الثورة نت:
2025-04-10@21:23:33 GMT

النظام الدولي والمرحلة الانتقالية

تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT

 

يمر النظام الدولي الذي تشكل على إثر خفوت مدافع الحرب العالمية الثانية في مرحلة انتقالية مجبولة بكثير من الفوضى والعبث والانهيار الأخلاقي والسلوكي خاصة إذا ما أدركنا أن النظام الدولي القديم الذي تقف على رأسه الولايات المتحدة الأمريكية ودول الترويكا الغربية، يقف عائقا أمام تحديث النظام الدولي أو استبداله باخر أكثر عدلا وأخلاقا، وفيما هناك من يسعى لاستبدال نظام الهيمنة القطبية الأحادي الذي تديره وتتحكم به واشنطن منذ انهيار القطب الآخر في المعادلة الدولية الاتحاد السوفيتي عام 1989م لتتسيد واشنطن زعامة العالم منذ عام 1990م لكنها بدلا من إرساء قيم الحق والعدل وفق النظرية الليبرالية المؤمنة بحق الفرد والمجتمع، ذهبت سياسة واشنطن بعيدا في غطرستها وتبنت سياسة استعمارية هي الأسوأ في التاريخ الاستعماري، وتحولت هذه الدولة من دولة ليبرالية تؤمن بالحريات والحقوق والقيم الديمقراطية كما زعمت ولاتزال، إلى دولة إمبريالية متوحشة تتعامل مع العالم وفق منطق ثقافة (الكابوي ورعاة البقر) وترى في العرب والمسلمين تحديدا وكأنهم (هنود حمر) الذين قامت أمريكا على انقاضهم، ومن تبقى منهم وضعتهم في محميات خاصة وكأنهم حيوانات وليس بشر، نظرية تحاول واشنطن وفق منطقها وسلوكها الراهن تطبيقها على الشعب العربي في فلسطين وعلى كل العرب والمسلمين، بما في ذلك أولئك الذين ارتبطوا بها ارتباطا عضويا، فهي لا ترى فيهم إلا مجرد جسور تمشي عليهم، وتصل من خلالهم نحو أهدافها الجيوسياسية والاستراتيجية، لكنها لن تتردد في التضحية بهم أن تطلب الأمر ذلك، وقد حدث هذا كثيرا مع شخصيات وزعامات ودول وأنظمة ارتبطوا بأمريكا ثم تخلصت منهم في لحظة ما، إما بعد أن استكملت استخدامهم، أو بعد أن احرقتهم أمام شعوبهم وخوفا من الثورة عليها وقد يأتي للسلطة من لا تنسجم معهم، فعملت على التخلص منهم عبر تصعيد بدلاء موالين لها، قاطعة بهذا الطريق أمام إرادة الشعوب وخوفا أن تؤدي أي ثورة شعبية هنا أو هناك من إيصال أنظمة معادية لواشنطن كما حدث في إيران رغم إنها ضحت بالشاه، وكما حدث في مصر السادات الذي لم يكن بمقدور أي جهة تصفيته، لولا الولايات المتحدة التي استخدمت الرجل في عزل مصر عن الصراع العربي الصهيوني من خلال اتفاقية (كامب ديفيد) وإبرام اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني، لكن حين أدركت أن السادات له كارزمية معقدة وذات نزوع نرجسي يصعب السيطرة عليه، عملت على تهيئة الظروف للتخلص منه، وأمريكا تجد فن تهيئة ظروف الأحداث، فما حدث للسادات لم يكن جهد جماعة الإخوان، ولم يكن خالد الاسلامبولي أكثر من مجرد أداء حركته أياد خفية، وسهلت وصوله نحو غايته تماما، كما حدث مع بن لادن وتنظيم القاعدة في أحداث منهاتن عام 2001م الذي بدوره ما كان في مقدوره القيام بما قام به في ضرب أبراج منهاتن ومواقع أخرى لم تكن هناك رغبة لدى جهة ما تريد حدوث هذا الحدث أو ذاك وبالتالي تعمل على تسهيل مهمة المتحمسين للقيام به وتعطيهم الفرصة الكاملة لتحقيق ما يتطلعون إليه، والذي تتخذه واشنطن لاحقا ذريعة لتحقيق أهداف استراتيجية أعظم واشمل واكبر، وبرد فعل أعظم واشمل مما يجب أن يستحقه الحدث.

.!
غطرسة واشنطن طيلة عقود هيمنتها أوصلتها إلى هذه المرحلة التي يمكن وصفها إنها مرحلة ( السعار الأمريكي وتوحش سلوكها) بدءاً من غزوها لجمهورية يوغسلافيا السابقة وإسقاط نظامها وتقسيم هذه الجمهورية إلى دويلات عرقية وطائفية، إلى غزو أفغانستان بذريعة مكافحة الإرهاب وإسقاط نظام طالبان الذي صعدته للسلطة الأفغانية عام 1995م، ثم قررت إسقاطه عام 2001م بذريعة تعاونه مع تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن الصديق الذي تحول لعدو ، ثم عملت على غزو العراق بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل، وهي كذبة افتعلتها أمريكا وكانت تدرك انها تكذب علي العالم، ولكنها كانت تبحث عن ذريعة تجبر الآخرين بالتسليم بمواقفها، والمؤسف أن غالبية النظم العربية صدقت مزاعم أمريكا في مكافحة الإرهاب وان القاعدة هي من هاجمت أمريكا، وان العراق يشكل خطرا على دول الجوار، كما صدقوا أن الإخوان وخالد الاسلامبولي هم من خططوا ونفذوا جريمة اغتيال الرئيس السادات، وأين في ساحة العرض العسكري الذي يتفاخر به الرجل ويتباهي بصناعته وهو يوم العاشر من اكتوبر ذكرى حرب 1973م ومع أن مكان وتوقيت اغتيال الرجل كان يحمل رسالة واضحة وكافية غير أن كثيرين لم يستوعبوا، ليأتي بعده من قدم افضل وأهم الخدمات لأمريكا والصهاينة..!
سياسة غطرسة أمريكا تراكمت، وزاد سخط العالم شعوبا وأنظمة على تصرفاتها بما في ذلك حلفاؤها، وهي التي لا حليف لها غير الكيان الصهيوني في الوطن العربي، والمملكة المتحدة في أوروبا، وغير هؤلاء ليس هناك حلفاء تحترمهم واشنطن وتتعامل معهم كحلفاء، وحتى حلفاءها التقليديين في أوروبا لا ترى فيهم غير مجرد اتباع، وعليهم أن يكونوا كذلك بدليل أن قواعدها في كل أوروبا لاتزال ثابتة حتى بعد انتفاء مهمة هذه القواعد وزوال الخطر الذي تم إنشاء هذه القواعد لمواجهته وهو حلف وارسو..
في جنوب شرق آسيا الأمر لا يختلف عن الحال في أوروبا
خلال عقود هيمنة واشنطن على العالم تبلورت قناعات دولية بأهمية إيجاد نظام دولي متعدد الأقطاب يتجاوز هيمنة واشنطن ويسقط توحشها تجاه شعوب وأنظمة العالم بعد أن تعمدت طيلة ثلاثة عقود على فرض قوانينها الخاصة بدلا عن القانون الدولي، فصادرت بذلك مهام الأمم المتحدة والجمعية العامة، ومجلس الأمن الدولي وهي المنظمات المعنية بحماية السلم والأمن الدوليين، غير أن أمريكا صادرت مهام هذه الجهات الدولية وعطلت قوانينها ونظمها ودورها، لتحل قوانينها الخاصة وتصبح قوانينها هذه ملزمة على شعوب وأنظمة العالم ومن يخالفها أو يعترض عليها فهو إرهابي وضمن محور الشر ويستحق العقاب، بل ابتكرت قانون العقوبات وحصار وتجويع الشعوب، وتجبر دول وأنظمة العالم ومؤسساته الاقتصادية والتجارية على تنفيذ قوانينها المنافية لكل القوانين والتشريعات الدولية والإنسانية والأخلاقية، مستغلة عملتها (الدولار) كعملة دولية لتفرض على شعوب العالم إجراءات لخدمة مصالحها بمعزل عن مصالح شعوب ودول وأنظمة العالم.
وبما ان لكل بداية نهاية، فإن كل ما تقوم به أمريكا اليوم هو محاولة لتجنب النهاية الحتمية المرتقبة سواء تعلق الأمر بانسحابها من أفغانستان بعد عشرين عاما من الاحتلال والحرب ضد إرهاب طالبان ثم في النهاية تنسحب وتسلم السلطة لطالبان الإرهابية..!
فسعت لتطويق تصاعد روسيا والصين عبر تشكيل حلف ناتو جديد ضد الصين مكون منها ومن بريطانيا وأستراليا، إلى تفجير حرب أوكرانيا، غير أن مهمتها هذه أخفقت لعوامل ذاتية وموضوعية، فقفزت نحو منطقتنا راكبة موجة معركة طوفان الأقصى معلنة انضمامها للكيان الصهيوني، وشريكة فعالة إلى جانبه في حرب إبادة ضد الشعب العربي في فلسطين، منذرة كل دول وأنظمة المنطقة، ومهددة من يتدخل لنصرة الشعب الفلسطيني بالعقاب الساحق رافضة فكرة توسيع الصراع وحصره في نطاق قطاع غزة، معطية لكيانها اللقيط حق إبادة شعب تحت الاحتلال بذريعة ( الدفاع عن النفس) والحقيقة أن هذا الحق هو للشعب المحتل وليس لجيش الاحتلال، ولكنه منطق أمريكا..!
التي اصطفت دفاعا عن جرائم الاحتلال وهي في واقع الأمر تدافع عن هيمنتها وعن ديمومة تسلطها على العالم، لأن معركة طوفان الأقصى ليست مجرد معركة عابرة بين المقاومة في فلسطين والعدو، ولكنها معركة وجودية متصلة بمنظومة النظام الدولي الذي أسقطته مقاومة غزة وأسقطه الموقف اليمني الذي جاء من حيث لا تحتسب واشنطن والعدو الصهيوني، وان كان هناك من يحاول التقليل من الموقف اليمني فهذا لأنه غبي، فالموقف اليمني أحدث زلزالا لواشنطن، وأهان كبرياءها وغرورها، وداس على غطرسة اتخذتها أمريكا هوية لتطويع شعوب العالم.
بيد أن الخطأ الذي وقعت به واشنطن هو أنها تجاهلت حقيقة جوهرية تاريخية وحضارية ودينية وهي أن الأمة العربية ليست أمة (الهنود الحمر) مع احترامي لامة الهنود الحمر وحضارة (الاسكا والانكا)، ولكن هذه الأمة أمة حضارية وأمة الرسالات السماوية التي نزلت فيها وعلى رسل وأنبياء بعثهم الله من أبنائها، وبالتالي هذه الأمة تنكسر وتبتلي، ولكن لا تموت ولا تنقرض، ومنها الشعب الفلسطيني الذي يقاوم العالم بأسره وينتصر ويصنع المعجزات والأساطير في معركة أذهلت أمريكا وكيانها اللقيط والعالم، معركة أسطورية تكتب حروفها الملحمية مقاومة عربية إسلامية مسنودة من بقايا شرفاء الأمة الذين لم تتمكن أمريكا من تطويعهم، ولذا تصفهم بالإرهابيين وهذا الوصف إن أتى لأحدكم من أمريكا والغرب فهو شرف ما بعده شرف، بل وسام فخر واعتزاز يعلق على صدور كل من تصفهم أمريكا بالإرهابيين، لأن هذا الوصف بمثابة شهادة تؤكد على أن من تصفهم أمريكا بهذا الوصف هم أحرار وأصحاب سيادة وكرامة وقرار.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

خيارات أمريكا التفاوضية مع إيران.. بين نووي سلمي ومواجهة حتمية

يمانيون/ تقارير المفاوضات “المباشرة” لا غير …وكأن عنجهية القوة تريد دائماً أن تفرض نفسها حتى من حيثُ المبدأ على “سجال” هل يكون مباشراً أم غير مباشر، رغم أن المحور هو التفاوض لا طبيعته، في مرحلة ما زالت تحوم حول النوايا وقياس مدى جدية وواقعية العدوّ في السير في مفاوضات حساسة ومعقدة. فهناك طرف يريد مصادرة ما هو حق لغيره وطرف لا يقبل المساومة بحقه.

مفاوضات الملف النووي الإيراني ذات التعقيدات الشديدة، حيثُ هناك حق إيران في استثمار إمكانيات نووية مدهشة، مقابل مصالح وأطماع دول كبرى ما تزال تنظر إلى ما هو خارج الإطار الغربي كهامش لمركزها ، وإن كانت تصورات التفوق الغربي قد انحسرت منذ صعود اليابان إلى مصاف التقدم. 

المفاوضات المرتقبة بين واشنطن وطهران في سلطنة عُمان، إلى جانب المباحثات الثلاثية الروسية والصينية والإيرانية في موسكو، هي جزء أساسي من التحولات الجيوسياسية في المنطقة، حيثُ يحضر دعم بكين وموسكو لطهران، مع ترقب نتائج ملموسة للمساعي الدبلوماسية، السبت المقبل .

في سياق تاريخي تعززت قدرة إيران   على التمسك بمواقفها وثوابتها، حيثُ لم تُظهر أي تنازل عن المطالب الأساسية المتعلقة بحق إيران في امتلاك برنامج نووي للأغراض السلمية، ورفض أية مفاوضات مشروطة أو تحت التهديد.

مع صعود ترامب تزايدت الضغوط الأمريكية المستمرة على إيران، وارتفعت احتمالات وقوع حرب في الخليج، في ظل تزايد مطالب الإدارة الأمريكية بشأن البرنامج النووي الإيراني.

في الأسابيع الأخيرة كان هناك ارتفاع كبير في التوترات بين إيران والولايات المتحدة على خلفية العملية الأمريكية ضد اليمن والتهديدات المتكررة من الإدارة الأمريكية ضد طهران. وتهديد واشنطن بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية إذا لم تكن مستعدة لمفاوضات جادة تقدم فيها تنازلات لازمة في نظر إدارة ترامب.

والسؤال المطروح حول نووي طهران يتمحور حول نوع تنازلات التي تطالب بها واشنطن؟ وإذا ما كانت تتعلق بالمشروع النووي الإيراني وحده أم بملفات أخرى لا علاقة لها بالمشروع من أساسه؟ وحول المشروع النووي وإذا ما كانت قناعة واشنطن تسير في خط مصادرة حق إيران في توظيف المنافع النووية في جوانب التنمية أم لا؟

وأمام هذا هناك معطيين على أساسهما يمكن فهم ما قد يجري ما بين إيران وواشنطن فيما يتعلق بأي مفاوضات قادمة أو مواجهة.

هناك الموقف الإيراني الثابت حول حق إيران في استخدام وتطوير التكنولوجيا النووية والذي إلى حدّ كبير لن يتأثر بحجم الضغط والتهديد الأمريكي مهما بلغ.

وهناك جملة صراعات معقدة تواجه رئيس الولايات المتحدة ترامب؛ من يرى نفسه “منقذ أمريكا” من الانهيار، فمن مواجهات الداخل الأمريكي الليبرالي والديمقراطية المكلفة، إلى مواجهات العالم “الابتزازي” من وجهة نظر ترامب، إلى مواجهة العملاق الصيني والدب الروسي وأحلام عودة أوروبا الشرقية، واستغلال أوروبا لهرم أمريكا لنفخ الروح لعودة دول أوُروبا قوية على مدى متوسط وبعيد.. في ظل هذين المرتكزين يمكن أن تسير أي مفاوضات تخص إيران مع أمريكا…وعليه فمن حيثُ المبدأ يمكن أن نفهم أن من مصلحة ترامب التوصل إلى اتفاق مع طهران؛ فالمصلحة الأمريكية في أبعادها التكتيكية والاستراتيجية تقول إن من المفترض أن ينتهي الأمر باتفاق لا تصعيد وتأجيج حرب ليس بمقدور أمريكا تأطيرها، فمن تواجهه واشنطن إيران، ثم إن إيران لن تكون بمفردها، وما قد تفرضه أجواء المواجهة من ظروف وتداعيات يحذر رجل البيت الأبيض وتاجر العقار عواقبها بشدة

رغم تصاعد أصوات المتشددين داخل الولايات المتحدة للتعامل مع إيران “عسكريًّا” لمنع امتلاكها لسلاح نووي، وهي الأصوات نفسها التي دفعت أمريكا إلى حرب الخليج الثانية في العراق، حيثُ يتم الترويج من جماعات كمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى للمواجهة، بذريعة أنه قد لا يكون هناك وقت أفضل للتحرك. لكن رئيس أمريكا “ترامب” يدرك لصالح من كلّ هذا التحريض فهو يسعى نحو اتفاق، لا حرب أخرى في الشرق الأوسط شبيهة بحرب العراق…لذا كان هناك رسائل “سرية” بين واشنطن وطهران، منها ما أعلن عنه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عن رد إيران الرسمي على رسالة ترامب حول مفاوضات قادمة؛ فقد تمّ إرسالها عبر سلطنة عمان، حيثُ الحديث عن مفاوضات غير مباشرة السبت القادم، وإن روج ترامب لخلافها كنوع من حفظ ماء الوجه كما يبدو.

يمكن أن نعزز هذا التوجه بما نشره معهد responsible statecraft“، الذي يرى أن استراتيجية التفاوض هي ما يمكن أن يكون مصلحة أمريكية، حيثُ يتناغم مع تصريحات ورؤية ترامب.

ورغم أن تلك الاستراتيجية هي لصالح ترامب وأمريكا “القومية”، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق يتوقف على الموقف الأمريكي الذي سيتم طرحه على طاولة المفاوضات القادمة.

في حال أصر الأمريكان على مطالب تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل الذي طرحه السيناتور ليندسي غراهام، المقرب من ترامب، في تصريحاته في إسرائيل -فإن حتمية فشل الخيار السياسي هي المحتمل الأرجح بل والمؤكدة- في مقابلها سترتفع احتمالات التصعيد الأمريكي، يوازيها تحضر إيراني للرد.

لكن لصالح من يبقى السؤال الذي يدور في عقلية التاجر الرئيس ترامب؟!

في حال أخذ الموقف الأمريكي مسار قبول التوافق مع الموقف الإيراني بتقديم ضمانات بأن البرنامج النووي مخصص لـ “الاحتياجات السلمية” كأساس لاتفاق مستقبلي، فمن الممكن أن تكون المفاوضات بين الطرفين جدية للتوصل إلى اتفاق نهاية المطاف. هذا المسار كان قد طرحه ستيف ويتكوف، رجل الأعمال و مبعوث ترامب للشرق الأوسط في مقابلة أجراها مع كارلسون تاكر.

ثم إن طرح واشنطن ما هو خلاف لمتعلقات الملف النووي سيكون بمثابة المعرقل، فحديث أمريكا -في ظل المفاوضات المتوقعة السبت المقبل وما بعدها- في مسار آخر يطالب طهران بقطع علاقاتها مع حلفائها الإقليميين، وتغيير سياستها الخارجية جذريًا. فهو ما لن تخوض فيه طهران، حيثُ تراه “خارج النص”، ولا يمكن القبول بتدخل أمريكا فيه.

وفي الخط الموازي للتصعيد الأمريكي الكلامي ضد طهران وما رافقه من تعزيز للقوة الأمريكية في الخليج، هناك بالمقابل استعداد ايراني يرفع سقف التهديد والاستعداد للتعامل مع أي اعتداء وصولاً إلى وضع خيارات لإمكانية توجيه ضربات استباقية ضد أي قوى معادية.

هنا تبدأ مجسات الحذق ترامب مشعرة إياه بالخطر، فالظرف وحجم التحديات وتشعباتها وتربص القوى العالمية الأخرى تتحين سقطات أمريكا كفرص أقرب لإخضاع هيمنة أمريكا لمسلمات التغيير الحتمي. هنا تبدو مواجهة إيران خطر حقيقي، ويبدو النهج التفاوضي الأقرب لما خرج به مشروع أوباما النووي مع إيران أكثر عقلانية وذكاءً.

نقلا عن المسيرة نت

مقالات مشابهة

  • ما الذي يحدث في العالم ؟
  • أمريكا: شكراً الإمارات على تأمين تبادل السجناء بين واشنطن وموسكو
  • مصر تنضم رسميًا لتحالف أمريكا في البحر الأحمر.. بثمن باهظ
  • رئيس البرازيل يتهم ترامب بـ”فرض إرادته” على النظام العالمي
  • خيارات أمريكا التفاوضية مع إيران.. بين نووي سلمي ومواجهة حتمية
  • شدد على منع امتلاك النووي.. ترامب: محادثات مباشرة بين أمريكا وإيران
  • الملياردير الوحيد الذي لم يخسر بسبب رسوم ترامب الجمركية
  • الماتشا: المشروب الأخضر الذي يجتاح العالم ... ما السر وراء شعبيته؟
  • حلمي النمنم: 7 أكتوبر محاولة لاستدراج الجيش المصري للدخول في حرب
  • محمود محيي الدين: نشهد حربًا تجارية والعام الجاري قد يمثل نهاية النظام الاقتصادي الدولي