إقرأ أيضاً:
صندوق النقد يوصي «المركزي المصري» التحرك بحذر في مسار خفض الفائدة
أوصى صندوق النقد الدولي مصر أن تتحرك بحذر في مسار تخفض أسعار الفائدة، بسبب حالة عدم اليقين العالمية الناجمة عن زيادات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأجرى البنك المركزي المصري أول خفض لسعر الفائدة منذ خمس سنوات خلال اجتماعه الشهر الماضي، بعد أن تراجع التضخم السنوي إلى 13.6%، أي أقل من نصف مستواه القياسي المسجل في سبتمبر 2023، حيث تقلصت معدلات الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس ليصل سعر الإيداع إلى 25% وسعر الإقراض حتى 26%
وبينما أدت خطوات ترامب إلى بعض التخفيضات في توقعات أسعار الفائدة، لا يزال العديد من الاقتصاديين يتوقعون أن يجرى المركزي المصري تخفيضات إجمالية تتراوح بين 6 و8% على مدار عام 2025.
وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إنه ينبغي الحكم بعناية على أي تخفيضات إضافية.
وأضاف في مقابلة لوكالة بلومبيرج بواشنطن، أنه «من الضروري للغاية توخي الحذر في إدارة السياسة النقدية، في ظل الصدمات الحالية، حيث نرى خطر استئناف التضخم، ولذلك من الضروري للغاية الحفاظ على السياسة الصحيحة لخفض التضخم إلى مستوى مستقر أحادي الرقم.»
وفي بيان السياسة النقدية للبنك المركزي المصري قال: «إنها تتوقع استمرار انخفاض التضخم هذا العام والعام المقبل، وإن كان بوتيرة أبطأ من الربع الأول من عام 2025، وتشمل المخاطر الإيجابية تأثير الحرب التجارية الحالية بين الصين والولايات المتحدة، وتصاعد الصراعات الجيوسياسية الإقليمية».
هذا وشهد السوق المحلي تدفقات خارجية قدّرتها المجموعة الاستثمارية جولدمان ساكس بأكثر من مليار دولار في وقت سابق من شهر أبريل، بعد أن أثارت إعلانات ترامب عن الرسوم الجمركية اضطرابات عالمية.
ونتيجةً لذلك، انخفض الجنيه المصري إلى أدنى مستوى قياسي له، قبل أن يعوض بعض خسائره، حيث تواجه مصر أدنى تعريفة جمركية أساسية بنسبة 10%
وعلى الرغم من خفض سعر الفائدة في أبريل الماضي، فإن أسعار الفائدة المعدلة حسب التضخم في مصر «الفائدة الحقيقية» تظل واحدة من أعلى المعدلات في العالم عند نحو 11.5%، مع اقتراب الاجتماع الثالث للبنك في 22 مليو الجاري.
وأكد محمد معيط، المدير التنفيذي للدول العربية وجزر المالديف في صندوق النقد الدولي، تصريحات أزعور، وقال ردا على سؤال عما إذا كانت السياسة النقدية في مصر لا تزال متشددة: «في ظل الوضع العالمي والإقليمي الحالي، يتعين علينا أن نكون حذرين للغاية».
وأردف في تصريحات لبلومبيرج، «يجب التأكد عند اتخاذ أي خطوة من أنها القرار الصحيح، وفقًا للبيانات والتحليلات والمعلومات»، مضيفاً «لا يُمكن اتخاذ قرار ثم التراجع عنه لاحقًا».
اقرأ أيضاًشهادات البنك الأهلي 2025.. أعلى عائد على شهادات الادخار ذات العائد السنوي
للمرة الثالثة في 2025.. بنك اليابان المركزي يبقي على سعر الفائدة دون تغيير
فيتش تتوقع تخفيض البنك المركزي المصري سعر الفائدة بنسبة 7% خلال العام الجاري
بنك ناصر يفتح فروعه الخميس لصرف معاشات شهر مايو