كتب ابراهيم حيدر في" النهار": حتى الآن لا مؤشرات توحي بأن "الخماسية" تمتلك قوة ضغط موحدة قادرة وروافع جديدة للدفع نحو تغيير الواقع اللبناني وانجاز الاستحقاقات، ذلك أن التصورات المتداولة حول الملفات الخلافية، لم تغيّر من الاصطفافات القائمة في ظل المواجهات على الحدود بين "حزب الله" واسرائيل وانسداد الأفق حول امكان تهدئة الجبهة والفصل بين لبنان وغزة.

وعلى هذا تبدو حركة السفراء الجديدة وكانها تدور في حلقة مفرغة، إذ أن مبادرتها مقيّدة بالملفات الإقليمية خصوصاً الحرب في غزة وتأثيراتها على المنطقة، وسط تراجع انحسار حركة الموفدين الدوليين، مع إرجاء المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان زيارته المفترضة إلى لبنان والحديث عن عدم عودته نهائياً بعد فشل مهمته الأخيرة أو إعادة إطلاق مبادرته بعد التوصل إلى هدنة في غزة.
في تحرك "الخماسية" لا يمكن الفصل بين انجاز الاستحقاقات وبين التهدئة على جبهة الجنوب. الأمر مرتبط في شكل رئيسي بـ"حزب الله" وهي نقطة أساسية تحاصر اي تقدم في المشاروات لانتاج تسوية جديدة أو اقله التفاهم على تصورات سياسية لإخراج لبنان من أزمته، ومواجهة أي تدهور للأوضاع الجنوبية بحرب إسرائيلية واسعة أو بعمليات تدميرية تستمر في استنزاف لبنان. وتظهر المشكلة وفق المصدر الديبلوماسي أن الحزب غير مستعد للبحث في التسوية قبل وقف اطلاق النار في غزة أو الهدنة، وبالتالي يربط أي تقدم في الاستحقاقات الداخلية بالتطورات على جبهة الجنوب، وذلك على الرغم من إعلانه أنه لا يسعى إلى حرب واسعة وحصر معركته في إسناد غزة على الرغم من الاستنزاف الكبير للبنان.
 

لكن الوصول إلى بلورة مسار سياسي واضح للتسوية الداخلية لا يزال بعيداً، وسط استمرار الخطر من احتمال توسع الحرب الإسرائيلية، إذ أن "حزب الله" يتعامل مع الامر وكأنه يمكن إذا توقفت الحرب في غزة، العودة إلى المعادلات السابقة، ولهذا السبب يعتبر أن التهديدات الإسرائيلية هي مجرد تهويل، وأن المقاومة قادرة على الحاق الهزيمة بالاحتلال. فيستمر بربط جبهة الجنوب بغزة، ويرفض الاتفاق جنوباً، مستسهلاً أنه يمكن العودة إلى المرحلة السابقة، فيما الحرب الإسرائيلية التي تكسر قواعد الاشتباك تدمر قرى الجنوب. وهذه الوجهة جدد إعلانها الأمين العام للحزب  حسن نصرالله أخيراً بالتأكيد على أن عمل المقاومة في لبنان وكل جبهاتها سيستمر، داعياً الولايات المتحدة الأميركية إلى الضغط على اسرائيل لوقف الحرب.
 
لكن ما لم يتطرق إليه نصرالله ويعقد مسار التسوية هو الاستنزاف الذي يلحق بلبنان ايضاً. إذ أن إسرائيل كسرت قواعد الاشتباك ووسعت عملياتها حتى باتت السيادة اللبنانية كلها مستباحة، وتسعى للمنطقة العازلة، وهي مؤشرات لحرب كبرى، بعد فرض أمر واقع على الأرض، لا يزال الأمين العام لـ"حزب الله" يرى فيه تهويلاً وهروباً إسرائيلياً من الاعتراف بالخسائر التي يتكبدها، بينما تسعى إسرائيل إلى إطالة أمد عملياتها. 
 
المفارقة في ضوء تحرك الخماسية، ان نصرالله لم يجب عن التساؤلات اللبنانية عن أفق المعركة وطريقة إدارتها في ظل التصعيد الإسرائيلي وتوسيع حربه، وليس عما فعلته المقاومة في إسناد غزة. فإسرائيل التي نشرت 100 الف جندي على جبهة استمرت في حربها على غزة، وهي تهدد باجتياح رفح رغم مفاوضات الهدنة، إذ لا يفيد الكلام عن "عضّ الاصابع والغلبة والنصر هو لمن يتحمل" بل في النظر إلى ما يمكن فعله لوقف الاستنزاف طالما أن إسرائيل تواصل الاستهدافات والاغتيالات والضربات في العمق، وترفض العودة إلى المعادلات السابقة قبل "طوفان الأقصى". 
 
يستبعد المصدر الديبلوماسي أن تحقق جولة "الخماسية" الجديدة انجازات أو تخرق الاستعصاءات القائمة حول الملف الرئاسي والتسوية، لكن تحركها يعتبر مؤشراً إيجابياً إلى استمرار الاهتمام الدولي بلبنان، وان كانت حسابات الدول وغاياتها متفاوتة أو مختلفة، ولذا يعتبر أن تلقف هذه المبادرة مسالة مهمة ويجب أن تكون أولوية خصوصاً من "حزب الله"، إذا كان يريد فعلاً سحب الذرائع أمام تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بالحرب واستمراره باستباحة السيادة اللبنانية.
عمليات إسرائيل تتوسع يوماً بعد يوم عبر التصعيد المتمادي لمنع الأهالي من العودة إلى منازلهم، وهو ما يعني إطالة أمد الحرب واستنزاف لبنان ما يستدعي تلقف المبادرات الدولية إن كان في تحرك الخماسية أو من خلال الوساطات حول الجنوب لوقف استنزف لبنان، فانخراط "حزب الله" في التسوية وفصل حساباته الإقليمية، يحتاج إلى إعادة صوغ سياسات لبنانية تقدم مصلحة البلد أولاً وأخيراً وتجنب لبنان استنزافاً طويل الامد يفاقم أزماته ويمنع استعادة توازنه. لكن ما يحدث الآن لا يُبشر بالخروج من المأزق.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: العودة إلى حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

السيد خامنئي: الجهاد مستمر في لبنان وغزة وسيؤدي حتماً إلى انتصار جبهة المقاومة

يمانيون../

أكّد قائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي، اليوم الخميس، أنّ “الجهاد المستمر بقوّة في لبنان وقطاع غزّة وفلسطين المحتلة سيؤدي حتماً إلى الانتصار”.

وقال السيد خامنئي في كلمة له خلال لقاءٍ مع أعضاء مجلس خبراء القيادة في إيران: إنّه “وبحسب ما يُفهم من التطورات الجارية، والوعد الإلهي، فإنّ انتصار الحق ومحور الحق وجبهة المقاومة أمر قطعي”.

وأشار إلى أنّ هذه الأيام “تتزامن مع أربعينية استشهاد مجاهد عصرنا الكبير الذي ما كان يعرف الكلل الشهيد السيد حسن نصر الله عليه رحمة الله.. نُحيي ذكراه وذكرى الشهيد إسماعيل هنية، والشهيد السيد هاشم صفي الدين، والشهيد يحيى السنوار، والشهيد نيلفروشان، وباقي شهداء المقاومة”.. مُضيفاً: “نحيي ذكراهم كما نحيي ذكرى شهادة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ونسأل الله الدرجات العليا لكل هؤلاء الشهداء الأبرار”.

وشدد السيد خامنئي على أنّ “الشهيد السيد حسن نصر الله وغيره من شهداء هذه الأيام الأعزاء، رفعوا من عزة الإسلام حقاً، كما رفعوا من عزّة جبهة المقاومة وقوتها”.

وتابع عن السيد شهيد الأمة.. قائلاً: “سيدنا العزيز استشهد وباستشهاده نال أعلى المراتب وما كان يتمناه، لكنّه ترك هنا إرثاً كبيراً وهو حزب الله”.

وأردف: إنّ “حزب الله بفضل شجاعة السيد وحكمته وصبره وتوكله العالي نما وتعاظم وتحوّل إلى قوةٍ لم يتمكن العدو من هزيمتها، على الرغم من كل إمكانياته المادية والإعلامية، وإن شاء الله لن يتمكن من ذلك”.

ولفت السيد خامنئي إلى أنّ “حزب الله خلال ما يقارب 40 عاماً أجبر “إسرائيل” على الانسحاب من بيروت وصيدا وطهّر جنوب لبنان كلياً من وجود الصهاينة، ما يعني أنّ قدراته تعاظمت وتتعاظم”.. معقباً بقوله: “مُخطئ من يظن أنّ حزب الله ضعف، فهو حزب قوي ويواصل المواجهة”.

وأوضح أنّ “حزب الله تحوّل من مجموعةٍ صغيرة من المجاهدين في سبيل الله إلى قوّةٍ عظيمة قادرة على تحقيق هذه الإنجازات وإجبار العدو المدجج بأنواع الأسلحة كافة والمدعوم سياسياً واقتصادياً وإعلامياً من جانب طغاة العالم على التراجع وهذه هي تجربة تاريخية شهدناها”.

وبشأن حزب الله وإكمال مسيرته، قال السيد خامنئي: إنّ “حزب الله يواصل النضال برجاله الأبطال، والعالم سيرى أن الكيان الصهيوني سيتلقى صفعة من هؤلاء المجاهدين”.

وشرح السيد خامنئي أنّ التجربة نفسها حصلت مع المقاومة الفلسطينية إذ خاضت تسع معارك مع الكيان الصهيوني خلال الأعوام الـ 15 عاماً الماضية، وفي جميع تلك المعارك فشل العدو في تحقيق أهدافه، واليوم انتصرت أيضاً”.

وأضاف: إنّ “العدو كان يريد القضاء على حماس وفشل في ذلك فعمد إلى قتل آلاف الأبرياء، وأظهر وجهه القبيح للعالم وعزل نفسه”.

وأشار السيد خامنئي إلى أنّ “العدو يظن أن باغتياله قادة المقاومة ستنتهي حماس، لكن الحركة تواصل القتال، ما يعني فشل الكيان في تحقيق أهدافه”.

وقبل أيام، أكّد السيد خامنئي، أنّ على الأعداء، ولا سيما الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، أن يعلموا أنهم سيتلقون رداً قاسياً على ما يفعلونه ضد إيران وجبهة المقاومة”.

مقالات مشابهة

  • العدوان مستمر على الجنوب والبقاع.. هذه آخر المستجدات هناك (فيديو)
  • السيد خامنئي: الجهاد مستمر في لبنان وغزة وسيؤدي حتماً إلى انتصار جبهة المقاومة
  • زعيم حزب الله: لا سلام حتى توقف إسرائيل عدوانها على لبنان
  • أمين عام "حزب الله" يحدد شرطين لمفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل
  • الأمين العام لحزب الله: لا مكان في إسرائيل بعيد عن طائراتنا وصواريخنا
  • العدوان الإسرائيلي على الجنوب مستمرّ.. غارات على هذه البلدات
  • إسرائيل تمضي في التدمير وإشارات متضاربة حول تقليص العملية البرية في الجنوب
  • إسرائيل تستعد لليوم التالي بعد الحرب في لبنان.. إعلام إسرائيلي يتحدث
  • لبنان: إسرائيل مسحت معظم شوارع 37 بلدة ودمرت 40 ألف وحدة سكنية
  • إسرائيل تدمر 37 بلدة و40 ألف منزل في لبنان خلال عام