لبنان ٢٤:
2024-11-24@01:19:05 GMT
حزب الله يربط الاستحقاقات بالجنوب واستنزاف لبنان مستمر؟
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
كتب ابراهيم حيدر في" النهار": حتى الآن لا مؤشرات توحي بأن "الخماسية" تمتلك قوة ضغط موحدة قادرة وروافع جديدة للدفع نحو تغيير الواقع اللبناني وانجاز الاستحقاقات، ذلك أن التصورات المتداولة حول الملفات الخلافية، لم تغيّر من الاصطفافات القائمة في ظل المواجهات على الحدود بين "حزب الله" واسرائيل وانسداد الأفق حول امكان تهدئة الجبهة والفصل بين لبنان وغزة.
في تحرك "الخماسية" لا يمكن الفصل بين انجاز الاستحقاقات وبين التهدئة على جبهة الجنوب. الأمر مرتبط في شكل رئيسي بـ"حزب الله" وهي نقطة أساسية تحاصر اي تقدم في المشاروات لانتاج تسوية جديدة أو اقله التفاهم على تصورات سياسية لإخراج لبنان من أزمته، ومواجهة أي تدهور للأوضاع الجنوبية بحرب إسرائيلية واسعة أو بعمليات تدميرية تستمر في استنزاف لبنان. وتظهر المشكلة وفق المصدر الديبلوماسي أن الحزب غير مستعد للبحث في التسوية قبل وقف اطلاق النار في غزة أو الهدنة، وبالتالي يربط أي تقدم في الاستحقاقات الداخلية بالتطورات على جبهة الجنوب، وذلك على الرغم من إعلانه أنه لا يسعى إلى حرب واسعة وحصر معركته في إسناد غزة على الرغم من الاستنزاف الكبير للبنان.
لكن الوصول إلى بلورة مسار سياسي واضح للتسوية الداخلية لا يزال بعيداً، وسط استمرار الخطر من احتمال توسع الحرب الإسرائيلية، إذ أن "حزب الله" يتعامل مع الامر وكأنه يمكن إذا توقفت الحرب في غزة، العودة إلى المعادلات السابقة، ولهذا السبب يعتبر أن التهديدات الإسرائيلية هي مجرد تهويل، وأن المقاومة قادرة على الحاق الهزيمة بالاحتلال. فيستمر بربط جبهة الجنوب بغزة، ويرفض الاتفاق جنوباً، مستسهلاً أنه يمكن العودة إلى المرحلة السابقة، فيما الحرب الإسرائيلية التي تكسر قواعد الاشتباك تدمر قرى الجنوب. وهذه الوجهة جدد إعلانها الأمين العام للحزب حسن نصرالله أخيراً بالتأكيد على أن عمل المقاومة في لبنان وكل جبهاتها سيستمر، داعياً الولايات المتحدة الأميركية إلى الضغط على اسرائيل لوقف الحرب.
لكن ما لم يتطرق إليه نصرالله ويعقد مسار التسوية هو الاستنزاف الذي يلحق بلبنان ايضاً. إذ أن إسرائيل كسرت قواعد الاشتباك ووسعت عملياتها حتى باتت السيادة اللبنانية كلها مستباحة، وتسعى للمنطقة العازلة، وهي مؤشرات لحرب كبرى، بعد فرض أمر واقع على الأرض، لا يزال الأمين العام لـ"حزب الله" يرى فيه تهويلاً وهروباً إسرائيلياً من الاعتراف بالخسائر التي يتكبدها، بينما تسعى إسرائيل إلى إطالة أمد عملياتها.
المفارقة في ضوء تحرك الخماسية، ان نصرالله لم يجب عن التساؤلات اللبنانية عن أفق المعركة وطريقة إدارتها في ظل التصعيد الإسرائيلي وتوسيع حربه، وليس عما فعلته المقاومة في إسناد غزة. فإسرائيل التي نشرت 100 الف جندي على جبهة استمرت في حربها على غزة، وهي تهدد باجتياح رفح رغم مفاوضات الهدنة، إذ لا يفيد الكلام عن "عضّ الاصابع والغلبة والنصر هو لمن يتحمل" بل في النظر إلى ما يمكن فعله لوقف الاستنزاف طالما أن إسرائيل تواصل الاستهدافات والاغتيالات والضربات في العمق، وترفض العودة إلى المعادلات السابقة قبل "طوفان الأقصى".
يستبعد المصدر الديبلوماسي أن تحقق جولة "الخماسية" الجديدة انجازات أو تخرق الاستعصاءات القائمة حول الملف الرئاسي والتسوية، لكن تحركها يعتبر مؤشراً إيجابياً إلى استمرار الاهتمام الدولي بلبنان، وان كانت حسابات الدول وغاياتها متفاوتة أو مختلفة، ولذا يعتبر أن تلقف هذه المبادرة مسالة مهمة ويجب أن تكون أولوية خصوصاً من "حزب الله"، إذا كان يريد فعلاً سحب الذرائع أمام تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بالحرب واستمراره باستباحة السيادة اللبنانية.
عمليات إسرائيل تتوسع يوماً بعد يوم عبر التصعيد المتمادي لمنع الأهالي من العودة إلى منازلهم، وهو ما يعني إطالة أمد الحرب واستنزاف لبنان ما يستدعي تلقف المبادرات الدولية إن كان في تحرك الخماسية أو من خلال الوساطات حول الجنوب لوقف استنزف لبنان، فانخراط "حزب الله" في التسوية وفصل حساباته الإقليمية، يحتاج إلى إعادة صوغ سياسات لبنانية تقدم مصلحة البلد أولاً وأخيراً وتجنب لبنان استنزافاً طويل الامد يفاقم أزماته ويمنع استعادة توازنه. لكن ما يحدث الآن لا يُبشر بالخروج من المأزق.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: العودة إلى حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
لا إيران تنهي الحزب ولا إسرائيل تنهي الحرب
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": هناك أفخاخ عدة زرعها بنيامين نتنياهو في صلب الورقة التي يعمل هوكشتاين على تسويقها، وأبرزها على الإطلاق شرط احتفاظ إسرائيل ب »حقّها » فيرصد أجواء لبنان بالطيران الحربي والمسيّرات، وبأن تكون لها صلاحية تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، في أي لحظة، إذا اكتشفت أنّ«حزب الله » أو أي طرف آخر يقوم مجدداً بالتسلح أو الانتظام عسكرياً.طبعاً،المفاوض اللبناني هرب من هذا البند باعتماد صيغة «حق كل من الطرفين في الدفاع عن النفس »، إذا اكتشف أنّ الطرف الآخر يخرق الاتفاق. ووفق الصيغة المتداولة، يتقدّم الطرف المشتكي باعتراضه إلى الهيئة المعنية بمراقبة الاتفاق،التي يرئسها جنرال أميركي، وهي تتولّى المعالجة. ولكن السؤال هو: ماذا لواعتبر الطرف الشاكي أنّ المعالجة لم تتمّ كما يجب؟ هل سيحصّل حقه بيده؟ أيهل يلجأ إلى القوة في التعاطي مع الطرف الآخر؟ هذه الصيغة التي طرحها لبنان، كبديل من النص القاسي الذي كان قد صاغه الإسرائيليون، تبقى أيضاً قاسية، وهي عملياً تخدم المصلحة الإسرائيلية في التنفيذ. فإسرائيل لا تحتاج إلى خرق القرار 1701 لتحافظ على قوة ردعها. وأما «حزب الله » فمضطر للحصول على السلاح من الخارج وتخزينه من أجل البقاء كقوة عسكرية، وإّ لّافإنّه سيصبح حزباً سياسياً لا أكثر. وكذلك، الإسرائيليون مؤهلون أكثر من«الحزب » لإقناع أركان الهيئة بوجهة نظرهم. فهي برئاسة أميركي وتضمّ دولاً أطلسية، بعضها يعتبر الجناح العسكري ل »الحزب » منظمة إرهابية، ما يعني أنّ احتمال تحرّك الهيئة ضدّ«الحزب » يفوق بكثير احتمال تحركها ضدّ إسرائيل. وللتذكير أيضاً، إسرائيل تمتلك قدرة عملانية كبيرة على ضرب أهداف لـ «الحزب » في لبنان، إذا قرّرت ذلك، فيما قدراته على القيام بالمثل ضدّها هي اليوم محدودة، وستكون محدودة أكثر بعد تنفيذ الاتفاق وتوقفه عن التزود بالسلاح.
في أي حال، ربما تكون صيغة «الدفاع عن النفس » هي أفضل ما استطاع المفاوض اللبناني تحقيقه، كبديل من الطرح الإسرائيلي القاضي بالتدخّل العسكري، في أي لحظة، علماً أنّ إيراده ضمن ملحق خاص بينهم وبين الأميركيين يشكّل إلزاماً إضافياً لواشنطن. والتدقيق في هذا الشرط يكشف أبعاداً بالغة الخطورة حاول المفاوض اللبناني تجنّبها .
في أي حال، قرار لبنان الرسمي ليس عنده. والمفاوض الفعلي هو إيران. فهل ستترك لإسرائيل أن تهزم «الحزب » نهائياً؟ وهل تعتبر أنّ «الحزب » في موقع ضعف في لبنان يفرض عليها الاستسلام؟ المطلعون على أجواء «الحزب » يقولون إنّ إيران لن توافق في أي شكل على انكسار «الحزب » أمام إسرائيل في لبنان، كما لم توافق على انكسار «حماس » في غزة، وستقاتل حتى النهاية سعياً إلى تدارك الخسارة. وهي تراهن على أنّ إسرائيل قد تتعب وتدفعها الظروف الدولية إلى تسوية أكثر توازناً تسمح ل «الحزب » بأن يحتفظ بقوته، وأن يبقى لها نفوذ من خلاله على حدود إسرائيل وشاطئ المتوسط. ففي الواقع،لن توافق طهران بأي ثمن على نهاية «حزب الله ». وفي الموازاة، لن توافق إسرائيل على نهاية الحرب الدائرة حالياً. ولذلك، سيراوح هوكشتاين طويلاً في الدوامة باحثاً عن تسوية. وسيناور بنيامين نتنياهو وشركاؤه في حكومة اليمين واليمين المتطرف ويرفضون أي تسوية حتى يبلغوا أهدافهم المرسومة، في المراحل المقبلة من الحرب. وهذه الأهداف ستؤدي على الأرجح إلى إحداث تحولات جديدة في لبنان والمنطقة كلها.