الحكومة الفرنسية في حالة “هستيريا” ضد التضامن مع غزة
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
الجديد برس:
استنفرت جمهورية مبادئ حقوق الإنسان بكل مؤسساتها ضد تحرك الأكاديميين الفرنسيين الذين نظموا في 12 مارس الحالي، يوماً للتضامن الأكاديمي مع القطاع الأكاديمي في غزة، ومع أهل القطاع، أكدوا فيه ضرورة وقف فوري لإطلاق النار ومنع استمرار الحرب.
اليوم التضامني، الذي دعت إليه “هيئة تنسيق الجامعات الأوروبية ضد الاستعمار في فلسطين”، مر بهدوء ومن دون أي حادثة تذكر في جامعات فرنسية وأوروبية عديدة، سوى في معهد العلوم السياسية في باريس 1، حيث أصرت طالبة من “اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا” (UEJF) المعروف بتطرفه الصهيوني، على تصوير وجوه المشاركين في الاحتجاج، فمنعها المنظمون خوفاً من عرض هذه الصور لاحقاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو سيناريو يتكرر كثيراً خلال التظاهرات والاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين منذ 7 أكتوبر الماضي.
ويتعرض المشاركون، بعد نشر صورهم، إلى حملات تهديد مبرمجة من قبل مجموعات إسرائيلية ناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل “اللواء اليهودي” الذي أُعيدت تسميته مؤخراً وبات يعرف “بالتنينات السماوية” أو “سيوف سليمان” أو “فريق العمل الإسرائيلي”، وهذه المجموعات تمارس التشهير ضد الناشطين والصحافيين والمسؤولين المنتخبين والمحامين الذين يعتبرون مؤيدين للفلسطينيين، من خلال نشر تفاصيلهم الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي لإثارة حملة مضايقات وتهديدات هاتفية ضدهم وضد أحبائهم.
لم تمضِ ساعات على نشر الطالبة الإسرائيلية قصة عدم السماح لها بالتصوير والبقاء في ساحة الاعتصام، حتى توجه رئيس الوزراء غابرييل أتال، شخصياً وبصحبة وزيرة التعليم العالي، سيلفي ريتيللو إلى معهد العلوم السياسية، وهناك دخل أتال بشكلٍ استفزازي ومن دون إذن مسبق إلى اجتماع استثنائي لمجلس إدارة المعهد ووبخ المجتمعين بقوله: “إن السمكة تتعفن دائماً من الرأس”، قبل أن يشن هجوماً على المنظمين ويتهمهم بمعاداة السامية.
تصرف رئيس الوزراء أثار موجة غضب في الوسط الأكاديمي الفرنسي، وقد عبّر رئيس المؤسسة الوطنية للعلوم السياسية عن “اشمئزازه” لهذا التصرف غير القانوني، عندما استخدم عبارة “ضيف غير متوقع” للإعلان عن وصول رئيس الوزراء.
في حين قال البروفيسور جان فرانسوا بايار، وهو باحث في المركز الوطني للأبحاث العلمية، إنه “خلال خمسين عاماً من تحليل الأوضاع الاستبدادية في جميع أنحاء العالم، لم ألاحظ قط مثل هذا التدخل الفظيع والشنيع من قبل السلطة السياسية في مجال المعرفة، إن الأنظمة الاستبدادية الحاصلة على براءة اختراع هي أكثر تهذيباً”.
لم ينحصر الهجوم الحكومي على الأكاديميين الفرنسيين الذين نظموا يوم الدعم لغزة على تصرف رئيس الوزراء الذي وصف “بالسيئ” بل وصل الأمر إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اعتبر في اليوم التالي خلال جلسة لمجلس الوزراء، أن ما قام به المؤيدون للفلسطينيين مع الطالبة الإسرائيلية “أمر لا يوصف وغير مقبول على الإطلاق”.
فيما قدمت الحكومة الفرنسية تقريراً إلى المدعي العام يطالب بإجراء التحقيقات فيما وصفته “بالتعليقات ذات الطبيعة المعادية للسامية الموجهة ضد أحد الطلاب”.
وبالتوازي، كما حصل اليوم، كرر أعضاء الحكومة ووسائل الإعلام الفرنسية الكبرى، الاتهامات للأكاديميين الذين اعتصموا تضامناً مع الفلسطينيين بمعاداة السامية، ووصفت رئيسة الجمعية الوطنية يائيل برون بيفيه (من حزب ماكرون) “بأعمال العنصرية ومعاداة السامية”، كذلك فعلت وزيرة المساواة بين الجنسين، أورور بيرجي، في حين قال رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشر: إن معهد العلوم السياسية قد أصبح “مخبأً لليسار الإسلامي”.
اليمين المتطرف أيضاً دخل في هذه المعركة، إذ نشر أحد صقور المتطرفين جان ميسيها (من أصول مصرية) صورة للمعتصمين معلقاً: “في معهد العلوم السياسية في باريس، ينظم عملاء حماس الملثمون مؤتمراً صحافياً”.
وفي مساء يوم 14 مارس، حظر مقر الشرطة في باريس مسيرة مؤيدة للفلسطينيين أمام معهد العلوم السياسية بحجة “سياق التوترات الشديدة”.
حادثة معهد العلوم السياسية تؤكد مرة جديدة، أن ما يخرج أحياناً على لسان إيمانويل ماكرون من انتقادات لسياسة “إسرائيل” الإجرامية في غزة ليس سوى “نفاق سياسي دعائي”، وأن فرنسا محكومة بالفعل من قبل لوبي صهيوني، يمارس رقابة مشددة على السياسيين الذين يريدون البقاء في السلطة، وعلى مقربة من انتخابات برلمانية أوروبية، حيث تشعر الأغلبية الماكرونية الحاكمة، بفقدان ثقة الشارع الفرنسي، يعتقد هؤلاء أن الوقوف إلى جانب “إسرائيل” مهما فعلت، هو السبيل الأنجح للبقاء في السلطة.
لطالما استخدمت فرنسا مصطلح “جمهوريات الموز”، لوصف حكومات تستخدم أساليب ملتوية للبقاء في السلطة وتعتمد في كثير من الأحيان على دعم مراكز قوى داخلية وخارجية، فهل انتقلت إليها العدوى؟
*موسى عاصي – الميادين نت
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: معهد العلوم السیاسیة رئیس الوزراء
إقرأ أيضاً:
روبيو يبحث مع نتنياهو “التهديدات الإيرانية” والملاحة بالبحر الأحمر
الولايات المتحدة – وزارة الخارجية الأمريكية إن الوزير ماركو روبيو، بحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “التهديدات الإيرانية والملاحة في البحر الأحمر”، في اتصال هاتفي.
وأفاد بيان صادر عن الخارجية الأمريكية، الأحد، أن روبيو أكد خلال الاتصال على “دعم الولايات المتحدة لإسرائيل”.
كما ذكر البيان أن روبيو بحث مع نتنياهو “العمليات العسكرية” الإسرائيلية المستمرة في غزة، بالإضافة إلى الجهود المبذولة للإفراج عن المحتجزين.
ومنذ استئنافها الإبادة الجماعية بغزة فجر الثلاثاء قتلت إسرائيل 675 فلسطينيا وأصابت 1233 آخرين معظمهم من النساء والأطفال حتى الأحد، وفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
ويمثل هذا التصعيد، الذي قالت تل أبيب إنه يتم بتنسيق كامل مع واشنطن، أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي امتنعت إسرائيل عن تنفيذ مرحلته الثانية بعد انتهاء الأولى مطلع مارس/ آذار الجاري.
ورغم التزام حركة “حماس” ببنود الاتفاق، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المضي قدما في المرحلة الثانية، استجابة لضغوط المتطرفين في حكومته.
الأناضول