سوريا تغرق في صراع لا نهاية له، مما يهدد الاستقرار الإقليمي والدولي. ألكسندر لانغلواز – ناشيونال إنترست

تتوسع الصراعات في جميع أنحاء غرب آسيا وسط الاهتمام العالمي بغزة والأراضي الفلسطينية المحتلة. وإحدى النتائج السلبية للحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس هي عدم قدرة العالم على التخفيف من حدة الصراعات الأخرى الملحة ومعالجتها، وتقدم سوريا مثالا يجسد هذه الديناميكية.

أعرب عديد من المسؤولين عن قلقهم بشأن توسيع نطاق الحرب بين إسرائيل وحماس، مع ملاحظة التصاعد الكبير في حوادث العنف في جميع أنحاء سوريا منذ 7 أكتوبر في ظل أعمال الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية.

التزمت أنقرة بحملة جوية جديدة وشاملة ضد قوات سوريا الديمقراطية (SDF) المدعومة من الولايات المتحدة. ويهدد الرئيس رجب طيب أردوغان الآن بعملية برية أخرى في شمال وشرق سوريا، بغض النظر عن "التهديدات" التي منعت العمليات السابقة. وهو يشير إلى وجود القوات الروسية والأمريكية في شمال غرب سوريا وإقليم شمال شرق سوريا، والذي أدى وجودهما إلى منع أي تقدم من هذا القبيل نظراً للمخاطر المترتبة على العملية.

وبالتوازي مع ذلك، هاجمت الميليشيات المسلحة المنشآت العسكرية الأمريكية حوالي 180 مرة في سوريا والعراق والأردن منذ 7 تشرين أكتوبر تضامناً مع فلسطين. وتواصل واشنطن الرد على هذه الهجمات بالقوة العسكرية في كل من سوريا والعراق. كما تقصف إسرائيل بانتظام محور المقاومة في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك البنية التحتية المدنية مثل مطاري حلب ودمشق.

وتدرك جميع الجهات الفاعلة واقع سوريا في إطار الجغرافيا السياسية الإقليمية الأوسع. وتعلن بعض هذه الجهات صراحة تضامنها مع فلسطين، وتضرب القوات الأمريكية دون تكلفة تذكر. وكل ذلك يزيد من شعبية محور المقاومة في جميع أنحاء المنطقة، وتشهد على ذلك هجمات حركة الحوثي المتمركزة في اليمن على الشحن الدولي في البحر الأحمر.

وبالتالي، تظل سوريا عنصرًا أساسيًا في المنافسة الإقليمية، لكنها لا تزال تحظى بأولوية منخفضة فيما يتعلق بالقضايا الدولية والإقليمية الأخرى.  

ومما يثير القلق أن الاستراتيجية الافتراضية في كل من هذه الصراعات تنطوي على أدوات سياسية صارمة لتجميد الصراع. وبينما يواجه العالم حالة من عدم الاستقرار الصراعات الطويلة الأمد، يختار زعماء العالم حلولاً سريعة تفشل في تهدئة الوضع. وعلى هذا النحو، أصبحت إدارة الصراعات هي الاسم السائد في اللعبة على حساب الاستقرار الحقيقي المستدام في غرب آسيا.

ويعود هذا الواقع إلى الافتقار إلى الشجاعة السياسية؛ إذ يختار زعماء العالم السماح باستمرار الوضع الراهن المجمد في سوريا، ملتزمين بمواقف سياسية صارمة ذات أهداف غامضة. ويجسد الوجود العسكري الأمريكي في شمال وشرق سوريا هذا الواقع، حيث أنه من غير الواضح سبب بقاء القوات الأمريكية في البلاد بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

تدّعي واشنطن أن قواتها ضرورية لمنع عودة تنظيم داعش، في حين أن السبب الحقيقي لنشر قواتها له صلات قوية بـ "الحروب الأبدية" التي اندلعت بعد أحداث 11 سبتمبر - أي الحد من النفوذ الإيراني من لبنان إلى إيران.

تفتقر سوريا للقدرة على مواجهة قدر كبير من عدم الاستقرار، وهو ما يتفاقم بشدة بسبب القرارات السياسية التي تتخذها جميع أطراف الحرب السورية. وسيؤدي هذا الواقع إلى تعقيد آفاق السلام في البلاد مع زيادة مخاطر عدم الاستقرار الإقليمي والعالمي والحرب على نطاق أوسع.

المصدر: ناشيونال إنترست

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: الجيش التركي الحرس الثوري الإيراني الحوثيون الضربات الأمريكية على سوريا القواعد العسكرية الأمريكية حركة حماس داعش طوفان الأقصى قطاع غزة قوات سوريا الديمقراطية فی جمیع أنحاء

إقرأ أيضاً:

لماذا اعترفت موسكو بالقيادة الجديدة في سوريا .. وما هي العواقب؟

سرايا - نشرت صحيفة سفابودنايا براسا الروسية تقريرا تحدثت فيه عن المحادثة الهاتفية التي جمعت بين الرئيس السوري أحمد الشرع ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتي أشير خلالها إلى العلاقات الاستراتيجية القوية بين روسيا وسوريا.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته عربي21 ، إن الشرع ناقش مع بوتين الوضع الراهن في سوريا، فضلاً عن خارطة الطريق السياسية لبناء سوريا الجديدة.

وأضافت الصحيفة أن الرئيس الروسي أشار خلال المحادثة إلى ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، داعيا رئيس وزارة الخارجية السورية إلى زيارة رسمية إلى روسيا . وفي وقت سابق، أفادت الخدمة الصحفية للكرملين بأن المحادثة كانت بناءة وعملية وموضوعية، اتفق خلالها زعماء البلدين على مواصلة الاتصالات.

ونقلت الصحيفة عن المقاتل السابق في قوات جمهورية لوغانسك الشعبية، ألكسندر أفرين، أن مسألة القواعد العسكرية الروسية الدافع وراء تقرب روسيا من الإدارة السورية الجديدة. لقد جرت محادثة فلاديمير بوتين مع أحمد الشرع بعد منع السلطات السورية الجديدة قافلة عسكرية روسية من دخول القاعدة في طرطوس، المشكلة التي تحتاج إلى حل.

تعتمد السلطات السورية الجديدة بشكل كبير على تركيا، لذا إذا وافق أردوغان على ذلك، فيمانع الشرع باستعادة العلاقات مع روسيا. وحسب المحلل السياسي ميخائيل نيجماكوف فإن جميع المفاوضات التي يجريها رئيس الدولة تسبقها عادة أعمال تحضيرية تقوم بها الوكالات الدبلوماسية والخدمات الخاصة. وفي أواخر شهر كانون الثاني/ يناير 2025، زار وفد روسي مشترك بين الإدارات بقيادة نائب وزير الخارجية الروسي، الممثل الخاص للرئيس إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف دمشق.

وبناء على حضور وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة ماهر الشرع في هذه المفاوضات، فمن المرجح التطرق إلى بعض القضايا الإنسانية وأيضاً إلى جوانب معينة في مجال استخدام الموانئ السورية، وربما إمدادات الغذاء لتلبية احتياجات سوريا. والجدير بالذكر أن رئيس الشيشان رمضان قديروف أشار بالفعل في نهاية سنة 2024 إلى إمكانية توفير الكمية اللازمة من القمح لتلبية احتياجات سوريا في ظل السلطات الجديدة.

وعليه، فإن من المرجح تناول هذه المواضيع بشكل أكبر خلال المحادثات الهاتفية التي جمعت فلاديمير بوتين وأحمد الشرع، لا سيما في ظل إشارة الخدمة الصحفية للكرملين إلى مناقشة عدد من القضايا الراهنة للتعاون العملي في المجال التجاري والاقتصادي.

ويرجح نيجماكوف تفعيل القيادة الروسية لهذه الاتصالات إلى افتراضها أن التوقف المؤقت في مسألة بناء العلاقات مع سادة دمشق الجدد، يتطلب استثماراً كبيراً للموارد وتوسع التزامات الحكومة السورية الحالية تجاه الهياكل الغربية. وهو يتوقع أن يكون مستقبل القواعد العسكرية الروسية في سوريا القضية الأكثر صعوبة في التفاوض، معتبرا أن المهمة الأساسية بالنسبة لروسيا الاتفاق على إمكانية مواصلة استخدام الموانئ السورية من قبل السفن الروسية.

قد يكون هناك تمهيد لاتخاذ الحكومة المؤقتة في سوريا بعض الالتزامات بشأن التخلي عن تقديم الدعم للقادمين من دول ما بعد الاتحاد السوفييتي الذين شاركوا في القتال إلى جانب هيئة تحرير الشام ، وقد يرغبون في العودة إلى دول رابطة الدول المستقلة، بما في ذلك روسيا، لمواصلة أنشطتهم ضد السلطات الروسية. ومع ذلك، حتى لو قدم أحمد الشرع بعض الالتزامات في ما يتصل بهذه المشكلة، فإن مسألة تنفيذها على أرض الواقع تبقى محل تساؤل. ورغم هذا، تبذل موسكو محاولات لتحقيق التعاون مع الحكومة المؤقتة في دمشق في هذا الشأن.

ويرى نيجماكوف أن أحمد الشرع يسعى إلى تنويع علاقاته الدولية، بما في ذلك من أجل تعزيز موقفه خلال المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مرجحا لعب أنقرة دوراً في إقامة اتصالات بين روسيا والإدارة الجديدة في دمشق.

وبحسب نيجماكوف فإن الإدارة الجديدة في دمشق مهتمة بتوريد المواد الغذائية والأدوية، وربما أيضًا بالاستثمارات الروسية. ومع ذلك، فإن المشاركة في المشاريع الاستثمارية في سوريا حاليًا تنطوي على مخاطر، لا سيما بالنظر إلى أن أحمد الشرع نفسه يواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على السيطرة حتى على المناطق التي تقع ضمن نطاق نفوذه حاليًا.

وأفاد نيجماكوف بأن المواقف التفاوضية لرجب طيب أردوغان تعززت بعد الإطاحة ببشار الأسد. وعليه، فسيعتمد التوازن المستقبلي على العديد من العوامل، بدءًا من تطور الأزمة الأوكرانية، وصولًا إلى ديناميكيات العلاقات بين أنقرة وواشنطن في ظل رئاسة دونالد ترامب ومدى استقرار موقف الإدارة الجديدة في دمشق.

بخصوص تداعيات إقامة علاقات مع السلطات السورية الجديدة، يستبعد نيجماكوف رفع القيادة الروسية سقف توقعاتها بشأن أحمد الشرع ورفاقه. ومن بين التهديدات التي تواجهها روسيا والمرتبطة بتغيير السلطة في دمشق، نمو نفوذ الجماعات المتطرفة المستعدة للقيام بأنشطة تخريبية ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما أيضا في الفضاء ما بعد السوفييتي. إلى جانب ذلك، يتمثل عامل الخطر الإضافي في تهريب الأسلحة إلى دول ما بعد الاتحاد السوفييتي، وهي الأسلحة التي كانت مخزنة سابقًا في المستودعات الحكومية خلال حكم بشار الأسد. وقد تقع هذه الأسلحة في أيدي المتطرفين أو الجماعات الإجرامية، ما يشكل تحديات أمنية جديدة في دول الاتحاد السوفييتي السابق.

وفي ختام التقرير، نوهت الصحيفة إلى أن موسكو بعد الزيارة التي أداها رئيس وزارة الخارجية الأوكرانية أندريه سيبيغا إلى سوريا في كانون الأول/ ديسمبر 2024 تسعى لاستكشاف الوضع عن كثب لمتابعة تطور العلاقات بين البلدين، وربما محاولة التصدي لها في بعض الحالات.





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 4351  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 16-02-2025 10:22 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
الرجال أم النساء .. من الأكثر كرما؟ شجار بين الركاب يجبر طائرة على الهبوط اضطراريا في تركيا! انخفاض إنتاج البن في البرازيل يرفع الاسعار عالميا الأميرة شارلوت .. هل هي حقاً أغنى طفل في العالم؟ طقس العرب: الأجواء مهيأة ‏لمنخفض جوي نهاية الأسبوع 7 أكتوبر بداية "المؤامرة" ..... بالصور .. إضراب جزئي لصيادلة العقبة رداً على قانون... أسلحة "إسرائيل" بيد حماس .. كيف حصلت... الملكة رانيا: اللهم نور قلبها واحفظها بعينك التي لا... سوريا .. مصادر تكشف ما دار في لقاء الشرع ومجموعة...الجيش الإسرائيلي يعتزم بدء عرض تحقيقات حول أحداث 7... شهيدة وجرحى بنيران الجيش الإسرائيلي جنوب لبنان نتنياهو: رؤية ترامب جريئة وسنعمل على ضمان تحقيقهاالأمم المتحدة ترحب باستمرار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق...الكابينت الإسرائيلي يجتمع غدا لبحث المرحلة الثانية...الجامعة العربية تؤكد ضرورة انسحاب إسرائيل بالكامل...الرئيس المصري: نعد خطة لإعمار غزة دون تهجير الملك لوفد الكونغرس: الأردن يرفض محاولات التهجير... وفاة الممثلة الكورية الشابة كيم ساي رون تعليق صادم من نيللي كريم عن الزواج وتجاربها السابقة! التفاصيل الكاملة لمسلسل "أشغال شقة جداً"... دماء ورموز غريبة .. جمال سليمان يثير تساؤلات متابعيه ياسمين عبد العزيز تنشر مقطع فيديو مع بناتها في... المنتخب الوطني ت23 يبدأ تدريباته في عمان صلاح يستعين بـ"العلم" .. ويرفض الاعتراف بـ"عمره" وفاة الرئيس التاريخي لنادي بورتو عن 87 عاماً جماهير مانشستر سيتي تتغنى بعمر مرموش لاعب تونسي ضحية "العنصرية" في الدوري الإنكليزي زلزال يضرب المحيط الهادئ .. كم بلغت قوته "من الإنجليزية إلى الإنجليزية" .. ترامب يستعين بمترجم لفهم لهجات "الصحفيين الأجانب" اقتبسها من نابليون .. ترامب: "من ينقذ بلاده لا ينتهك القانون" استئصال 6 سم من لسان امرأة بسبب "تشخيص خاطئ" ربط متفجرات حول عنقه ثم أعدمه .. تفاصيل جريمة مروعة ارتكبها ضابط في جيش الاحتلال بحق مسن خلال حرب غزة مشهد أرعب المصلين .. "جمجمة طفل" داخل مسجد فى مصر 48 قتيلاً بانهيار "منجم للذهب" في مالي مصرع 18 شخصًا على الأقل في تدافع بمحطة قطارات في "نيودلهي" تحدي الموت بالمغرب .. "تيك توكر" يضرم النار في نفسه وتبتلعه الأمواج مفارقة نادرة مع بداية شهر رمضان هذا العام

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • لماذا اعترفت موسكو بالقيادة الجديدة في سوريا .. وما هي العواقب؟
  • لماذا التحذير من تكرار السيناريو الليبي في سوريا؟
  • تركيا: بدأنا التحدث مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن سوريا
  • عادل حمودة: البيت الأبيض شاهد على أشرس الصراعات السياسية الأمريكية
  • عادل حمودة: البيت الأبيض شاهد على أشرس الصراعات السياسية
  • عاجل| وزير الخارجية التركي: لدينا فرصة حقيقية لأول مرة لحل المشكلات في سوريا بعد أكثر من 10 سنوات من عدم الاستقرار
  • ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء السودان
  • مباحثات بين بارزاني والشيباني حول مستقبل سوريا والعراق وحماية حقوق الكرد
  • ذكي بشكل خطير.. هل يقود الشرع سوريا نحو الاستقرار رغم التحديات الكبرى؟
  • تقرير: الصفقة الصغيرة بين ترامب وكيم جونغ أون قد تجعل العالم مكانا أقل خطورة